كل ما ذكرنا من فساد، أعود وأُجمِلُه بجملة سريعة، يتحجّجون (يتذرّعون) على أي شخص على أنك: أنت بعثي يميني، وأنت مسلم سلفي، ولماذا تصلّي صلاة الصبح؟، وعلى فكرة اُعتقل عدة أشخاص من تل أبيض وحوّلوهم من قطاع التربية إلى قطاعات أخرى، وكان التهمة أنهم يصلّون الصبح، وأنا أعرف هؤلاء الأشخاص، من البيت إلى الجامع، وليس له دخل في السياسة، ومجرد أنه صلّى صلاة الفجر في الجامع تمّ تحويلهم من التربية، وأذكر أشخاصًا هم مثل محمد العبد لله، ومحمد البحر، ويوسف البحر، عدة أساتذة تم فصلهم، وهؤلاء الذين فُصلوا أصبح لديهم ردّة فعل ضد النظام، وهو جاهز للثورة، أكيد والذي تضرر من الفساد يكون جاهزًا، والنظام هيّأ البيئة لخروج الشعب عليه من خلال الانتهاكات والفساد والرشاوي والظلم، وتشكلت طبقة من الذين حتى لو لم يخرجوا فقد ارتاحوا داخليًا فأيّدوا الثورة، وأنا شخص كنت موجودًا على البوابة، وكان راتبي في البنك التجاري في البوابة 700 دولار، وعائلتنا كلها موظفين، لو الأمر متعلّق بالمال أنا لازم لا أخرج في الثورة، لماذا أخرج؟، أموري جيدة، ولكن حين رأينا في درعا والذي حصل، وعاطف نجيب قام بخلع أظافر الأطفال، شالتنا النخوة (دفعتنا الحميّة) من تل أبيض إلى درعا، -ملعون أبو النظام- وتراكمات عدة جعلت العالم كله يخرج، ونحن في تل أبيض مثلنا مثل بقية المناطق كلها.

هذا يعود إلى التركيبة السكانية في تل أبيض، بعد أحداث 2004 (الانتفاضة الكردية 2004- المحرر) على أثر مباراة وكان النظام محرّكها، نحن في تل أبيض لم يحصل لدينا شيء، وهذا إثبات لكلامي أنَّ نسبة الكرد قليلة، ونحن من أصل 600 قرية لدينا 16 قرية كردية صغيرة، والعشائر قالت: لا يوجد حركة فلم يحصل حركة، ولقلة العدد (عدد الأكراد) لم يحصل مشاكل لدينا في الـ 2004، وأي مشكلة تحصل بين أي كردي وأي عربي يجتمعون الكل عليك، أنت صدّامي وبعثي ويرميك إلى العراق، وليس لك علاقة مع النظام، وأذكر [أنه] حصلت مشكلة بين باصات نقل، والكرد [أصبحوا يقولون] يا عرب يا صداميين يا عرب يا صداميين، وهذه حصلت بعد الـ 2004، ونحن طوال عمرنا مع الأكراد، إخوة وبيننا وبينهم لا يوجد شيء، وهناك تناسب ومصاهرة وجيران، والذي افتعل ذلك هي الأحزاب الانفصالية، حزب العمال الكردستاني الذي  أسّسه بالحقيقة حافظ الأسد، وهو علّمهم ودرّبهم، وهم ورّطوا أنفسهم ولحقوا الأحزاب، ورأيت ما حصل فيما بعد بهم.

نعود إلى مبدأ التحوّل الديني، وكيف أصاب الناس ردة فعل، وحصل تجييش إعلامي قوي على العراق في 2003، وتحالف دولي، ودول كفار وأمريكا، وصار ضخ إعلامي ضخم، والكل كان يذهب ويريد الموت في العراق، فمن تل أبيض ذهب عدد لا بأس به، وأعرف أكثر من 15 شخصًا أعرفهم، وذهب عدد كبير، والأشخاص الذين ذهبوا قسم منهم عاد، ولكن قسم بذهابه إلى العراق انتسب إلى القاعدة، وأشخاص أعرفهم مثل خلف الحلوس وهو من الذين ذهبوا إلى العراق، ودرويش -رحمه الله- مات في أول تفجير، ولو ما ميّت (لو أنه لم يمت) كان صار في "داعش"، لكن قبل تحرير تل أبيض بشهر انفجرت به السيارة هو وسبعة أشخاص وماتوا، ولو لم يموتوا لأصبحوا مع "داعش"، وخلف الحلوس هذا من الذين ذهبوا للعراق، وأصبح لاحقًا أمير تل أبيض بعد الثورة، الشيخ خلف أبو مصعب وهذا واحد من مخلفات الذاهبين إلى العراق، وعاد قياديًا في القاعدة، ومن خلال مداولاته مع الناس وجلساته، قال: أنا جلست مع [أبي مصعب] الزرقاوي، وبايعتُه، يتكلم دون حياء من ذلك، قالها على العلن، وطوال فترة "داعش" وهو أمير، وهو من قرية قنيطرة، أحد الأمراء، وحين أخذوا تل أبيض وأتى المحتل الجديد البي كي كي، هو كان أميرًا.