الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

معاناة أهالي البوكمال من حكم "داعش" والهجرة إلى مدينة الباب

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:18:42:21

عندما بسطت "داعش" سيطرتها على سورية والعراق وأزالوا الحدود وأقاموا الدولة في العراق والشام لم يعد أمامنا سوى الرجوع إلى البوكمال؛ لأنه لم يبق هناك حدود ولا لجوء وأصبحت منطقة واحدة وحملنا أنفسنا وأبناءنا وعدنا إلى منازلنا، وهنا دخلنا في مرحلة "داعش"، وكل بلد من البلدان التي سيطرت عليها "داعش" أخذت نصيبها من الحياة وتبدلت جذريًا. 

كانت توجد نقطة تفتيش مثلها مثل باقي النقاط المنتشرة على طول الطريق وهي للدولة الإسلامية، وهي موجودة في مكان الحدود القديمة وليس لأنها حدود، وإنما هي نقطة تفتيش وليس أكثر ولا يعترضون الداخل والخارج.

حكم سيطرة "داعش" كان غريبًا على المجتمع وتبدلت الحياة وأخذت الصبغة الدينية وتمت ملاحقة [من يدخنون] السجائر وغيّروا الملابس ولم يعد هناك وجود إلا لطائفة معينة وهم السنة. وأنا خلال سنتين وحتى عام 2017 لم أرَ شخصًا مسيحيًا، وأثناء وجود "داعش" لم يكن هناك ديانات أخرى إن كان علويًا أو "نصيريًا" وباقي الطوائف الأخرى خرجت إلى مناطق النظام أو أوروبا أو أماكن أخرى. 

أنا شخصيًا لم أحتك كثيرًا مع "داعش"، وأنا كنت أعمل صياد سمك، وأنا مهنتي الأساسية هي صيد السمك، وأنا أخرج في الصباح وأعود في المساء وأمر من الحواجز ونادرًا ما يطلبون مني الهوية بسبب كبر سني، ولكن ما يتأثر هو المدينة، و"داعش" فعلت شيئًا حيث إنهم قاموا في البوكمال بعد أن حشد التحالف [قواته] عليهم وبدأ القصف بمقراتهم و"داعش" اختارت المقرات ضمن المنازل وبين الأحياء وفي الأزقة وفي الأماكن المكتظة بالناس وكانت تراقبهم قوات التحالف (التحالف الدولي ضد داعش) بواسطة طائرات الاستطلاع والمسيرات التي ملأت السماء، يعني عشرات الطائرات تحوم فوق البوكمال يوميًا وترصد كل شيء يمشي على الأرض، وكانوا يقصفون المقرات أينما تواجدت، وسياراتهم ولباسهم معروف، وهناك مخبرون على الأرض للتحالف يضعون الشرائح، وهذا شأن استخباراتي عالمي فيقصفون أحيانًا مقرًا لـ "داعش" ويتضرر الحي بأكمله ويموت الرجال والنساء والأطفال والحياة لا تطاق، وفي الفترة الأخيرة قامت "داعش" بإحضار ألواح بلاستيكية كبيرة الحجم لتغطية الطرقات، وأكثر الطرقات تم تغطيتها بالشوادر؛ حتى يخففوا أو يمنعوا تصوير الطائرات لمواقعهم، وكانت المدينة تحت هذه الشوادر تبيع وتشتري وتتنقل بأمان؛ لأنه أصبح يصعب على التحالف أن يرصد أماكنهم. 

"داعش" لم يكن لها حاضنة شعبية لا في البوكمال ولا غيرها وإنما عندما شعر الناس أنهم أصبحوا تحت الأمر الواقع أصبحت موالاة السلطان تحصيل حاصل ويجب مداراة الوضع الراهن لأن هذا احتلال مثل الفلسطينيين داخل فلسطين.

تم تبديل العملة وعدنا إلى الجاهلية وأصبحنا نحمل المال بالصرر يعني كيس قماشي ولم يبقَ إلا أخذ السيارات وجلب الخيول وعشنا في جاهلية حقيقية. 

كان اهتمامهم كثيرًا بالصلاة وكانوا شديدين وكانوا يلاحقون ولديهم تقارير بملاحقة أسماء معينة ولديهم سجون للاعتقال تابعة للحسبة، وبمجرد أن ترفع المرأة نظرها فإنهم يعتقلونها أو شخص يدخن السجائر فسوف يتم اعتقاله لمدة أسبوع أو 10 أيام ثم يجرون له دورة تعليمية دينية أو توبة ويخرج يعني دورة تأديبية.

الحياة أصبحت لا تطاق ولم يبق هناك عمل.

