انحسار الدور السلمي بعد هيمنة الجانب العسكري على الساحة السورية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:22:05:24
كما ذكرنا من قبل أنه بالنسبة لنا كمجموعة في الحركة [حركة العدالة والبناء] ومجموعة من الناشطين كنا نتعاون معهم، كان خيارنا بشكل واضح هو التغيير السلمي.
ولم نكن نرى أن هناك إمكانية لأي طريقة أخرى، وعندما بدأت ثورات الربيع العربي بدأت أيضًا على نفس النموذج (نموذج التغيير السلمي) وهذا زاد قناعتنا بهذا المنهج، وعندما حصل نجاح لهذا الشيء في عدد من الدول العربية تحديدًا في تونس ثم مصر، فإن هذا الشيء جعل هناك تكريسًا لهذا المفهوم، والأمر نفسه [بالنسبة لنا] بما يتعلق بالثورة السورية.
حصل بدء التعقيد في هذا الموضوع عندما واجهنا حالة كنا من قبل درسناها، وكانت حالة محتملة، وهي أن يكون رد النظام عنيفًا جدًا، وفى أمثلة الدول الأخرى، إذا كان رد النظام عنيفًا على الشعب على الأغلب تحصل انهيارات في الجيش أو انهيارات في القوى الأمنية الداعمة للنظام؛ لأنها لن تأخذ قرارًا وتقاتل شعبها وأقرباءها وأهلها، وكان هذا أحد الاعتبارات التي لدينا أنه احتمال أنها تكون بديلًا عن موضوع العنف، وهذه هي النقطة الأولى، والنقطة الثانية: التعقيد الذي حصل مع بدء استهداف المتظاهرين، كان هناك كلام أنه ماذا سنفعل؟ هل سنستمر في السلمية، أم ندافع، أم نحمي؟ وفي تلك الفترة كان من الصعب جدًا أن يقال للناس: يجب عليكم التضحية فقط. بمعنى أنه يجب أن تستقبلوا الرصاص بدون أن تفعلوا أي شيء، ويجب عليكم التحمل، ويجب عليكم تقديم التضحيات، ولكن هذا هو المسار الصحيح، ولا تتجهوا إلى الشيء العنيف؛ لأن هذا الشيء سيكون في مصلحة النظام في النهاية. ولكن العنف الذي حصل تجاه المتظاهرين جعل هناك رد فعل كبير تجاه الحماية، وهنا بداية الموضوع، ولا شك أن الناس بدؤوا في موضوع حماية المظاهرات وحماية المتظاهرين، وكان هدفهم نبيلًا وشريفًا، وكان هدفهم حماية أهلهم وحماية هذا الجنين الذي يتشكل والذي اسمه الثورة. ولكن لأنه لم يكن يوجد قيادة للثورة مركزية أو أنها تستطيع الموانة (التأثير) بشكل عام، وهذا الشيء تكلمنا عنه من قبل بمعنى قيادة سياسية تستطيع أن تعطي رسائل، وتستقبل الرسائل بشكل صحيح، وتم ترك الموضوع لتنظيمات المظاهرات المحلية، وهنا حصل توجه باتجاه موضوع الحماية، وهذا يعني بالضرورة استخدام السلاح (استخدام العنف)، وهنا حصلت حالة طبعاً بالنسبة لنا لم تكن هي الحالة المثالية، ولكن هي حالة واقعية، يعني لا يستطيع الشخص البعيد عن المشهد أو خارج هذا المشهد خارج سورية أن يطلب من الناس عدم حماية أنفسهم أو يطلب منهم عدم حماية المظاهرات، وشيئًا فشيئًا أصبح هناك انتقال للتسليح الذي بناء عليه أصبح يوجد فصائل وحراك عسكري والتطور الذي حصل، وهذا التطور باعتقادي كان تطورًا طبيعي لم يكن مدروسًا، ولم يكن مخططًا له، ولم يكن ضمن الاستراتيجية، وكان تطورًا طبيعيًا، يعني من الطبيعي أن الإنسان عندما يحصل عليه هجوم أن يدافع عن نفسه، ومن الطبيعي أن الإنسان عندما يشعر بالخطر يجب أن يحمي نفسه، وكان هذا هو الشيء الذي كان يحصل إضافة إلى أنه يوجد بعض الجهات التي هي ضمن الثورة كانت عندها قناعة أن النظام لن يسقط إلا بالعنف.
كنا مقتنعين تمامًا بالمنهج ومنهجية المقاومة السلمية بأن النظام عنده إمكانية أن ينهار إذا استمرت استراتيجية المقاومة السلمية، وهي تحتاج إلى الوقت والتضحيات، ولكن لا شك في النهاية إذا الشخص قارن بين هذه التضحيات وهذه التضحيات، فإن تضحيات المقاومة السلمية تكون أقل بكثير، ولكن أعود وأقول: لم تكن هناك قيادة تستطيع أن تلزم الناس. وثانيًا- هناك رد فعل عنيف من قبل النظام، وأجبر أطرافًا معينة على أن تذهب إلى خيار حماية الناس وحماية المتظاهرين والتسلح. والنقطة الثالثة: أنه كان يوجد أشخاص غير مقتنعين بأن المظاهرات السلمية لوحدها تستطيع التغيير أو النموذج السلمي يستطيع التغيير. نحن واجهنا هذا الواقع، وعندما بدأ الحراك العسكري يأخذ زخمًا أكثر فأكثر، لم يعد عند الإنسان فرصة حتى يعود إلى الوراء، ويتكلم بالمثاليات، ويتكلم بالنظريات، وإنما يتعامل مع الواقع في ذلك الوقت، ونحن كانت رؤيتنا في الأساس هي التغيير السلمي، ولكن عندما الثورة يصبح عندها مستجدات وتتطور بطريقة معينة، وتصبح بشكل طبيعي هي تحمي نفسها بسبب العنف المفرط الذي جاء من طرف النظام فنحن يجب أن نحاول أن نأقلم أنفسنا مع هذا الشيء، بحيث أننا ندعم هذا التوجه العام، ونحاول تأطيره ضمن الإطار السياسي الذي يوصلنا إلى موضوع التغيير في سورية.
لا يوجد أسماء معينة في بالي، ولكني أعرف أشخاصًا من شبابنا الذين كانوا من رواد السلمية استطاعوا التعايش مع الحالة المستجدة للموضوع العسكري، وحاولوا جهدهم خلال تلك الفترة أن يجعلوه في الجانب الذي له علاقة بالحماية والدفاع، وليس الذي له علاقة بالهجوم أو أخذ المبادرة العسكرية.
أول شيء هو الشيء الغريزي الذي له علاقة بالحفاظ على النفس وحب البقاء، هو فيما بعد يتغلب على جميع الأفكار الأخرى، وأضف إلى ذلك أنه بدأت تخرج بعض الطروحات بأن هذا النظام لا يمكن أن يسقط بالطرق السلمية، ويجب أن يكون هناك شيء عسكري وله علاقة بالمواجهة العسكرية، ولاشك أن الموضوع العسكري دائمًا هو جذاب أكثر وخاصة بالنسبة لشريحة الشباب أكثر من الشيء السلمي وأكثر من الشيء السياسي، وربما وهنا أقول ربما كان النظام مدركًا لهذا الشيء، فأعطى نوعًا من المساحة التي مكنت فكرة البدء بالحراك العسكري أن تنتشر.
أعود وأقول: لماذا النظام له مصلحة في هذا الشيء؟ النظام له مصلحة أن الشعب السوري أو الثورة تواجهه في أدواته هو، والنظام منذ بداية إنشائه تم إنشاؤه على العنف والأمن والسيطرة الكاملة، وإذا واجهناه بطريقة التغيير السلمي فإن أموره تصبح فوضوية، ولكن إذا واجهناه بأدواته فهو في وقتها أولاً- يستطيع أن يواجه، ويستخدم أدواته بشكل فعال. وثانيًا- عنده قناعة بأن عنده القدرة وبنية الدولة التحتية التي من خلالها يستطيع قهر هذا الشيء. لذلك وجهة نظر النظام من البداية كانت هي عبارة عن إنهاء هذا الشيء بشكل كامل واسترداد كل "إنش" في سورية حتى يعود مرة أخرى إلى ما قبل آذار عام 2011 ، بمعنى السيطرة الكاملة، ونحن نعرف أن النظام خلال فترة معينة في شهر ستة (حزيران/ يونيو) وسبعة (تموز/ يوليو) لأنه أصبح عنده إشكالية حقيقية بالموضوع السلمي وموضوع المظاهرات، وأصبح تحت الضغط الحقيقي حتى من داخل مجموعاته ومن الدول والإقليم، بالنهاية هذا الشعب يتظاهر، يعني لم تعد توجد سردية تستطيع أنت الدفاع فيها عن نفسك كنظام، وفي تلك الفترة، النظام قام بحملة ممنهجة لاعتقال قادة الحراك السلمي، وفي نفس الوقت، قام بحركة مقابلة أو موازية لها من ناحية الزمن وغير بريئة على الإطلاق، أنه أطلق سراح عدد كبير من المعتقلين الإسلاميين الذين كانوا معتقلين على خلفيات إما جهادية أو على خلفيات أصولية بما فيها السلفية الجهادية، وطبعًا هؤلاء الناس عندما خرجوا لم يكونوا موجودين في السجن من أجل التسلية، يعني أثناء وجودهم في السجن كان هناك عدد كبير منهم، وكانوا يتكلمون بمشروع التغيير في سورية بناء على توجهاتهم وبناء على رؤيتهم للأمور، ونتيجة أنهم كانوا يعرفون كيف كان النظام يتعامل، وربما جزء منهم كانوا مشاركين في مواضيع العراق، وعنده دراية بالمواجهة العسكرية سواء في العراق أو سورية و كان يدرك تمامًا الدور الذي كان يلعبه النظام في هذا الموضوع، وكان عندهم معلومات مهمة فيما يتعلق بالجانب الأمني والعسكري من النظام، وإطلاق سراحهم في هذا الوقت أيضًا أعطى زخمًا للفكرة القائلة: إن الطريقة المثلى للمواجهة هي الموضوع العسكري.
أستطيع أن أقول وهذا كان مفاجئًا بالنسبة لي مع بدايات عام 2013 : إن عددًا مهمًا من قادة الحراك العسكري، و تحديدًا من حركة أحرار الشام كان عندها تصور أوضح من السياسيين لموضوع الفترة التي يستطيع النظام المقاومة فيها في الوقت الذي كان عندنا سياسيون تقريبًا مقتنعون بأنه في عام 2011 وعام 2012 النظام سينهار، ولكن برأيهم أن هذا الكلام غير دقيق، و أننا يجب أن نعمل على استراتيجية من خمس إلى عشر سنوات، وهذا كان بالنسبة لي أكثر شيء مفاجئ عندما حصلت حوارات؛ لأنه في عام 2013 عندما كنت أسمع هذا الكلام، وأقارنه بالشيء الذي كنا نتكلم به كسياسيين أصبح عندي انطباع بأن هؤلاء الناس ربما كانوا يعرفون النظام أكثر بكثير من السياسيين، وطبيعة النظام وقدرات النظام وتحالفات النظام، وفي الوقت الذي كان السياسيون يقولون: ستة شهور وسنة ونصف السنة وثلاثة أشهر وما إلى ذلك. كانت أطراف أخرى في الثورة وتحديدًا التي كان لها جهد أساسي في العمل العسكري، ربما أقول: كان عندها فهم أكثر وضوحًا للفترة التي كنا فيها. وطبعًا في وقتها، عندما كان يُحكى هذا الموضوع كنا نتفاجأ، ونظن أنهم لا يفهمون الوضع الإقليمي والدولي، ولكن فيما بعد أعتقد أنهم كانوا أكثر من السياسيين فهمًا للوضع الإقليمي والدولي.
إذًا الموضوع الذي له علاقة بالحراك العسكري لم يكن عندنا فرصة ترف التنظير بهذا الموضوع، وكان يجب علينا أن ندعم هذا الشيء؛ لأنه في الأساس أوجد لحماية الناس وحماية الثورة وإلا لكان حصل إجهاض لها في مراحلها الأولى، وهذا الشيء تطور شيئًا فشيئًا حتى أخذ طابع حراك عسكري متكامل.
أعيد مرة ثانية وأقول: مشكلتنا مع بداية الحراك الشعبي ثم العسكري أولًا- نتيجة عدم وجود قيادة. وثانيًا- لا يوجد إستراتيجية بمعنى تضعها هذه القيادة. وثالثًا- لا يوجد تعامل مع التطورات التي تحدث. بمعنى أنه عندما بدأ يكون عندنا ملامح لحراك عسكري حاولنا النظر إلى الجهة الثانية، وحاولنا التصرف، وكأن هذا الحراك ليس جزءًا منا أو أنه غير مرتبط بنا، وكان هناك التباس، وأكثر شيء خطير في الرسالة السياسية عندما يكون هذا الالتباس موجودًا، وهذا يعطي رسالة خاطئة للمتظاهرين ورسالة خاطئة للحراك العسكري ورسالة خاطئة للدول بنفس الوقت، وأيضًا في وقتها يكون أثر من آثاره الأساسية أنه لا يكون هناك عمل حقيقي يقوم على إما احتواء هذا الشيء، أو تنظيمه، أو تنسيقه بشكل يتماشى مع الاستراتيجية السياسية.
بعد أن كان هناك قبول شعبي جيد للمجلس الوطني، وكانت هناك حاجة إلى هذا المجلس، يعني الناس يريدون الإحساس بأن عندهم قيادة وصوت سياسي وجهة تستطيع التكلم مع الإقليمي والدولي والعالم، ولكن بنفس الوقت يريدون أحدًا يتكلم مع الناس، وهذا كانوا دائمًا يقولونه لنا، بمعنى إنه لا يوجد أحد يتكلم بشكل مباشر مع الشعب السوري، وهذه الفكرة نحن أضأنا عليها، فكان هناك الكثير من الأشخاص في إعلان دمشق يطلبون من الإعلان أن يقوم بهذا الدور، وباعتبار أيام الجمعة كانت هي أيقونات الثورة، وهي الوقت الذي يحصل فيه أكثر حراك شعبي، فربما هذا هو الوقت المناسب مرة واحدة كل أسبوع يحصل فيها خطاب للناس وخطاب للشعب السوري، ويأخذ بعين الاعتبار كل التطورات وكل المستجدات، وبنفس الوقت يعطي أفكاره و رسائل بما يتعلق بالأسبوع الذي بعده من ناحية العمل والتنظيم، وهذا طبعًا يكون بالتنسيق مع قادة الحراك الشعبي، ولكن هذا الشيء لم يحصل، ولأنه صار عندنا أكثر من طرف في المجلس فمن الضروري أن يكون هناك خطاب، وجاء عيد الأضحى، وهذا الكلام أعتقد أنه كان قريبًا من بداية شهر 11 /2011 فكان هناك مقترح أن رئيس المجلس يقوم بخطاب، وفعلًا هذا الخطاب سُجل وبُث عبر قناة الجزيرة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/03/19
الموضوع الرئیس
الحراك السلميبدايات الحراك العسكري في الثورةكود الشهادة
SMI/OH/129-50/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
11/2011
updatedAt
2024/08/01
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
حركة أحرار الشام الإسلامية
المجلس الوطني السوري
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
حركة العدالة والبناء