الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الانضمام للمجلس الوطني السوري

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00;10;34;29

تجاوزنا أحد مطبات الخطر لعبور الحدود، والشباب أوصلونا إلى قرية عند تل شهاب، وكان هناك موتور (دراجة نارية) ينتظرنا، وركبت أنا وابني ومعنا أغراضنا، والدراجة النارية سارت على الطريق، وبعد ذلك صار يمشي في البساتين، وكانت بساتين الزيتون على اليمين واليسار. وفي إحدى اللحظات، توقف وقال: أكثر من ذلك لا نستطيع المشي، ورفع يده إلى الأمام وإذا بتلة هناك وعليها الجندي الأردني، والبعد بيننا وبينها ربما يكون 500 أو700 متر، ورفع يده للجندي الأردني، وأشار إلينا، ونزلت أنا وابني، وهو أدار الدراجة النارية ليرجع، ورآنا نمشي أنا وابني الهوينا، وصرخ بنا قائلًا: كيف تمشيان؟! أنتما تحت أنظار القناص. وكان القناص مفاجأة صاعقة، وبدأنا نركض، وابني يحاول أن يأخذ الحقيبة مني لأستطيع أن أركض مثله، وأنا أريد أن أضع الحقيبة على ظهره، وأمشي وراءه، فإذا أراد القناص أن يضرب فإنه سوف يضرب خلفنا ونحن متوجهون إلى الحدود الأردنية، فابني يريد أن ينتزع مني الحقيبة ليخفف عني، وأنا أريد أن أبقيها على أكتافه مرفوعة كشكل من أشكال الحماية. وصلنا إلى السلك الشائك، ونزلنا من الخندق، وصعدنا، وهناك سلك شائك، ومن ثم إلى الخندق الأردني، فهناك خندق سوري وخندق أردني، تنزل في الخندق الأردني، وتخرج، فتجد تلة من التراب مفلوحة، ويجب أن تركض عليها، وتصبح مكشوفًا باتجاه القناص السوري، وأنت وحظك. فيما بعد عرفنا أنَّه قبلنا بساعتين قُتِلت سيدة كانت تمرّ، وبعدنا أيضًا كان هناك ضرب لشباب [وسقط] جرحى. وصعدنا مئات الأمتار، ولكن هي مئات الكيلومترات في ظل احتمالات الخطر التي لا تقبل المزاح، ومثلما يقولون: ربك ساتر، ووصلنا إلى الجندي الأردني، وتوجد أمام الجندي الأردني حفرة كبيرة، وارتمينا في الحفرة. 

جلست أنا وابني بجانب بعضنا، وأول شيء فعلته كنت أريد أن أطمئن زوجتي وابني الآخر في باريس؛ لأنهم يتابعوننا في ذلك الوقت، هل سنصل أم لا؟ وطلبت من الجندي الأردني السماح لي باستخدام "الموبايل"، فوافق، واتصلت بابني، وقلت له: أصبحنا في أمان، ووصلنا إلى الحدود الأردنية. وكنت جالسًا أنا وابني الصغير أيهم وهو محام، فقال لي: تصور يا أبي أنا محامٍ، وأعمل بالحقوق، وأعلّم الناس كيف تكون حقوقهم وحقوق المواطنة والسلوك الشرعي، وأول مرة أغادر بلدي أغادرها بشكل غير شرعي [كالمهرّبين - الشاهد]. فقلت له: هذا جزء من الضريبة التي ندفعها كلنا بمواجهة الاستبداد، فأنا يا بني ممنوع من المغادرة من عام 1979، وفي عام 1978 أرسلوني بعثة ودرست في أمريكا، وعندما رجعت أخذوا مني جواز السفر ومُنعت من المغادرة منذ1979، والآن أغادر بلدي لأول مرة وبشكل غير شرعي تحت أنظار القناص وسيرًا على الأقدام، ويوجد مثلنا في سورية ليس الآلاف ولا مئات الآلاف، فعبر خمسين سنة من حكم نظام التسلط والاستبداد كان هناك ملايين ممنوعون من السفر ومحرومون ومعاقبون بهذا الشكل من استخدام حقهم الطبيعي الذي يعطيهم إياه الدستور. 