وأثناء وجود "داعش" حدثت معركة عندما جاءت قوات للجيش الحر واصطدموا معهم بمحاذاة البوكمال في الصحراء في بادية التنف، و"داعش" تغلبت على الجيش الحر. [وكان هذا الكلام] في 2016

المعركة كانت بحضور الطرفين: الطرف المهاجم والطرف المتصدي للهجوم يعني "داعش" والجيش الجديد، ولكن جاءتنا التفاصيل عندما عادت "داعش" وهم اغتنموا الأليات والمدافع والأسلحة والأسرى، وأنا لا أعرف ماذا جرى في أرض المعركة، وهل هناك جثث أو أسرى أم فرّ البقية بسياراتهم ولم يحصلوا إلا على ما رأيناه؟ وعندما مر الرتل من أمام منزلنا في البوكمال سألنا واستطلعنا: ما هو الأمر؟ فقالوا: إنه حصلت معركة بينهم وبين الجيش الحر وغنموا هذه الآليات وجمعوها في مكان مخصص في البوكمال وبعد ساعة واحدة تم قصفه من قبل الطيران الأمريكي، وتم استهداف كل الغنائم التي سيطرت عليها "داعش"، وأما الأسرى المعتقلون الذين حصلت عليهم "داعش" تم إعدامهم في الساحات وعلى الدوار.

 ويوجد نقطة أخرى، إقامة الحد يحصل على أدنى سرقة وتُقطع يد السارق، وهذا الأمر كان بالنسبة لهم سهل جدًا، وإذا كان هناك ملاحظة على شخص معين فإنهم يصلبونه على أحد الأعمدة ويجلدونه 100 جلدة أو 200 أو 300 جلدة، يعني أنواع التعذيب والتنكيل بالمواطنين أصبحت معتادة ويراها الناس كلهم، وعندما يرى الناس أي تجمع فإنهم يعرفون أنه يوجد هناك قصاص وعندما يسألون فإنهم يقولون: إنه فعل الشيء الفلاني. وهم لا يركزون فقط على الأشخاص السياسيين وإنما أيضًا يركزون على الزنا وباقي الأمور التي تسمح بها الشريعة وتطبيق حد الله فإنهم يقومون بها بدون تردد، وأيضًا يقومون بإلقاء بعض الشباب من الأبنية العالية بالإضافة إلى الرجم، وهذه الأمور كلها وارده في هذه الفترة. 

كان الناس يعيشون في ضيق وخوف ورعب ولم يعد هناك مواطن سوري من أهل البلد يستطيع أن يقول: أنا سوري. لأن الحكم بالمطلق لـ "داعش" والشيوخ اختفوا ولا يستطيعون الخروج والمثقف هرب والبقية جالسون في منازلهم بانتظار الفرج من رب العالمين لمدة سنتين من الرعب حتى عام 2017، حتى اشتد القصف الأمريكي أو التحالف الذين قصفوا مقرات كثيرة وبدؤوا يجربون أسلحتهم على هذا الشعب المسكين فنالت البوكمال نصيبًا وافرًا من الدمار وأحياء بأكملها نامت على الأرض، ولم يعد هناك أدنى أمل بمقوم من مقومات الحياة التي تجعلك تبقى، وإذا لم يصبك الصاروخ اليوم فإنه سوف يصيبك غدًا والحياة كانت مستحيلة، ولم يعد أمامنا...، وكانت المشكلة أنهم يعرفون أن الناس ضاقت ذرعًا ببقائهم في البوكمال، ولكنهم ضيقوا الخروج منها، ولا يمكنك الخروج إلا عن طريقهم أو للعلاج في دمشق أو حلب أو تأخذ منهم تصريحًا وتقدم طلبًا تقول فيه: أنا أريد الخروج من البوكمال للأمر الفلاني، ويجب أن يكون السبب مقنعًا بالنسبة لهم حتى يعطوك ورقة بعدم التعرض فتخرج وغير ذلك أنت محجوز وأسير وكل البلد مرتهنة.

أهل مكة أدرى بشعابها وكل أهل منطقة يعرفون مداخل ومخارج مدنهم، وكانت هناك طرق للتهريب، ولم يبق أمام الناس إلا عبور النهر بواسطة الزوارق.

تم استهداف جسر البوكمال الوحيد الموجود بين الضفتين الشرقية والغربية فتعطلت حركة المرور بالاتجاهين، ولم يبق إلا العبور بواسطة الزوارق الصغيرة، وبالسر، وهكذا خرج الناس وأخذوا عوائلهم أثناء الليل وعبروا خلال أشجار الطرفة المنتشرة على الشاطئ بشكل خفي، وهم يعرفون أماكن تواجد "داعش" ونقاطهم فيجتنبونها ويبتعدون عنها، ويكملون طريقهم، وتكون السيارات بانتظارهم وهي سيارات مهربين ويأخذونهم باتجاه الشمال أو إلى الحسكة أو القامشلي أو إلى الشمال السوري والرقة وعين عيسى.

هنا توجد أماكن مثل: قرية أبو حمام وأصبحت قرية أبو حمام مركز انطلاق وقرية غرانيج.

نحن ذهبنا إلى قرية أبو حمام.

في عام 2017 خرجنا من البوكمال ولأنه عندنا منازل موجودة في قرية أبو حمام ذهبنا إليها، ونحن لا يوجد في سجلنا شيء، وخرجت أنا والأولاد إلى قرية أبو حمام ولم يعترضنا أحد رغم أننا مررنا من أمام الحواجز على الطريق، وهم يرون أننا عوائل، ولكنهم لا يعترضوننا ووصلنا إلى قرية أبو حمام، وتواصلنا مع المهربين؛ حتى ينقلونا إلى الرقة، والرقة هي مكان استراتيجي لـ "داعش" وعلى محاذاتها يوجد مخيم عين عيسى، وهناك من منطقة الأكراد يوجد مجال للتهريب وتم تدمير الرقة وهربت داعش منها، وأصبحت مدينة مهجورة يعني أصبح الخروج من المدينة باتجاه عين عيسى ومنبج أقل خطرًا وهذا ما فعلناه.

أعتقد في شهر أيلول/ سبتمبر  أو  تشرين الأول/ أكتوبر يعني في فصل الخريف خرجنا من قرية أبو حمام وحتى أذكر أن الطقس كان ماطرًا عندما وصلنا إلى قرية العون يعني في بداية الشتاء.

طلب منا المهرب مبلغ مليون ونصف على كل عائلة حتى يوصلنا إلى قرية محيميدة ومن محيميدة يصبح الطريق سهلًا إلى الغندورة وعين عيسى التي هي تحت سيطرة الأكراد، ونحن دفعنا مبلغ 900 ألف ليره سورية، ووصلنا إلى قرية محيميدة، وركبنا الباصات وأكملنا طريقنا إلى عين عيسى، وهنا أصبحنا أمام مشكلة ثانية لأن مخيم عين عيسى ممتلئ وهو تحت سيطرة الأكراد (البي واي دي - المحرر) وممتلئ باللاجئين وخاصة من المنطقة الشرقية ومن يدخل إلى المخيم فلا يستطيع أن يخرج؛ لذلك نحن لم نذهب إلى مخيم عين عيسى ونحن كنا نريد الذهاب إلى منطقة الباب أو منبج، ونحن نريد عبور عين عيسى، وكانت توجد حواجز للأكراد، ولا تسمح لنا بالخروج إلا بعد دفع المال يعني الموجود داخل المخيم ويريد أن يخرج من المخيم فيجب أن يدفع مبلغ مليون ليرة سورية؛ حتى يسمحوا له بالخروج ويأخذ حريته ويمشي كما يشاء يعني كانت معاناة من نوع غريب.

دفعنا لسائق السيارة مبلغًا ليس كثيرًا، ولكننا تجنبنا المرور بعين عيسى وحواجز الأكراد، وتابعنا طريقنا إلى قرية العون إلى منطقة منبج الفاصلة بين شمال تركيا الشمال السوري المحرر حاجز العون، وحاجز العون هو نهاية منطقة الأكراد وبداية المناطق الشمالية الواقعة تحت الرعاية التركية، وأعتقد هذا كان في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر  من عام 2017، ووصلنا إلى مدينة الباب ودخلنا واجتزنا حواجز الأكراد، وأخذوا البيانات ولم يعترضنا أحد وأيضًا على حواجز الجيش الحر كانوا فقط يدققون على الشباب الداخلين، وهم لديهم قائمة بأسماء المطلوبين، وأما الأشخاص غير المطلوبين فيمكنهم المرور فوصلنا إلى مدينة الباب.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/08/10

الموضوع الرئیس

النزوحسيطرة "داعش" على البوكمال

كود الشهادة

SMI/OH/139-08/

أجرى المقابلة

همام زعزوع

مكان المقابلة

الباب

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2015 - 2017

updatedAt

2024/08/12

المنطقة الجغرافية

محافظة دير الزور-أبو حماممحافظة الرقة-عين عيسىمحافظة حمص-التنفمحافظة حلب-مدينة البابمحافظة دير الزور-مدينة البوكمال

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش

الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش

الجيش السوري الحر

الجيش السوري الحر

التحالف الدولي ضد داعش

التحالف الدولي ضد داعش

حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)

حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)

الشهادات المرتبطة