الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

سيرة ذاتية - وسرد مختصر لأهم نقاط التحول في تاريخ سورية

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:20:54:20

بسم الله الرحمن الرحيم، [اسمي] سعيد رشيد الرجيب من مواليد مدينة البوكمال عام 1956 أحمل [الشهادة] الإعدادية العامة، وعملت منذ عام 1975 كخطاط ورسام، وكنت الوحيد في مدينة البوكمال وتقريبًا ما زلت حتى اليوم وأنا أمارس هذه المهنة كمهنة وهواية.

أستجمع من ذاكرتي ما يحضرني ويلبي ويخدم موضوع الحلقة (الشهادة).

عام 1956 هو العام الذي وُلدت فيه، ولكن من الصف الأول الابتدائي [في] عام 1961 دخلت مدرسة المأمون الابتدائية للبنين في البوكمال ومن حسن حظي أن بيتي في البوكمال قريب على مركز المدينة، والمدرسة تقع بين بيتنا وبين المركز التجاري، يعني أنا عندما أذهب إلى المدرسة كل يوم وكل صباح يجب أن أمر في وسط المدينة ومخفر الشرطة والسرايا الحكومي وقهوة البلدية والجامع الكبير وعلى الساحة العامة التي تطل على مدرستي ومنها أتابع مسيرة الحياة ومشاهداتي تكمن في هذا المشوار بين البيت وبين المدرسة.

عام 1961 هو عامل انفصال كما تعلمون جميعًا بين مصر وسورية. والفترة التي سبقت الانفصال هي فترة الوحدة بين مصر وسورية، وأنا لا أستطيع أن أصف ماذا جرى في عام 1958، وأنا طفل في عمر السنتين، ولكن لاحقًا وبعد البحث والتحري عن الموضوع عرفنا الأحداث بتفاصيلها وتسلسلها، ولكنني كنت قريبًا من أهلي وأصدقائي وأعمامي والمحيط الذي حولي الذي كنت أستشف منه ما كان يجري في ذلك الوقت بالإضافة إلى مشاهداتي العينية، وكنت شبه متذكر الاحتفالات المؤيدة لجمال عبد الناصر والوحدة بين مصر وسورية والسيارات التي تطلق أبواقها ويرددون: "ناصر ناصر ناصر ناصر ناصر" وهتاف الناس وأهازيجهم وفرحتهم بجمال عبد الناصر، ويبدو فيما بعد وأنا عرفت أن الفترة التي استلم بها جمال عبد الناصر الحكم وأنشأ الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسورية، وكندا تبرعت للوحدة "للجمهورية العربية المتحدة" بشحنة من الطحين الكندي والسلال الغذائية، وهذا شيء ترك أثرًا بالغًا لدى الجماهير العاطفية، وشعبنا يعشق الوحدة وشعبنا عفوي وقومي بغريزته والفطرة؛ لذلك عندما يجتمع الخير مرة واحدة يكون هناك شيء جميل يخفف ما جرى؛ لأن سورية استقلت عام 1947، وبعد سنة واحدة حصلت مشكلة عام 1948 النكبة الفلسطينية وحرب الـ 56 التي حصلت على قناة السويس حرب العدوان الثلاثي على مصر، وكل هذه الظروف مجتمعة تركت عند العرب، وتركت عند الأمة العربية بأكملها انطباعًا سيئًا وأصبح الميل والاتجاه عاطفيًا نحو القومية العربية، وهكذا ديننا وهكذا تربيتنا وأخلاقنا بغض النظر عن الأحزاب والانتماءات الجانبية.

إذًا الفترة العالقة في الذاكرة فترة الوحدة بين مصر وسورية لا أستطيع أن أشرحها بشكل موسع؛ لأن الذاكرة لا تسعفني تمامًا بعد أكثر من 50 سنة، ولكنني أتذكر دخولي إلى المدرسة عام 1961 وهو زمن الانفصال لأنني أثناء وجودي في الصف أذكر في يوم من الأيام وهو اليوم الذي رافق حدثًا جللًا حصل في البوكمال غيّر المفاهيم العامة وهو مقتل حميد شميط، وهو رجل من البوكمال وكانوا متجمهرين في الساحة العامة مقابل ثكنة الهجانة، وكانت ثكنة الهجانة مركزًا أمنيًا مخيفًا جدًا، ولم تكن توجد إلا "الهجانة" تحكم البلد، وهم يستلمون المنافذ الحدودية والشرطة ووزارة الداخلية ومكتب صغير للمخابرات العسكرية أو ما يسمونه في البوكمال أبو العيس، وكان أبو العيس هو شخص يتجول في البوكمال على الدراجة الهوائية من الشمال إلى الجنوب، ويستجمع المعلومات، ولم يكن للفروع الأمنية أهمية عند شرطة الهجانة الذين كان يقودهم ملازم شرس جدًا ومهيب اسمه الملازم أصلان، وهو يميني من جماعة نور الدين الأتاسي والدكتور يوسف الزعين من البعثيين القدماء وهكذا انتماؤه يعني من بداية الحزب يعني منذ عام 1936 أسسه ميشيل عفلق وهو موجود، ولكن نحن نتكلم عما هو بارز على الساحة.

