الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

قوات الأمن تفض اعتصام ساحة العُلبي بشكل دموي

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:09:34:05

 بحسب ما نُقل لي من شهادات فيما بعد، فإن أعداد [قوات الأمن ومكافحة الشغب] كانت ضخمة، أنا كنت في الاعتصام، والذي سمعته كان فقط عندما بدؤوا بأعداد كبيرة يضربون الدرع بالعصا، كان الصدى كبير وعال جدًا [مما يدل على أن عداد قوات الأمن كانت كبيرة]، وبالتالي كان هناك نوع واضح من الترهيب. وخلال لحظة بدأ إطلاق النار، ونحن لا نرى إطلاق النار باتجاهنا؛ لأننا لا زلنا في الاعتصام، وكنا لم نرهم بعد، بمعنى أنهم لم يصلوا إلينا بعد، ولكننا كنا نسمع صوت الهراوات في البداية ثم صوت إطلاق النار في الهواء، وبعدها بدأنا نرى أن هناك من يأتي باتجاهنا، وفتحت النار بشكل مباشر، كانت هذه هي أول مجزرة أشهدها كنت موجودًا فيها، وبدأت أرى الناس كيف يتساقطون على اليمين واليسار ومشهد هروب الناس لا يستطيع الإنسان وصفه، فالناس تموت من حولك. وبدأ إطلاق النار بشكل مباشر، وجميعنا بشكل لا إرادي بدأنا نركض باتجاه الكورنيش الجنوبي ومشروع الصليبة؛ لأن الناس بدؤوا يموتون، وكان هناك إطلاق نار كثيف جدًا بعضه في الهواء وبعضه بشكل مباشر، ولكن المشاهدات الشخصية التي رأيتها كانت هي رؤيتي للناس كيف يموتون على اليمين واليسار، وأثناء ركضي، كنت أرى كيف يسقط الناس، وأسمع صوت الرصاص، وأنت تركض ولا تعرف أي طلقة ستكون من نصيبك. كانت مجزرة مرعبة، وفعلًا في تلك الليلة، سيطر النظام على المنطقة بشكل كامل، وفض الاعتصام بهذا الحجم الكبير من الإجرام. لا أعرف العدد الذي سقط [من الشهداء]، ولا أعتقد أن هناك من يستطيع إحصاءه حتى فيما بعد؛ لأنه بعد هذه الحادثة وبعد فض الاعتصام بهذا الإجرام بهذا الشكل انضبعت الناس (خافت و إرتدعت)، ثم تشكلت بعض المظاهرات، وأتحدث الآن عن حدود منطقة الصليبة ومركز المدينة، والناس بدؤوا يفهمون أن الموضوع أصبح كبير جدًا، وبدأنا بعد عدة أيام نرى الفيديوهات من بعض الناس الذين صوروا من الشرفات، صوروا هذه القطعان الإجرامية عندما دخلت إلى الاعتصام وما بقي ومن مات، وكيف تعاطوا (تعاملوا) مع الجثث والجرحى، وقاموا بإحضار حاويات القمامة وسيارات القمامة، ووضعوا فيها الناس، وقتلوا الجرحى، وأخذوهم إلى منطقة وأحرقوهم. كان الإجرام بهذا الشكل، لا أعتقد أن هناك متظاهرًا كان يعتقد بأن المشهد سيكون بهذا الشكل: جرحى، ونساء، وشباب، وأطفال صغار، كان هناك نساء معهن أطفالهن، كن موجودات معنا في الاعتصام، فكيف تأخذهم بهذا الشكل، وتقتل الجرحى، وتضعهم في سيارات القمامة، وتقتلهم، وتصفيهم. والجريح تجهز عليه بشكل كامل، وبعدها تحرقهم؟! وهؤلاء هم الناس الذين كنا نعيش معهم! وهؤلاء هم الناس الشركاء في هذا الوطن! وأنت تمسك جريحًا وتقتله وبعدها تحرقه، وبعدها تتعاطى (تتصرف) وكأنه لم يحصل شيء، أنت من أي شيء صُنعت؟! وجميعنا انضبعنا (ارتدعنا)، فأنا أذكر في تلك الليلة- لا يمكنني أن أشرح وكنت لأول مرة أرى الموت- ركضت باتجاه منزل أحد الأصدقاء، ولم يكن أحد في المنزل، واختبأنا، وأطفأنا الإنارة، وأغلقنا الأبواب، واختبأنا في الزوايا ونحن خائفون بشكل غير طبيعي، و تشعر أن الدنيا كلها تراك، بسبب المشهد الذي رأيناه، وكان هناك أشخاص معنا ماتوا على اليمين واليسار وفعلها النظام، ومن الجيد أننا حتى الآن لا نزال أناس طبيعيين ومن الجيد أننا الآن استطعنا استعادة حياتنا؛ لأن مشهد هذه المجزرة بهذا الشكل...، وهو قتل الجميع، وهنا لم تعد لدى [الأمن] حسابات، لأنهم أخذوا أوامر بقتل كل من يخرج أمامهم، وفعلًا فعلوا هكذا، و للحظة شعرت بأن حلم الحرية ذهب، لا يوجد كلام يصف ذلك، كل آمال الأيام السابقة التي كنت أحلم فيها وأطمح بالتغيير والإنجاز وبأنه من الممكن أن يكون هناك نصر، ولم أكن أراه بعيدًا، وحتمًا سيتم حسم المعركة لصالحنا، هكذا كانت قناعتي، لكن في مجزرة العلبي تغيرت كل حساباتي؛ لأنهم قتلوا، هو عندما يرتقي شهيد أو شهيدان فأنت لا تشعر بهذا الخوف أو هذه الرهبة، ولكن عندما يقتلون كل من يخرج أمامهم هكذا [فالأمر مختلف]...

