إغلاق المتظاهرين لحي صليبة وموقف المشايخ في "جمعة العزة"
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:13:08:08
عندما هدأت الأمور، كان عندنا محاولة لحماية مناطقنا، ويجب على قطعان الأمن والشبيحة عدم استغلال فترة الليل والدخول إلى هذه المنطقة، وبالتالي نحن نعرف كيف سوف يكون المشهد، وسوف تكون هناك اعتقالات، وسيتكرس المشهد الإجرامي بشكل أبشع على اعتبار أن هناك أعدادًا كبيرة عادت إلى منازلها، وتوجد أعداد كبيرة ذهبت باتجاه أحيائها، وبالتالي الذي بقي في شارع القوتلي وهذه المناطق هم أبناء هذه المنطقة، وطبعًا يوجد أشخاص من أبناء مناطق أخرى بقوا معنا، ولكنهم قليلون.
كنت على رأس المجموعة التي تحاول إغلاق منطقة الصليبة وأوغاريت، فتراجعنا، وآخر مشهد كان مواجهة بالحجارة في ساحة أوغاريت، وبعدها شعرنا بأن ساحة أوغاريت واسعة، وهي منطقة تجارية أكثر من أن تكون منطقة سكنية؛ وبالتالي رأينا أنه يجب علينا العودة باتجاه حي الصليبة إلى المنطقة السكنية السنية، وعدنا باتجاه الصليبة، وحاولنا إغلاق مداخل ومخارج الحي بحيث لا تصل قطعان الشبيحة إلينا، وبانتظار أن يأتي الصباح حتى نبدأ يومًا جديدًا، وهنا بدأت بعض الشخصيات من أهل السنة، ولكن بشكل أو بآخر محسوبون على النظام، يعني يعملون ضمن مؤسسات الدولة، وكانوا يمارسون دور إبعادنا، وهذه الجملة قيلت لنا حرفيًا "يكفي يا شباب، يعطيكم العافية، فعلتم واجبكم تجاه بلدكم، ولكن الآن أصبح يجب عليكم الذهاب إلى منازلكم، ويجب أن ندخل التركسات والآليات حتى تفتح الطرقات وتقوم بتنظيفها" وهذا الكلام لم يكن منطقيًا؛ لأنه عندما يتم فتح الطريق فسوف يدخل الأمن، وسوف يعتقلنا من منازلنا، وبالتالي أصبح عندنا أول خطوة من خطوات التمرد على هكذا شخصيات تعتبر - لا أريد أن أقول- مرجعية، ولكن من أصحاب الكلمة في محافظة اللاذقية ومنهم مشايخ، وأنا لا أرى من الحكمة أن نكرس مساعي النظام بإسقاط المرجعية الدينية أو المرجعية الشرعية في سورية؛ لأنه بشكل أو بآخر فيما بعد هؤلاء الأشخاص عدلوا موقفهم؛ وبالتالي أعتبر أن ضغطنا أو دورنا والدور الذي مارسناه بعدم الخضوع ساعدهم على تغيير موقفهم تجاه الثورة السورية، وبشكل أو بآخر أنا على المستوى الشخصي لا أعتب كثيرًا على الناس الذين ترددوا في الساعات الأولى والأيام الأولى؛ لأن المشهد كان ضبابيًا، النظام كان يمسك كل شيء، وأهل السنة في محافظة اللاذقية مجردين من كل شيء؛ وبالتالي أدوات المقاومة والمواجهة شبه معدومة، وهي أحياء محاطة بضواحٍ وأحياء أُنشئت حديثا خلال 30 سنة من حكم حافظ الأسد من أجل تطويق أحياء السنة في محافظة اللاذقية، وبالتالي من خلفك البحر ومن أمامك الطرف الموالي لسلطة الإرهاب والاستبداد في سورية.
من المفارقات أيضًا أنه على مدار 40 سنة من حكم آل الأسد وعمليات التغيير الديموغرافي التي قاموا بها إلا أنه في الساعات الأولى كل من استملك عقارات في مناطقنا والعكس صحيح ومباشرة في الساعات الأولى، يعني العلوي الموجود في مناطق السنة غادر، والسني الموجود في مناطق العلوية عاد إلى مناطق السنة، فأكاد أجزم بأنه لم تحصل صلاة المغرب إلا وكان العلوي الموجود في مناطقنا قد ذهب، والسني الموجود في الطرف الآخر عاد بشكل طبيعي، والنظام ساهم وعمل كثيرًا لتكريس هذا التخندق.
بدأنا بمبادرات شخصية من اليوم الثاني، وكانت هناك علاقات، مثلًا: عندي مشكلة مع السلطة، ولكن ليس عندي مشكلة مع الطائفة؛ لأن هناك الكثير من الطائفة العلوية الذين كانوا معنا في الجامعات والثانوية وفي المراحل الدراسية، كانوا موجودين معنا، و في المقابل أيضَا، كانوا في العمل؛ وبالتالي التجارة والأعمال كانت بطبيعة الحال مشتركة، وكان هناك مبادرات دائمًا من قبل شباب الثورة بأننا يجب علينا التكثيف من تواصلاتنا مع الطرف الآخر حتى نتحدث عن أنفسنا بدلًا من أن يتحدث النظام عنا، وكنا نقول لهم: يا شباب، القصة ليست بهذا الشكل. ونحن لا توجد عندنا مشكلة معكم، ومن له أملاك وأرزاق في مناطقنا فليتفضل، وتعالوا لزيارة المنطقة. وعرضت على الكثير من الشباب أنني مستعد لأخذه من أي نقطة يريد، ويسمع منا، ونحن أصدقاء منذ سنوات، ولكن كانت قدرة النظام على إقناع الطرف الأول كبيرة إلى درجة أنه ومن دون مبالغة لا يوجد أي شخص من الذين دعوتهم للقدوم جاء، ويقول لي: أنا أفهمك كثيرًا، ولكنني لن آتي لأن الموضوع أكبر منك. ويقول: كيف ستكفلني، وخصوصًا أن النظام سعى في الأيام الأولى لتصوير المشهد على أنه عصابات وإجرام وبلطجية وزعران، وهناك بعض الأخطاء التي حصلت، وأنا لا أعرف إذا قامت بها جماعتنا أم أشخاص موالون للنظام هم من قاموا بها، وتجربتي الآن بعد 10 سنوات من مواجهة النظام من عمر الثورة السورية تجعلني أقول أن النظام كان واعيًا لأدق التفاصيل. فلا أستغرب أن النظام ومن خلال بعض الشخصيات كان يقوم بتوجيهها باتجاه: اكسر كذا واحرق كذا وقم بتخريب كذا. وهذا كله يصب في صالحه.
تجربة الاعتقال أيضًا والذي كنا نسمعه داخل المعتقل فقد كان هناك الكثير يرتبط مع النظام، وحتى من الجماعات المحظورة التي كانت مرتبطة مع النظام، وتتحرك، فهناك تنظيم كامل موجود في الخارج، يعني جماعة سلفية أو غيرها موجودة في الخارج، وتنشط، ولكن خيطها في يد النظام، وكان يبقيه...، وأنت تعرف أنه بعد أحداث العراق أعطى النظام نوعًا من الحرية، ولكنه ترك الباب مفتوحًا قليلًا، ونحن رأينا تجربة أبي القعقاع في حلب، وهي كانت نموذجًا حاضرًا أمامنا، وهذا المشهد كان موجودًا في كل المحافظات؛ وبالتالي أنت تشعر بأنه كان هناك الكثير من الأشخاص يعملون لصالح النظام حتى ضمن المؤسسة المشيخية، كان يعمل لمستوى أكثر مما نتخيل، فأنا أفهم أنه شخصية مشيخية ترتبط مصالحها مع النظام لمنصب أو كذا، ولكن أن يكون مخبرًا! نعم، وكان ذلك من أولى الصدمات التي صُدمت بها في فترة الاعتقال، ولا أبالغ إذا قلت لك -وأنا ابن المساجد- وبالتالي أنا أرى الشيخ شخصية منزهة عن الخطأ، وهو أصبح شيخًا، فهو ليس مضطرًا أن يكذب أو يخدع أو يغش، وهذا الطريق ارتضاه لنفسه، وأنا لم أكن أتوقع أن الشيخ يكذب فما بالك بأن يكون الشيخ مخبرًا للأمن، والشيخ يكتب تقارير بمشايخ آخرين، وهذا بدأنا نعرفه داخل المعتقلات، فكان صدمة بالنسبة لنا.