في عام 1961 بعد مقتل حميد الشميط؛ حيث حصل إطلاق النار في ثكنة الهجانة، وربما كان موجودًا في موقع الاشتباك أو طلقة مرتدة أو شيء من هذا النوع أو هو مقصود وقُتل حميد الشميط فالتهبت مشاعر الناس، وظنوا أن هناك حربًا قائمة، فهرب كل من كان موجودًا في الساحة بالاتجاه الذي كان موجودًا فيه، ونحن عندما خرجنا من المدرسة كطلاب قالوا لنا: على الجميع أن يذهب إلى منزله لأنه توجد مشاكل ونحن خرجنا ولا نعرف القصة، ولكن الذي أتذكره أنني لم أعد أستطيع الذهاب إلى أهلي؛ لأن منزل أهلي في طريق مركز الحدث على طريق مركز الشرطة أو المكان الأمني وخفت كطفل أن يتم اعتقالي، وأردت تغيير الاتجاه فذهبت باتجاه معمل النسيج ونادي البوكمال الرياضي، وأذكر أنني كنت أحمل حقيبتي المدرسية وأضع في جيب الصدرية قلم رصاص ومحاية (ممحاة) وبراية (مبراة) والحمد لله أنها ضاعت على الطريق وأنا أركض مع الراكضين ولا أعرف سبب الركض وعرفت فيما بعد أنه بسبب مقتل حميد الشميط.

عرفنا فيما بعد أن الانفصال قد تم ما بين مصر وسورية وأن هناك مرحلة من الاضطرابات تركت انطباعًا سيئًا في وجوه الناس وفقدانهم للوحدة، وأنا ذكرت أننا شعب عاطفي ترك أثرًا بالغًا في نفوس الجماهير.

مصر بعد انفصال سورية كان هناك مقهى البلدية في قلب البوكمال مقابل الجامع الكبير، وهو مركز البوكمال الرئيسي ويجتمع أهل البوكمال كلهم في تلك النقطة، والجميع يجلسون في مقهى البلدية، وفي مقهى البلدية كان يوجد راديو خشبي قديم وحيد ولا يوجد غيره، والمنازل تفتقر إلى وسائل الاتصال والتلفزيون والراديوهات (مذاييع)، ولم تكن منتشرة في ذلك الوقت، وكان الراديو الموجود في مقهى البلدية هو المركز الوحيد للمعلومات التي يعرف من خلالها الناس ماذا يجري حولهم، وكانت تسيطر عليه إذاعتان في ذلك الوقت: إذاعة لندن من بريطانيا، وإذاعة صوت العرب من القاهرة، وبعد نشرة أخبار إذاعة صوت العرب هناك تعليق سياسي على الأخبار وهناك معلق مختص يوميًا يكون بعد نشرة الأخبار اسمه أحمد سعيد (تعليق أحمد سعيد)، وأحمد سعيد عندما وصلته أخبار مقتل حميد الشميط على يد الانفصاليين أصبح هذا خبرًا عاجلًا لابد أن ينقله للجماهير، وبدأ أحمد سعيد يرتجل ارتجالًا بالتعليق السياسي ويقول: قتلوك يا ابن شميط. وأهل البوكمال عندما كانوا يستقبلون هذا الخبر شعروا بالنشوة والعزة والبوكمال معروفة على مستوى عالمي وهذه أيضًا من اللحظات المؤثرة التي أتذكرها.

سوف أذهب إلى مرحلة [التسينات]، عام 1963 استولى البعثيون بشكل رسمي في ثورة آذار الخبيثة وبدأت معاناة السوريين منذ ذلك اليوم، وأنا بعقلي أقول: إن مأساة السوريين أكملها حافظ الأسد، والمأساة بدأت منذ عام 1963 منذ ولادة الحزب (حزب البعث)؛ لأن الحزب أدخل علينا جسمًا مرفوضًا لا نستطيع أن نتفاهم معه، ولم يقدم لنا شيئًا إلا شعارات: "أمة عربية واحدة" فازددنا فرقة ورسالة خالدة فأصبحنا ألف رسالة ووحدة لم تتحقق وحرية لم نرها إلا مكتوبة على الجدران، واشتراكية لم نلمس منها شيئًا إذ أدخلتنا في دوامة من عتمة التاريخ وحقبة تركت آثارها السيئة تباعًا.

بعد عام 1963 نظم البعثيون أنفسهم، وحدثت نكسة خمس حزيران 1967 وهذا تغيير مفصلي في حياة السوريين جميعًا وحياة العرب وبعد نكسة 1967 تغيرت المفاهيم وأصبح العطش وأصبحت هناك حرب أراض اغتُصبت والناس تهجروا ومدن فقد أهلها السيطرة عليها وهُجروا، ووقعنا في مصيبة نزوح ومأساة وطن.

أنا أستطيع أن أجزم وعن قناعة أن أهل البوكمال استقبلوا ثورة آذار/ مارس ثورة البعث المشؤوم بالإحباط وعدم التقبل؛ لأنها سلبت منهم بهجة الوحدة وأصبحت منافسًا لأحلامهم الجميلة التي عاشوها أثناء الوحدة وطمسها حزب البعث؛ لذلك كان مرفوضًا وجسمًا شاذًا لم يقبله إلا سفهاء القوم الذين انتسبوا إليه وشذاذ الآفاق المنتفعون والمتسلقون وعديمو الثقافة [الذين] دخلوا إلى الحزب، وبمجرد انتسابك إلى الحزب أعطاك سلطة وهيبة وحياة لم تكن تحلم بها، وهذا أيضًا نكسة أخرى مشى عليها البعث حتى عام 1967 المرحلة القاتمة ونكسة 5 حزيران/ يونيو وهذه من تبعات نكسة حزيران/ يونيو ومن توابع ثورة 8 آذار/ مارس ومن ثمار ثورة آذار/ مارس التي قطفها الناس وضحّوا بأبنائهم، وما يزال حتى الآن يوجد أشخاص، وشبابنا كلهم اختفوا أثناء الحروب، وأهل البوكمال كجزء من سورية أبناؤهم موجودون ويخدمون [الخدمة] العسكرية في كل القطع العسكرية وعلى جبهات الكتائب، وانقطعت أخبارهم ولم يعودوا يعرفون عنهم شيئًا، وما زال الكثير منهم مجهولين حتى هذا اليوم، وهذا ترك غصة لدى البشر وذهبت الأرض وذهبت الأرواح والضحايا، ولا تستطيع أن تسأل عن الشهيد عن ابنك إذا كان شهيدًا أو على قيد الحياة أو موجودًا في أي قطعة عسكرية، وكانوا مطبقين يعني حالة عسكرية وحكمًا عسكريًا غير مفهوم للناس مما زادهم نفورًا وابتعد الناس عنهم، واستمر هذا الحال والناس صابرون والناس لابد أن يتماشوا، وكما ذكرت أن شعبنا بطبيعته عفوي وطيب وكريم ويميل إلى العزة والكرامة والتحرر، ولكن عندما يقع تحت سلطة أقوى منه فعليه أن يحتسب إلى الله ويوكل أمره إليه.

أهل البوكمال كانوا يشعرون بنوع من العزة لأن رئيس الوزراء في ذلك الوقت كان الدكتور يوسف الزعين، وهو من أهالي البوكمال، وكانت مجموعة من محافظة دير الزور: اللواء ناجي جميل وكان محمد عيد عشاوي ومجموعتهم العسكرية، وكان حافظ الأسد في ذلك الزمان وزيرًا للدفاع.

المؤامرة جذورها عميقة وقديمة في سورية، والمؤامرة التي قام بها حافظ الأسد وصنع الحركة التصحيحية بعد أن كان وزيرًا للدفاع، وانقلب على رفاقه الموجودين معه في الحكم، وأصبحت القيادة القطرية المؤقتة، واستلم أحمد الخطيب المجلس لثمانية شهور ومنها استلم وأطبق حافظ الأسد سيطرته على الحركة التصحيحية، وأصبح رئيسًا للجمهورية منذ ذلك الوقت، وكل ما عداه لم يكن له لأنه صفّى خصومه، واستولى بقبضة فولاذية على كل مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأصبح هو القائد الفعلي لسورية، وأنا أتذكر أنني كنت في البوكمال وكنت في المدرسة الثانوية في مدرسة فايز منصور عندما وصلتنا أخبار أنه أصبحت توجد حركة تصحيحية في سورية وأنه انقلب نظام الحكم، وأكثر الكادر الإداري من البعثيين اليمينيين من المنتسبين للحزب القديم، وعندما جاء حافظ الأسد فهذا يعتبر تعديًا عليهم ومنهم من والاه ومنهم من بقي ولم يتغير وبقي على مبدئه القديم وعلى جماعته وانتمائه.