أضف إلى ذلك أن الإعلام وتغطيته لهذه الأحداث كان مؤلمًا لنا في محافظة اللاذقية، ولم نكن نرى هذا الاهتمام، فأنت ترى أن لديك حدثًا ضخمًا يخصك، ولكننا لم نرَ هذا الاهتمام حتى من الإعلام الخارجي، ولا أعرف هل كان ضعفًا منا أننا لا نستطيع إيصال صوتنا؟! لا أعرف، لكنك تشعر بخيبة أمل، لأن مجزرة مثل "مجزرة العلبي" لم تأخذ حقها من التغطية الإعلامية، نحن نقول: ياجماعة الناس ماتت! أنا أفهم بعد 10 سنوات أن الناس ماتوا؛ لأننا منذ 10 سنوات نعيش المعركة، ولكنني أتحدث عن الأيام الأولى، فالناس ماتوا، [وهذا يعني أن] هذا الحلم بالحرية مات، وهذا الحلم بالتغيير مات، وهذا الذي كان يعد أهله قائلًا: إن شاء الله سوف يكون الغد أجمل قد مات، وكم من عائلة فُجعت؟. كان هذا هو المشهد في مجزرة العلبي، في اليوم التالي بدأت تشعر بأن هذا حمّلك مسؤوليات. في الليل، كنت خائفًا جدًا، لكنني في اليوم التالي أصبحت أمام مسؤوليات، فلا عودة ولا خطوة إلى الوراء. والشباب الذين سمعوا منك ومشوا، -وأنا لا زلت أذكر الكلام الذي كنت أقوله في أول يوم- كنت أقول للشباب: زين العابدين 8 أيام، وحسني مبارك 18 يومًا، وإن شاء الله بشار الأسد لن يستمر أكثر من 10 أيام، ولكنهم ماتوا، فأنت لا يمكنك العودة خطوة إلى الوراء مع أنك خائف، وتتشكل لديك حالة صمود ثانية، وأصبحت هناك أهداف ثانية، وتغيرت أهدافك.

 كنت فيما سبق أستوعب (أتفهّم)أن يتحدث معي شخص من أهلي ويقول لي: نحن خائفون عليك، وهذا الطريق خطر عليك، وأنه يمكنك أن تتوقف في مرحلة معينة، ولكن بعد هذا العدد الكبير من الشهداء فإنك لا تستطيع التوقف، ولا تستطيع النوم إذا قررت التوقف؛ لأن ضميرك لا يسمح لك، الرعب والخوف والضعف الذي عشته في الساعات الأولى تبدل في اليوم التالي إلى عزيمة وإصرار وصلابة، وبعض التوحش، [وتقول في نفسك]: إذا مات الناس سأموت مثلهم أو لن أعيش، فلا يمكنني أن أعيش حياة طبيعية، هذا الأمر غير ممكن.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/12/25

الموضوع الرئیس

الحراك السلمي في اللاذقيةانتهاكات النظام في اللاذقية

كود الشهادة

SMI/OH/61-18/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

نيسان 2011

updatedAt

2024/08/14

المنطقة الجغرافية

محافظة اللاذقية-الصليبةمحافظة اللاذقية-مشروع الصليبةمحافظة اللاذقية-الكورنيش الجنوبي

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة