تأسيس تنسيقية اللاذقية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:10:41:20
في الليلة الأولى بعد الاعتقال (بعد الإفراج)، بدأت أفكر: كيف سيكون يوم الجمعة غدًا؟ في هذه الليلة، تواصل معي عدد من [أفراد] العائلة من الإخوة والأخوات، وأخذوا يبكون ويطلبون مني أن أتوقف، فقد مورس علي ضغط نفسي كبير من قبل العائلة للتوقف. وفي اليوم الثاني وعند صلاة الجمعة، ذهبت باتجاه المسجد الموجود في الحي في مشروع الصليبة (مسجد البيرقدار)، وبعد أن انتهى خطيب الجمعة من الخطبة وكان هناك دفع مباشر باتجاه التهدئة، وأن هناك أشخاصًا الآن هم الذين يقومون بالواجب من خلال فتح قنوات الاتصال مع السلطة، وفي ذلك الحين فإنه حتى مناطقنا ومركز المدينة الذي كان مركز اعتصامات والأمن لا يدخله [حينها]، لكن عندما خرجت من المعتقل كان الأمن موجودًا في كل مكان، وعاد وفرض سيطرته بشكل كامل، وكان عناصر الأمن موجودين على الباب، كان هناك عناصر من الأمن السياسي أعرفهم و يعرفونني.
وبعد انتهاء خطبه الجمعة، خرجت من المسجد، وبدأ الشباب -ليسوا الشباب الذين أعرفهم أو مجموعة العمل الخاصة بي- وإنما شباب آخرون ورجال كبار في السن بدؤوا يقفون، ويتجمعون أمام المسجد بشكل مجموعات، فمن يخرج لا يذهب مباشرة إلى بيته، بل كان كل 4 أو 5 أشخاص يتجمعون في زاوية أو طرف ما، لكن عندها أنا عشت صراعًا داخليًا ما، بين القيام بواجبي، والموضوع كان متوقفًا على التكبير، وتشعر بأن الناس جاهزون حتى يتفاعلوا، وما بين أن أذهب باتجاه المنزل، وأفتح صفحة جديدة، ومشيت أول 50 متر، وبدأ كل الشباب الموجودين على أطراف المسجد، وكانوا ينظرون إليّ بشكل مباشر، وهم اعتادوا على مصطفى أن يفعل شيئًا، ويحرك هذا المشهد، ومشيت أيضًا 50 مترًا، وهنا بدأ تأنيب الضمير عندي، وخصوصًا الشباب الصغار الذين ينظرون إليّ [وكأنهم يقولون]: هل من المعقول أنك لن تفعل شيئًا؟! واستمررت بالمشي، وابتعدت 500 متر تقريبًا، وجميع الناس حول المسجد كانوا ينتظرون شيئًا، والأمن كان موجودًا، وكان المشهد رهيبًا، ولا يمكن أن أنساه، وفي لحظة واحدة، قلت: إن الأمر يحتاج إلى قرار، ويجب أن أصرخ: "تكبير، الله أكبر". ثم توقفت على مفرق أربعة طرق، وكنت قريبًا من المسجد، والناس مجتمعون، والأمن موجود، وسيارات الأمن والشبيحة موجودة، والجميع ينتظر شخصًا واحدًا حتى يصيح: "تكبير". وصرخت: " تكبير". والجميع تفاعل بدون استثناء، وحتى الناس المتوقفون على الشرفات والنساء تفاعلوا جميعًا، والجميع بدأ يصرخ: "الله أكبر". وهنا بدأنا بإعلان مظاهرة جديدة في مشروع الصليبة، وبدأنا نمشي في المظاهرة مثل العادة، وعندما تصرخ: "تكبير" والناس تفاعلوا معك، فإن الأمن بشكل طبيعي يعود خطوة إلى الوراء؛ لأنه كان يعيش حالة من الخوف والرعب، ولا يريد الاصطدام مع الناس بشكل مباشر. وبدأنا بتشكيل مظاهرة من جديد، وذهبنا باتجاه باقي المساجد القريبة منا، والناس بطبيعة الحال كانوا مهيئين وجاهزين، وبقينا في هذه المظاهرة إلى ما بعد العصر تقريبًا، [حينها] بدأ الناس يذهبون في حال سبيلهم، [ولكن هنا] أنا لاحظت ولمست -لا أريد أن أقول أن الناس غير جاهزين لاعتصام آخر لأننا تعودنا أن يُفضّ الاعتصام بالدم- ولكن لا يجب أن يكون هناك اعتصام آخر، أحسست أنه كان موقفًا عامًا من الناس، وفعلًا انتهت هذه المظاهرة الكبيرة، حتى نرى ماذا يمكننا أن نفعل في اليوم الثاني، وفي اليوم التالي، عدنا إلى نفس الأمر، و في ذلك الحين لم أنم في المنزل بعد أن عدت من المظاهرة، واعتبرت أنني أصبحت مطلوبًا وملاحقًا لأنني أخليت [بالتعهد]...، لأنني خرجت بعفو، وبعدها عدت إلى المظاهرات، وهذا يعني أنني عدت بالكل إلى المربع الأول.
