الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

النزوح إلى العراق وتفاصيل تنظيم سجلات اللاجئين السوريين

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:22:45:18

مع بداية الأشهر الأولى للثورة شعرت وأنا موجود في البوكمال أن الحياة سوف تأخذ منحى آخر تصاعديًا وأن الناس بدؤوا يتذمرون بسبب الحملات الأمنية التي بدأت تطارد الشباب في الحارات وضمن المباني السكنية المليئة بالأطفال والعائلات، مما ترك رد فعل قوي عند الناس وخاصة الجميع يعرفون سطوة وبطش النظام، وهذا النظام رهيب وآلته الأمنية لا يستهان بها، و[هم] مدججون بكل أنواع الأسلحة، ولا يمتلكون رحمة ولا شفقة وأي مضايقة لهم فإنهم يتحشدون بالعشرات مع سياراتهم ويبدؤون بإطلاق النار بشكل عشوائي على كافة الاتجاهات، وأنا وجدت شخصيًا وأنا كما أسلفت لكم أنا مهنتي في الحياة طبيعية وفي العائلة [حياتي] اعتيادية، وأنا لم أكن ثوريًا نظرًا لكبر سني في هذا الوقت وعدم انتمائي، ولا يوجد عندي فكرة أحزاب وأنا ابن سورية وابن الوطن، وأحسست أن الوطن أصابه شيء غير مريح بالنسبة لي فخطر على بالي أن أذهب إلى العراق كلاجئ، والعراق كما يعرف الجميع أنها محاذية للبوكمال مدينة القائم امتداد للبوكمال، ولا توجد إلا مسافة 3 كلم بين البلدين فقررت الرحيل إلى العراق كلاجئ، وكان ذلك في 27 تموز/ يوليو 2011 ووصلت إلى الحدود العراقية إلى نقطة السيطرة العراقية إلى الباب الرئيسي حوالي الساعة 10:00 صباحًا، وألقيت السلام عليهم فردوا السلام وسألوني عن طلباتي، فقلت لهم: أنا لاجئ من البوكمال وأنا من أهالي البوكمال وأريد اللجوء إلى العراق وأتمنى أن تفتحوا لنا طريقًا وتسهلون الدخول. فقال لي: أهلًا وسهلًا بإخوتنا السوريين أهلنا وأقاربنا. وسألني: هل هناك أحد خلفك؟ فقلت له: يبدو أن الناس يستعدون ويوضبون أمتعتهم ويبدو أنهم مستعدون للنزوح وأعتقد أنه هناك نزوحًا يلي هذه الشرارة، فرحب بي الرجل وأدخلني وأجرى اتصالات مع المسؤولين الأمنيين وقيادة المنطقة في الحصيبة فقالوا: دعوه يدخل إلى صالة الجوازات وهي محاذية لمركز السيطرة الحدودي وحملوني بواسطة سيارة عسكرية، ودخلت فاستقبلوني، وأنا أعرف أنهم عراقيون فقط لا غير، ولكن لا أعرف هذا فلان وهذا فلان ومنهم مدنيون ومنهم عسكريون، ولم أستطع التمييز إلا إذا رأيت رتبة عسكرية عقيد أو عميد، ولكن لا أعرف هو من أي تصنيف، ولكن وجدت أن الجميع يرحبون ويقولون: أهلًا بإخوتنا وأعمامنا أهلًا وسهلًا بالسوريين أهلنا وامتدادنا.

بعد أن جلست وضيفوني الماء البارد والسجائر أجروا اتصالاتهم ويبدو أنهم اتصلوا مع القيادات التابعة لهم [وأخبروهم] أن السوريين .. وأول شخص سوري جاء ودخل إلى العراق كلاجئ ويجب أن تتخذوا الإجراءات اللازمة لأنه ذكر أن خلفه أشخاصًا سوف يلحقون به.

أنا لا أعرف ما هو رد الجهة المقابلة التي تتلقى اتصالات المعنيين بالجوازات، ولكنني أحسست أنه بعد حوالي نصف ساعة بدأت باصات النقل الطويلة تقف أمام مركز الجوازات وخطر على بالي أنه قد يكون تحسبًا لمواجه من النازحين، وحتى يستعدوا وكما نعلم فإن شهر تموز/ يوليو يكون فيه الطقس حارًا يعني تخفيفًا للناس وتسهيلًا لأمرهم.

حوالي الساعة 12:00 اكتمل العدد في الباص يعني أعتقد أن الباص يحمل 80 راكبًا، وأعتقد بعد ساعتين وصل عدد الواصلين مثلي إلى حوالي 80 شخصًا، وهم كانوا ينتظرون حتى يمتلئ الباص حتى ينقلونا إلى مكان داخل العراق نحن لا نعرفه، ولكن عرفنا فيما بعد عند اكتمال العدد في الباص وتحرك بنا ودخلنا إلى مدينة القائم وخرجنا من مدينة القائم.

العراق لم يطلب منا أي شيء وإنما طلبوا منا على الطاولة كتابة أسمائنا؛ لأنه بما أننا دخلنا وسوف نذهب برعايتهم فإن الإجراءات تأتي فيما بعد والأمر بيننا وبين العراق [أن] الجميع معروفون يعني فقط تقول له: أنا عانى أو راوي أو كبيسي أو دليمي فأنت معروف، حتى لو لم تكتب اسمك وهذا غير مهم، ولكن نحن بالتأكيد أخذنا الإجراءات وملأنا الاستمارات والبيانات الكاملة وهذا فيما بعد

انطلق بنا الباص الأول إلى قرية السلمان وعشيرة البو محل وطبعًا البو محل والسلمان هم أقدم عشيرتين موجودتين وهم أهل المنطقة أهل منطقة القائم الأساسيون، فدخلنا إلى مدرسة في قرية جريجب وهي تبعد حوالي تقريبًا 15 كيلو متر عن مدينة القائم باتجاه عانة، وعندما نزلنا في المدرسة فوجئنا أنه بدأ يتوافد علينا العسكريون والمدنيون ورجال القبائل والعشائر والجميع يرحبون وبدؤوا يسألوننا: هل تحتاجون إلى شيء؟ وقدموا لنا البطانيات والغذاء وجهزوا لنا الغداء، وقدموا لنا قوالب الثلج وبرادات الماء وبدؤوا يهتمون بنا أكثر، ونحن كان عددنا حوالي 100 شخص ونزلنا في مدرسة، وفي ذلك الوقت كانت المدارس مغلقة بسبب العطلة الصيفية، وهم كان تخطيطهم أن يضعونا مؤقتًا في المدرسة حتى يجدوا الحل التالي.

عندما دخلنا إلى المدرسة وطبعًا من لديه أطفال ونساء بدأ يأخذ غرفًا داخل المدرسة، وأما الشباب بقوا في الممرات وفي الأماكن المكشوفة داخل المدرسة.

عند العصر جاءتنا قدور الطعام والذبائح وبدؤوا يكرموننا بشكل غريب والعراق كرماء وهم عشائر ونحن أبناء عمهم ونحن نازحون، ولم يكن يخطر على بال العراق أبدًا أن يلجأ السوريون في يوم من الأيام إلى العراق، ولا نحن السوريون كان يخطر على بالنا أن نتعرض للجوء في يوم من الأيام يعني الأمر غريب، ولكن هذا ما حصل.

تركونا حتى انتهينا من الغداء وارتحنا، وبدأ يأتي إلينا المسؤولون من المنطقة وعلى رأسهم قائم مقام، القائم أخونا فرحان والسلطات الأمنية من عسكريين ومدنيين وبدؤوا يسألون: ما الذي جرى لكم؟ من باب التعارف وقالوا: ارتاحوا بسلام وغدًا سوف تبدأ الإجراءات. 

في فترة المغرب فرزوا لنا حماية عسكرية وسيارات مسلحة من الجيش العراقي وأحاطت بالمدرسة من كل جانب.

وهذا هو النزوح الأول والنزوح فيما بعد الناس كانوا يهربون ليلًا والظروف كانت مختلفة، ويوجد قصف والناس كانوا يختارون الليل حتى يهربوا، ولكن في نزوحنا الأول وعندما يأتي الليل فلا أحد يخرج من المنزل بسبب الخوف من ملاحقة الأمن والنزوح كان كله بالنهار على الضوء وهذا ما حصل معنا.

أنا في الليلة الأولى فكرت أنه أصبح يوجد 100 شخص موجودين هنا وغدًا الله أعلم وقد يصبح العدد 500 شخص أو 1000 شخص والبلد متجهة إلى نزوح فخطر على بالي وفكرت: ماذا يمكنني أن أفعل؟ وما هو دوري؟ فخطر على بالي أنني خطاط ورسام ومهنتي هي الخط فخطر على بالي أن أقوم بتسجيل القادمين النازحين ولم تكن توجد منظمات أو مؤسسة محلية أو عالمية ولا أحد حتى يستطيع الدخول إلينا إلى المدرسة ونحن في حماية أمنية فخطر على بالي تسجيل عدد العائلات الموجودة عندنا يعني عدد الأطفال والحالات المرضية والإعاقة وأعمارهم، سجلتهم على دفاتر طلبتها من الجيش، أوراق بيضاء ودفاتر وبدأت أسجل، وأنا أعرف أهل البلد وأنا ابن البلد وبدأت الأعداد تزداد فامتلأت مدرستنا مدرسة جريجب وامتلأ الملحق التابع لها، ووصل العدد في اليوم الثاني إلى 300 شخص تقريبًا، وأنا كنت ألاحق القادمين الجدد وباقي النازحين السوريين ذهبوا إلى مدارس أخرى ومستوصفات ومراكز طبية مغلقة والمعاهد التابعة لوزارة التربية المغلقة التي لا يوجد فيها طلاب بسبب العطلة السنوية، وعندما رأوا أن خطي جيدًا وترتيبي لطريقة التسجيل فهذا يفيدهم كثيرًا ويخفف عليهم فأصبحوا يطلبون مني تسجيل أسماء النازحين في المدارس الأخرى، هكذا طلبت مني الأجهزة الأمنية والمسؤولون عن المدرسة، وهكذا فعلت، وبدأت أسجل جميع الوافدين الذين يأتون كل يوم وأحتفظ بها وأوثقها.

في اليوم الثاني كانت السلطات الأمنية ومسؤولو منطقة القائم اتصلوا بوزارة الهجرة في بغداد وهي المعنية بأمور اللاجئين وقالوا لهم: إن اللاجئين السوريين بدؤوا يتوافدون من البوكمال وأعطوهم علمًا بذلك، فأرسل الوزير الدكتور الأستاذ عبد السلام الجنابي وهو رجل طيب ومباشرة عندما جاء الدكتور عبد السلام الجنابي اجتمع مع الأمنيين والمسؤولين وأهل البلدية وجميع الجهات المختصة والعاملين في منطقة القائم، واجتمعوا في قائم مقامية القائم بجانب مستشفى القائم العام، وأنا كنت من بين الحضور ومعي عدة أشخاص، والدكتور عبد السلام الجنابي شكل خلية أزمة، وأنا كنت موجودًا ومعي ثلاثة أشخاص من الرجال وامرأتان من فريق اللاجئين السوريين وما تبقى هم من الجهات الأمنية والجيش وبلدية القائم والمركز الفلاني والمقاولين والمهندسين.

طلب [الدكتور عبد السلام] من خلية الأزمة إنشاء مخيم لإيواء اللاجئين وبناء الخيام بشكل عاجل ومباشرة بدأ المتعهدون بالعمل وأحضروا صهاريج المياه وجاءتهم الخيام من بغداد أو الرمادي أو الموصل ومن كل مكان في العراق، وبدأ العمل ببناء مخيم متكامل بشوارعه والبنية التحتية وخزانات المياه والمدارس والمستوصف، وبدأ العمل أثناء وجودنا في المدارس، وبدأ العمل بإنشاء المخيم الأول في مدينة جريجب للاجئين السوريين.

خلال أسبوع أو 10 أيام وخلال هذا الوقت العشائر العراقية تعرف أن الذين جاؤوا هم من أقاربهم ونحن لدينا امتداد ومصاهرة ونسب وعلاقاتنا وثيقة مع العراق، وكانوا يرفضون أن نكون لاجئين و[يقولون بأننا] ضيوف عندهم ضيوف لدى العراق، وهذه النقطة ضرتنا كلاجئين على السياقات الدولية والمعايير والمجتمعات المدنية أو ما يخص اللاجئين.

عندما اكتمل عدد لا بأس به أنا أحد الأشخاص أنا أصبح عندي… ولن أذكر الرقم حتى بداية دخولنا إلى المخيم إلى مخيم جريجب بعد أن اكتمل بحوالي عشرة أيام ونحن انتقلنا من المدارس والمستوصفات، وجمعوا جميع النازحين الموجودين السوريين من المناطق المتناثرة هنا وهناك، وأخذونا إلى افتتاح المخيم رسميًا وحضر الافتتاح الوزير والمسؤولون ووفود من بغداد وعلماء العراق بالإضافة إلى الإعلاميين ووكالات الأنباء العالمية. 

أنا جمعت [سجلات] العدد الموجود عندي وكان 9300 شخص، يعني العائلة المكونة من سبعة أشخاص أو ستة أشخاص أنا أكتب ستة أشخاص وهكذا أكتب، وأسجلهم بالرقم والعدد، وكان العدد 9300 شخصًا.

نحن عندما دخلنا إلى المخيم تم تقسيم المخيم إلى قطاعات: قطاع ألف وقطاع باء وقطاع جيم وهكذا، وكل قطاع يحتوي تقريبًا على 30 خيمة ويفصل بين القطاع والآخر يعني مثلًا: القطاع الأول يوجد فيه ثلاثة مسارات من الخيم، ويفصل بينها شارعان وينتهي الشارعان بدورات مياه عامة بجانب بعضها ومرافق صحية متكاملة، وقسم خاص للرجال وقسم خاص للنساء وخزانات مياه للشرب، وقاموا بتوزيع بدونات (عبوات بلاستيكية) الماء وكل الأمور تمشي على ما يرام. وقاموا بإيصال الكهرباء إلى كل خيمة بالإضافة إلى مكيف غاز للتبريد والتهوية إلى كل خيمة، وبدأت الوفود الإغاثية من كل أنحاء العراق تأتي إلى المخيم حتى من السيستاني (المرجعية العراقية في كربلاء والنجف) بغض النظر إذا كنت سنيًا أو شيعيًا، وجاء علماء الموصل وعلماء بغداد والعشائر العراقية والبحوث الطبية، وقدموا لنا المعونات والإغاثة بالإضافة إلى الدفعات النقدية، وأكرمونا بشكل كبير جدًا بالإضافة إلى أننا واقعين في منطقة البو محل، والبو محل هم شيوخ عشائر وهي عشيرة تستطيع تمويل بلد وليس فقط 1000 أو 2000 شخص وهم كرماء وعشيرة البو محل معروفة بالإضافة إلى عشيرة السلمان.

هنا يوجد مفارقة عجيبة أنه عندما بدأت تأتي الأجهزة الأمنية.. وحتى الآن الإحصائيات بدائية ومحلية وكلها عن طريق...، ولا توجد مؤسسة رسمية أو محلية ولم تأت جهة رسمية حتى تأخذ الإحصائيات؛ لأنهم يعرفون أنني أقوم بهذا الأمر وأنا بالنسبة لهم مصداقية واستمراري معهم واحتكاكي معهم أعطاني مصداقية وبناء ثقة، ورأوا أن خطي واضح والمعلومات التي أقدمها كاملة وأنا أخرجتهم من حرج كبير، وساهمت معهم وتعاونت بشكل جيد جدًا. 

هنا جاءتني أول منظمة رسمية تعنى باللاجئين اسمها "إسلامك ريليف" (منظمة الإغاثة الإسلامية) يعني الإغاثة الإسلامية، وهي منظمة عالمية تتبع للاجئين وهي قريبة جدًا من الأمم المتحدة وطلبت العمل على إحصاء اللاجئين.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/08/02

الموضوع الرئیس

التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسدالنزوح من سورية

كود الشهادة

SMI/OH/139-05/

أجرى المقابلة

همام زعزوع

مكان المقابلة

الباب

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2011

updatedAt

2024/08/12

المنطقة الجغرافية

محافظة دير الزور-مدينة البوكمال

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العراقي

الجيش العراقي

منظمة الإغاثة الإسلامية

منظمة الإغاثة الإسلامية

وزارة الهجرة العراقية

وزارة الهجرة العراقية

الشهادات المرتبطة