التعامل الطائفي للنظام وقرارات تجريم الانتماء للإخوان المسلمين
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:15:11:04
بشكل عام مدينة بانياس أو المدن الساحلية بشكل عام المعروفة والسمعة العامة لها أمام المحافظات الثانية أنها ساحلية، هي كلها من العلويين و"النصيريين"، وهذه معلومات خاطئة، ولكن هكذا يعلم الناس أنَّ كل الساحل هم من "النصيرية" أي "العلويين"، والحقيقة ما كان يعامل أهل السنة هناك [كالعلويين بل] كانت توجد الطائفية بامتياز، وكان يعامل السنة هناك على أنهم أقلية مضطهدون، وكان هناك صعوبة كبيرة للغاية في تحركاتهم وكلماتهم [فتتم] مراقبتنا [عندما] نذهب إلى المساجد و[إلى] أي تجمع طلابي وللحركات والنشاطات حتى الطلابية، وحركة التوظيف التي هي حقيقة ميتة جدًّا، وقضية الساحل أو بانياس أو قراها تُعتبر ملكًا للعلويين ولطائفتهم خاصة، ويتبين هذا الأمر في قضية التوظيف، ولدينا مثلًا من المؤسسات الموجودة والكبيرة والشركات الضخمة كمصفاة بانياس والمحطة الحرارية والمؤسسات العامة، يوجد من السنة أقل من 10% بينما ترى أكثر من 95% من العلويين، وكان احتكار الوظائف كلها لهم.
وهذا ينعكس على طبيعة التفكير لدى الناس، وحتى أنهم حاربوا شباب السنة في مصادر رزقهم من خلال حجبهم عن الوظائف أو عدم قبولهم في قضية التدريس، وعدم قبولهم في الجيش والضغط عليهم في كل المجالات، ولم يكن هناك مجازر لدينا في قرية البيضا أو بانياس، ولكن هناك مناوشات بين الطلاب فيما بينهم.
الطلاب "النصيريون" (العلويون) حين كانوا في الجبال وينزلون في المدارس، كنا ندرس مع بعض، واختلفت الأمور من عام 1980 إلى هذه الأيام، وكانوا غالبًا ينزلون من جبالهم إلى المدارس، وكانوا آنذاك جبناء لا يجرؤ أحد منهم على التكلم، وإنما كانوا يتجمهرون ويحاولون ابتزاز الشباب، وخاصة من كان مدعومًا منهم، وإذا ما تجمعوا مع بعضهم قد تستنفر معهم الأجهزة الأمنية التي تنتصر لهم، لكن غالبًا ما كانوا يأكلون من الضرب، لأنَّ شباب بانياس يمتازون بالشجاعة والرجولة.
و[في] عام 1980 كانت تحصل كثير من المشكلات مع هؤلاء "النصيريين" (العلويين)، وكانوا يأكلون ضربًا كثيرًا في مدينة بانياس ويخرجون مجروحين، ولم يحصل أن قُتل أحدهم في هذه المناوشات، وحتى في المدارس أذكر [أنها] كانت تحصل مناوشات، وهذه الأمور كانت موجودة منذ القدم حين كان شباب السنة سواء من الطلاب أو المدنيين أو الكفاءات، يرون هذا التمييز الطائفي فكانوا يجدون في أنفسهم حرجًا، وهذا الأمر يتصاعد في نفوسهم يومًا بعد يوم، حتى إذا حصلت فرصة للانتقام كانوا ينتقمون منهم.
لكن حين أتت سنة 1980، وبالتالي تمكن هذا النظام المجرم، وبعد أن كان يستهدف بعض الناشطين من الكفاءات في سنة الـ74 والـ75 والـ76 في تلك السنوات، كان هناك اعتقالات قد بدأت، وهي للكوادر والنخب والقامات الفكرية والعلمية والمشايخ، وبالتالي يزج بهم في السجون، وكنا نسمع عن تعذيبهم وعن الأساليب القذرة التي يستخدمها النظام ضد هؤلاء العلماء، وبالتالي ما من عالم أو قامة فكرية وثقافية إلا ويكون وراءها قرية أو مدينة أو عائلة، وبالتالي هذا كان له أثر كبير جدًّا في استفزاز الشارع لأبنائهم وإخوانهم، بالإضافة لكثير من الأمور التي يقوم بها هذا النظام كعمل استفزازي عنصري طائفي منه في عام الـ75 حين اتخذت خطوة الدراسات الأمنية للمدرسين والمدرسات، فكل مدرس من أصحاب التوجه الإسلامي تمت إقالته من المدارس، وأُحيل بعضهم إلى الوظائف المدنية كمؤسسة الكهرباء أو المياه أو أُحيل إلى التقاعد والإقالة في بيته.