عندها بدأت بالاتصالات مع الشباب من أجل إعادة صناعة مظاهرة ثانية في يوم السبت عند صلاة الظهر أو العصر، واستمر هذا الأسبوع بهذا الشكل، وبدأنا نفكر بفكرة التنسيقية، ولم يكن عندنا مصطلح "التنسيقية" ولكن جاء المصطلح من خلال التنسيق، وعلينا التفكير بالتواصل مع بعضنا، وشكلنا مجموعة العمل التي أُطلق عليها فيما بعد...، وطبعًا من خلال الأصدقاء والمعارف الذين أخذوا على عاتقهم عملية التنسيق الأكبر، هي مجموعة من الشباب السوريين المغتربين من اللاذقية حتى يكونوا صلة الوصل؛ لأن مجموعة العمل لوحدها غير كافية، ونحتاج إلى اتصال وارتباط مع أحياء ثانية، والثقة [في تلك المرحلة ]ضعيفة جدًا،لا يمكنك التنسيق مع شخص لا تعرفه من أجل مظاهرة أو اعتصام، وأصبحت نقطة الالتقاء التي تجمعنا كمجموعات شباب موجودة في مختلف الأحياء هي بعض الشخصيات من أبناء اللاذقية المغتربين الموجودين في الخارج، والذين يتفاعلون معنا بشكل كبير جدًا، وأصبحنا من خلالهم عندما نقوم بتصوير مقاطع الفيديو والمظاهرات والاعتصامات نرسلها لهم، وهم من كانت لديهم اتصالاتهم مع القنوات، وبهذا الشكل تمت إدارتها. وبعدها كان يجب علينا إيجاد تنسيقية، وسميت: تنسيقية اللاذقية، التي ضمت مجموعة من الشباب الموجودين في الداخل والشباب السوريين المغتربين من اللاذقية والموجودين في الخارج.
الخطوات المتعلقة بالحراك مثل إعداد اللافتات وهذه المواضيع كانوا يعملون بها في الداخل، بمعنى أننا بين بعضنا كشباب كنا ننجزها، وبعدها تماشيًا مع المحافظات الثانية؛ لأن التنسيقية التي أسسناها في محافظة اللاذقية كانت لديها اتصالاتها، وبدأت تنسق مع التنسيقيات الموجودة في المحافظات الثانية، وهذا التفاعل وكيف يكون لك دور بتسميه يوم الجمعة، يساعد على انطلاق المظاهرة وتحديد مكان المظاهرة. وبعد 3 أو 4 شهور تقريبًا من انطلاق الحراك في اللاذقية، بدأنا نفكر في هيكلة هذه التنسيقية، ونحن في الأصل كنا نقوم بكل شيء ضمن هذه التنسيقية، والأدوار لم تكن موزعة أو مقسمة، ولكن بعد أن تقطعت الأحياء بشكل كامل من قبل الأمن أصبح مركز المدينة منفصلًا عن الأحياء الشعبية، وآلية الاتصال لم تعد سهلة، فمدينة اللاذقية بطبيعة الحال صغيرة وليست كبيرة، وانتشار الأمن وفرض السيطرة ليس أمرًا صعبًا، وبالتالي بدأنا نذهب باتجاه يمكّننا من تقسيم الأدوار بين بعضنا، فهناك من استلم المكتب الإعلامي، وهو حسن أزهري -تقبله الله- كان أحد أعضاء التنسيقية، وكان موجودًا معنا في الداخل، وهناك شباب آخرون ليس من الجيد ذكر أسمائهم لأنهم حتى هذه اللحظة بعيدن تمامًا عن الإعلام، وهم شباب نشطوا فيما بعد حتى في الحراك العسكري، وكان العنصر النسائي حاضرًا وبقوة، وأذكر أنه كان في تنسيقية اللاذقية 50% من أعضاء التنسيقية من النساء من بنات اللاذقية، وكان معنا أيضًا أعضاء في التنسيقية من الخارج من الشباب والصبايا. كانت معنا امرأة واحدة فقط وهي موجودة في الخارج كان اسمها ضمن التنسيقية جيفارا، وكانت عضوًا في المجلس الوطني[ الصحيح أنها عضوة في الائتلاف الوطني ولم تكن عضوة في المجلس الوطني - المحرر]، وهي نغم الغادري، وكانت إحدى الشخصيات الفاعلة في تنسيقيه اللاذقية، ومعظم الشباب أخذوا في تلك الحقبة الأسماء الوهمية، وبالتالي حتى ذكر أسمائهم ليس له ضروريًا لأن جميعها أسماء وهمية، كان اسمي الوهمي هو: أسد الإسلام.
التنسيقية اتسمت بأنها لم تضم لونًا واحدًا فقط، بمعنى كان هناك الإسلامي والعلماني والليبرالي، وهي لم تُبن أساسًا على توجه [الأشخاص المشكلين]، وإنما بنيت في الأصل على قدرتك على الفاعلية في الميدان، لكن فيما بعد 2012، بدأ الانقسام داخل التنسيقية أو نوع من تباين في الآراء ووجهات النظر، وحتى بالنسبة لنا كأعضاء تنسيقية، بدأ هذا الشيء عندما ذهبنا باتجاه العمل العسكري وحمل السلاح من أجل الدفاع عن المظاهرات، وبالتالي أصبح هناك تباين في وجهات النظر -لا أريد أن أقول انقسام- ولكن هذا أدى فيما بعد إلى أن كل شخص ذهب باتجاه مؤسسة يرى أنه من الممكن أن يكون موجودًا فيها ويكون له دور أكبر.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/12/27
الموضوع الرئیس
الحراك السلمي في اللاذقيةكود الشهادة
SMI/OH/61-21/
أجرى المقابلة
يوسف الموسى
مكان المقابلة
أنطاكيا
التصنيف
مدني
المجال الزمني
نيسان - آب 2011
updatedAt
2024/08/14
المنطقة الجغرافية
محافظة اللاذقية-مشروع الصليبةمحافظة اللاذقية-مدينة اللاذقيةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
المجلس الوطني السوري
تنسيقية اللاذقية