الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

معتقلو الـ 11 شهر وموت حافظ الأسد وتوريث الحكم

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:06:11

قبل سفري إلى الكويت كان هناك غزو العراق للكويت في عام 1990، وأنا سافرت في عام 1991، وفي عام 1991 في شهر فبراير/ شباط تم تحرير الكويت من العراق وحدثت نكسة كبيرة، وهنا أريد العودة إلى خلفية صغيرة وهي أنه لماذا...؟ وهنا اسمحوا لي أن أستذكر ذاكرة صغيرة، فصعب على الإنسان أن يسترجع الذاكرة باليوم والتفاصيل الدقيقة إن لم تكن مرتبطة بما قبلها، وما قبلها وكل الذي جرى علينا كان من ثمرات "الحركة التصحيحية" التي قام بها حافظ الأسد والانتكاسات الخطيرة التي تركت الشعب السوري يتخبط بحاجة اقتصادية وضائقة ومعاناة ومأساة جعلتنا لم نعد نعرف أين الطريق، وتكلل هذا العمل في عام 1990، وظهرت المؤشرات الحقيقية لانطباع السوريين وأهالي البوكمال الذين أتكلم عنهم وأنا منهم وعلى مقربة منهم، وذهبت إلى الكويت في عام 1991، وما زالت آثار الحرب الأمريكية العراقية على الأرض من آبار نفط مشتعلة ومن معدات عسكرية، وكانت حربًا حقيقية، وأنا أعمل خطاطًا ورسامًا، واستقريت في الكويت، وبحسب مهنتي اختلطت مع الكثير من التيارات السياسية وبقايا الفلسطينيين والأردنيين والمصريين والتيارات الإسلامية والعلمانية ومنهم الخليجيون، واستطعت أن أستشف منهم انطباعهم عن الموقف السوري الذي وقف مع العراق وربطته بالفترة التي ضُربت فيها أمريكا العراق، ونحن كنا في البوكمال وقبل أن أذهب إلى الكويت، وكانت القوة الضاربة للعراق موجودة غرب العراق على مقربة من الحدود السورية، ولم نحس نحن أهالي البوكمال والقرى المحيطة بها إلا والسماء تشتعل مرة واحدة من القصف والمضادات الأرضية العراقية والقصف الجوي الأمريكي الذي انهال فحوّل الليل إلى نهار، والناس لم يعتادوا على هذا المنظر الحربي فمشوا بدون وعي وبدون إدراك، وبدأ التكبير وبدأت حالات الذهول والخوف والصراخ لمعرفة ما يجري، وخلال هذه العملية فإن أهل البوكمال بعفويتهم مع العراق وبانتمائهم وفطرتهم. وخرج أهل المدينة وشبابها في مظاهرات عفوية ضد النظام السوري؛ لأنه كان يقف ضد العراق، ووقف النظام السوري مع التحالف ضد العراق فكان هذا، وهنا عندما رأى الجموع ذاهبة من المظاهرات في شوارع المدينة والتكبير والموالاة للعراق جعل الأجهزة الأمنية الموجودة في البوكمال تصمت بدون أي كلمة؛ لأنه لا أحد منهم يجرؤ [على] أن يظهر؛ لأن هذا شعب، وعندما استقرت الأمور في اليوم الثاني والثالث وعرف الناس أن هذا رد فعل اشتغلت الأجهزة الأمنية الموجودة في البوكمال لتسحب بحسب الصور والشهادات المخبرين والمندسين، استطاعوا أن يحصلوا على مئات الشباب ويعتقلونهم ويأخذونهم إلى دير الزور وسموهم "معتقلو الـ 11 شهر".

إذًا في هذه الفترة في عام 1991 أنا ذهبت إلى الكويت كما أسلفت لكم قبل قليل وبقيت حتى عام 1999 ثم عدت إلى سورية، ومرت أحداث على الوطن وأنا لم أكن في البوكمال؛ حتى أعطي انطباعًا عما رأيته؛ لأنني كنت خارج البوكمال، ولكن عند رجوعي إلى السعودية في العام 2000 وكنت على الحدود اليمنية في جنوب السعودية مات حافظ الأسد المقبور، وهنا السوريون والعمالة السورية والموظفون السوريون منتشرون في جميع أقطار الدنيا والجالية السورية الموجودة في السعودية في كل مدينة وكل مكان؛ لأن السوريين أصحاب وظائف وأصحاب كفاءات ومهن ومنتشرون في كل مكان.

في كل مدينة من المدن الخليجية أو الأوروبية أو المحيطة هناك تجمعات للسوريين يعني سوريون تجمعهم روابط أو شيء من هذا القبيل يجعلهم على مقربة من بعضهم بغض النظر عن المدينة، يعني سوري ويكفي، والسوريون المتواجدون في السعودية في المدينة التي أنا فيها مدينة النماص في جنوب السعودية عندما تلقينا نبأ موت حافظ الأسد تشاور الجميع بسرعة لإقامة خيمة عزاء أسوة بباقي المدن في كل مكان وتم إنشاء خيام عزاء للنفاق والدجل ولا أحد منهم يعرف حافظ الأسد، ولكن إذا لم يأت إلى خيمة العزاء فإنه يُشار إليه بالبنان؛ لأن أجهزة المخابرات تعمل، وأنا يجب أن أثبت وجودي أو يقولون: إن فلانًا لم يأت ومات الرئيس ولم يحضر وسوف يأتيني بلاء بسبب هذا الشيء.

إذًا فُتح العزاء لمدة ثلاثة أيام في خيمة كبيرة، ويأتي السعوديون الأكثر نفاقًا والمتواجدون من باقي الجاليات العربية حتى يعزوا السوريين بوفاة "الزعيم" وهكذا انتهت هذه المأساة. 

في عام 2000 على ما أعتقد أنا بقيت في السعودية من عام 2000 حتى عام 2005، وفي عام 2000 استلم بشار الأسد رئيسًا لسورية بدلًا عن والده وهذه هي النكسة الثانية، وقام مجلس الشعب بتنقيص العمر وجعلوه مؤهلًا حتى يصبح رئيس سورية فوضعوه رئيس جمهورية ورفعوه من رتبة رائد إلى فريق، [أي كانت] لعبة سياسية كبرى وهذه هي الفوضى السياسية والاقتصادية. 

أنا غبت لمدة خمس سنوات، ولا أعرف التفاصيل، ولكنني عدت في عام 2005  أو 2006 إلى البوكمال ووجدت الحياة مختلفة والوجوه مختلفة ومعاناة الناس وكانوا ينتظرون من بشار الأسد الإصلاح والازدهار الاقتصادي، وإذا بالحلقات الاقتصادية تتراجع إلى الوراء خطوات أكثر من سابقتها وانتشر الفساد الإداري ولم تعد تعرف في سورية ما هو مذهبك وتوجهك وانتماؤك.

في عام 2006 أنا فتحت محل خطاط ورسام في مدينة البوكمال، وبقيت أعمل وأكسب رزقي، وأنا لست سياسيًا، ولم يسبق لي أن انتسبت إلى أي فرع من فروع الحزب، وأنا رزقي من مهنتي.

أذكر في عام 2006 عندما وقعت الحملة الإسرائيلية على لبنان وبدأ القصف الجوي كان هناك مثل باقي البلدان السورية والعربية كان من أهل البوكمال قسم من الشباب وقعوا ضحايا وكانوا موجودين أثناء الغزو، وهذا جعل أهل البوكمال يتعاطفون معهم ويضيفون (أهل البوكمال) إلى سلسلة المآسي التي مرت بهذه المرحلة من التاريخ.

في عام 2006 وبالتوازي مع الحرب اللبنانية التي وقعت على لبنان من قبل إسرائيل فوجئ الناس في صباح عيد الأضحى المبارك باستشهاد القائد صدام حسين رمز العراق والرمز العربي الخالد -رحمه الله تعالى- وجعل العقليات العربية جميعها تتجه من أصقاع الدنيا إلى هذا المصاب الجلل الذي ترك شرخًا كبيرًا في النفسيات والعقول وهدد الكرامة العربية وهدد المفاهيم واشتعلت النقمة على جميع الحكام العرب الذين تواطؤوا وبدأنا نعيش عصر المؤامرات والتحالفات والتواطؤ من الأنظمة العربية قاطبة، وأوصل العرب إلى المزيد من النكسات، وهذا أكيد (حتمًا) ترك انطباعًا ليس فقط في مدينة البوكمال وإنما في أقصى الصحاري وفي أبعد القرى وفي أي مكان، والجميع عانى من هذه الأوضاع السيئة.

من الطبيعي أن صدام حسين لم يكن رجلًا عاديًا بالنسبة لأهالي البوكمال، والبوكمال تفتخر أنها هي المدينة التي احتضنت صدام حسين عندما تم اغتيال عبد الكريم قاسم في العراق على يد صدام حسين ورفاقه ولجأ إلى البوكمال واحتضنته البوكمال وتمت معالجته هناك، وعندما شُفي أكمل طريقه إلى دمشق والقاهرة ثم احتفظ بهذا الوفاء لأهالي البوكمال، وهو الذي أطلق عليهم اسم مدينة: "الله أكبر" تعبيرًا وهي مدينة الله أكبر نسبة إلى معركة وهي أول معركة يدخلها خالد بن الوليد بالفتوحات الإسلامية عندما جاء إلى سورية لفتح سورية ووقعت في البوكمال في الحسيان واسم الموقعة: "الله أكبر"، وأعاد التاريخ نفسه حتى يطلق صدام حسين على البوكمال بعد اشتعال الثورة "مدينة الله أكبر".

أريد تجاوز الكثير من التفاصيل و[أن] أذهب إلى الثورة السورية المباركة.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/07/27

الموضوع الرئیس

أوضاع ما قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/139-03/

أجرى المقابلة

همام زعزوع

مكان المقابلة

الباب

التصنيف

مدني

المجال الزمني

1991 - 2011

updatedAt

2024/08/12

المنطقة الجغرافية

محافظة دير الزور-منطقة البوكمالمحافظة دير الزور-مدينة البوكمال

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

مجلس الشعب - نظام

مجلس الشعب - نظام

الشهادات المرتبطة