وهذا لم يكن على المستوى البسيط على مستوى سورية كان في المئات والآلاف، وهذا الأمر يعطي مؤشرًا خطيرًا جدًّا على أنَّ الكوادر الفاعلة في المجتمع وصاحبة التأثير تم إقصاؤها وإبعادها عن مراكز التأثير والتوجيه والتوعية، وتم استبدالها آنذاك بالآنسات (بالمدرسات) لتأنيث المدارس، ولم نكن يومًا من الأيام آنذاك نعرف الآنسات، والآنسات من بنات السنة لم يكونوا يذهبوا إلى المدارس، ولم تكن لدينا تلك الثقافة، وكانوا يأتون بآنسات لم يتخرَّجن من الجامعات، وكلهم من النصيريات أو مسيحيات ولكن أغلبهن كن من النصيريات، وكانت تأتي إلى الآنسة المدرسة وكأنها تجلس في صالة أعراس، وهذا الأمر له أثر كبير جدًّا في الفساد والإفساد على مستوى الطلاب والأساتذة، إضافة إلى إقالة -كما قلنا- أصحاب التوجه الإسلامي من مراكز الدراسة والتدريس، وهذا على مستوى التعليم.
وعلى مستوى الضباط والجيش أيضًا تمت إقالة مئات الضباط من السنة الذين قد يؤثرون على النظام مستقبلًا، وبالتالي تمت إقالتهم وهم من أبنائنا وكل تلك الأمور وغيرها كان لها الآثار السلبية جدًّا على الواقع الاجتماعي وردات فعل الناس وشعور الناس بالاشمئزاز أنَّ هناك تعاملًا عنصريًّا طائفيًّا بغيضًا أصبح واضحًا، ولا ينكره أحد.
كل تلك الأمور كانت تتفاعل مع الناس، وحين خرجت بعض التنظيمات مثل تنظيم الإخوان المسلمين، والذي كان يعمل في مجال الدعوة لم يكن هدفه حقيقة كما علمت وقرأت عنه [محاربة النظام]، وحتى التقيت ورُبيت على أيديهم في السجن بعد أن اجتمعت بهم في السجن كانوا جماعة دعوية، ولكن نشأت جماعة "الطليعة [المقاتلة]" وكانت ردة فعل لما يمارسه النظام المجرم، وكانوا يستهدفون الشخصيات المجرمة من الضباط الخبثاء والأمنيين الذين يعذبون في السجن ولهم بصمات سيئة تجاه السنة، فكانوا يستهدفون هؤلاء فقط، فربما استهدفوا مرة أو مرتين فروع المخابرات في دمشق [في] العامرية والأزبكية (مناطق في دمشق) وهذه المراكز التي ضُربت من خلال تلك الجماعة وذلك لأذيتها وضررها، ولأنَّها عبء على الشعب، وبالتالي بدأ التوجه الواضح أنَّها دولة طائفية بامتياز، ولا بد من الوقوف أمامها (بوجهها)، ولا بد من تأديب تلك الشخصيات التي هي مصدر رعب وخوف وقلق لأبنائنا من الطائفة السنية.
وبالتالي كل تلك الأمور تسارعت مع تجاهل الرئاسة، أو من إذًا سنقول [أنه] تجاهل، فهذا التجاهل كان مقصودًا حتى يتركوا الأجهزة الأمنية أن تفعل ما تشاء وتمارس القمع بكل أشكاله على الشعب السوري، وبالتالي إخضاعه بالقوة، ومن كان من الرؤوس المؤثرين تم زجه في السجون، وهذا الأمر لم تكن قضية السجون بكثافة كبيرة جدًّا في سنة الـ75والـ 76 والـ 77 -كانوا بالمئات-، ولكن بعد التسعينيات وحين اشتدت الأمور بين المعارضة السورية وبين النظام في تعنته وقسوته ولؤمه وحقده الذي أبداه في الانتقام من شباب الإخوان، والذين لم يظهر عليهم آنذاك إلا قضية الدعوة ونشر العلم بين طبقات المجتمع، وهذا كان بداية، وحين اشتد الأمر تم إصدار القرار 49 والذي يحكم بالإعدام كل من ينتمي لتنظيم الإخوان المسلمين، وهي شرارة النار الكبرى التي اندلعت في الثورة السورية، وهنا بدأت الإجراءات العملية في قضية الاعتقالات وأصبحت الاعتقالات في كل المحافظات السورية وبشكل كبير وعلى الشبهة، وبالتالي التنظيمات وخاصة تنظيم الإخوان المسلمين كما شاهدته وعلمته وعايشت شبابه كانوا حريصين على المعلومات السرية التي فيما لو اعتُقل أحدهم لا يمكن أن يدل على الآخر لأنَّه لا يعرف اسمه، ومن أين هو وكل تلك الأمور، وكان لديهم الدقة في هذا المجال للحفاظ على شبابهم، إنما هذا النظام الفاجر اتخذ من هذه الأحداث لجمع أكبر عدد من الشباب السني المثقف وأصحاب الفعاليات والتهم الكثيرة جدًّا، ولدي الكثير من الأدلة والبراهين، ومنها ما التقينا به مع محقق -رحمه الله- تُوفي في الثورة وكان محققًا في الشرطة العسكرية وأُحيل إلى المخابرات ليحقق في عام 84، وكان كما يقول: جاءتنا آنذاك الأوامر أنكم ضعوا التهم مباشرة، ولا تكثروا عليهم، وحولوهم إلى سجن تدمر، وهذا كان في 1984 وكانت في تلك الفترة الاعتقالات على أشدها في مدينة إدلب، واعتُقل منهم الآلاف في إدلب وقراها، وكان هذا محققًا، وأبدى تعاطفه مع بعض الموظفين، والأمر كأنه فُضح وظهر أمام أسياده آنذاك، وبالتالي تم اعتقاله وبقي معنا حوالي 12 سنة في السجن -رحمة الله عليه-.
ما قصدته أنَّ الأمر كان مفتوحًا لديهم لاعتقال أكبر عدد ممكن من الطاقات الشبابية والكوادر العلمية والثقافية التي يمكن أن تؤثر وتوعي وتصوب هذا الجيل، وبالتالي يجعلون من تلك الكوادر في السجون وأغلبها عُلق على أعواد المشانق، والشعب السوري يبقى في ظلمات الجهل وتحت سيطرته لا يمكن له أن يتكلم بكلمة، وهذا ما كان، وسبحان الله وما سمعنا عن الحياة التي عاشها السوريين في فترة الثمانينات، وأنا دخلت من سنة الثمانين إلى الـ 92 وحين دخلت وخرجت وسمعت ممن كانوا في الخارج، أقول أننا كنا في رحمة، صحيح أننا كنا في عذاب دائم لكن نستطيع أن نتكلم ما نريد فيما بيننا، ولكن هم لا يستطيعون أن يتكلموا بشيء لأنَّ المخابرات الجوية والعسكرية والسياسية وأمن الدولة صار لدينا 17 فرع بحيث الإنسان لا يستطيع أن يتكلم كلمة إلا وسيكون في السجن، لأنَّه كما يقال: "الحيطان أصبح لها آذان" تراقب وتسجل، وبالتالي أمامه سيكون الحساب المؤكد.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/11/08
الموضوع الرئیس
تاريخ مدينة وواقعهاالتركيبة الطائفيةكود الشهادة
SMI/OH/159-02/
أجرى المقابلة
خليل الدالاتي
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
السبعينات - الثمانينات
updatedAt
2024/08/09
المنطقة الجغرافية
محافظة طرطوس-مدينة بانياسمحافظة طرطوس-البيضاشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
إدارة المخابرات الجوية
إدارة المخابرات العامة / أمن الدولة
شعبة الأمن السياسي
شعبة المخابرات العسكرية - الأمن العسكري
الطليعة المقاتلة