الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

المشاركة في مظاهرات في داريا وبرزة والميادين

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:10:53:07

وكنت أتنقل بين دمشق وبيروت، وأنزل قليلًا إلى دير الزور، وشاركت بأكثر من مظاهرة في دمشق وهي مظاهرات لطيفة لها نوع خاص، وشاركت في داريا (مدينة في ريف دمشق) في ساحة شريدي -أسموها ساحة الحرية لاحقًا- كانت الناس تلتقي في ساحة الحرية، وكنت ساكنًا في بيت يبعد عن ساحة الشريدي 50 مترًا وتخرج المظاهرة هناك.

 المفارقة [هي] أنني كنت متظاهرًا في داريا وخائفًا أن يكون من يقتحم المدينة هو صديقي في الأمن الجوي، لأن مطار المزة محاذ لداريا تمامًا، وأنا وهذا الشخص كنا نلتقي بشكل دوري وكنت أحاول إقناعه بالانشقاق -طبعًا لاحقًا انشق- وكان دائمًا يدور هذا الحديث بيني وبينه: [وكان يقول لي] إذا رأيتك في داريا (ماذا سأفعل بك)؟ [فكنت أقول له]: لا أعلم أنا، أنت [من] الممكن أن تتصرف [كما تشاء] -والحمد لله لم ألتق به في داريا- ومظاهرات داريا لها طعم خاص فحالة التنظيم بها كبيرة جدًّا.

سأتحدث عن أمر أساسي وهو لحظة الهروب، في داريا المظاهرة تكون أقسامًا، [فالطريق] من ساحة الشريدي مؤمن باتجاه السكة؛ [فإذا كان النظام] سيقتحم من ساحة شريدي، يكون (المتظاهرون) مؤمنين من ساحة الشريدي إلى السكة للهروب بحيث لا يُعتقل أحد، فمن المواقف التي أذكرها لحظات الهروب، نزلنا إلى المظاهرة من البيت، والمظاهرة كان أولها عند ساحة شريدي وآخرها بعد البيت الذي أسكنه بمراحل -والبيت طابق 3- فنزلنا إلى المظاهرة وتقريبًا كل جمعة أكون فيها في داريا أحضر فيها المظاهرة، ولكن لا أخرج معهم (المتظاهرين) من المسجد [بل] أخرج من المنزل، على ما يبدو في تلك اللحظات التي نزلنا بها، النظام تقدم والناس انسحبت باتجاه السكة، وحين وصلنا إلى مدخل البناء كان الجيش عنده وليس المتظاهرون، والدنيا (الجو) مليئة بالغاز المسيل للدموع، وكانت التجهيزات قبلها بيوم بالبصل والمخلل، والذي معي هو عمر -الشخص الذي ذكرته والذي تكلم لي في دمشق عن الثورة التونسية-، وبدأنا بالركض وعمر أكبر مني بكثير، وأنا وصلت قبل عمر ليس لبيته وإنما لسطح منزل عمر، فعمر كان يعتقد [أن] الأهم أن أكون في بيته وإذا رأوني (الأمن) على السطح فهذا يعني أنك من المتظاهرين؛ "ادخل إلى المنزل"، وحين دخلنا اكتشفت فيما بعد أنَّ المجموعة التي فيها مهند (صديقه من المخابرات الجوية) من المشاركين في الاقتحام، فكان طلب مهند مني: ليس داريا! (لاتتظاهر في داريا) الأمر جدًّا صعب أن أراك هناك، وماذا يمكنني أن أفعل؟! وأنا في النهاية عسكري! (إشارة إلى أنه مجبور على إطاعة الأوامر).

 ومن المظاهرات الجميلة في دمشق التي لا أنساها كانت في برزة، حينها كانت أول مرة أرى عنصر جيش حر، في برزة كانت المظاهرة تدخل في حارات قديمة جدًّا، لدرجة أنك تصل إلى حارة لا يدخل بها إلا ابن آدم (لا تتسع إلا لشخص واحد)، وهذه الحارات موزع عليها شباب يحملون سلاحًا (الجيش الحر)، ولكن السلاح هو عصي وبومبكشن (سلاح صيد)، وبرزة هي في قلب العاصمة وليس من السهل أن يكون فيها سلاح، وذهبنا إلى برزة وتظاهرنا أنا وشاب منها - ذكره الله بالخير- كانت المظاهرة أمرًا لا يُوصف بالنسبة لي، فيها عدد كبير من الناس وعدد كبير من النساء وعدد كبير آخر من الرجال، وهناك منصة وعلى تلك المنصة هناك شاشة، ومظاهرة برزة منقولة مباشر على "الجزيرة" وأنت تتظاهر وترى نفسك هنا (على الشاشة)، وأيهم كان بجانبي (الشاب الذي من برزة) وكنت أرتدي شالًا -ولازلت محتفظًا به لتلك الذكرى- قال لي: أنس غطِّ وجهك بالشال، فوجدت أن الأمر ليس جميلًا (غير مناسب) وأنا بالأساس غريب هنا لا أحد يعرفني، ولتؤخذ صورة لي هنا من الذي سوف يعرفني؟! ويوجد الكثير من الناس لا تغطي وجهها، وبالأساس في الميادين لم أغط وجهي لماذا تحرجني يا أيهم؟! فقلت له: لا، فقال: أعطني الشال وأخذ أيهم الشال، واستمرت المظاهرة تقريبًا ساعة ونصف وأنت تعيش بكل أمان، لأن هذا الشاب واقف على المدخل، [فتتكون] لديك ثقة مطلقة [أنه] لن يأتي النظام، مع أنّه إذا أتى النظام ممكن أن تنتهي القصة معهم بمقاومة 4 أو 5 دقائق، ولكن لديك ثقة مطلقة أنَّ النظام لن يأتي إلى هنا.

