الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

المظاهرة الأولى في مدينة اللاذقية في "جمعة العزة"

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:10:23:10

قبل الصلاة بدقائق معدودة، وطبعًا أنا دخلت مسجد البيرقدار مثل عادتي قبل الصلاة بنصف ساعة، وجلست في مسجد البيرقدار، وقبل الآذان بدقائق معدودة، خرجت من المسجد، وركبت في تاكسي (سيارة أجرة)، وذهبت باتجاه مسجد خالد بن الوليد، وكانت هناك أعداد ضخمة موجودة في المسجد، وكان واضحًا أن هناك اهتمامًا زائدًا من الناس باتجاه حضور صلاة الجمعة. وخطب الشيخ كعادته، وكان واضحًا في كلام الشيخ بأن الشيخ يشعر بأن هناك شيئًا سيحصل في المسجد، وكانت نظرات كل الناس واضحة، وعيون كل الناس تقول: سيحصل شيء. ولكن لا أحد يعرف ما هو، ولا أحد يعرف من هو الذي سوف يبدأ؟ وكيف سوف يكون المشهد بعد أن تنتهي صلاة الجمعة؟ لا أحد يعرف. 

وفي لحظة ما عندما بدأ الشيخ يدعو لبشار الأسد قام ياسر الراعي -رحمه الله- ووقف، وصرخ في وجه الشيخ، وقال له: اتق الله يا شيخ. وهنا لم يكن الشيخ قد انتهى من الخطبة، وكان يدعو لبشار الأسد، وصرخة ياسر الراعي كانت بخلاف المخطط له؛ لأننا قررنا أنه بعد الانتهاء من الصلاة سوف نصرخ: "تكبير، الله أكبر". ولكن ياسر لم يتحمل -رحمه الله- وقال له: اتق الله يا شيخ. وأنا سمعت هذه العبارة، وسمعها كل الموجودين في المسجد، وهو صرخ بصوت عال: اتقي الله يا شيخ. وياسر شاب صغير ورنة صوته لا يمكن لأحد أن ينساها، وهذه الصرخة جعلت الكثير من الناس يصرخون: "الله أكبر". والكثير من الناس لم يصلوا، فهذه الصرخة ترتب عليها الصراخ من خارج المسجد: "الله أكبر، تكبير". ولم ينتظر الناس، وقسم صلى، ولكن الغالبية انتفضوا، وصُدمت بهذا المشهد، وفريقنا صُدم لأننا لم نكن نتوقع ذلك، ووجدنا كل الناس محتقنين، وخرج المسجد كله، ورأيت الأمن، وأنا أعتبر أنه لثوان معدودة كان هناك صراع داخلي، تذكرت في الثواني الأولى كل فترة الإرهاب التي عشتها في السنوات السابقة من الأمن، فنفس الأشخاص الذين مارسوا علي الإرهاب والتضييق والنظرات المؤلمة التي لا يمكن أن أنساها، و كنت دائمًا بحاجة استرحامهم حتى لا يكتبوا تقريرًا جديد بي؛ لأنك عندما تدخل المعتقل قبل الثورة فأنت لا تعيش العذاب بمفردك، وإنما كل العائلة تعيش العذاب، وتعيش والدتك العذاب وأخواتك، والجميع يعيش العذاب معك، وبالتالي أنا لم أكن جاهزًا حتى أعيد تجربة الاعتقال مرة ثانية، كنت أكره عناصر الأمن كثيرًا، وعندما خرجت من المسجد كان هناك آلاف المصلين يصيحون: "الله أكبر". في هذه اللحظات، كان أمامي عناصر الأمن، وجزء منهم موجودون أمامي، ورئيس قسم المتابعة الذي كان لئيمًا جدًا كان موجودًا، وبعض المحققين كانوا موجودين، ويقفون بعيدًا؛ لأن فرع الأمن أحضر كل عناصره إلى الشارع، وكل الاختصاصات أفلتها في الشوارع، وهذا في اليوم الأول في محاولة لقمع أي مظاهرة، ولكن كانت المظاهرة الأولى والعدد الأول الذي خرج من المسجد أكبر بكثير من قدرات الأمن ومن توقعات الأمن، وفي أول صراع داخلي كنت، أنا أمام فرصة، ولو أنني قلت للناس: إن هؤلاء الأشخاص من الأمن. وهم كانوا يرتدون الثياب المدنية، ولو قلت للناس: إن هؤلاء الأشخاص من الأمن السياسي، فأنا واثق من أن الناس سوف يمشون عليهم بالأقدام، وكانوا سيموتون تحت الأقدام ولا داعي للضرب؛ لأن الأعداد بالآلاف، ولكنني قلت في هذه اللحظة: على كل إنسان أن يأخذ فرصة. بعد انطلاقة الثورة، وانطلقت الآن، وليس مثل الفترة السابقة، ويجب أن يأخذوا فرصة، ويقومون بمراجعة، والآن يجب على الناس الانحياز إلى الشعب، وألا يبقوا مع السلطة. وفعلًا انطلاق هذه الأعداد من مسجد خالد بن الوليد لا إراديًا جعلنا نرى أنفسنا ذاهبين باتجاه مركز المدينة، باتجاه [حي] الشيخ ضاهر، وطبعًا في هذه الأثناء كنا نسمع من باقي الشباب أن المسجد الفلاني خرج، والمسجد الفلاني خرج، وبدأنا نوجه بشكل أو بآخر قائلين: أين سوف نجتمع يا شباب في ساحة الشيخ ضاهر الذي هو مكان وجود تمثال حافظ الأسد، وكان التقاء معظم المساجد التي خرجت، وكان العدد بالآلاف، وأنا لا أستطيع تقدير الأعداد؛ لأنني كنت ألتفت إلى الخلف، ولا أرى نهاية المظاهرة، وكان معظم الشباب يسجدون لله سجدة الشكر؛ لأن هؤلاء الناس خرجوا، وجميعنا كنا فرحين، وجميعنا كنا نشعر بأننا أنجزنا شيئًا، وجميعنا كنا فخورين، فلأول مرة أكون فخورًا بأولاد بلدي.