في اليوم الثاني، كنا نحاول إعادة لملمة الصفوف من خلال الاشتراك في عملية تشييع جنازة الشهيد مصطفى بيازيد، وفعلًا المشاركة كانت كبيرة جدًا، فالناس كانوا مستعدين حتى يشاركوا في تشييع الشهيد بهدف ألا ينطفئ هذا الحراك، وهذا الشيء كان ملموسًا، وعملية التشييع بدأت تُنبئ الطرف الآخر بأنه يمكن أن يتولد انفجار أكبر أيضًا، في مظاهرة جمعة العزة بتاريخ 25 آذار/ مارس 2011، وبهذه الأعداد الضخمة لم يكن عندنا شهداء، وكانت ثأرًا لدرعا أو فزعة لدرعا، ولكن الآن أصبح عندنا شهداء، ويوجد بين يدينا شهيد، وبالتالي يمكن أن يحصل انفجار [شعبي] ضخم، والنظام فعلًا لا يستطيع أن يستوعبه أو يسيطر عليه، فالمؤسسة الدينية في اللاذقية دخلت على الخط (تدخلت في الأمر)، ووبحسب وجهة نظري فقد انقسم المشايخ، فالبعض من المشايخ رأى وأخذ على عاتقة دور تنفيذ أهداف السلطة من خلال الموقع الموجود فيه، وأخمد المظاهرة من خلال ركوب الموجة ومحاولة توجيهها إلى الطريق الذي يخدم السلطة، وقسم آخر يرى أن هناك واجبات تجاه هؤلاء الناس وهم أهلنا، والمتظاهرون منا وفينا (جزء منا) بغض النظر عن الرواية التي استخدمها النظام من الساعات الأولى أو من الدقائق الأولى على أننا مندسون؛ وبالتالي هؤلاء المشايخ الذين انحازوا لنا...، كان هناك شيخان أو 3 فقط أعلنوا مواقف واضحة وأنهم مع خيار المتظاهرين و "الشعب يريد إسقاط النظام"، وقالوها، وبعض المشايخ الذين كانوا يحاولون امتصاص غضبنا، ويحاولون تسجيل موقف عند النظام قائلين: مازلنا مرجعية لهؤلاء الناس، وسنعيدهم إلى منازلهم، ولكن بالطريقة التي نحن نراها. فجاء كلا الطرفين من المشايخ باتجاهنا، وبدؤوا يتحدثون.
كنا نريد الذهاب كي نصلي صلاة العصر فترافق ذلك مع وصول المشايخ الذين كلهم ضمن المؤسسة الرسمية، وكانوا قسمين: قسم يرى الانحياز إلى الثورة، وقسم يرى امتصاص الغضب ومن ثم تقديم شيء للنظام. وطبعًا كان هناك الشيخ خالد كمال، والشيخ فهد راعي، والشيخ أيمن راعي، وبعض المشايخ لا أذكر أسماءهم، وأريد الحديث عن المشايخ الذين كان وجودهم وانحيازهم واضحًا لنا بالمطلق، وهم: الشيخ خالد كمال، وأيمن راعي، وأما فهد راعي فعلى اعتبار أنه كان على رأس المؤسسة وهو مدير الأوقاف في محافظة اللاذقية كان يقوم بدوره بالحد الأدنى، وبالنسبة لي لم يكن مرضيًا أبدًا، فأنا لم أكن أتقبل -ولا أبالغ إذا قلت- إن الآلاف الذين كانوا موجودين كانوا غير متقبلين لدور الشيخ فهد الراعي، ويقولون: أنت يا شيخ يجب أن يكون انحيازك واضحًا. والشيخ خالد كمال في اليوم الأول ظهر على قناة الجزيرة، وشرح للعالم ما يحصل بكل وضوح، وقال: اعتداء من قطعان الشبيحة، والشبيحة يقتلون المتظاهرين. وهذا الموقف كان واضحًا وانحياز بالمطلق، وأيضا الشيخ أيمن الراعي كان لديه هذا الموقف الواضح بانحيازه إلى صفنا، والشيخ فهد الراعي مع كل أسف كان موقفه ضبابيًا وبالحد الأدنى، لم يكن موقفًا مرضيًا بالنسبة للمتظاهرين.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/12/24
الموضوع الرئیس
الحراك السلميالحراك السلمي في اللاذقيةجمعة العزةكود الشهادة
SMI/OH/61-11/
أجرى المقابلة
يوسف الموسى
مكان المقابلة
أنطاكيا
التصنيف
مدني
المجال الزمني
آذار 2011
updatedAt
2024/08/14
المنطقة الجغرافية
محافظة اللاذقية-الصليبةمحافظة اللاذقية-مدينة اللاذقيةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
مديرية أوقاف اللاذقية