الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

سيرة ذاتية وأسباب الثورة في مدينة حمص

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:26:59:20

أنا أنور أبو الوليد من مواليد مدينة حمص حي دير بعلبة عام 1988 طبعًا وُلدت في الحي ودرست في مدارسه الابتدائية ثم الإعدادية وانتقلت أيضًا إلى حي مجاور وهو حي البياضة ثم الخالدية ثم أكملت دراستي وحصلت على الشهادة الثانوية في عام 2005 ثم 2006 وسجلت في المعهد الصحي وتخرجت منه ثم سجلت في الهندسة المعلوماتية، وفي السنة الثانية من دراستي للهندسة انطلقت الثورة في عام 2011 وتوقفت عن الدراسة والوظيفة وكنت موظفًا أيضًا بناء على دراستي الأولى، توظفت في مديرية الصحة في حمص وتوقفت عن الدراسة والوظيفة في ذلك الوقت في بداية الثورة مع انطلاقة الثورة. وطبعًا قبل الثورة كنت كشاب في مقتبل العمر موظفًا حكوميًا وطالبًا جامعيًا يدرس الهندسة بالإضافة إلى أنه كان عندي مشروعي الخاص، وكان عندي مقهى للإنترنت في وقت كان الإنترنت فيه لا يزال انتشاره قليلًا ولا توجد تقنية حديثة مثل التي وصلنا إليها الآن وكان الاعتماد بالدرجة الأولى على خطوط "الإي دي إس ال" التي كانت تعطى بصعوبة وبمبالغ كانت تعتبر كبيرة في ذلك الوقت، وأنا بسبب حاجتي للإنترنت ودراستي للمعلوماتية في الجامعة الافتراضية السورية في حمص سحبت خط الإنترنت وفتحت بنفس الخط مقهى إنترنت وكان يعطيني ربحًا جيدًا بالإضافة إلى وظيفتي ودراستي.

 وكنت بالعموم كوضع شخصي كان وضعي جيدًا بالإضافة إلى أنه حتى الوالد كان أستاذ مدرسة وأمورنا جيدة من النواحي المعيشية والوضع الشخصي في تلك الفترة، ولكن أنا كنت دائمًا أحس أنه يوجد شيء ينقصنا كسوريين ينقص كل شخص فينا وأنا في ذلك العمر ربما لم أكن أستطيع تفسيره أو وصفه بشكل دقيق، ولكن تراكم الظلم الذي كان مشاهدًا بشكل فظ وكبير في سورية، ولا يوجد سوري في تلك الفترة إلا ويذكر الكثير من المواقف من الظلم الذي كان سائدًا في تلك الفترة على جميع الأصعدة وأنا أيضًا من عائلة وأحد أقربائي هو خالي الأكبر لوحق في فترة الثمانينات وخرج وأنا لا أعرفه وخرج إلى العراق ثم الأردن وأكمل دراسته ثم توفي في المهجر.

الحي الذي نشأت به كان من الأحياء الشعبية التي دوهمت في أيام الثمانينات عدة مرات وحصلت عدة مواقف شاهدها الناس عيانًا. 

والدي من مواليد الستين يذكر تمامًا فترة الثمانينات ويذكر تمامًا ما جرى بعدها وكانوا شهودًا حاضرين على تلك الفترة وأيضًا موظفين في حمص ربما كان مشاهدًا مباشرة وربما أكثر من غيرها من المحافظات على مستوى الظلم الذي كان موجودًا في الوظائف الحكومية، وسوف أفصل لاحقًا أبرز معالم الظلم التي كنا نعيشها ولكننا نشأنا في بيئة تحمل نوعًا من أنواع السخط على النظام وتراكمات من الظلم الطويل الممتدة من فترة السبعينات مع وصول [حافظ] الأسد إلى السلطة وانقلاب 16 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1970 وصولًا إلى الثمانينات وما جرى بها من أحداث. 

وبعد أن توطد الأمر وسيطر نظام البعث وحافظ الأسد على جميع المفاصل بدأ يظهر الظلم بشكل فظ بدون حياء وبدون أي محاولات لتجميله أو صياغته أو قولبته بشيء يراعي الناس والشعب، وكان شيئًا فجًا ظاهرًا وبدون أن يحتاج حتى أن تبحث عنه وهو أمامك في كل مكان وبالتالي أنا لا أنكر أنه ربما كرهي للنظام لم يكن وليد عام 2011 وإنما سبق ذلك بكثير، وحتى عندما توفي حافظ الأسد في عام 2000 في شهر حزيران/ يونيو كنت طفلًا في الصف السابع وناجحًا إلى الصف الثامن والذي حصل أنني كنت داخليًا أنكر حالة الحزن الموجودة لدى الشخص وأنا سمعت وحتى قبل هذا العمر سمعت بضع روايات كانت تُروى لنا بالسر وتحفّظ شديد جدًا من قبل أهلنا ومن قبل الناس من أقربائنا وأذكر أنهم كانوا دائمًا وأنا كنت الطفل الذي يثقون به أكثر من أقراني من أبناء عمومتي وإخوتي ويتحدثون أمامي وأنا لا أراهم يتحدثون أمام بقية الأطفال وربما كانوا يرون أنني أكثر وعيًا مقارنة بالأطفال من أقربائي وأذكر أنه كان يتم إغلاق النوافذ بشكل جيد إذا أرادوا التحدث بقصة تخص أحداثًا سابقة أو تخص أي مظلمة من المظالم التي يقوم بها النظام يوميًا.

هذه الروايات رواية القهر والظلم التي عاشها تقريبًا كل منزل سوري والأمر لم يكن خاصًا بشريحة معينة أو فئة محددة من السوريين كانت تتعرض لنوع من أنواع الظلم مثل المعارضين السياسيين في الثمانينات أو ما بعدها أو أنصار الحزب الشيوعي والناصري والبعث العراقي وليست فقط هذه العوائل كانت تتعرض للظلم وإنما أبسط إنسان في سورية يعاني ما يعانيه بنوع معين من أنواع الظلم مثلًا: على المستوى المعيشي وخصوصًا في فترة لاحقة بدأ يتم يضيَّق جدًا في حمص على الناس قبل الثورة عن طريق المحافظ (إياد غزال) الموجود في تلك الفترة وجملة هذه التراكمات جعلتني كما ذكرت وأنا كنت في عمر صغير جدًا أنا وأقراني شخصان من أقاربي وحتى إنه كان يوجد نوع من أنواع التعبير وكنت ألاحظ عند الأكبر سنًا أنهم يتحدثون ويقولون: هل يمكن أن يحصل شيء؟ ويقولون: حافظ الأسد مات وهل يمكن أن يكون هناك شرارة لشيء ما؟ والجميع يتساءل، وكان التساؤل ظاهرًا في أعين الناس وأيضًا الخوف والرعب حتى في وفاته في نفوس كل الذين حولنا، ولكن كان يوجد ترقب أن يحصل أمر ما وأنا أذكر أن قوات الأمن والنظام في تلك الفترة، وحتى إنهم أوقفوا الباصات عن العمل ومنعوا فتح المحلات وأعلنت حالة حداد عامة في البلد في تلك الفترة، وأذكر كيف تم إغلاق المحلات وأجبرت السيارات على وضع قماش أسود أو صور كبيرة لحافظ الأسد وحتى بشار الأسد الذي كان غير معروف كثيرًا للناس .

أنا السخط الذي تراكم عندي في أمر مبكر جدًا جعلني أفكر في الصباح الباكر قبل استيقاظ الناس أن أذهب وأجمع الصور عندنا في الحي، الصور الكبيرة والقماش الأسود وتمزيقهم بطريقة سرية, ونحن نفهم ونعرف أن هذا الرجل كان ظالمًا ونحن نعرف بنفس الوقت أن الرعب متوارث والأمر ليس سهلًا لذلك أخفينا هذا الأمر وجددنا الكره في يوم ثان، ونحن لا نريد أن تظهر مظاهر الحزن هذه ولم نخبر أحدًا ونحن كنا ثلاثة أشخاص فقط، وفي اليوم الثاني انتبه علينا أحد الجيران وهي امرأة وكانت سيارتهم تستعد حتى تمشي وتتحرك ونحن رأينا صورة داخل السيارة صورة كبيرة فذهبنا حتى نأخذ الصورة، وكان واضحًا أن الباب مفتوح فانتبهت علينا وهي في الطابق الأول انتبهت أنه يوجد حركة عند السيارة فنظرت ورأت أولادًا وهي ظنت أنهم يريدون أخذ الغلة (المال في سيارة الأجرة) وهي امرأة كبيرة بالسن ونحن ركضنا وهربنا وهي عرفتنا فأخبرت أهلنا وعندما عدنا الى المنزل كان أهلنا يعرفون وسألونا: ماذا كنتم تفعلون عند السيارة فشرحت لهم الموضوع وقلت لهم: كنا نجمع الصور ولا نريد رؤية هذه الصور الكبيرة. وأذكر أن عمي صفعني على وجهي وقال لي: لا أحد سوف يسأل عنك لكن أنت سوف تدهورنا جميعنا. وخالي المهندس الذي كان يملك من السخط ضد النظام وخصوصًا أيام [الخدمة] العسكرية والتضييق عليه، ونحن لم نخدم الجيش، ولكنهم خدموا ورأوا التضييقات التي تحصل في [الخدمة] العسكرية والوظائف وقال لي بيني وبينه على طرف: أنت لم تفعل إلا الشيء الصحيح، ولكن اذا سألوك أو سألك شخص من الأمن واذا ضغطوا عليك قل لهم إنك كنت تجمع الصور حتى تخرجوا في مسيرة وتعبروا عن حزنكم على موت حافظ الأسد، وبالتالي انتهت القصة ويبدو أن الجيران لم يريدوا تطوير الأمر وفهموا أن الموضوع ليس له علاقة بشيء ضد النظام فسكتوا وانتهت القصة.

أنا بعدها دخلت الجامعة وتوظفت وبدأت أعي المظالم التي لم تتوقف أبدًا بعد موت حافظ الأسد وانتقال السلطة إلى بشار الأسد والوضع لم يتغير أبدًا، الوعود كانت كبيرة، ولكن التنفيذ لم يحصل إلا زيادة القمع والظلم وبقاء كل شيء على حاله من المظالم التي كانت لدى حافظ الأسد وتراها في الجامعة والوظائف الحكومية والمؤسسات عندما تزورهم في حمص والتمييز الذي كان ظاهرًا بشكل فج في مؤسسات الدولة في حمص ونسب الموظفين وتوزيعهم والوسائط والرشاوى والمحسوبيات والفساد كان شيء يدركه أصغر شخص وكان هذا الأمر ملاحظًا وكان القهر يتراكم في داخلنا جميعًا وأنا أحد الأشخاص كانت أمنيتي أن يحصل شيء ما في يوم من الأيام ضد هذا النظام، ولكن لا أعتقد أنه كان يخطر على بال أحد أن تكون على شكل الأحداث التي حصلت عام 2011.

توظفت واحتككت مباشرة مع أنواع الفساد بشكل أكبر، فالذي تراه عندما تدخل الى الوظيفة أكثر من الجامعة، حمص عمومًا كانت في فترة قبل الثورة تعاني من عدة أمور ربما هي كانت سببًا لتفجر الاحتجاجات فيها بشكل مبكر ومن ضمنها الشيء الذي تحدثت عنه أنه يوجد في حمص طائفية معلنة بشكل فج وتوزيع غير عادل، وحتى في الأحياء على مستوى الأحياء كنت تلاحظ أن الأحياء الموالية التي سميناها فيما بعد الأحياء الموالية كان التطوير فيها وتحديثها وحتى الأمور الخدمية وهي أبسط الأمور كانت تتم بشكل متسارع رغم أنها جميعًا هي أحياء حديثة في حمص وسابقًا في حمص لم تكن توجد هذه الأحياء الموالية أبدًا ولكن هي بعد حافظ الأسد بدأت تنشأ وتنمو بشكل سريع جدًا، وخلال هذه الفترة وبالمقابل كانت الأحياء السنية وكنا نلاحظ أن تعبيد الطرقات فيها هو أمر يحتاج الى سنوات وإصلاح ضوء في الطريق كان يحتاج الى معاملات، وأذكر أنه حتى عندما عبدوا الطريق عندنا في إحدى المرات جمعوا المال من منازل الحي فكان هذا الأمر مشاهدًا وكان واضحًا في المؤسسات والوظائف وتلاحظه بشكل كبير أيضًا.

أيضًا الذي حصل أنه قبل الثورة تكلف إياد غزال أن يكون محافظ حمص وهو صديق مقرب من بشار الأسد وعائلة بشار الأسد وهو كان في حلب وهو كان مدير السكك الحديدية وتنقل في عدة مناصب وعندما وصل الى حمص جاء بطريقة متسلطة جدًا وضج الناس في حمص منه كثيرًا وكان يضيق على الناس كثيرًا، وحتى إن بناء غرفة لإحدى العوائل من أجل أبنائها يعني في جميع أمور الحياة اليومية للناس بدأ يضيق بشكل كبير وبدأ يمارس سلطته وكأنه رئيس وليس محافظًا وكان مدعومًا وبالتالي كان لديه من القوة والجرأة ما يمكنه من أن يأخذ قرارات تعسفية بشكل ولا أحد يستطيع مجابهته وهو كان يملك من السلطة ما يجعله يتخذ قرارات ربما تثير الناس وتثير سخط الناس وغضب الناس بكل بساطة.

بدأ الاحتقان يتزايد في حمص بعد قدومه بشكل ملاحظ وعدت أمور أخرى أيضًا كانت في حمص أعتقد سرعت من موضوع الثورة في حمص وهو موضوع أنه لم يكن أمام أهل حمص إلا أن يحتجوا على عدة قرارات من ضمنها وأغلبها أصدرها المحافظ وطبعًا بطبيعة الحال ورأس النظام وكان حتى يوجد شيء قريب اسمه [مشروع] "حلم حمص" يروج له وهو تطوير وتحديث وتغيير شكل المدينة ونقل المحلات التجارية كلها إلى مولات ورسمت المخططات وأيضًا حصل سخط في قلب المدينة على هذا المشروع الذي كان قائمًا عليه إياد غزال سخط اعتبروا أنه محاولة سحب البساط من تحت التجار الحمصيين القدامى المعروفين وسيطرة النظام على الوضع الاقتصادي بشكل كامل، وكان موجودًا في داخل حمص السوق المسقوف مثل أي مدينة أخرى ويوجد عوائل كبيرة لها محلات ضمن هذا السوق وإياد غزال حاول أن يغير هذا الوضع بشكل جذري وقال: إنه في مركز المدينة سوف يبني مولات ولا يكون هناك سيطرة لشرائح التجار على موضوع الاقتصاد وسحب البساط منهم. وهذا أيضًا من العوامل التي ولدت السخط لدى الناس لأنهم اعتبروه بمثابة نوع من أنواع التغيير الديمغرافي، وهو أخذ الأملاك من الناس داخل المدينة وحتى في مناطق أخرى مثل البساتين المحيطة في المدينة كان هناك شيء أيضًا من هذا القبيل وبالتالي تزايد السخط بشكل كبير.

حمص أيضًا جمعت بين تسلط مباشر وفظ من قبل المحافظ بالإضافة إلى مشاهدات دائمة ومستمرة لعشرات السنوات لتمييز طائفي وقمع للسكان وتهميش لأحياء على حساب أحياء أخرى بالإضافة وكما ذكرنا في البداية الروايات التي كانت متناقلة دائمًا عن مظالم حصلت في هذا الحي وكيف سحبوا فلانًا وحرقوا ذقن فلان وطوقوا الناس في الصناعة في حمص بدون أي سبب في فترة الثمانينات وكيف ضربوا كل الناس وعنفوهم بشكل كبير جدًا لخلق حالة من الرعب وكيف عندنا في الحي كان عندنا أحد الرؤوس من العوائل وهو رجل له قدره واحترامه وقيمته بين الناس وهو من العوائل الكبرى في الأحياء عندنا وكيف اعتقل وأخذوه ولم يظهر شيء عنه وكان اسمه عباس النجيب وهو شيخ عائلة وكبير عائلة وعندما أخذوه أصبح الكبار في العمر يقولون وأصبح هذا مثلًا ويقولون: ذهب كما ذهب عباس، وعباس الذي كان رغم كل قدره الاجتماعي أُخذ بطريقة واتهم في يومها أنه آوى وهو رجل شعبي وبسيط وحتى إنه ليس من المعارضة السياسية وليس من الإخوان [المسلمين] وعندما اعتقل هو اعتقل بتهمة أنه آوى عناصر من الإخوان أو أخفاهم في تلك الفترة فاختفى ولم يعلم عنه أي خبر. وتراكم هذه الروايات والوضع المشاهد لكل الناس من الظلم والمظالم بالإضافة الى تفجر شيء من الاحتقان قبل الثورة في موضوع المحافظ جعل أهل حمص جاهزين ومهيئين بشكل كامل للثورة، وأنا كنت أقول في بداية الثورة أن حماة إذا لم تخرج فقد وفت ما عليها وقُمعت سابقًا بما يكفيها ولا تتحرك وأنا كنت أقول: إن حمص حتى لو أنها لم تتحرك كان ربما لن يعاتبها أحد من السوريين والمحافظات السورية الأخرى بسبب أن توزيع الأحياء في محافظة حمص وكثرة الموالين والتداخل الحاصل في حمص بشكل كبير جدًا وأحياء بأكملها تحولت الى أحياء شبيحة كانت موجودة في قلب بعض (متداخلة) الأحياء ومحيط حمص الريف أيضًا فيه من القرى التي تحولت فيها نسبة كبيرة من الشبيحة والقرى الموالية ومحيطة بشكل حمص بشكل كامل، وحمص كانت هندستها الاجتماعية والديمغرافية قائمة وكأنك تحس أن هناك من يحسب حسابًا لهذا اليوم وبالتالي لا يوجد حي إلا وحوله أحياء موالية ولا يوجد قرية إلا ومحاطة بقرى والطرقات مقطعة وكانت ببساطة إنه لو لم تقم حمص لكانت معذورة بسبب وضعها الديمغرافي والجغرافي، ولكن هذا السبب ربما أو هذا الاحتقان الموجود لدى أهل حمص بالعكس تمامًا هو فجر الثورة في نفوس الناس.

الانتظار بالنسبة لي كان هو الشيء الذي أذكره في تلك الفترة ونحن وصلنا الى قناعة إنه لا يمكن التغيير ربما عن طريق وجود أشخاص أو تنظيمات سرية أو شخصيات مثقفة ربما يؤسسون لنواة العمل التنظيمي أو الحزبي أو السياسي ضد النظام وهذا الأمر كان تقريبًا لدى الناس يعني بدأوا يفقدون الأمل بهذا الأمر بسبب سنين من القمع المتراكم والمتواصل الذي جعلك لا تثق بأقرب الناس لك ولا تثق بهذا الأمر و"الجدران لها آذان" كان هو سيد المشهد وهذا العنوان كان سيد المشهد والثقة معدومة لدى الناس بهذا الخصوص، ويسر الأمر ولم يكن ربما بحسبان أي أحد يتمنى أن يتغير هذا النظام في يوم من الأيام وأعمال التغيير بسبب كل ما سبق كانت ترافقنا ونحن شباب وعينا وربما جيلنا أيضًا وهذا كله كان تمهيدًا لما حصل والصيحة الأولى، ولكن حتى جيلنا كان له ميزة الجيل الذي وعى وتفتح وعيه على انتشار شيء لم يكن متداولًا سابقًا الذي هو الإنترنت والإنترنت هو الذي مكننا في الألفية الجديدة مكننا من دخول مواقع إنترنت ونبحث ونكتشف ونقرأ شيئًا لم نكن نستطيع قراءته أو نطلع على أمور وفيديوهات ومقاطع ومقالات وشيء لم نكن نستطيع رؤيته أبدًا، وكانت الأمور الورقية صعبة جدًا أن تقرأها أو أحد يقرأ شيئًا ضد النظام رغم أنني قرأت ويوجد بعض الكتب كانت مخبأة بشكل كبير جدًا في منزل جدي وأنا وصلت لها وحتى إنني لم أتجرأ أن أقول لهم: إنني أقرأ من هذه الكتب لأن هذه الكتب كانت جزءًا من كتب خالي الأكبر وتم إتلافها وحرقها خوفًا بعد أن تمت ملاحقته ومداهمة منزلهم أكثر من مرة، ولكن جزءًا من الكتب احتفظوا بها وكانت ملفوفة بعدة أغلفة حتى لا يظهر العنوان لأن العنوان بحد ذاته هو تهمة ربما تجعلك في السجن طوال عمرك يعني كتب لأشخاص ممنوع أن تنتشر على دور النظام وأنا استطعت قراءة جزء منها بطريقة سرية وكنت أقرأ الكتاب وأعيده إلى مكانه وأخفيه كما كان مخفيًا بدون أن ينتبه علي أحد وحتى إنني لا أتجرأ أن أقول لوالدي: إنني سوف أقرأ الكتاب الفلاني لأنه ربما يعنفني ويسألني: كيف وجدت هذا الكتاب؟ وأنت سوف تدهورنا، فأنا كنت صغيرًا وأنا إذا قرأت هذا الكلام فقد أنقله وإذا نقلته فإنه يتم سؤالي: من أين قرأته؟ وهذه مشكلة، ولكن بالمجمل غيري لم يكن قادرًا أن يصل وأغلب الناس لم يكونوا قادرين أن يقرؤوا أي شيء مناهضًا للنظام.

