الربيع العربي والإرهاصات الأولى للثورة السورية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:18:10:23
إرهاصات الثورة مرتبطة بالربيع العربي بشكل كامل، وهذا الأمر عاشته المنطقة، بالنسبة لما حصل كحركة تحركت بها الشعوب، كانت مفاجِئةً، ولكن من خلال مشاهدة ومتابعة المشهد العربي كحكومات وأنظمة أمر متوقع تمامًا؛ لأنَّ فترة الـ 40 سنة التي كانت فترة استقرار الأنظمة العربية، كانت في نفس الوقت فترة عدم استقرار للشعوب.
كانت الأمور تسير في اتجاه غير معروف، والمعيشة صعبة، والحياة صعبة، واقتصاديًّا وسياسيًّا الأمور نحو الأسوأ، الوطن العربي كان وطن ميت بمعنى الكلمة، وكان كل مفكر أو إنسان مثقف ولديه فائدة للمجتمع ولا يستطيع أن يعيش في البلدان العربية مضطر للهجرة، وهذا الواقع انعكس على المجتمع، ولا يمكن للمجتمع أن يموت بتلك الطريقة، وهو يفكر ويحس، والفترة قد تطول أو تقصر، ولكن هذا الواقع السيء انعكس على عقلية الناس.
والسبب المهم الآن بدأ جيل جديد لم يعاصر هذه الأنظمة، ولم يتعرض لقمعها المباشر، وهو غير ملزم بالعقلية التي عاش بها سلفه، أو الأب أو الأهل، وعقلية الخوف والقمع كان متحررًا منها هذه العقلية.
وصحيح أنَّ الشباب مدركون [حقيقة] الأمن، ولكن هي عبارة عن مقولة متداولة، وأنا لم أرَ القمع، ولكن الخوف ورثته وراثة، وأنا في البداية ثرت على عائلتي، قبل الثورة على النظام، وفي الأشهر الأولى كلما جلسنا مع أبي أو مع عمي وجدتي، يقولون: أنت لا تعرف ما الذي يحدث، وأمورك أهم. وكان هذا الأمر ضاغطًا كبيرًا عليَّ، وعلى الشريحة التي كانت تخرج في المظاهرات في الفترة الأولى، لأن الأهل كانوا يعيشون تجربة الخوف والقمع من الأمن بشكل مباشر، أعتقد لا يوجد في سورية عائلة إلا وفقدت أحدهم أيام الأحداث (أحداث الثمانينات)، أو تعرضت لاقتحام من قبل الأمن، بالتالي الموضوع كان فعلًا مخيف وهذا حقهم الطبيعي؛ لأنَّ الذي عاش ضمن النظام المجرم لا يمكن أن يرث غير الخوف، حالة خوف رهيبة، وأعرف أشخاصًا بشكل مقرب بقوا مؤيدين ارتباطًا بحالة الخوف لا أكثر، وهم قولًا واحدًا يكرهون النظام، ودفعوا ثمنًا كبيرًا من النظام، ولكنهم لم يستطيعوا التحرر من الخوف، وبقوا مرتبطين بالنظام بسبب هذه القضية.
وهذا الواقع وجود جيل جديد متحرر نوعًا ما من حالة الخوف الذي كان يعيشه الجيل السابق، وأدى إلى أنَّ الناس تبحث عن فرصة، وبالفعل الفرصة أتت بشكل غير محسوب، وغير مخطط له، والربيع العربي حدث في مصر وليبيا، والسوريون كانوا يتابعون عن كثب.
أنا واحد من الناس كنت أعتقد أنَّه لن يحدث شيء في سورية، ونتيجة احتكاكي مع الشريحة الضيقة؛ فمجرد فتح الحديث مع أي شخص يقابلك بصد كامل، يحصل حالة خوف، ونحن كنا في فريق، ونخطط ماذا نفعل، ووقفنا في البداية، ولم نتجرأ أن نكمل، مجرد أن نحتكّ مع أشخاص قريبين منا كانوا يقطعون الطريق تمامًا.
هو ليس تجمع وإنما حالة عامة، لأن حديث الناس المطلق من النصف الأخير من 2010 لم يعد الحديث إلا عن مصر وليبيا وتونس والثورة، ولكن يتكلم [أحدنا] عن مصر وليبيا في مكنون نفسه، ويتمنى أن يحصل عندنا، ولكن لا أحد يتجرأ، وفي آخر الحديث يقول: ربما أحد ما يضحك عليهم، وعندما تصل للأمن تصل كاملة؟
وكان هناك قبضة أمنية كبيرة للغاية في تلك الفترة، مثلًا والدي من شهر آذار/ مارس 2010 إلى شهر آذار/ مارس 2011 داوم دوامًا رسميًّا في الأفرع الأمنية الـ 4، كل يوم يُطلب وكان هناك مجرد دردشة، كانوا يقولون له: بحكم أنك مدير مدرسة ولك علاقات والناس تسمع لك، حاول [أن تجلس مع الناس] وأنت تعلم بأنَّنا نتعرض لمؤامرة كونية، وهذه الناس بحاجة لأحد يوعيها، وطبعًا هو وكان في عائلتنا كان هناك 6 أو 7 أشخاص على نفس الوتيرة كان لديهم دوام بالمعنى الحرفي للكلمة، كل يوم يجلس مع المحقق نصف ساعة [ويكون الحديث] عن "المؤامرة" وبعد ذلك يعود، وهذه الحالة بقيت، والنظام يهدف من هذا الموضوع تذكير [الناس بعنفه] وأنه موجود، وهي محاولة للتلويح بالعصا مرة أخرى، وهذا الموضوع لاقى أثرًا فعليًّا لصالح النظام، والناس أصبحت حذرةً للغاية، وفي بداية الأمر أنا ومجموعة من الشباب، في فترة ما طُلبت أنا إلى الأمن السياسي، واعتقلت لمدة 24 ساعة؛ نتيجة مظاهرة في أريحا.
الرجل البخاخ [موجود] في سورية بالكامل، لأن الناس وصلت في سورية أن أخذت قرارها، ولم يكن شيئًا منظمًا على الإطلاق، أنا في يوم من الأيام ومجموعة أشخاص كتبنا على الجدران، ولم يكن لدينا ارتباط مع القرى الأخرى، لا نعرف أحدًا، ونحن في أول مظاهرة خرجت كان لدي ابن عم، كان يقول لي: يجب أن تخرج، وأنا كنت موجودًا في المظاهرة وهو لا يعرفني، وكان هو ظاهرًا بوجهه، وكان يأتي إليَّ وإلى الشباب الذين كانوا في المظاهرة، ويقول لهم ذلك، وهو لا يعرف أنَّني موجود، أنا أهلي في الفترة الأخيرة شاركت في كثير من الحراكات وأهلي لا يعرفون بالمعنى الحرفي للكلمة.
كان هناك حاجز الخوف الموضوع على الجيل الأكبر منا أو المرحلة والتي عايشت النظام في أيام البطش الشديدة التي شهدتها سورية، كان مازال رهينًا للخوف، وهذا السبب الذي جعلنا نلجأ إلى الشريحة الأقرب منا، وهذا ما دفعنا للجلوس مع أصدقائنا، أنَّه إلى متى؟ وكنا على الصعيد الضيق كمجموعة أشخاص نقول: إلى متى؟ ومتى ما تحركت الثورة وانتشرت الثورة سقط النظام تلقائيًّا، ومتى ما خطونا الخطوة الأولى يحل كل شيء.
وهذا الكلام كنا نتكلمه بشكل دائم، وبناءً على هذا الكلام بدأت الأفرع الأمنية تطلبنا بشكل دائم، ولم نعد نذهب، وهربنا، كانت الفكرة أنه في تلك المراحل لم يكن بالإمكان أن تحشد الجمهور بالمطلق، وتنزل إلى الشوارع وتتظاهر، وبالتالي الرجل البخاخ كان من الأشخاص المتحمسين، ولا يستطيع أن يذهب من الصباح ليواجه لوحده، وبالتالي يريد أن يأتي ببدائل، ويريد أن يحرك الناس ويكسر حاجز الخوف، والصنم الموجود على رؤوس الناس، وهذا الصنم يُكسر بكلمة واحدة، مجرد أن تشتم النظام، الناس سوف تكسر حاجز الخوف، ويسقط النظام في نفوس الناس.
كان لدي حساب، وفي تلك الفترة كان لدي حساب ونشطنا، وكان هناك مجموعة اسمها "أزهار الربيع" لا أذكر بالضبط، وهي مجموعة مغلقة والتواصل لأشخاص لا أعرفهم، ربما تكون مخترقة وكان هذا السبب كونها مغلقة لا أحد يعرف أحد وكلها أسماء مستعارة، لأنا إذا أردنا أن نتجاوز فهذه الشجاعة لا تكفي، نحن كنا مدركون قبضة النظام الأمنية وبالتالي كان التحرك بحذر وكانت فكرة الدعوات للتظاهرات هي فكرة عملية حشد أكبر عدد من الناس وكان هذا هو الهدف وبالتالي موضوع الرجل البخاخ وهذه الصفحات والحسابات المستعارة كان الهدف منها فقط أن تكون قادرة على المواجهة، وأقل ما يمكن في ساحة تظاهر فيها 1500 شخص، لا يمكن للنظام أن يواجه هذا العدد من الناس ..
شاركت بها لفترة قصيرة، وهي عبارة عن حالات مؤقتة مثل موضوع التواصل عبر "الفيسبوك" وثم "سكايب" عندما ظهر، وفي تلك الفترة حين لا يكون هناك خيارات كنا نلجأ إلى تلك الغرف، وهي عبارة عن سلسلة، وهي بدأت في الرجل البخاخ، وبعد ذلك صفحات على "الفيسبوك" ثم تطورت القصة إلى "بالتوك" وبعدها "سكايب"، وبعد ذلك اجتماعات مطولة، وبعد ذلك أصبح لدينا نشاطات بعد الحراك، وأصبح هناك مظاهرات في المنطقة، ونشاطات ثورية، ونجتمع، نأتي بأشخاص خطاطين، وهي سلسلة، في البداية كانت كل مرة حسب متطلبات المرحلة، ومحاولة لتجنب الضرر قدر المستطاع.
لم يكن هناك شيء مخطط في تلك الفترة، كان هناك احتقان كبير، وهذه الشريحة التي تحاول أن تحرك الشارع، وأصبح هناك تجرُّؤ بعد أن كتبنا سرًّا، وهذه المجموعة التي كانت تعمل وتجتمع وتتحرك، ونحن يجب أن نظهر أنفسنا.
الذي حدث في درعا كانت الشرارة فعلًا، وهؤلاء الشباب الموجودين تلقائيًّا كانوا يقولون: اخرجوا يا شباب، وفجأةً وجدنا أنفسنا في الشارع بمظاهرة على الدراجات النارية، كانت خاطفة هي لم تزيد ربع ساعة جالت أحياء بلدة الرامي، وكان قرابة 20 أو 30 دراجة، وكل دراجة نارية عليها شخصان، و99% ملثمين، [وهتافات] "يا درعا نحن معك للموت" كانت نصرة لدرعا، وكان هناك شخص زودها وقال: "حرية"، في ذلك الوقت لم يكن هناك مجال لتهتف أو تردد، كانت حالة تعبير لأن نتحرك، ولا نسكت عما يحصل في درعا، وهي خطوة مهمة جدًّا وجيدة، وهي كانت شرارةً حقيقيةً للثورة في جبل الزاوية، وبعد تلك المرحلة خرجت مظاهرات فعلية، والناس أصبحت في الأسبوع التالي تتجه، ولم تعد حالة الخوف والتشتت موجودةً، وأصبحت تخرج في القرى على نقاط ضيق.
لم يعرف أحد بالموضوع، وطلبني الأمن، ولم يعرفني، وكنت أحاول أن أكون موجودًا في مظاهرة أريحا، ولكن يبدو أنَّ هناك من كان قد صورني، والأمن أطلعني على تلك الصور، حوالي 12 صورةً، ومظاهرة أريحا هي كانت عبارةً… وسبقها تحرك على نطاق مدينة أريحا، بالتوازي مع المظاهرة التي خرجت في الرامي 4 أو 5 شباب حاولوا أن يخرجوا من أحد الجوامع، وتم ضربهم بشكل كبير، لأنهم فقط صرخوا "حرية حرية" فانهال الناس عليهم ضربًا.
وخرجت في اللاذقية وحمص، وأنا أتكلم عن التسلسل الذي حصل في إدلب في بداية الأمر، فترة مظاهرة الدراجات النارية كان هناك محاولة خروج مظاهرة في أريحا، ولم تكتمل، وفي الأسبوع الذي بعده أو الجمعة التي بعدها كان هناك محاولة خروج مظاهرة في المعرة، والآن خرجنا مجموعة لا نزيد عن 20 أو 25 شخص في أريحا، وأعتقد في 1 نيسان/ إبريل لا أذكر للأمانة، ولكن في 1 نيسان/ إبريل أعتقد (في 8 نيسان/ أبريل - المحرر)، وكنا لا نزيد عن 30 شخصًا، هؤلاء الذين أذكرهم تمامًا، وكان هناك تنسيق بيني وبينهم، واحد من الرامي، وشاب من قرى الجبل المحيطة بنا، و3 شباب من قريتنا، وواحد منهم تفاجأت أنَّه موجود، وما يزال موجودًا حتى الآن الشخص. والمهم كنا في الساحة لا نزيد عن 30 شخصًا، وكان هناك تواصل مع شباب في جبل الزاوية فهم خرجوا مظاهرة كبيرةً، وكان على أساس [الاتفاق أن] يتوجهوا إلى أريحا، وكانت المظاهرة قريبة من دوار شعبة الحزب (حزب البعث)، وفي هذا التوقيت كان هناك على هذا الدوار مسيرة مؤيدة ردًّا على المظاهرة، وكانت المظاهرة "حرية حرية" شعاراتها فقط "حرية حرية"، وكان هناك أخي الصغير بين الناس ويصيح حرية، وأنا ذهبت باتجاه جماعة شعبة الحزب، وأعرف عددًا كبيرًا بحكم عملي وتواصلي معهم، وأتيت لأحدهم الذي أصبح أحد الشبيحة المعروفين في أريحا، وقلت له: ماذا يحصل؟ وقال لي: هؤلاء المرتزقة، فقلت: هؤلاء يحتاجون إلى حل يجب أن يُقمعوا، قال: سنستجرهم إلى دوار الشعبة، ونريد أن نقضي عليهم ونلعن… وقلت له: خيرًا إن شاء الله.
وأتيت كان هناك شخص اسمه محمود، محمول على الأكتاف، ويصيح: "حريةً حريةً"، وهو غير ملثم، وأتيت وقلت له: لو نموت كلنا فلا أحد يتحرك من على الدوار، وقلت لهم للشباب: ليس هناك مجال للتحرك من هنا، إلا إذا أتى شباب من جبل الزاوية، وبالفعل تواصلنا مع شخص اسمه جمال من [بلدة] الرامي، وقال: نحن تحركنا من الرامي باتجاه أريحا، وبالفعل حين وصل هؤلاء الشبيحة المتجمعين عند شعبة الحزب كانوا مسلحين بعصي وسكاكين، وجنازير.
وحين وصل الشباب باتجاه مدينة أريحا هربوا تلقائيًا، ووصل عدد كبير [من المتظاهرين] وكانت مظاهرة حاشدة، ورأيت الكثير من الأشخاص الكبار في العمر يبكون، لماذا يبكون لا أعلم! فنحن كنا سعداء وفرحين، وهؤلاء يبكون، ولكن فيما بعد عرفت أنَّ حجم المرارة والألم الذي ذاقوه طيلة سنوات وكبتوه في نفوسهم [كبير] ولا يستطيعون أن يعبروا عن آلامهم، بالفعل كان مشهد مزلزل، وحين رأيتهم يبكون، فكرة الأمن والخوف وهذه الأمور في تلك الساعة بالتحديد كان قد انتهى بالنسبة للشباب الذين يتحركون وكان آخر همهم، لأنني أذكر كان هناك صورة كبيرة لبشار الأسد، فخرج أخي وكانت مغامرة الخروج والنزول ومزق الصور على الملأ بدون تردد وحساب لأي شيء، والمشهد الذي لفت انتباهي وأثارني 7 أو 8 أشخاص كانوا يبكون بطريقة مخيفة، والبعض أعرفهم.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/11/06
الموضوع الرئیس
التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسدالمظاهرات الأولىكود الشهادة
SMI/OH/40-02/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2011
updatedAt
2024/04/17
المنطقة الجغرافية
محافظة إدلب-جبل الزاويةمحافظة إدلب-الراميمحافظة إدلب-مدينة أريحاشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
حزب البعث العربي الاشتراكي
فرع الأمن السياسي في إدلب