تفاصيل أول مظاهرة في داريا
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:09:51:13
كنت أتكلم عن المظاهرة التي حصلت في تاريخ 25آذار 2011، في داريا، التي بدأت من جامع العباس، وانتقلت إلى شارع الثورة القريب منه، وبدأ عدد المتظاهرين يزداد. والهتافات -كما ذكرت- كانت عن درعا بشكل أساسي، وعبارات: "سوريا، وحرية، والله أكبر"، وجاءت مجموعة من الحزبيين، أو ليس جميعهم حزبيين، ولكن هناك بعض قيادات الحزبيين، وتجمع بعض الأشخاص، وبدأ الناس يهتفون: "الله سورية حرية وبس" وأشخاص يهتفون" الله سورية بشار وبس". وبالنسبة لي، كان هذا الأمر مثل إرهاص مبكر، وإشارة مبكرة على الانقسام الذي سوف يحصل فيما بعد. وبقيت لفترة بنفس الشارع حتى يتحركوا، وكنت موجودًا في السيارة مع صديقي، في بداية الشارع، وكنت أشاهد كيف يقتربون من بعضهم، وكان هناك توجس، ولم يكن هناك تفكير بالعنف، ولكن كان هناك منافسة على من يرفع صوته أكثر.
بعد عشر دقائق، أو ربع ساعة أو أكثر قليلًا، بدأت المظاهرة تكبر، ولم يكن عدد المجموعة الأخرى يزداد كثيرًا، وبدأ المتظاهرون يكبرون، وقرروا المسير، ويوجد هناك محل اسمه: فروج أبو زيد، وهو محل مشهور موجود عند تقاطع طرق، ويتجمع فيه الناس، وتجمع الناس هنا، وأصبح عددهم كبيرًا، وقرروا المسير، وبدؤوا يمشون، وكان هناك شاب ثانٍ أيضًا يصور، وعدنا مرة أخرى إلى الشقة التي كنا متفقين على التواجد فيها، ومكانها قريب، وقال لي: يبدو أنهم ذاهبون إلى شارع المعضمية، والأمور أصبحت كبيرة، وقلت له: أريد أن أرفع الأشياء التي قمت بتصويرها، وسوف أعود. ولا أذكر بصراحة الترتيب (المتعلق بالتواصل الإعلامي)، ولكن كان أغلب ترتيب موضوع التواصل يكون عن طريق نبيل الشربجي، ولا أعرف إذا كان قد حصل تواصل في تلك المظاهرة مع رزان زيتونة، أو لم يحصل، ولكنه لاحقًا حصل في دائرة لجان التنسيق، وغالبًا ما يكون موضوع التواصل الإعلامي من خلال هذه الدائرة، وأنت ترفعه على" إيميل" معين، وترسله إلى عنوان معين، كنا قد اتفقنا عليه، وهم يتابعونه.
المظاهرة توسعت، وسارت أولًا في شارع رئيسي في داريا (شارع الشام)، وبدأ العدد يزداد ويصبح بالمئات، وكان الذي يحصل أنه كلما مرت المظاهرة في حي فإن هناك أشخاص يتركون، وأشخاص ينضمون. وطبعًا: لا يوجد شيء مرتب أو معلن من قبل، ولكن يوجد الكثير من الناس الذين وجدوا أنها فرصة من أجل المشاركة والتعبير. وأذكر أن أحد الشباب قال لي فيما بعد- من الشباب الذين شاركوا في فعالية فيما بعد، كان يصلي في المعضمية (معضمية الشام) بجانب داريا، وكان هناك خطباء مشهورون، كان الناس يذهبون، ويتقصدون الذهاب للصلاة عندهم، وهو لم يكن يعرف بالموضوع- إنه كان يتمنى أن يفعل شيئًا، ولكنه لم يكن يفترض أن شيئًا ما سوف يحصل في وقت قريب. وعندما عاد، ووجد المظاهرة، وأذكر طريقته، فقد كان متحمسًا جدًا، وقال ألم يصلوا بعد؟ ونزلت فورًا من باب السيارة، وهي تسير، وركضت باتجاه المظاهرة؛ من أجل المشاركة، وكنت سعيدًا جدًا بأن هناك شيئًا ما يحصل، وبدأ الناس يتعاقبون على الهتافات، وأذكر أسامة (أبو زيد)، كان أحد الشباب الذين تم حملهم على الأكتاف، وكان يهتف، وتتنقل المظاهرة على مسافة كيلو مترات، وتدور في المدينة. وكنت أرى قسمًا، وأذهب إلى مكان آخر، وحتى أنني أذكر تمامًا أنني أمام أهلي لم أفعل شيئًا. فنحن عادة في يوم الجمعة نلتقي في منزل أهلي، وأنا عندي أخوان: أحدهما استشهد-رحمه الله- وكنا ثلاثة شباب متزوجين، كانت مثل عرف في يوم الجمعة أن نلتقي بعد صلاه الجمعة في بيت العائلة، وبعد أن قمت بالتصوير في أول مرة، ورأيت المظاهرة قليلًا، عدت إلى منزل أهلي بشكل طبيعي، وكأنني كنت في بيتي، ثم جئت. وقالت أختي: يوجد مظاهرة. وقلت لهم: نعم هكذا كانوا يتكلمون، وكأنه ليس لي علاقة بالموضوع؛ لأنني كنت معتقلًا من قبل، ووالدي بالذات لديه حساسية من الموضوع، وفي الفترة الأولى، ولعدة أسابيع، كنت أظهر لهم بأنه لا علاقة لي بالموضوع.
