وفي ذلك الوقت كان كمية النزوح كبيرة من [مدينة] الميادين، والمعركة انتقلت إلى وسط الميادين، وخرجنا والدنيا -[كانت في شهر] رمضان- وطلعنا إلى الرقة وفي عز دين الظهر (عند اشتداد الحر)، والظهر لدينا [عندما تكون] درجة الحرارة 55 أو 60 فالقصة عادية (الأمر طبيعي)، وأنا على الطريق لا أعرف ماذا يجب أن أعمل، ولكن هناك إحساس أنَّه كان لديك مكان تسكن به وهو اليوم غير صالح للسكن، ولم نخبر بهذه الحالة سابقًا، لأن القذائف الأولى التي نزلت على المدينة نزلت عند بيت أهلي ولا نعرف كيف سنتعامل معه، هل البيت سيُصلح أم لا؟ لا نعلم!

وصلنا [إلى] الرقة والرحلة كانت مأساوية جدًّا ومقيتة إلى أبعد حد، والوضع في الرقة غير مناسب وعددنا في العائلة كبير جدًّا، ولدينا خوف كبير لأنَّ أخانا الكبير عسكري، فإذا ألقي القبض عليه ما الحل؟ وهو مفيش (يدفع المال لضابطه مقابل غض الطرف عن تواجده بالخدمة الإلزامية) (سأل إن كان مطلوبًا) ومنذ 4 أو 5 أشهر لم يُجِب على معلمه (الضابط المسؤول عنه) ولا نعلم هل رفَعَ به نشرة شُرطية (مثل مذكرة بحث) أم لم يرفع -لا نعلم-، ولا توجد معه هوية وهويته مفقودة وحتى الحواجز الموجودة في الرقة وهذه شهادة للتاريخ من الرقة باتجاه دير الزور للنظام هي حواجز متعاونة، فيقف [عند] الحاجز ويقول لك: من الدير؟ تقول له: نعم، ويدردش (يتحدث) معك في أي موضوع ويقول لك: امش، وذهبت إلى الرقة في تلك الفترة مرتين، ولا أذكر أن حاجزًا من حواجز الرقة أوقفني أو طلب هويتي (بطاقتي الشخصية) أبدًا.

وصلنا [إلى] الرقة وأخذنا بيتًا صغيرًا لأهلي وإلى ما هنالك وجلسوا به، وبعد أيام قليلة من وصلولنا تحرر الأمن العسكري (في الميادين) وزال الخطر عن المنزل ولم يعد موجودًا، فقررت أن أعود إلى الميادين، التي لاتزال فيها المدفعية والهجانة (حرس الحدود) موجودة، فأنت من الرقة إلى الميادين [تستطيع أن] تقطع (تستطيع الوصول)، فرجعت إلى الميادين، وبالتزامن مع ذلك القرار حدثت مجزرة كبيرة في الميادين وهي "مجزرة البكر" والنظام قصف منزلًا لعائلة من البكر، مات فيها 23 شخصًا من عائلة واحدة وهم نفس حكايتنا ولكن لم يخرجوا (لم ينزحوا من المنزل) جُمعت العائلة في منزل متطرف عن الميادين لأحد أفراد العائلة ولقدرهم والإجرام الموجود انقصف المنزل المجتمعين به كلهم مع أنهم عائلة مدنية ليس منهم واحد مقاتل، وكانت الهجانة (حرس الحدود) تنسحب والنظام يقصف، ليؤمن انسحاب الهجانة.

كان يومها حزينًا على كل أهل الميادين وفي نفس الوقت من الأخبار الأولى التي أراها منشورة عن دير الزور، وهذا أمر نعاني منه من بداية الثورة ولا ترى أخبارًا عن الدير وترى ضربًا وقتلًا كبيرًا، ولكن لا أحد يعرف شيئًا! فهذه المجزرة نُقلت على قناة "الجزيرة"، ومع مأساوية المجزرة كانت هناك أصوات تقول لدينا: الحمد لله نُقلت على "الجزيرة"، فالناس كانت تعاني من تهميش تاريخي.