وجيلنا أخذ ميزة أنه تفتح وعيه على أنه قادر أن يدخل شبكة الإنترنت ولم يستطع النظام وحاول بشتى الوسائل أن يؤخر دخول الإنترنت إلى سورية وحاول أن يفرض رقابة عليها، وأنا أتذكر أنه حتى "اللابتوبات" (الحاسوب المحمول) لم تكن منتشرة بين الناس وكان يوجد فقط الكمبيوترات ومقاهي الإنترنت انتشرت في حمص وأنا أذكر عندما كنا نذهب إلى المقهى، وأنا كنت طالب بكالوريا (الثالث الثانوي) كنا نذهب إلى المقهى، وفي المقهى تجد شخصًا أحيانًا يجلس بجانب صاحب المقهى وهذا عنصر أمن ولهذه الدرجة كانوا مرعوبين من الإنترنت، ولكنهم لم يعودوا يستطيعون السيطرة عليك بشكل كامل، وكانوا يمنعون مواقعًا والكثير من المواقع كانت ممنوعة وحتى "الفيسبوك" كان ممنوعًا حتى اندلاع الثورة والكثير من المواقع كانت ممنوعة ولكن التقنية لم تسمح لهم بمراقبة كل شيء ونحن كنا نكسر ونقوم بإنزال (تحميل) "البروكسي" (برنامج لتجاوز حجب المواقع) وندخل إلى الموقع ونتابع، وحتى في تلك الفترة كان يوجد أحداث ما بعد حرب العراق يعني يوجد شيء على مستوى المنطقة يدور بعد حرب العراق وسقوط بغداد عام 2003. وأنا أحد الأشخاص تابعت الأحداث العراقية بشكل مفصل وكان يوجد جزء ممنوع أن تشاهده أو جزء لماذا تشاهد هذه المقاطع وحتى مقاطع المقاومة العراقية، ولكن كنا نستطيع مشاهدتها على مواقع الإنترنت بطريقة من هنا وهناك وكنا نتحايل وأحد أصدقائي أنا أتذكر أننا كنا نذهب كثيرًا، وفي إحدى المرات ذهب لوحده ويبدو أنه شك به صاحب المقهى أنه يشاهد مقاطع المقاومة العراقية وضرب الأمريكان ويدخل إلى مواقع تتحدث عن النظام وأذكر أنه حصلت عليه مشكلة وأنك تدخل الى هكذا مواقع وطلبوا هويته وأنا لم أكن معه في ذلك اليوم، ولكن طلبوا هويته وجاؤوا الى منزله وأجروا عنه دراسة عن فكره وتوجهه وأهله لمجرد أن صاحب المحل قال لهذا المخبر: إن هذا الشخص ربما يدخل إلى مواقع معارضة. ورغم التضييق الأمني، ولكن موضوع الإنترنت لم يستطيعوا السيطرة 100% وبالتالي نحن أصبحنا مختلفين عن الجيل الذي قبلنا ووعينا يزداد ونستطيع أن نرى شيئًا يتم الحديث عنه عن النظام وشيء معارض وأيضًا كان عاملًا مهمًا جدًا برأيي ومقهى الإنترنت الذي فتحته جعلني أقرأ وأطلع على أمور كانت مستحيلة لجيل قبلي لعشرات السنوات أن يستطيع الوصول لها، وهذا ما حصل قبيل أحداث الثورة، وطبعًا وصولًا الى الحدث الأبرز الذي كان في تلك الفترة بعد كل هذه المعطيات والتمهيدات وهو بوعزيزي تونس واندلاع شرارة ثورات الربيع العربي في تونس في أواخر عام 2010 الذي كان هو تحول سوف يصل إلينا في سورية.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/09/16

الموضوع الرئیس

أوضاع ما قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/161-01/

أجرى المقابلة

خليل الدالاتي

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/04/24

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-محافظة حمصمحافظة حمص-مدينة حمص

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

الشهادات المرتبطة