الذين تبدلوا مع الحكم الجديد أخذوا مراكز قيادية وأكملوا مسيرتهم وكانوا مهمشين، وأما الأصلاء الذين رفضوا الحركة التصحيحية هم بعثيون، ولكن قدموا استقالتهم من وزارة التربية وأكثرهم من المعلمين والموظفين وتوجه أكثرهم إلى الخليج وأكملوا تعليمهم هناك وتوظفوا، وما زال بعضهم يعيش حتى اليوم في الخليج ولم يتعرض لهم أحد؛ لأنهم تركوا سورية مثل العقول الكثيرة التي هاجرت أثناء فترة الملاحقات التي قام بها نظام حافظ الأسد.

كما أسلفت لكم [ما] بعد الحركة التصحيحية ليست مثل مرحلة الستينات وهنا النظام اعتمد نظام حكم حافظ الأسد المشؤوم يرتكز أمنيًا... يعني في سورية معروف أن العامل البسيط في الشارع يعرف أن هناك 17 أو 18 مركزًا أمنيًا، ويطبقون السيطرة على مفاصل سورية جميعها وإذًا بما أن البوكمال منطقة حدودية فقد تم إنشاء فرع للمخابرات العسكرية وفرع أمن دولة؛ لأن الكثير من المؤيدين للحكومة السابقة بدؤوا يدخلون ويخرجون إلى العراق وهذا أمن دولة ولا يستهين بها حافظ الأسد فأنشأ مركزًا لأمن الدولة، وقام أمن الدولة بإجراء إحصائيات لجميع المثقفين في البوكمال ومنهم من يوالي العراق ومنهم موجود في العراق وأصبح شغله الشاغل أمن الدولة والناس الذين يتسربون ويذهبون إلى العراق أو خارج العراق بمعنى أشمل ومنها فرع الأمن العسكري، ولاحقًا تم افتتاح فرع القوى الجوية الأمن الجوي.

في البوكمال كان الحزب هو الحاكم في سورية أثناء حكم حافظ الأسد وحزب البعث هو الحاكم والباقي جميعهم مهمشون؛ لأنه هو قائد الدولة وجميع الأفرع الأمنية والدوائر الرسمية تصب في شعبة الحزب الذي هو صاحب القرار الذي يرتبط بأمانة فرع بمحافظة دير الزور، وهم أصحاب القرار لذلك كان [الشخص] الحزبي وهنا أنشؤوا الفصائل الموالية يعني العضو العامل والفصائل ومنها مسلحة ومنها فصائل عاملة لصالح الحزب، وهم أقوى سلطة من الأفرع الأمنية، وهم خرجوا من وسط الشعب تحت شعار: "عمال وفلاحين وكادحين" واستطاعوا أن يتغلغلوا في وسط الناس ويلقون بقبضتهم الحديدية والمتتبع لهذا يرى الصورة بوضوح. إذًا هو حكم قمعي ومخابراتي، سواء عن طريق البعثيين الأمنيين أو عن طريق المخبرين، أو عن طريق الأفرع الأمنية، وهكذا استمرت الناس مع حكومة حافظ الأسد.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/07/23

الموضوع الرئیس

سيرة ذاتيةأوضاع ما قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/139-01/

أجرى المقابلة

همام زعزوع

مكان المقابلة

الباب

التصنيف

مدني

المجال الزمني

1956 - 1970

updatedAt

2024/08/12

المنطقة الجغرافية

عموم سورية-عموم سوريةمحافظة دير الزور-مدينة البوكمال

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

فرع الأمن العسكري في البوكمال

فرع الأمن العسكري في البوكمال

القيادة القطرية لحزب البعث

القيادة القطرية لحزب البعث

ثكنة الهجانة - البوكمال - نظام

ثكنة الهجانة - البوكمال - نظام

فرع المخابرات الجوية في البوكمال

فرع المخابرات الجوية في البوكمال

فرع أمن الدولة في البوكمال

فرع أمن الدولة في البوكمال

الشهادات المرتبطة