قصص ومشاهد من الاعتقال في فرع المنطقة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00;07;36;46
في الفرع (فرع المنطقة)، تبدَّلت إقامتي من المنفردة إلى مهجع صغير، إلى ساحات كبيرة؛ لأنه كان هناك ازدحام، فكان هناك أكثر من 400 شخص في ساحة مكشوفة للشمس، ولا يوجد مكان لتتمدد فيه، وتستطيع أن تجلس في المكان فقط، ويداك وقدماك مربوطتان معًا طوال الوقت، وكان معي في الاعتقال عدد من الشباب المسيحيين من قطنا وموجودون أيضًا في الحملة، هم الذين كانوا من المؤيدين للثورة، ولا يشاركون كثيرًا في فعالياتها ولكنهم يؤيدونها ومن الناس المتحمسين لها، وكذلك من المناطق الأخرى في فرع المنطقة في كل محافظة ريف دمشق. حين وضعوني في المنفردة، وأنا في المنفردة لم أشعر في أحد الأوقات إلا وباب المنفردة يُفتِح، ووُضِع أمامي صحن كرز، ودخل شخص، كان شابًا من الذين يعملون وقال: أنا اسمي بشير الأجوة من دوما، وأنا من ثوار دوما، ويا أستاذ لا تخاف، لن يستطيعوا أن يفعلوا أي شيء معنا، وبإذن الله هزيمتهم قريبة، وكان شابًا حيويًا ومتفاعلًا وابن ثورة حقيقي، وأصبح كل يوم يتعمّد قضاء أي حاجة، ويأتي إليَّ ليأتيني بخبر، ويفتح الطاقة، ويقول لي خبرًا ما، أو عندما يحضر لي الطعام كان يدعمني بالطعام، فيحضر لي فواكه كسجين مدعوم وتمت التوصية به، وإذا بي أكتشف أيضًا أن الآخر يعرفني، و[يقول]: نحن نعرفك، ونحن من دوما. وبشير الأجوة كان من جيش الأمة، وبعد أن خرجت من السجن، وصرت رئيس المجلس الوطني، أصبح تواصل بيني وبينه، وخاصةً بعد بدء إرسال المساعدات إلى الغوطة، وفي اليوم الذي تمّ اغتياله به، كنت أتصل به صباحًا، وللأسف بعد الظهر، سمعت بأنَّه تمّ اغتياله في الصراع الذي حصل بين جيش الإسلام وجيش الأمة.
أخيرًا، انتهى المطاف بي في حمام [مساحته] مترين في ثلاثة أمتار، وكنا حوالي12 أو13 أو 14 شخصًا، ولا يمكنك النوم فيه، يمكنك إنزال ظهرك فقط فيه ورأسك هنا وقدماك مرفوعتان على الجدار الثاني. وصادف أنه أثناء هذا الاعتقال في (تموز/ يوليو) 2011 كان شهر رمضان، وأمضينا رمضان في فرع المنطقة، وكنا نصوم النهار مثل العادة، وعند الإفطار نفطر، وكان شباك الحمام على مدخل الفرع، وبعد الإفطار، تتجمّع السيارات، وتأتي الفصائل (عناصر الأمن) والمسلحون، ويعرفون أنَّه الآن وبعد الإفطار ستبدأ المظاهرات (بعد صلاة العشاء)، ويذهبون نصف ساعة أو ساعة، ثم يحضرون قوافل المعتقلين معهم: من كفرسوسة ومن الميدان ومن المخيم (مخيم اليرموك) ومن أحياء دمشق التي كانت ملتهبة، وكانت المظاهرات فيها مستمرة. وهنا كنت ترى الأشياء الطريفة بطرافتها والغريبة بغرابتها، وأشياء كثيرة منها، [وبالنسبة] لأعداد المعتقلين، فإن قسمًا منهم كانوا أطفالًا، وقسم آخر كبار في السن، وهناك قسم من الشباب، وكانوا يقفون أمام باب الحمام؛ لأنَّهم يريدون أن يأخذوا معلومات عنهم، نستفيد من تلك الملاحظة، ونتكلم معهم عبر باب الحمام المغلق وعبر الشراقة (الطاقة) التي نفتحها. ومن جملة الأشياء الطريفة التي تراها كان أحد الأطفال عمره 11 سنة يحمل لافتة مطوية ويطلب منه زملاؤه تركها، و[ويقولون له]: سيعذبونك من أجلها. ولم يكن يتركها من لحظة اعتقاله، ووصل إلى الساحة، ووصل الشباب، وقالوا لي: من أجل الله أقنعه أن يتركها لأنَّهم لو عرفوا بها...، وتكلمت معه، وقلت: يا بني، صرت في وضع آخر، ووصلت رسالتك، ارمها. فرماها، وفي اليوم التالي، أتى الأمن، وهو يبحث فوجدها وفيها شعارات الثورة، فصرخ الأمن: لمن هذه اللافتة؟ فصرخ الفتى: إنها لي أنا. وهذا جزء من الحرب اليومية التي كانت، ونحن نشاهد كيف يُعتقل الناس عشوائيًا للتأديب فقط وردع الآخرين من أن يستمروا بهذا الطريق. وهناك حوادث طريفة أخرى: أحمد من حرستا ولديه محل لبيع المأكولات والمشروبات، وقال لي: مرت المظاهرة من أمامي وكل أهلي وأخوتي من حرستا فيها، فنزلت على الرصيف، وقمت بتحيتهم، وألقيت عليهم الورود، ووجدت نفسي أمشي معهم، وحملوني على الأكتاف، وكان صوتي جميلًا يا أستاذ، وأصبحت أقول الشعارات، لم أشعر إلا وقد صرت في عربين. وقال: الدكان تركته مفتوحًا، هل هناك طريقة أخبر امرأتي لتغلق الدكان؟ فقلت: يا أحمد، أنت من حرستا؟ قال لي: نعم. قلت: لا تخف الدكان سيُغلق لوحده بأمانة، ألم يرك الناس عندما خرجت معهم في المظاهرة، واعتقلوك أمامهم؟ لا تخف على الدكان. فقد مشى في المظاهرة، ولم يهتم لأمر الدكان التي تركها مفتوحة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/07/23
الموضوع الرئیس
التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسدكود الشهادة
SMI/OH/56-35/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
باريس
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
7/2011
updatedAt
2024/11/15
المنطقة الجغرافية
محافظة ريف دمشق-مدينة حرستامحافظة ريف دمشق-الغوطة الشرقيةمحافظة ريف دمشق-مدينة دومامحافظة ريف دمشق-محافظة ريف دمشقمحافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جيش الإسلام
جيش الأمة
المجلس الوطني السوري