الفساد الكبير في مؤسسات الدولة الخدمية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:14:04:22
في شهر أيار/ مايو أنا تسرحت من الخدمة الإلزامية، وحالي مثل حال كل الشباب وسوف أبحث عن عمل، وطبعًا العمل غير موجود وحاولت أن أتوظف في قطاع الدولة فتوظفت في بلدية مدينة الباب عن طريق عقد مؤقت، وروتينيًا العقد يصبح بعدها عقدًا دائمًا، فاشتغلت في البلدية، وكانت الرواتب في البلدية 4920 ليرة لا تكفيك مصروفًا شخصيًا في تلك الفترة، وخلال عدة شهور حاولت تأمين عمل في الخارج فحصلت على عقد عمل في المنطقة الصناعية في "الشيخ نجار" عن طريق مؤسسة الإنشاءات العسكرية براتب جيد، وكان الراتب يحسب على حسب عملك، وأنا [ضمن] القطاع الخاص وليس لي علاقة بالموظفين، ولكن كان العمل جيدًا ومقارنة مع راتب البلدية كان الراتب خمسة أضعاف، ووضع البلدية مثل أية مؤسسة من مؤسسات الدولة، الفساد الموجود كبير في كل مجالات البلدية من أدنى موظف إلى أكبر موظف باستثناء بعض الموظفين، يعني يوجد بعض الموظفين في الحقيقة لم يدخلوا في مجال الفساد ولا الرشوة ومعظم الموظفين رواتبهم لا تكفي وأنا مساعد مهندس وعندي شهادة معهد، وكان راتبي 4900 ليرة، وعندما توظفت كان يوجد أشخاص غيري رواتبهم 3 آلاف أو 3500 ليرة ولا تكفيه، وراتب المهندس 6 آلاف يعني إذا لم يستطع تأمين عمل في الخارج ويعمل عملًا إضافيًا، فإنه لا يمكنه أن يعيش، أو يجب أن يتبع الأساليب غير القانونية وهي الرشوة وغيرها. وفي كل المجالات يوجد فساد سواء بالرشوة من الناس الذين يقومون بأي عملية بناء أو عملية رخصة أو ضرائب بلدية أو جباية وضرائب النظافة والمشاريع التي يمكن تنفيذها في البلد، وطبعًا البلديات يفرز لها مبلغ مادي سنوي موازنة سنوية وتقوم بالمشاريع التي تراها مناسبة في المدينة، وطبعًا معظم المشاريع التي كانت تتم كان هدفها السرقة وليس هدفها تنمية البلد أو تطوير البلد يعني تجد نفس الطريق يمكن أن يتم حفره مرتين خلال عدة أشهر، ثم يتم تصليحه وقد يضعون عليه رصيفًا، وبعد إنجاز الرصيف تحصل حفريات أخرى وهذه كلها تدخل من أبواب أولًا عدم التعاون (التنسيق) بين المؤسسات الموجودة، والأمر الثاني هذا يدخل [بباب] الفساد، والحجم الأكبر هو الفساد حتى تحصل سرقات أكثر ورشاوى أكثر، فيأتي رئيس البلدية الذي ليس لديه فكرة عن إصلاح وتطوير البلد؛ يتجه باتجاه هذه الأساليب. والمتعهدون دائمًا يرشون الموظفين، وأنا اشتغلت مثلًا على الطريق الذي يربط مدينتي الباب وتادف، وأنا جئت في نهاية المشروع تقريبًا، وكنت مشرفًا عليه وعلى بعض عمليات ترميم الصرف الصحي، والحقيقة يوجد متعهدون يعملون بضمير، ويوجد من لا يعمل به وفي النهاية القانون هو الذي يفرض على الجميع، وكنت أرى أشياء أمامي مصائب من نوع البلاط الذي يستخدمونه كان جدًا سيئًا ولا يطبقون المواصفات، وأرى سكوتًا من جميع المراقبين الذين يراقبون المشروع، يعني أنت لم تره اليوم يرتشي ولكن في النهاية العمل الواضح أنه يوجد رشوة، وأنا مشرف على المشروع وموظف ولماذا حتى أقبل من المتعهد نوعية سيئة من البلاط يتكسر أثناء العمل إلا إذا كنت مرتشيًا منه أو كان معمل البلاط ملكًا لي وهذه هي الفكرة، وأنا لم أبقَ كثيرًا إلا لثلاثة أشهر.
أحد الأشياء التي حصلت معي أن أحد الموظفين عندما أردت ترك الوظيفة جاء يعاتبني ويلومني، وسألني: لماذا تريد أن تترك؟ وبدأ يذكر لي أسماء موظفين أنه مضى لهم خمس سنين موظفين وأصبح لديهم فيلا ومزرعة وأصبحت أوضاعهم فوق الريح (بات ثريًا) فقلت له: أنا لا أحتاج إلى هذه الأمور ولا أريدها بهذه الطرق، والحمد لله كان وضع والدي ميسورًا ولا أحتاج إلى كل هذه الأمور، وقلت له: إن والدي سوف يزوجني ويشتري لي منزلًا ولا يوجد عندي مشكلة، في النهاية تركت البلدية وانتقلت إلى [منطقة] الشيخ نجار.
في "الشيخ نجار" (المدينة الصناعية في حلب) يوجد مشروع ضخم وجدًا كبير أثناء بداية إنشاء المدينة الصناعية في حلب، والتي تعتبر مدينة صناعية على مستوى الشرق الأوسط بحجمها والبنية التحتية التي فيها، وفي بداية العمل هناك أنا اشتغلت مع الإنشاءات العسكرية بعقد، على حسب الأعمال التي أنجزها في مجالي، وأنا مساعد مهندس، يعني في مجال المساحة والإشراف على الأعمال الإنشائية البيتونية وغيرها، ونفس القصة، عملت هناك مدة سنة ونصف تقريبًا وحجم الفساد الذي تراه جدًا جدًا ضخم، يعني نحن عندما اشتغلنا وحتى أخذنا على جو العمل، ويوجد الكثير من الآليات تعمل في المشروع، لأن المشروع ضخم جدًا، وطبعًا الإنشاءات العسكرية كانت في تلك الفترة قيمة العقد الذي أخذته من الإسكان العسكري تقريبًا مليار و800 مليون ليرة سورية، وهو جزء لا يعادل 10% من البنية التحتية في المدينة الصناعية، والأشياء التي رأيتها بعيني؛ يعني في ذلك الوقت؛ الشخص يعرف إلى أين يتجه البلد، ويعرف أن البلد سوف يهدم فوق أصحابه في النهاية، يعني كشيء يتم ممارسته في مؤسسات الدولة من مصيبة، وطبعًا هي مؤسسة خاسرة في النهاية مثل المؤسسات الثانية؛ مؤسسة الإسكان أو الإنشاءات العسكرية؛ خاسرة، والمدير العام لمؤسسة الإنشاءات العسكرية هو رياض شاليش يعني ابن خال الرئيس بشار الأسد، وهو المسيطر على هذه المؤسسة بكل تفاصيلها، وطبعًا المشاريع التي كانت في حلب في تلك الفترة كان مشروع "جسر الشعار" وأنا لم أكن مشاركًا فيه، بينما أنا اشتغلت في المدينة الصناعية، وكان بعدها "جسر الصاخور"، وأنا في مرحلة "جسر الصاخور" تركت العمل في المدينة الصناعية طبعًا بسبب الشيء الذي رأيته.
الآليات الموجودة التي تعمل في المشروع الذي يعتبر قطاعًا عامًا للدولة، كل الآليات التي تعمل فيه هي لرياض شاليش سواء السيارات أو البلدوزرات أو التركسات، [بالإضافة] للموظفين الذين هم معتبرون، واليوم يأتينا مثلًا: نحتاج إلى 100 سيارة لترحيل بقايا من حفريات معينة وردمها في مكان آخر ونحن كنا نأخذ متعهدًا خاصًا ونعطيه في تلك الفترة قيمة النقلة الواحدة 100 ليرة سورية، ونحن لا نتعرف على شيء مصروفه كله على المتعهد، ولكن كانت المعدات التي تعمل هي لرياض شاليش وكانوا يعطونه 150 ليرة للنقلة الواحدة، وراتب سائق السيارة وتصليح السيارة وديزل السيارة وسكن السائقين كله كان على حساب المؤسسة، وطبعًا على حساب المؤسسة بطريقة ملتوية وليس بطريقة نظامية، وهو الذي يعرفه أنه أنا أعطيتك آليات وأنت تشغلها، وأنا مثلًا عندي 100 سيارة وفي نهاية الشهر أحصل منها على 10 ملايين ليرة سورية، وأنت سوف تصلح وأنت من يعطي الرواتب وتعطي كل شيء وتعتبر سياراتي تعمل بشكل يومي، يعني إذا السيارة اليوم لم تعمل فالمفروض ألا أعطي أجرة، ولكنه كل يوم يأخذ أجره من المؤسسة، ولذلك عرفنا لماذا المؤسسات في النهاية تكون خاسرة، يعني في نهاية كل سنة تجد أن المؤسسة مكسورة بـ 500 مليون أو مليار ليرة سورية، والآليات كلها كانت تعمل بنفس الطريقة، يعني أنا مثلًا أعمل في موقع عملي فيرسلون إلي بلدوزر وأنا ليس لي مصلحة معه، وأنا إذا كان عندي عمل فسوف أجعله يعمل، وإذا لم يكن عندي عمل فأرسله إلى مكان آخر، وكان البلدوزر يعمل في اليوم 12 ساعة وأجرة الساعة 4 آلاف ليرة سورية وهي تعادل 100 دولار تقريبًا، وطبعًا هو يأخذ أجرته وأنت تملأ له الديزل والزيت وتصلحه إذا تعطل، وكل الآليات بهذا الشكل، يعني سرقة هائلة وفظيعة جدًا في المدينة الصناعية.
من ضمن الأمور أنه في أحد الشهور ارتفع كشف؛ وطبعًا عقود الدولة عندما ينتهي الشهر يرفع كشف تقديري بالأعمال المنجزة التي أنجزتها، ويستلمها منك الفريق المشرف عليك الذي هو الإسكان العسكري، وفي النهاية يصرفونها لك من البنك التجاري ويعطونك قيمة العمل الذي أنجزته، وطبعا محسوبة أرباحك ومحسوب كل شيء، وأذكر أن أحد الكشوف في يومها تم رفع كشف بقيمة 120 مليون ليرة سورية، ونحن فعليًا أنجزنا منه 20 مليون فقط، وطبعًا ليس أنا وإنما الشركة التي استلمت المشروع وهي الإنشاءات العسكرية، يعني قيمة 15% منجزة، ولكنها قبضت أموالًا ونحن الأعمال التي قبضت ثمنها قد لا ننهيها في سبعة أشهر، ولم ننهها في سبعة أشهر ولا بسنة بعدها، وأصبحوا في الشهر التالي يرفعون كشفًا أقل، يعني المهندسون الذين يعملون أيضًا مشاركون في الفساد، ومنهم [من] يعمل غصبًا عنه، وفي النهاية كان مدير المشروع هو الرائد إياد طه والده كان برتبة عقيد أو عميد في الرقة وهو من المنطقة الشرقية، وهو كان المسؤول عن المشاريع في مدينة حلب كلها؛ من "مشروع الشعار" إلى "مشروع الصاخور" إلى "مشروع شارع النيل" إلى "مشروع المدينة الصناعية"، وطبعًا كل مشاريع المؤسسة هو المسؤول عنها في حلب، والرجل كان عشوائيًا ويعمل كما يريد ومزاجيًا بعمله، وطبعًا العمل يجب أن يستمر شئنا أم أبينا، وفي النهاية العمل الذي تقوم به المؤسسة سواء كان مطابقًا للشروط أو غير مطابق سوف يتم استلامه.
نحن مثلًا أثناء تنفيذ طريق معين؛ المفروض أنه كل 20 أو 30 سم تفرش طبقات معينة من الحجارة والبحص، وفيه تدرج حبة، ويجب رشه بالماء ودحله، وطبعا نحن كنا نردم مترًا ومترين ولا يتم رشه بالماء ولا دحله، وفي النهاية سوف تستلمه الإنشاءات العسكرية.
في إحدى المرات أحد المهندسين رفض أن يوقع على الكشف، ونحن كنا نسلمه طريقًا وهو رفض، فأخبروا الرائد بذلك والرائد أمامنا، وأنا كنت موجودًا، يعني وجه له كلامًا سيئًا جدًا وبدأ يتحدث عن هذا المهندس وأنه سوف ينتقم منه، وفعلًا بعد فترة سمعنا أنه تم فصله من الإنشاءات العسكرية أو تم سجنه بتهمة معينة، يعني مؤسسة فاشلة وتعمل لصالح رياض شاليش في النهاية.
أذكر في وقتها قاموا بإنجاز "مشروع طريق حلب- اللاذقية" الذي سموه طريق الساعتين، والشركة المنفذة هي شركة "الخرافي" وطبعًا شركة "الخرافي" معروف أنها تنفذ أعمالًا على مستوى العالم، أعمالًا ضخمة جدًا جدًا، وطريق حلب- اللاذقية هي أرادت مشاركة الدولة السورية في تنفيذه، وهي من باب الفزعة، ولكن رياض شاليش يريد أن يشغل كل معداته في هذا المشروع، يعني الروافع وغيرها، ولكن هذه الشركة لا تحتاج إلى معدات من أحد وهي لديها تجهيزات دولة كاملة في مجال العمران والبنية التحتية وأذكر في وقتها أنه اختلف معهم وتركت شركة "الخرافي" المشروع وهي ليست مستعدة أن تنفذ هكذا شيئًا. ويوجد حوادث شبيهة لها مثل فندق "الفور سيزن" وكان الأمير طلال هو الذي استلم المشروع وكانوا يريدون مشاركته، وفي النهاية ترك المشروع والمشروع حتى الآن لم ينتهِ أو انتهى منذ عدة سنوات وهكذا كانت المؤسسات قائمة عندنا. وأنا قضيت تقريبًا فترة سنة ونصف في "الشيخ نجار" وبعدها عندما أصبح يوجد مضايقات في العمل حاولت أن أترك، وفي النهاية تركت، وطبعًا المهندسون الموجودون هناك أو مساعدو المهندسين أو العمال كلهم موظفون، ورواتبهم دائمًا متأخرة في المؤسسة لستة أو سبعة أشهر، وطبعًا هذه الرواتب في حساب المؤسسة في البنك ولكن قد يكون مسؤولو المؤسسة يعملون بهذا المال في البنك ويأخذون عليه فوائد، وبعدها يعطون الموظفين الرواتب، هذا عدا عن الموظفين الذين يشاركون الرائد في المشروع تُقدَّم لهم منازل في الحمدانية وطبعًا المهندس يأخذ منزلًا كرشوة وليس من المعقول أن يخالف أي شيء آخر في العمل.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/03/08
الموضوع الرئیس
مؤسسات الدولة في نظام الأسدكود الشهادة
SMI/OH/77-05/
أجرى المقابلة
بدر طالب
مكان المقابلة
الباب
التصنيف
مدني
المجال الزمني
قبل الثورة
updatedAt
2024/03/22
المنطقة الجغرافية
محافظة حلب-الشيخ نجار / المدينة الصناعيةمحافظة حلب-مدينة البابشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
مؤسسة الإسكان العسكرية