وأنا خارج (من المظاهرة) أمسكت برأس أحد من الأشخاص (الذين يحموننا) وأردت أن أقبله فهو خاف مني، وقلت له: أنا أريد فقط أن أقبل رأسك، وسألته السؤال التالي: هل أنت مستعد أن تضحي بنفسك من أجل حمايتنا؟ فقال لي: نعم طبعًا، فقبلته مرة أخرى، لأنني لا أملك شيئًا آخر أشكره به غير أن أقبله

 أنَّ لديك شخصًا مستعدًّا أن يضحي بحياته من أجل أن يحميك، وأنا الشخص الذي لا أؤيد وأخذت قراري ألا أنخرط في عمل عسكري رأيت أن هذا الموقف نبيل جدًّا، وهو شخص غير ملزم بخدمة عسكرية ولا يؤدي واجبًا فرضته عليه الدولة، هو شخص آت من قرارة نفسه متطوع ليحمي هؤلاء الناس ولو بدمه -طبعًا مثل هذه المشاهد شاهدتها أيضًا في داريا- لكن الميزة في برزة أن المكان قديم وفيه روحانيات غريبة، وخرجنا من برزة فقالوا لنا: تأخروا ساعات لا تخرجوا من برزة لأنه حتى الآن الأمن منتشر -بما أنَّ المظاهرة كانت منشورة- فذهبنا إلى منزل أهله -للشاب (أيهم)- وقدمت لنا أمه القهوة وقالت لنا أمه جملة لا أنساها -وأنا أعرفهم [وقد] زرتهم مرارًا- وقالت: "هل رأيت يا ابني "الجزيرة" الكذابة واضعة بثًّا تقول: هناك مظاهرة، ونحن في برزة ولم نرَ شيئًا، إذا كم كلب... خرجوا لا يعني أنَّ هناك مظاهرة في برزة" وأنا بيدي فنجان القهوة، ولكن من الضحك لم أعد أعرف لا أن أضع الفنجان من يدي ولا أن أحمله، والشاب الذي معي تلبك بطريقة طريفة جدًّا، وعندما ذهبت والدته قلت له: أمك شبيحة! قال لي: لا، لكنها هي لا تعلم شيئًا، وهي امرأة كبيرة.

[من هذا الموقف يمكنك أن تستنتج أن] برزة فيها مواقف متنافضة: شخص يقف ليحميك، وشخص يقف على أطراف برزة [ومن] الممكن [أن] يعتقلك، وشخص آخر داخل برزة غير مقتنع أنك موجود، فتوجد فيها جملة من المتناقضات غير المفهومة.

وبقيت على هذا المنوال ولم يكن شيء هناك مزعج إلا القتل وحالة التنقل أفترض أنَّني مثلي مثل باقي السوريين، وأنزل إلى دير الزور من فترة إلى أخرى وفي كل نزلة أشارك في مظاهرات الميادين، وشاركت في مظاهرات دير الزور المدينة وهناك في ساحة المدلجي، الكم البشري الذي هناك في المدلجي يشعرك أنَّك لست في أمان [فقط] بل أنت أقوى ابن آدم (شخص) في العالم، ومعك آلاف يهتفون نفس الهتاف الذي تقوله، وأنت في المظاهرة الشعور الذي داخلك [أنه] لا شيء في الدنيا ممكن أن يهزمك مع هؤلاء الناس، ومع الأسف لم أستطع كثيرًا أن أتظاهر في قلب الدير المدينة لأنَّ الأفضل أن تتظاهر في المكان الذي أنت موجود، إضافة إلى أنني غير مقيم هناك ففترة إقامتي ليست في دير الزور، وأعود إلى لبنان ومع كل ذهاب إلى لبنان أحمد (صديقه الذي يتواصل معه على الطريق) يقوم بنفس الأمر، وهذا الأمر استمر بهذا الشكل حتى نهاية العام الثاني الدراسي لي في لبنان، حتى بداية [عام] 2012.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/05/20

الموضوع الرئیس

مظاهرات

كود الشهادة

SMI/OH/79-07/

أجرى المقابلة

بدر طالب

مكان المقابلة

الباب

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2011 - 2012

updatedAt

2024/04/14

المنطقة الجغرافية

محافظة دير الزور-ساحة المدلجيمحافظة دمشق-برزةمحافظة دير الزور-منطقة الميادينمحافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

المخابرات الجوية في مطار المزة العسكري

المخابرات الجوية في مطار المزة العسكري

الجيش السوري الحر

الجيش السوري الحر

قناة الجزيرة

قناة الجزيرة

الشهادات المرتبطة