عندما اقترب العصر خرجت، وهم كانوا قد صلوا صلاة العصر -بحسب ما أذكر- أمام مسجد أنس. وطبعًا، يوجد صورة [للمشهد]، ولها رمزية؛ حيث كانت في البداية، وكان العدد كبيرًا، والصفوف طويلة خلف بعضها، ويقومون بالصلاة في الشارع أمام المسجد، ثم أكملوا باتجاه شارع المعضمية، وعندها مشيت معهم، وفي شارع المعضمية حصلت بعض المضايقات. وشارع المعضمية هو الطريق الواصل بين داريا ومعضمية الشام،" أوتوستراد" طويل، وحصلت بعض المضايقات، وفي مكان معين هناك أشخاص بدؤوا يرجموننا بالحجارة، كانت لا تؤذي كثيرًا، ولكن بمعنى: فكّوها (لا تتظاهروا) نحن لا نريد ذلك. وبنفس الوقت في أماكن أخرى كان هناك نساء وأطفال على الشرفات، يشاهدون، ويتابعون، وقد لا يشجعون، ولكنهم يتابعون هذا الشيء الجديد.
وصلنا إلى مشفى الدولة، ويوجد بجانبه مسجد اسمه: مسجد السمح. والمشهد عالق في ذاكرتي تمامًا ، أذكر المكان والهتافات، وبدأت الهتافات ضد رامي مخلوف بشكل عفوي، وأذكر أن الهتاف كان تقريبًا هكذا: "ارحل عنا يا رامي، مو ناقصنا حرامي" ويوجد شخص كان يهتف: "راح الخوف راح الخوف، ارحل عنا يا مخلوف" وأذكر أنه كان يوجد أكثر من هتاف عن رامي مخلوف، ويوجد هتاف كان ضد حسن أبو شناق الذي هو رئيس البلدية، وحسن أبو شناق هو شاب أكبر مني بسنتين، وهو ليس صديقًا، ولكن يوجد أصدقاء مشتركون كثيرًا بيننا، و والده كان ضابطًا في المخابرات، أو متعاقدًا بالأحرى، ولكن رتبته عالية، و عن طريقه أصبح رئيس بلدية، وكان شابًا جيدًا قبل ذلك، فقد نشأ والده في المخابرات، ولكنه كشخص كان جيدًا جدًا، وكان موظفًا في المطار، وأموره جيدة. وبعد أن استلم تفشى الفساد كثيرًا، وأصبح جزءًا من شبكة فساد كبيرة، أكثر من قبل، وبشكل عفوي خرج الهتاف ضده أيضًا، وبحسب ما أذكر أنه أقيل بعدها ضمن خطة مكافحة الفساد والإصلاح في سورية، والهتافات بلغت هذا الحد لا أكثر.
أذكر أن المظاهرة استمرت إلى قبيل المغرب، تركتها عند مسجد السمح، وكانت لا تزال موجودة، وكان قد بقي أقل من ساعة على المغرب، وهي انطلقت من صلاه الجمعة في الساعة الواحدة أو الواحدة والنصف تقريبًا حتى الساعة السادسة أو الخامسة والنصف-لست متأكدًا- وطوال هذا الوقت، كانت هذه المظاهرة مستمرة، وكانت تزيد، وتنقص. وعندما تتكلم مع الناس كان كل شخص يتكلم عن المظاهرة من وجهة نظره، فشخص يقول: كنا عند الحديقة الفلانية. وشخص يقول: كنا عند المركز الثقافي. وذلك بحسب مكان مشاركته.
