الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

واقع مضايا قبل الثورة وموقف النظام منها

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:11:40:18

أعود وأقول: ربما البيئة المحافظة لعبت دورًا، وربما طبيعة الناس الذين ذهبوا إلى الجامعة وعادوا، وأصبح لهم حضور في مضايا من أهلها وأبنائها، أيضًا لا ننسى أن مضايا من المناطق الحدودية، وكانت مشهورة بالتهريب، والتهريب كان يعطيهم نوعًا من الاستقلالية بالمعنى الاقتصادي وعلى المستوى الاجتماعي، وكان معروفًا أنه إذا أراد شخص شيئًا لا يجده في دمشق فإنه يجده في سوق مضايا، وعندما يأتي يوما الجمعة والسبت فإن محلات مضايا جميعها تكون ممتلئة بالناس الذين يأتون من دمشق أو من باقي مناطق سورية، ويحاولون الحصول على أمور لا يحصلون عليها؛ لأنها على الأغلب تأتي من لبنان عن طريق التهريب أو من دول أخرى. وهذا أيضًا جعل هناك نوعًا من الشعور بالأنفة، فالجميع لديه سلاح، والجميع لديه القدرة على أن يكون مكتفي ماليًا، بالإضافة إلى موضوع الأرض والزراعة والبساتين، وجاء هذا الأمر، وجعل عندهم مصدرًا إضافيًا، وأحيانًا يكون مردوده أكثر بكثير من الزراعة والأراضي. وهذا الشيء بالنسبة لنا كعائلة لم ندخل فيه إطلاقًا، فسواء جدي أو والدي أو أعمامي كان أكثر عملهم في الزراعة والدراسة، ولكن عندنا أشخاص من العائلة، وهناك أيضًا عوائل أخرى فعلًا تغيّر مستواهم المالي والاجتماعي بشكل كبير بسبب هذا الموضوع، وهذا أحد الأسباب التي جعلت هذا الشيء يكون بما يتعلق بالمعارضة، وحتى إنه كان هناك أمثال تُقال عندنا في منطقة ريف دمشق في تلك الجهة من ريف دمشق منذ أيام الفرنسيين كان يُقال: "لولا مضايا وسرغايا ما عمرت السرايا"، ودائمًا كانوا يقولوها الكبار في العمر، ومعنى ذلك أن السرايا كانت هي عبارة عن البناء الموجود في الزبداني والذي هو مثل المحكمة التي تحلّ المشكلات والقضايا للناس، فمعروف أن هاتين المنطقتين كانتا تُحدثان مشاكل، وكانوا دائمًا يتقاتلون ويثيرون المشاكل، فكان هناك هذا الشعور والإحساس بعدم قبول الضيم والظلم؛ لأنهم يعتقدون أن لديهم القدرة على مواجهته، بينما في قرى أخرى كانت إما بسبب الحالة الاقتصادية أو بسبب حالتها الاجتماعية أو بسبب عدم التعلم فيها أو التعليم فلا يكون لديها نفس الطريقة بالرد أو التعامل مع هذا الوضع الموجود.

النظام يعرف بموضوع التهريب، وربما الكثير من الناس الذين كنت أراهم يقومون بالتهريب كانوا يقولون لي: إنهم يرتبون هذا الأمر مع الجمارك الموجودين على الحدود. وأذكر حتى الآن عندما كنت صغيرًا طبعًا أنه أحيانًا...، كانت بدايات التهريب ومعظم التهريب كان على الحيوانات، على البغال والخيل، وتحديدًا على البغال لأن لديها القدرة على حمل أوزان كبيرة وتتحمّل المسافة الطويلة الجبلية ما بين مضايا ولبنان، وأحيانًا يكونون متفقين مع دوريات الجمارك وتمر الأمور بسلام، وأحيانًا لا يكونون متفقين وتحصل مشكلة، وأنا حتى الآن أذكر أنه أحيانًا في الساعة 12:00 أو الواحدة صباحًا نسمع في الليل في الهدوء ونرى من بعيد حصانًا يركض لوحده، لا يوجد معه أحد، وأحيانًا يكون هناك أكثر من حصان أو بغل، كنا نجدهم قادمين وذاهبين إلى منزل صاحبهم بدون أن يكون هناك شخص معهم، بمعنى يتم تحميلهم بأحمال التهريب ويتم تركهم، وكانوا يعرفون طريقهم من المكان حتى يصلوا إلى مضايا، ويذهبون إلى صاحبهم، ويدخل إلى المستودع ويتم إفراغ الحمولة، ثم يتم تسويقها في الأيام التي بعدها. وهذا خلق نوعًا من الاستقلالية عند الناس، وأن تكون عندهم قدرة غير موجودة عند البقية. والنظام كان نوعًا ما يغضّ الطرف فيما يتعلق بالتهريب؛ لأنه كان يشعر أنه من جهة يستطيع الحصول على...، فالمسؤولون في النظام يستطيعون الحصول على امتيازات في هذا الموضوع، إما امتيازات مالية أو عن طريق أخذ جزء من الحصص التي كانت موجودة في ذلك الوقت، أو بهدف تخفيف الضغط على الناس، بحيث إذا كانت لدى الناس مشكلة اقتصادية فإنه يوجد مدخل للتخفيف عن الناس وشراء ما يحتاجونه من الأمور غير الموجودة في الأسواق الاعتيادية في بقية المدن.

كان معروفًا عن أن أهل مضايا بأن الشيء الوحيد الذي لا يحتاجونه هو السلاح، بمعنى أنه دائمًا موجود وبكثافة وكثرة عند الكبار والصغار والنساء والرجال، وكان معروفًا أنه شيء طبيعي- حتى عند الشاب الصغير الذي عمره 15 و16 - أن يكون عنده مسدس، ويخرج به، ويباهي بهذا الشيء، وأما أن يكون معه سلاح رشاش فهذا شيء طبيعي عندما يصبح عمره 18 و19 سنة، وكان هذا أيضًا جزءًا من الشيء الذي كان يخيف النظام من مضايا. النظام كان يرى مشكلتين في مضايا: أولًا- إنها منطقة قابلة للتمرد عليه وعلى إرادته بسبب وجود السلاح فيها والقدرات الاقتصادية، وأيضاً كان يخاف أيضًا من البيئة المحافظة، وفعلًا النظام عندما كان يبحث عن الناس المسؤولين عن الأحداث كان يصل إلى أن هناك بعض الشخصيات الموجودة في مضايا، فأنا أذكر أن شخصًا مثل ياسين الحلبوني- رحمه الله- كان مشاركًا على الأقل في إحدى محاولات اغتيال حافظ الأسد، طبعًا لا أحد في مضايا كان يتوقع هذا الشيء؛ لأن ياسين الحلبوني كان الناس ينظرون إليه في ذلك الوقت- رحمه الله- على أنه رجل يحب الخير ويساعد، وأقرب لأن يكون شخصًا بسيطًا، ولكن في الحقيقة الذي فعله قد يُكتب عنه كتاب في تلك الفترة، وهو نفسه هذا الشخص الذي كان يجمع تبرعات ويرسلها إلى الناس الذين كانوا يواجهون النظام، لدرجة أنه...، أذكر في إحدى المرات، أنه كان يجلس مع جدتي وكانت جدتي بطبيعة السيدة القروية في ذلك الوقت، وتلبس زينتها من الذهب، وقال لها: يا حجة أم فايز، ماذا تريدين من هذا الذهب؟ ماذا ينفعك؟! هذا يجب أن تتبرعي به حتى يدخلك الله الجنة، ولكن بدون ذلك لا يوجد أمل. فكانت تقول له: اذهب وجِدْ لك شيئًا، أنا متأكدة أنني سوف أدخل الجنة، وليس كما تشاء أنت. وهذا الأمر يدل على أنه كان لا يترك فرصة إلا ويحاول أن يجد دعمًا وعملًا من أجل الناس الذين كانوا يضحون بحياتهم، وفي النهاية، هو نفسه دفع الثمن بشكل مباشر، فقد تم اعتقاله وتصفيته في المعتقل، طبعًا بعد أن عرفوا أنه خلف كل هذه القصص تفاجأوا بشكل كبير، وحتى ضباط المخابرات الذين كانوا يحققون معه، كانوا يقولون: هل من المعقول أنك أنت ياسين؟! لأنه في فترة من الفترات كان جزءًا...، قضى الخدمة العسكرية في المخابرات، وكان يستفيد من هذا الموقع بدعم الناس الذين كانوا يواجهون النظام. وهذا أحد الأمثلة التي أذكرها، ثم في فترة ما جاءت معلومة للنظام أن هناك مجموعة كبيرة من المقاتلين من مضايا موجودين في مكان معين في أحد البساتين. وأذكر في يومها أنني كنت موجودًا في مضايا، وجاء إلى مضايا ما لا يقل عن 3000 جندي من سرايا الدفاع والوحدات الخاصة، ونصبوا المدافع، وكانت هناك طائرات مروحية حتى يستهدفوا هؤلاء الناس، وحصلت مواجهة شديدة جدًا، ومعظم الذين كانوا موجودين استطاعوا الانسحاب من الحملة التي جرت عليهم، وهذا أذكره أيضًا بمعنى أن الناس بدؤوا بشكل كبير يدفعون هذا الثمن.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/01/22

الموضوع الرئیس

بلدة مضايا قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/129-06/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/04/17

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة الزبدانيمحافظة ريف دمشق-مضايا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

مديرية الجمارك العامة

مديرية الجمارك العامة

سرايا الدفاع

سرايا الدفاع

الشهادات المرتبطة