السرفيس (عربة نقل ركّاب صغيرة) يوجد فيه تقريبًا 15 راكبًا، ولكن أحد الأشخاص نجا ولم يصبه شيء، خرج حيًا، وهو من قرية الزيادية، وهي تابعة لريف جسر الشغور ولكنها ملاصقة لسهل الغاب، وهذا الشخص كنت أعرفه جيدًا، وهؤلاء الأشخاص الذين قتلهم جيش النظام وادّعى أن الإرهابيين قتلوهم، وحصل تشييع كبير في المنطقة وحصلت حالة استنفار في المنطقة، وبالنسبة للتسليح فإن شعب سورية كله وخصوصًا المناطق الريفية والمناطق العشائرية كلها تملك سلاحًا، ليس هناك أحد لا يملك سلاحًا إلّا القليل جدًا، ومن كان يُخفي قطعة سلاح منذ أيام أجداده أخرجها، ونحن أبناء الثورة في تلك الأثناء أخذنا ننسّق مع بعضنا أمنيًا إذا حصلت مشكلة، أو إذا كان يوجد هناك شخص مشتبه به، أو إذا حصل أي شيء، فأصبح يوجد مثل السيطرة الأمنية في منطقتنا، ولا أحد يستطيع أن يفعل شيئًا أو يخترقنا في تلك الفترة، وهذه الحالة استمرت معنا منذ شهر نيسان/ أبريل أو نهاية الشهر الرابع حتى الشهر السادس حزيران/ يونيو تقريبًا، وطوال هذه الفترة كانت المظاهرات مستمرة، وكانت مستمرة كل يوم جمعة أو كل تشييع شهيد، أينما كان في المنطقة كنا نتوجّه وكنا متفرّغين لهذا الموضوع، وأينما تحصل مظاهرة، يعني مثلًا جاء شهيد من قرية كنصفرة في أيار/ مايو، وكنصفرة لم تكن قد أعلنت العصيان بشكل علني أو أعلنت الثورة بشكل علني، ونحن خرجنا، وكان كل ثوار البلاد -في جبل الزاوية كان هناك ثوار في تلك الأثناء- ونحن وجميع الناس تواجدنا في تشييع الشهيد الذي كان من كنصفرة، وإذا حصل أي حادث أمني فإن جميع الناس المحسوبين على الثورة أو تعتبر نفسها هي الثورة في تلك الأثناء تتوجّه [للمواجهة]، يعني مثلًا حصلت اعتقالات في جسر الشغور وتم اعتقال تقريبًا 30 شابًا، فتوجّهت المظاهرات كلها نحو جسر الشغور.

نحن كان مركز مظاهراتنا في قلعة المضيق، ولكن أول المظاهرات كما شرحت، حصلت بعض المشاكل، وفي أحد المرات التقينا مع الأمن عند قرية الحمراء أو مفرق عين الطاقة وتجاوزنا الأمن بصدور عارية، وهذا الكلام في شهر نيسان/ أبريل، وذهبنا وخرجنا مظاهرة في قلعة المضيق، ولم يتعرّض الأمن لنا في عين الطاقة، ولكن حاول بعض الناس، وأنا شخصيًا كنت ضد الفكرة، ولكن لا يوجد مجال أن تشرح فكرتك للناس في المظاهرة، وكان الناس يحبّون أن يتظاهروا في مدينة السقيلبية، وهي قرية مسيحية -وهم أهلنا- ولكن الشبيحة كانوا يسيطرون [عليها] وأطلقوا النار وأصابوا عدة أشخاص من منطقتنا، ومنهم شاب الآن يعمل إعلاميًا اسمه مصعب الأشقر، وهذا حصل أثناء دخولنا إلى السقيلبية، ونحن لم ندخل إلى السقيلبية في أيام المظاهرات أبدًا، وهذا حصل في المرة الأولى عندما حاول الشباب الدخول، ولكن الشبيحة والأمن كانوا جاهزين ومنعونا، وهذا الكلام أعتقد بتاريخ 15 نيسان/ أبريل، وقد أصُيب عدة شباب وأنا أسعفت مصعب بسيارتي.

المظاهرة كانت تبدأ من قرية قسطون، وهي آخر قرية في ريف سهل الغاب، وتنطلق باتجاه قلعة المضيق وتمرّ بقرية الزيارة وقرية تل واسط وخربة الناقوس حتى تصل إلى قلعة المضيق، وكل الناس هناك ينتظرون، وكنا ننسّق مع بعضنا، والهواتف كانت تعمل، ثم نصل جميعنا إلى قلعة المضيق، وهناك ينتظرنا أهل القلعة، وحتى [إنهم] ينتظروننا أو يستقبلوننا خارج القلعة ونذهب جميعنا إلى القلعة، ونستمر بالتظاهر، وأكثر من مرّة بقينا حتى أذان العشاء، وهذا الكلام في شهر نيسان/ أبريل و أيار/ مايو وبداية شهر حزيران/ يونيو.

نحن في منطقتنا حصل منع للمظاهرات، ولكن لم يحصل قمع، يعني الحادثة الوحيدة التي أذكرها أن عناصر الشرطة وحفظ النظام كانوا في عين الطاقة ومنعونا، ولكننا تجاوزناهم بصدور عارية، وبعدها فكّر الناس بالذهاب إلى السقيلبية وذهبنا إلى مدخل السقيلبية وحاولنا إعادة الناس، ولكن الناس يريدون الذهاب، وحصل إطلاق نار من الشبيحة وأُصيب الشباب، ومنهم مصعب الأشقر، وحاليًا الشاب إعلامي وهو على رأس عمله في الثورة السورية.