في أول موقع لي في المجلس الوطني السوري، كُلِّفت بأن أكون الناطق الرسمي باسم المجلس، وبدأ ظهوري الإعلامي يتكثف أكثر، ويأخذ الصفة الرسمية، وفي ذلك الوقت، السيد [الأخضر] الإبراهيمي كان مكلَّفًا بعد السيد كوفي أنان بأن يكون الممثل الأممي والعربي في الوضع السوري، وأعلن بعض التصريحات مثل التصريحات الدولية، فأنا قمت بتصريح رددت به عليه، وهاجمت تصريح السيد الإبراهيمي؛ لأنَّ القضية بالنسبة لنا واضحة، وخاصًة أنَّه في ذلك الوقت كانت المعارضة السورية عمومًا رافضة "لبيان جنيف". جرى تنظيم لقاء بيننا كوفد من المجلس الوطني مع السيد الإبراهيمي في باريس، وحين التقينا، وبدأنا نتعارف، عندما قدمت اسمي قال السيد الإبراهيمي: أنت الذي شتمتني. وقلت له: معالي الوزير، أنا لم أشتمك، ولا أشتم أحدًا، ولكن أنا لديَّ قضية ثمنها دم في كل يوم وكل ساعة، وأنت ابن ثورة جزائرية تقدّر ماذا يعني دم الأبرياء حين يُهدر. وكان الموضوع تعارفًا أولًا لأنَّه كان قد بدأ بمهمّته حديثًا، وكان يتسم بشكل من الحيادية، وجدناه أكثر من اللازم، وفيما بعد وخاصة حين استقال من مهمته في عام 2014، استقال على قاعدة التعاطف مع الثورة السورية ودعمها. 

في نفس المرحلة، جرى لقاء مع الروس في باريس مع السيد معاون وزير الخارجية الروسي [ميخائيل] بوغدانوف، وكان أول لقاء للتعارف. وفيما بعد تكررت اللقاءات، وجرى زيارة خاصة لوفد رسمي من المجلس الوطني إلى موسكو، وكان برئاسة الدكتور برهان غليون، وأنا عضو في هذا الوفد، وكان اللقاء مع وزير الخارجية [سيرجي لافروف] ومعاونيه، ولم يكن مع جهات رسمية فقط، ولكن كان هناك برنامج مقرّر مع الجهات الثقافية أيضًا مع صحفيين ومثقفين روس، كانوا متجمهرين هناك في إطار معهد الاستشراق الدولي [الروسي]، وفي هذه اللقاءات المتعددة، كنا نقدم وجهات نظرنا المتماسكة تمامًا، فهناك قاتل يقوم بأعمال القتل والإجرام من جهة واحدة، وإلى متى يستمر هذا الوضع؟ إمَّا أن يكون هناك حماية دولية للناس من القتل أو يتمكَّن الناس من الدفاع عن أنفسهم، وبداية حمل السلاح هو نتيجة طبيعية لهذا الخواء الموجود. وكان الموقف الروسي الذي لم يتغير من هذه الزيارة إلى الزيارات اللاحقة التي قمنا بها باسم الائتلاف [الوطني لقوى الثورة والمعارضة] [يقول]: الحكومة السورية شرعية، ونحن حريصون على الدولة السورية، ولا يهمنا الأشخاص. والحقيقة هذه كانت اللافتة التي يحملها الروس دومًا، ولكن كانت مناقشاتنا لهم متينة: ما هي شرعية [الحكومة] السورية؟ عندما يقتل الحاكم شعبه الأعزل هل تبقى هناك شرعية؟! ولقد هتف السوريون: "يللي بيقتل شعبه خاين"، وهل تعتقدون أنَّ هناك انتخابات حقيقية وديمقراطية في البلد؟! حين نكون في جمهورية ويُورث الحكم من الأب للابن فعن أي شرعية يكون الحديث؟! الحقيقة بأن الموقف الروسي يوضح لك أنَّهم لا يريدون شيئًا منا، ولكنهم يريدون من الآخرين (من الأمريكي)، والحقيقة الأمريكي ليس لديه استعداد أن يدفع عن السوري أو يساوم في المواقف الدولية مع الروس، وهذا ما يطلبه الروسي في الموضوع السوري. ومعظم الذاهبين والذين التقوا مع الروس كانت تصدمهم هذه النتائج، [فقد كانوا يريدون] موضوع أوكرانيا، والرئيس [فلاديمير] بوتين يضع رأسه برأس الأمريكان (يتحداهم)، بمعنى أنَّ الروس دولة عظمى. بعد الاستهانة التي تلقتها روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتراجعوا، أتى بوتين بسياسة أنه يريد أن يضع روسيا في موقع مواز للموقع الأمريكي، وكانت يده مع النظام السوري قبل أن يدخل علنًا مع جيشه، وكان داعمًا للنظام باستمرار من الخلف، ولا يبرر الجرائم الموجودة، ولكن يدعو للحفاظ على الدولة السورية، ويدعو للمفاوضات معها بشكل عام، ولم يكن قد بدأ في ذلك الوقت مشروع المفاوضات الأول الذي نشأ في 2014.