من المفارقات أيضًا أنني عندما خرجت من السجن في 2008 والشيء الذي كان مؤلمًا بالنسبة لي، وأعتقد أن كل معتقل عندما يخرج من السجن يرى أن الحياة مستمرة ولم تتوقف، وحتمًا لن تتوقف لأجلك، ولكن هذا الأمر مؤلم بالنسبة لك، وأن الحياة تمشي بشكل طبيعي، وهذا يسبب شيئًا من خيبة الأمل لدى الإنسان، وأذكر عام 2008 أنني بدأت أقول: لو كنت ميتًا فهل الأمور هكذا سوف تكون طبيعية؟

خروج الناس بالآلاف هذا الأمر بدأ يعيد ثقتي تجاه أولاد بلدي وأبناء الحي وأحياء المدينة، ووجدت أن جميع الناس جيدين من وجهة نظري؛ لأنك عندما تشارك في الثورة فأنت جيد، وإذا لم تشارك في الثورة فهذا يعني أن عندك خللًا داخليًا، ثم وصلنا إلى ساحة الشيخ ضاهر، ومن مسجد خالد بن الوليد مرورًا بعدد من الأحياء ووصولًا إلى الشيخ ضاهر، لم تكن هناك سلطة تعلو على سلطة الشعب، ولا توجد سلطة ثانية، وأنت تمثل السلطة هنا.

كانت كلها هتافات وطنية: "واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد"، "بالروح بالدم ..نفديك يا درعا"، وكانت معظم الهتافات في هذا الإطار، وكانت هناك هتافات ضد حزب الله وإيران، وأذكر أن هذه الهتافات كانت في الدقائق الأولى. وهناك أمر يجب أن يسجل في التاريخ: كل من هتف في هذه المظاهرات هو شخص معلوم بالنسبة لنا، فلم أر شخصًا هتف في المظاهرة وهو شخص مجهول أو شخص عائلته غير معروفة، كما حاول النظام التسويق فيما بعد أن هذه المظاهرات تمت قيادتها من بعض الشخصيات غير المعروفة، وهذا الأمر غير صحيح، وهم من أولادنا، وجميعنا نعرف بعضنا، ولكن كانت المفاجأة بأن الغالبية العظمى من الذين شاركوا في هذه المظاهرات هم شباب غير متدينين، بمعنى أنهم ليسوا من الشباب الذين كنا نراهم في المساجد؛ لذلك أنا ذكرت أنه عندما دخلنا إلى المسجد كانت هناك أعداد كبيرة أكثر من العادة، والذي ميّز مظاهرات اللاذقية هو وجود العنصر النسائي، والمرأة السورية كانت موجودة في مظاهرات اللاذقية. وطبعًا تختلف محافظة اللاذقية عن باقي المحافظات بالعادات والتقاليد، فحضور المرأة دائمًا واضح، والذي كان يميز مظاهرات اللاذقية هو حضور المرأة في الصف الأول، وكان هناك فتيات وتوجد سيدات كبيرات في السن موجودات في المظاهرات. وعندما وصلنا إلى ساحة الشيخ ضاهر مقابل تمثال حافظ الأسد كان لدى الغالبية منا هذه الرغبة في إسقاط تمثال حافظ الأسد، والذي نعبر عنه عندما يتم إسقاط التمثال أن الحقبة القديمة ذهبت.

مشكلتنا مع النظام جزء منها هو الفساد، والمحافظ هو جزء من تركيبة الفساد، فقصر المحافظ موجود على مفترق طرق ما بين المناطق الشعبية والمناطق الأخرى؛ وبالتالي عندما تجد هذه الرفاهية المرعبة الموجودة في قصر المحافظ، وهذا الحضور الأمني الدائم، وهذا المشهد؛ مشهد السلطة بأبشع صورة فهذا الأمر كان مؤلمًا، والناس يشكون الفقر على اليمين! فأعتقد أن هذه كانت حالة طبيعية، وهجوم أي شخص باتجاه القصر لأنه ملك للشعب وهو ليس للمحافظ وإذا حصل هذا الهجوم فهو أمر طبيعي.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/12/24

الموضوع الرئیس

الحراك السلميالحراك السلمي في اللاذقيةجمعة العزة

كود الشهادة

SMI/OH/61-09/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

آذار 2011

updatedAt

2024/08/14

المنطقة الجغرافية

محافظة اللاذقية-الشيخ ضاهرمحافظة اللاذقية-مدينة اللاذقية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة