تفاصيل مجزرة المسطومة والانشقاق الأول
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:15:43:11
بالنسبة لمجزرة المسطومة، ونبدأ الحديث من هنا في هذه الجلسة، وتكلمنا في المرات السابقة كيف كان هناك تحرك على مستوى المظاهرات، وكان لدينا إمكانية القول بأنَّ مناطق جبل الزاوية بشكل عام أصبح فيها حراك ثوري، والناس بشكل كبير شاركت في المظاهرات، ولكن كانت الناس مدركةً أن التظاهر في القرى لا يكون له أثر، لا من حيث الضغط على النظام، أو من خلال إرسال رسالة الثورة إلى المجتمع الدولي، وبالتالي كان التوجه إلى المدن الرئيسية، وكان لدينا أريحا والمعرة يشهدون مظاهرات حاشدةً وأعدادًا كبيرةً، وكانت الفكرة من قبل أصحاب الحراك الثوري أن نتوجه إلى مدينة إدلب، وهناك فكرة أن يكون لدينا بقاء في المدينة بشكل كامل ونعلن عن اعتصام، ونعلن أنَّ المحافظة خارجة عن سيطرة النظام بشكل سلمي، ونحن نرفض وجود النظام بأي شكل من الأشكال.
وبناءً على هذا الكلام تم التنسيق مع الناس القائمين على المظاهرات في معظم المناطق، وتم التنسيق للتوجه إلى إدلب، وهذا ما حصل، وجماعة سرمين وبنش وهذه المناطق القريبة من إدلب، استطاعوا الوصول إلى هناك، وتظاهروا في مدينة إدلب، أما المناطق الثانية في جسر الشغور وجبل الزاوية، فكان الاتفاق أن نتحرك بشكل مباشر، ونتجمع نقاط تجمع رئيسية، وبعد ذلك نتوجه إلى إدلب المدينة، وتوجه جماعة جبل الزاوية إلى منطقة أورم، وأنا كنت من المظاهرة الخارجة من سرجة، واتجهنا إلى أورم، وهناك اجتماعنا مع المتظاهرين القادمين من باقي جبل الزاوية، والتقينا مع متظاهري جسر الشغور في قرية أورم الجوز، والسبب أنها في الطريق باتجاه مدينة أريحا، وبعد ذلك إلى إدلب، وتجمع عدد كبير للغاية، والمظاهرة كانت كبيرة بشكل لا يوصف في أورم الجوز، ووصل جماعة جسر الشغور وقراها وقرى جبل الزاوية، وتم الاجتماع في أورم.
وهي بعيدة نذهب إليها بالسيارات، وهناك من مشى، وكان الوضع لا يسمح، والأعداد كبيرة، وكل أحد يملك سيارةً، وحتى إن بعض السيارات كنا قد خصصناها لنقل المتظاهرين، ولكن الأعداد كانت أكبر مما تتخيل، والناس تخرج بسياراتها وبالدراجات النارية وكل شيء.
وبعد التجمع في أورم الجوز تظاهرنا لمدة نصف ساعة، وقررنا الانطلاق باتجاه أريحا، وذلك في تاريخ 20 أيار/ مايو 2011، وكان على مدخل أورم الجوز باتجاه أريحا، كان هناك حاجز للنظام، عندما كان العدد كبيرًا والتحرك باتجاه أريحا، هذا الحاجز ترك مكانه، واتجه باتجاه مدخل أريحا، وكان هناك تجمع كبير لقوات النظام، فتابعنا إلى أريحا، وكان هناك مظاهرة في أريحا فاجتمعنا كلنا واتجهنا باتجاه طريق المسطومة، والنظام انسحب في معسكر الطلائع في أول قرية المسطومة، والناس كانت أمورهم بشكل جيد، وكان هناك حالة نفسية؛ لم تعد هناك إمكانية لحصول أي شيء، لأنَّ النظام انسحب من أورم ومن أريحا، والمظاهرة ماضية باتجاه إدلب ..
وكان هناك فوق الـ 20 ألف متظاهر في أورم الجوز، ولكن المشكلة أنني لم أكن أظن أن يكون هذا العدد، وثانيًا لم يكن هناك تجمع في وقت سابق بهذا العدد، فلا يوجد إمكانية أن تقدر العدد، وهي أكبر مظاهرة شهدتها المنطقة، وهناك مظاهرات كبيرة في معرة النعمان كانت أكبر، ولكن هذا التحرك بهذا الاتجاه كان أكبر تحرك تشهده المنطقة.
وصلنا إلى مدينة أريحا، وكان هناك حاجز لقوات النظام تقريبًا 50 عنصرًا على طريق إدلب، انسحب هذا الحاجز باتجاه قرية المسطومة، وكانوا يلبسون لباس جيش، ومنهم عناصر أمن، واتجه الناس، وكان الطريق المتجه من أريحا إلى المسطومة مليئًا بالناس والمتظاهرين، وأنا وصلت، وكنت في الدفعة الأولى موجودًا، واضطررت لسبب ما أن أرجع إلى مدينة أريحا، وحين أريد أن أتابع باتجاه المسطومة كان يجب أن تمشي مشيًا، وبين أريحا وإدلب حوالي 14 أو 15 كيلو متر، والمسطومة تقع في المنتصف تقريبًا بينها وبين أريحا 6 كيلو متر، ومعسكر المسطومة لطلائع البعث يقع قبل مدينة المسطومة باتجاه أريحا، يعني أول ما تصل إلى المسطومة يكون على يدك اليمين يكون معسكر طلائع البعث، وهو معسكر كبير، وحين بدأت المظاهرات الجيش نقل قواته، وأصبح أكبر تجمعات الجيش في محافظة إدلب، ومعد بشكل كامل من دبابات وفيه حفظ أمن ونظام، وعناصر الأمن موجودون كلهم، وحتى غرفة قيادة عمليات النظام موجودة في ذلك المعسكر.
والنظام كان مجهزًا متاريس أمام معسكر طلائع البعث على الطريق الرئيسي، ويبدو أنَّ النظام مقرر أن يواجه المتظاهرين، لذلك كان مجهزًا متاريس، وقبل المعسكر يكون الطريق منخفضًا بعض الشيء، والمعسكر في تلة مرتفعة قليلًا، والعناصر مثبتون في المنطقة المرتفعة، وحين وصل الناس إلى المنطقة المنخفضة في الطريق أصبحوا في مواجهة العناصر بشكل مباشر، وأنا كنت في منتصف المسافة في الخلف بين المسطومة وأريحا، والطريق ممتلئ بالناس، وكانت تصف السيارات جانبًا، وتكمل مشيًا،
والدفعة الأولى من الناس التي وصلت إلى المعسكر بشكل مواجه لقوات النظام، تفاجؤوا بإطلاق الرصاص من 30 إلى 40 عنصرًا بشكل مباشر على الناس، هناك الناس انقسمت قسمان، قسم ذهب شرق الطريق وقسم غربه، وكل شيء ذهب إلى شرق الطريق أصيب أو قُتل، والذين في الغرب نجوا لأنهم لم يستطيعوا أن يصيبوهم، وكان هناك قرابة 50 متظاهرًا بين إصابة وشهيد، ولكن كنا لا نستطيع تحديد عدد القتلى لأن لم نتجرأ على الاقتراب، مثلًا كان معنا شاب اسمه معن زريق، أصيب إصابة خطيرة جدًا كاد أن يموت ثم نجا منها، وكان هناك 4 أو 5 أشخاص يعرفون أنه أصيب، وكان الجيش والأمن قادرون أن يتحركوا في المنطقة، وبالتالي الذي أصيب أو استشهد تم كتم الموضوع بشكل كامل. والمظاهرة توقفت ولم تكمل، وحصل حادث مهم جدًّا في تلك الأثناء، ولولا هذا الحادث أعتقد أنَّه كان يمكن أن تحصل مذبحة لم يحصل مثلها في التاريخ، وأحد العناصر الذين يطلقون الرصاص هو من قرية كورين، اسمه عماد اصطيفة (عماد أحمد الصطوف - المحرر)، وهو حين رأى الأمور بهذا الشكل، وهناك من يعرفهم من قريته من المتظاهرين، وحين رأى الأمور حمل سلاحه وذهب باتجاه المتظاهرين، وبدأ إطلاق الرصاص بينه وبين قوات النظام، وهذا ما شغلهم عن المتظاهرين، وكانوا هم ينوون ارتكاب المجزرة، وكان الأمر مخططًا له، وهذا حين حصل تبادل إطلاق الرصاص بينه وبين النظام، تراجع الناس وخافوا ولم يعودوا في المدى المجدي لرصاص النظام، وحدثت حالة هلع، وهذا لأول مرة يحصل بتلك الطريقة إطلاق رصاص بشكل مباشر واستهداف الناس، والناس كلهم متظاهرون سلميون، ولم يكن في تلك الفترة أحد يخطر بباله أن يحمل سلاحًا، وهذا أمر مستهجن بين الناس في تلك الفترة، والامر كان مستهجنًا وآخر ما كنا نفكر به أو يفكر به الناس المتظاهرون في تلك الفترة أننا متظاهرون سلميون هدفنا واضح أنَّنا نعيش في كنف نظام مجرم، وهدفنا أن نحصل على شيء من الحرية، وهذا الشاب أول شاب انشق بالمعنى الحرفي، وهو انشق بشكل مباشر، وواجه قوات النظام، وأخذه المتظاهرون وأخفوه بشكل كامل، وتم إطلاق إشاعة أنَّه ذهب إلى تركيا وبعد فترة طويلة ظهر مرة أخرى، وفي تلك الحالة أصبح هناك حالة فوضى، والناس انشغلت بالمصابين والقتلى، وتفرقت المظاهرة وكان هناك من انسحب، وهناك من توقف لفترة من الزمن، ولكن حين رأى القوات الأمنية وإجرامها واستعدادها للقتل، وهذا الأمر معروف .. ولم يحصل كلام مع النظام، ولم يكن أحد يتوقع ما حصل، وآخر شيء كنا نتوقعه أن يتم إطلاق الرصاص بتلك الطريقة، وانسحب الناس، وهناك من تظاهر في أريحا لفترة قليلة، ثم كل واحد تراجع إلى منطقته.
الحدث الذي صار كان هناك صدمة كبيرة، والناس كانت منشغلة بالمصابين والقتلى، وكان هناك تواصل مع الأطباء والصيادلة في المنطقة، وتم التواصل معهم بشكل سري، وأنَّه سيتم معالجتهم، ومعظم الأطباء والصيادلة أتوا إلى مكان وجود المصاب، وكان الموضوع مخيفًا، وخاصةً في تلك الفترة شبكات النظام أو المخبرون مازالت نشطة، وتستطيع التواصل مع النظام، ولذلك عملية احتواء هذا المشهد [خطيرة]، وإذا كان لدي قريب أُصيب، [كنت أقوم بـ] محاولة لفلفة الأمر لأنَّ الموضوع خطير، وفي تلك الفترة يرسلون طلبات أمنية للناس واستدعاء إلى الفروع، وكانوا عبر الدوريات يستطيعون اقتحام أية منطقة، والناس كانت الناس سلمية لم يكن هناك سلاح ولا يوجد من يواجه النظام، وانشغلنا لفترة كبيرة في موضوع إسعاف الجرحى والشهداء، وكان العدد بين 40 الى 50 شخصًا، وكان هناك الذين أعرفهم 4 أو 5 أشخاص قُتلوا، وقيل لي العدد وصل إلى 7 شهداء، ولكن مثلما قلت نتيجة تكتم الناس وخوفهم -وهذا حقهم- وهناك من دفنوا أبناءهم بشكل صامت، وبدؤوا يقولون أنه مات في حادث سير أو ما شابه. والأشخاص الذين أصيبوا تم نقلهم إلى أماكن آمنة، فالذي لديه منزل متطرف أو أحد قريب خارج المنطقة أخذ المصاب إليه حتى يتماثل للشفاء. وعلى مستوى الناشطين أنا كنت قد صورت بعض اللقطات ورفعتها على الإنترنت، وكتبنا: قوات النظام ترتكب مجزرة، ولكن في تلك الفترة ردة الفعل الأولى لم تكن تعرف ما الذي ستفعله، أولًا- التواصل مع المحطات لم يكن متاحًا بشكل مباشر، وثانيًا- وسائل الاتصال كانت مقطوعة بالمطلق (الاتصالات والهواتف) أثناء المظاهرة.
المحطات المعنية بالشأن السوري لم يكن لديها مراسل بشكل مباشر، فهو يجازف ويستخدمها، والمعلومة التي تصله لا يأخذها على محمل الجد بشكل كبير إلا من خلال المقاطع المرئية التي تصور، والمجزرة لم يصورها أحد لأنَّه لم يعتقد أحد أن يحصل ذلك، باستثناء بعض المقاطع التي صورت من خلال الهواتف وكانت دقتها رديئة جدًا لأن الهواتف في تلك الفترة تصويرها جدًا سيء، وفيما بعد فيما يخص هذه المجزرة، جمعت كل شيء صُور استطعت الوصول له وأدرجته في ملف، وسلمته إلى اللجنة العربية التي جاءت لتحاول أن تكشف عن الوضع وما يحصل في المنطقة (المراقبين العرب)، وهذا أبرز ما حصل في أحداث المجزرة في المعنى الأعم، وهي نقطة تحول كبيرة في دفعت الناس للتفكير بشكل جدي أولًا بالانشقاق لأنه كان هناك عدد كبير من الناس سواءً عسكري أصبح يفكر أنَّه لن يكون شريكًا في قتل أهله، والقسم الآخر العساكر الذي سيُطلبون إلى الجيش، هؤلاء رفضوا الذهاب وشكلوا فرار (هروب من الخدمة العسكرية) أكثر من 25 شخصًا أعرفهم رفضوا الذهاب، وكان لديهم تبليغ ولم يلتحقوا بقطعهم.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/12/06
الموضوع الرئیس
التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسدمجزرة المسطومةكود الشهادة
SMI/OH/40-04/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
20/5/2011
updatedAt
2024/07/16
المنطقة الجغرافية
محافظة إدلب-المسطومةمحافظة إدلب-أورم الجوزمحافظة إدلب-مدينة إدلبمحافظة إدلب-محافظة إدلبمحافظة إدلب-مدينة أريحامحافظة إدلب-جبل الزاويةشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
الجيش العربي السوري - نظام
بعثة المراقبين العرب
معسكر الطلائع
معسكر المسطومة