بقينا قرابة نصف ساعة عند هذا الجندي، ووصلت سيارة للجيش الأردني، ونقلتنا إلى ما يشبه معسكرًا للجيش الأردني، ومن هناك انتقلنا إلى بنائين يوجد فيهما اللاجئون السوريون الذين يعبرون الحدود سيرًا على الأقدام، وبمجرد وصولهم يستقبلونهم في هذين البناءين، ويجلسون بضعة أيام ثم يتابعون طريقهم، سواء كان ذلك على الحدود الأردنية أو كان إلى الخارج. وكانت مفاجأتي السارة أنني في ذلك المكان التقيت بصديقي أيمن الأسود، وهناك معرفة كبيرة بيني وبينه، وكنت موضع ترحاب من الجميع، كان المكان لطيفًا، ولكن الجيش الأردني لم يسمح لابني لأنَّه منشق من الجيش بأن يكون معنا، وأُخذ لمكان آخر حيث يوجد العسكريون المنشقون، فظاهرة الانشقاق كانت قد بدأت، وهرب العسكر، فابني أيهم ذهب مع العسكر، وأنا بقيت مع الشباب، ونمنا ليلة. وفي اليوم التالي، نزلنا إلى عمان، وسلطات الأمن الأردنية أجرت معنا مقابلات وبشكل سريع [وسألونا]: كيف جئت وما هو الوضع؟ وإلى أين ذاهب؟ ومن أنت؟ وما هو الوضع السياسي؟ وهكذا.. كان نوعًا من الاستعلام. وكلفنا أحد الشباب الذي يقدمون خدمات في هذا المبنى أن يحجز لنا إلى باريس، وحجز لنا: لي ولأيهم ولأيمن الأسود، ولأن أيمن كان قد أخذ من السفارة الفرنسية في عمان [ورقة] Laissez Passer، وعدنا مساءً وكانت بطاقة الطائرة معنا. 

سافرنا في صباح اليوم التالي من عمان إلى باريس عن طريق بودابست، والمفاجأة أتتنا من بودابست، ونحن نعبر الترانزيت من جهة لجهة في المطار أوقفنا الأمن، فأعطيناه الوثائق، ولا يوجد جواز سفر أو "فيزا" أو أي شيء، وقالوا: أنتم ممنوع... وليست معكم "فيزا" إلى هنغاريا. فقلنا: نحن لسنا قادمين لنبقى في هنغاريا، سنمر مرورًا لنذهب إلى الطائرة الفرنسية، فقال: هذا ممنوع، لا تستطيعون المرور، وسنعيدكم الآن، أنتما تعودان إلى دمشق، وأنت تعود إلى عمان. قلنا له: لماذا يا أخي؟ وقلنا له: أعدنا إلى عمان. وقال: لا، فأنت أوراقك صادرة من السفارة الفرنسية في دمشق، وأوراقه هو صادرة من السفارة الفرنسية في عمان، فهو يعود إلى عمان، وأنت تعود إلى دمشق. وذُهِلت وأنا أتخيل نفسي وابني، فابني منشقّ من الجيش وأنا متخفٍّ، وأعمل في العمل السري، ثم [أتخيل أننا] ننزل من سلم الطائرة، والأمن السوري يستقبلنا. فقلت له: يا ابن الحلال... [لكنه] عسكري لا يفهم. حاولت الاتصال بالدكتور برهان [غليون] رئيس المجلس [الوطني السوري] لأوصل له خبرًا، وكان الدكتور برهان في الاجتماع في تونس، والهيئة العامة للمجلس الوطني مجتمعة هناك، فلم يردّ عليّ أحد، وحاولت الاتصال ببعض الأصدقاء بدون نتيجة، فما العمل؟ وطلبت اللقاء مع أحد المسؤولين، وأتى أحد المسؤولين الأكبر منه، ورفعت صوتي، وقلت: أنتم ترتكبون خطأ كبيرًا، وحين أعطانا الفرنسيون هذه الوثيقة أعطونا إياها لحيثيات معينة، وأنا أحد قادة المعارضة، وإذا أصابني شيء من هذا القبيل وعدت إلى سورية، فستتحملون المسؤولية أمام المجتمع الدولي. أخذوا المعلومات وذهبوا، وعادوا بعد نصف ساعة، ووضعوا لنا حراسة، وهذه الحراسة بقيت معنا حتى أودعتنا مقاعد الطائرة الفرنسية عندما جاءت، ووصلنا إلى باريس بعد أن جفّ ريقنا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/07/24

الموضوع الرئیس

 المجلس الوطني السوري

كود الشهادة

SMI/OH/56-42/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

12/2011

updatedAt

2024/11/15

المنطقة الجغرافية

محافظة درعا-تل شهاب

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

المجلس الوطني السوري

المجلس الوطني السوري

المخابرات الأردنية

المخابرات الأردنية

حرس الحدود الأردني

حرس الحدود الأردني

السفارة الفرنسية في دمشق

السفارة الفرنسية في دمشق

الشهادات المرتبطة