كانت المظاهرة مفاجئة جدًا؛ فنحن قبل يوم أو يومين كنا متفقين على أن تكون في دوما، وقبل يوم قررنا القيام بالمظاهرة في داريا، ولسنا متأكدين من حضور الأعداد الكافية، وأظن أن المجموعة التي شاركت ليست أقل من أربعة آلاف شخص، ولكن لم يكن ذلك في لحظة واحدة، ويوجد فيديو رأيته عند حديقة بجانب مسجد الخولاني: كان هناك عدد كبير على عرض الشارع، ويوجد امتداد، ويوجد أشخاص يشاركون بدافع أن هذا الشيء جديد، ويوجد أشخاص محتقنون فعلًا بسبب الأوضاع في درعا، ويوجد أشخاص [متأثرون] من وقت تونس وبعدها مصر. وإلى ذلك الوقت لم يكن يوجد هوية واضحة، ولكن كان هناك هتافات، مثل: "حرية" وكان هذا الهتاف واضحًا جدًا، و"درعا" واضحة جدًا، ولكن لا يوجد أي هتافات ضد النظام، وضد بشار الأسد.
[بصراحة، الأشخاص الذين أعرفهم أقل من عشرة بالمئة، في المرحلة التي مشيت فيها] وفي الفترة الأولى التي كنت فيها داخل السيارة مع صديقي، وكنت أشاهد المظاهرة، كنت أعرف جزءًا كبيرًا من الموجودين، ويوجد جزء لا أعرفه. ولكن فيما بعد، عندما ذهبت إلى شارع المعضمية ومسجد السمح كنت إذا نظرت فلابد أن أتعرف على شخص أو اثنين أو ثلاثة، ولكن الأغلبية لا أعرفهم. وكانت الأعمار مختلفة، معظمهم شباب بين العشرين والثلاثين سنة، ولكن لا تخلو[المظاهرة] من أعمار أكبر، فقد تجد أشخاصًا عمرهم أكثر من أربعين سنة، ولكن الأغلبية- بحسب ما أذكر - كانوا من الشباب.
اجتمعنا مساءً، وكنت تحسّ بوجود النشوة، وحتى أننا لم نكن نستوعب ماذا يجري، وكل شخص يتكلم عن مشاهداته، والتصوير كان محدودًا في وقتها، والناس غير منتبهين لأهمية التصوير، وغير متشجعين أيضًا، فقد يشارك الشخص، ولكن غير متحمس لحمل جواله؛ حتى لا يكون مسؤولًا فيما بعد.
وبالنسبة لنا، اعتبرنا أنه نجاح كبير، وأكثر مما كنا نتوقع. وتأكد لدينا أن الأمور انطلقت، وسارت، ولم تعد النقاشات: هل نبدأ أم لا؟ وإذا بدأت ماذا سوف نفعل؟ الأمور بدأت تجرف كل شيء.
أذكر أن مظاهرة كبيرة حصلت في دوما، لا أذكر إذا كان في نفس اليوم أو في الأسبوع الذي بعده حصل اعتصام مساءً، ولكن قد يكون الاعتصام حصل في نفس اليوم، وتم فضه فيما بعد، وتشعر بطريقة ما أيضًا بأنك بشكل لا واع تحاول أن تنسخ الشيء الذي رأيته، كنا نريد أن نقوم باعتصام مثل اعتصام ميدان التحرير.
[أذكر أنه تم فضه ليلًا، وكنت أظن أنه تم بعد تفاهم بدون عنف، ولكن بكل الأحوال ليس عندي اطلاع] ولكن الفكرة أنه في البداية، حصلت مظاهرة كبيرة، وتحولت إلى اعتصام مسائي. وكما ذكرت: تشعر أنه استنساخ إلى حد ما؛ حيث لا يوجد تحضير- أنا لا أنتقد لأننا قمنا بهذا الشيء في وقتها- فمثلًا: لا يوجد تفكير في الأمور" اللوجستية"، ولا يوجد تفكير في الرسائل الواضحة، ولا يوجد مطالب محددة من الاعتصام، ولكن كنا نقوم بالذي رأيناه وتم القيام به في بلدان أخرى.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/08/27
الموضوع الرئیس
المظاهرات الأولىكود الشهادة
SMI/OH/34-03/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
25/03/2011
updatedAt
2024/03/15
المنطقة الجغرافية
محافظة ريف دمشق-معضمية الشاممحافظة ريف دمشق-مدينة دومامحافظة ريف دمشق-مدينة دارياشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية