تحرير مدينة الباب وإنشاء المستشفى الميداني
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:28:01:12
في أول محاولة تحرير جمع عناصر الجيش الحر بعضهم ووضعوا خطة لتحرير المراكز الأمنية في مدينة الباب، وكان من ضمن الأشخاص المشاركين هو عبد القادر الصالح -رحمه الله- والكثير من القياديين في تلك الفترة من الجيش الحر والعناصر الموجودين، فكان الدخول إلى المدينة؛ يعني دخل الجيش الحر بطريقة جميلة جدًا والناس كانوا ينتظرون لحظة دخول الجيش الحر وكانت شعبية الجيش الحر 100% وأكثر والناس كلهم ينتظرون الجيش الحر حتى يحررهم من الشيء الذي يحصل واقتحام النظام للمظاهرات والمنازل، فكان الناس جدًا مسرورين بقدوم الجيش الحر، وطبعًا المراكز الأمنية كانت في مكان معين في المدينة ويوجد فقط المخفر هو في وسط المدينة فتمت محاصرة جميع المراكز على حدة، يعني أصبح الجيش الحر مجموعتين: مجموعة تحاصر المخفر ومجموعة تحاصر المراكز الأمنية التي يوجد فيها الأمن العسكري والأمن السياسي وأمن الدولة بالإضافة إلى عناصر الجيش الموجودين معهم، وهنا تمت محاصرتهم في اليوم الأول من بعد العصر وبدأ يدخل الجيش الحر ووضعوا خطة هجوم وحاصروا المخفر في وسط المدينة، ولاحقًا تحرر المخفر في اليوم التالي وهرب العناصر ومنهم من انشق وسلم نفسه للثوار ومنهم [من]هرب وأما المراكز الأمنية الأخرى وبسبب التحصين القوي جدًا ونوعية السلاح الموجودة لديهم فلم يستطع الجيش الحر تحريرها، وبقي الجيش الحر حتى اليوم الثاني عصرًا ولم يستطع تحريرها، وطبعًا خلال هذه الفترة كان الناس يقدمون الطعام للجيش الحر، ويقدمون الماء وحتى النساء بدأوا يطبخون في منازلهم يطبخون الطعام ويوزعونه على الجيش الحر، وطبعًا هذا الشيء رأيناه بأعيننا في تلك الفترة، ولم يستطع الجيش الحر تحرير شيء من المراكز الأمنية إلا المخفر، وفي هذه الأثناء كانت تحصل مفاوضات بين قيادة النظام في منطقتنا وبين وجهاء مدينة الباب، ولأنهم لم يستطيعوا التحرير فكان إما أن ينسحب الجيش الحر من المدينة ويترك حصار المراكز الأمنية أو أن النظام سوف يقصف المدينة بالمدفعية الموجودة في مراكز الجيش القريبة من المدينة في الثانوية الزراعية التي يتمركز فيها الجيش وفي النهاية تواصل وجهاء المدينة مع قيادات الجيش الحر الموجودين، واتفقوا أن ينسحب الجيش الحر من المدينة وأن يسمح للمظاهرات بالخروج بدون الاقتراب منها، ويبقى النظام في مراكزه الأمنية فقط، وأي مظاهرة تخرج لا يتعرض لها ولا يقمعها، وفي تلك الفترة كان للنظام شرط وهو ألا تتم الإساءة للرئيس أو شتائم للرئيس يعني لا تكون الشعارات مسيئة لشخص الرئيس بشار الأسد، وطبعًا عناصر الجيش الحر انسحبوا على مضض وكانوا منزعجين بسبب عدم تحرير المدينة، ولكن الناس كان لديهم نظرة بأنه يجب أن نجنب المدينة الصدام ونجنب المدينة القصف ونحصل بالمقابل على التظاهر بأريحية في المدينة، فانسحب الجيش الحر ولاحقًا ازدادت أعداد المظاهرات وأصبحت المظاهرات في ساحة الحرية في المدينة وحتى إنه وصلت الأعداد إلى 20 و30 ألف في تلك الفترة، والنظام لم يعد يقترب من المظاهرات وهذا كان هو الشرط حتى جاءت بعدها خلية الأزمة (تفجير خلية الأزمة) وتحرير المدينة في تلك الفترة.
الجيش الحر استقر في الريف الشمالي في عدة مناطق في الريف الشمالي في تل رفعت ومارع واختارين وهذه المناطق، وكان له أريحية في التحرك بسبب عدم وجود مراكز أمنية في تلك المناطق، وفي تلك الفترة كان النظام يهجم على عدة مناطق في الريف الشمالي مثل تل رفعت في وقتها اقتحمها النظام، ويوجد موضوع حصل في تل رفعت وهو أن احد المحلات التي تبيع الحلويات في الريف الشمالي قام بتسميم الحلويات، وعندما اقتحم الجيش وكان معروفًا أن الجيش عندما يقتحم هو يقتحم حتى يسرق وينهب ويقتل، ومباشرة سرقوا الحلويات وبدأوا يأكلونها فتسمموا لاحقًا وهو أحد الأمور التي حصلت.
المعركة الكبيرة التي كانت في تلك الفترة هي في مدينة اعزاز التي سميت مقبرة الدبابات لاحقًا، وطبعًا أعزاز أهميتها الاستراتيجية أنها مكان حدودي مع دولة مجاورة وهي تركيا وفيها معبر حدودي، فكان لها أهمية كبيرة لدى النظام، وأنه لا يجب أن تسقط من يده أو يسيطر عليها الثوار، فحاول بشتى الوسائل أن يمنع السيطرة عليها، ولكن كان تهالك النظام بشكل متوالٍ جدًا، بالإضافة إلى ازدياد عدد الثوار، وازدياد إمكانياتهم كان له دور كبير وحتى ازدياد العناصر الذين انشقوا من الجيش والضباط الذين انشقوا كان لهم دور كبير في تنظيم صفوف الجيش الحر وقدرته على القيام بمعارك في تلك الفترة، وأحد أهم المعارك في الريف الشمالي هي معركة أعزاز، وطبعًا الجيش الحر الذي كان موجودًا في الباب ذكرنا أنه قرر الانسحاب من الباب، مقابل أن يترك النظام المظاهرات فذهب إلى الريف الشمالي، وكان يشارك في كل المعارك التي تحصل في الريف الشمالي، وفعلًا كان الجيش الحر في الباب "كتيبة أبو بكر" مشاركة في معركة تحرير أعزاز، والنظام كان يرسل الأرتال تلو الأرتال وكان الجيش (الحر) ينصب لهم كمائن متعددة على طريق أعزاز حتى لا تصل الأرتال إلى أعزاز، وآخر محاولة كانت والجميع كان يعتقد أنه سوف تسقط مدينة أعزاز، كانت عندما حاول النظام بشكل كبير أن يقتحمها بالدبابات، ولكن الجيش الحر كان لديهم حشوات (قذائف مضادة للدروع) واستطاعوا إعطاب الدبابات حتى لا تحتل المدينة، وعلى أثرها تم تدمير عدد كبير من الدبابات، أعتقد 16 أو 17 دبابة تم إعطابها وتدميرها فسميت أعزاز بـ "مقبرة الدبابات" وطبعًا كان كل الريف مشاركًا في المعركة، كل الريف الشمالي كان مشاركًا في المعركة والحمد لله استطاعوا إيقاف النظام عن جرائمه في تلك المرحلة وتحررت مدينة أعزاز.
أحد القياديين في "كتيبة أبو بكر" هو الشهيد منير النجار -رحمه الله- كان مشاركًا في المعركة وسقط شهيدًا في مدينة أعزاز، ومنير نجار هو من أوائل المعارضين للنظام والذين خرجوا في الثورة في عام 2011 وكان له دور كبير في تنظيم صفوف الشباب وتنظيم المظاهرات وحمايتها بنفس الوقت، وأنا أذكر أنه عندما تم استدعاؤنا إلى فرع الأمن العسكري كان معي منير نجار وجلسنا بجانب بعضنا وحصل نقاش بيننا وبين العميد كفاح الذي كان هو نائب رئيس فرع الأمن العسكري في حلب وكنا نتكلم عن الفساد مع العميد كفاح وحتى إن منير نجار -رحمه الله- قال له: أنتم تقومون بإصلاح الفساد ونتفاجأ بأنكم تزيلون شخصًا فاسدًا وتضعونه في مكان معين كمدير وتقومون بترفيعه بدلًا من إزالته، فكان يوجد نظرة من العميد كفاح أنه سوف ينتقم منا ذات يوم، يعني كيف نحن نتكلم معه هكذا! وكيف نتجرأ ونقول له: أزلتم شخصًا فاسدًا وسلمتموه، فكانت حجته أنه يمكن أن تحصل أخطاء ويمكن أن يتم تعديلها، وفي الحقيقة هي كانت سياسة من النظام متبعة فكان منير نجار لديه شخصية متميزة جدًا بالكلام والمواجهة ولديه شخصية قيادية وحتى إنه استطاع قيادة الكثير من الشباب وتنظيم صفوفهم والشباب كانوا في أعمار مختلفة ويوجد عناصر من الجيش الحر عمرهم 50 سنة و40 سنة و30 سنة وممكن 20 سنة فكانت الأعمار مختلفة وهو كان شخصية جاذبة لكل هؤلاء الأشخاص، واستطاع بحكم أن لديه قدرة على تنظيم هكذا أمور فاستطاع تنظيم هؤلاء الأشخاص باتجاه معين ولا تنفلت الأمور بشكل عشوائي.
استشهد منير نجار أثناء الدفاع عن مدينة أعزاز -رحمه الله- وكان له جنازة كبيرة في المدينة وخسرت البلد شخصية جدًا مهمة في المدينة معارضة ومنظمة للحراك السلمي، ولاحقًا للحراك العسكري في مدينة الباب وأحد الشخصيات المهمة جدًا في المدينة رحمه الله.
بعد تحرير أعزاز انتقل الجيش الحر إلى تحرير مواقع أخرى في الريف ومدينة الباب كانت في مرحلة الهدنة أو مرحلة "الصلح" المبدئي غير المشروط بمدة زمنية، فانتقل الجيش الحر لتحرير مدينة جرابلس وحاصروا الأمن العسكري في مدينة جرابلس وسقط لدينا شهداء من مدينة الباب ومن ضمنهم محمود عثمان، وحتى إن جثته بقيت لمدة يومين حتى استطاع الشباب سحب جثته لبعد تحرير جرابلس، وطبعًا نحن كنا نصلي على الجنازات في المدينة وكنا نأخذهم بجنازات مهيبة وأعداد ضخمة وكبيرة جدًا، وحتى إننا [في] إحدى الجنازات أُجبرنا على المرور من أمام المراكز الأمنية وكان يتم الدفن في تحدٍ للنظام من الشعب، يعني تحد صارخ للنظام من الشعب، وطبعًا النظام لم يكن يتجرأ أن يرد علينا لأنه يخاف أن تكون ردة الفعل قوية تجاهه.
تحررت مدينة جرابلس ولاحقًا تحررت قرية العريمة التابعة لمدينة الباب عن طريق انشقاق الضباط الموجودين فيها.
عندما جاء موضوع تفجير خلية الأزمة كان الجيش الحر في انتصارات متتالية وكانت الروح المعنوية عالية جدًا، والتأييد الشعبي كبيرًا للجيش الحر والدعم الشعبي كبيرًا للجيش الحر، وطبعًا دعم ضمن المستطاع، وكان الناس يدعمون الجيش الحر بكل شيء يستطيعونه بالطعام والشراب واللباس ورواتب لأهلهم الموجودين في المدينة ويقدمون مساعدات شهرية لأهلهم فكانت المعنويات عالية ومرتفعة لدى الجيش الحر، والناس في مدينة الباب كانوا يرون أن الريف الشمالي أصبح خارجًا عن سيطرة النظام ومن المفترض أنه نحن أيضًا نخرج عن سيطرة النظام، وفعلًا كانت خلية الأزمة هي سبب للتقدم باتجاه تحرير المدينة، وبعد تفجير خلية الأزمة بيوم وبشكل عفوي وأمام دوار السنتر في مدينة الباب بدأنا نتجمع نحن المتظاهرين السلميين ونحمل لافتات وأعلامًا، وبدأ الناس يتجمعون حول الدوار، وهنا قال [بعض] الناس للجيش الحر لا داعي للدخول إلى المدينة حتى لا يحصل قصف، ولكن هنا الجيش الحر أخذ قرارًا باقتحام المدينة وتحريرها من المراكز الأمنية، وطبعًا هذا الشيء توافق مع قبول شعبي لتحرير المدينة مع إرادة من الجيش الحر وفعلًا في ذلك اليوم عصرًا أعتقد في تاريخ 18 تموز/ يوليو 2012 تقريبًا الساعة 5:00 عصرًا بدأت أرتال الجيش الحر بالدخول إلى المدينة، وطبعًا المراكز الأمنية محصورة في أماكن معينة يعني في وسط المدينة ومن الناحية الغربية وتم حصار جميع المراكز الأمنية، وفي البداية تم إعطاؤهم أمرًا بالانشقاق وأنه من ينشق سوف يأمن على نفسه وهو حر في النهاية، فحصلت بعض الانشقاقات، والكثير لم ينشق وبعدها تم الحصار وحصلت معارك كبيرة وفي اليوم الثاني أو اليوم الثالث حتى استطاعوا تحرير المدينة مع سقوط الكثير من الشهداء في مبنى البريد الذي كان بناء مرتفعًا جدًا وعلى سطح البريد، نشر النظام القناصة، وكانوا يقنصون كل الناس فسقط الكثير من الشهداء في المدينة أعتقد 18 أو 19 شهيدًا، ولاحقًا تحرر مبنى البريد وأصبحت المدينة كاملة محررة ما عدا الثانوية الشرعية [الزراعية] التي تبعد عن المدينة تقريبًا 1 أو 2 كيلو متر حيث كان يتمركز فيها الجيش بدباباته وعتاده الكامل.
طبعًا سبق يوم الجمعة أن النظام اقتحم مظاهرة وحاول أن يمنعها، ولكن بسرعة خاطفة، واستشهد طفل عمره 13 سنة من عائلة أبو كشي وتم دفنه، وطبعًا هذه الحادثة جاءت مترافقة مع [تفجير] خلية الأزمة، وكان يوجد قرار أن الريف بدأ يتحرر وكل المدن تحررت بهذه الطريقة وذكرنا لاحقًا كيف تم تحرير المدينة، وبقيت فقط الثانوية الزراعية التي يتمركز فيها عناصر الجيش مع العتاد الكامل والدبابات.
في هذه الأثناء عندما تحررت المدينة طبعًا أنا بالنسبة لي كنت أعمل بالعمل المدني وهو تنسيق المظاهرات والمظاهرات السلمية، وعندما أصبح يوجد معارك زاد النظام من حدة إجرامه، ونحن لدينا في مدينة الباب بدأ النظام يقصف ونحن حسبنا حساب أن يحصل التحرير فأعددنا العدة من أجل الإسعافات الأولية حتى نسعف الناس والجرحى.
اليوم الأول في تحرير الباب كانوا يأخذون الجرحى إلى المشافي الموجودة في المدينة إلى مستشفى الماجد ومستشفى الفتح، وطبعًا المستشفى الوطني كان خارج الخدمة لأنه في مكان قريب من الجيش ولا يوجد أطباء يداومون بسبب الأعمال العسكرية التي حصلت، فانتقلنا إلى مرحلة العمل الميداني ضمن المستشفى وهو المستشفى الذي بدأ تأسيسه [قبل] فترة صغيرة وهي عبارة عن نقاط إسعافية في البداية، وطبعًا سابقًا نحن أعددنا بعض العدة أنا ومجموعة من الشباب اشترينا كمية من معدات إطفاء الحريق، واستفدنا منها في المرحلة الأولى في المعركة الأولى التي لم يتم فيها تحرير الباب، ووزعناها في مراكز معينة ووزعناها على الأقبية والمدارس حتى إذا حصل حريق بشكل مفاجئ نتيجة الأعمال العسكرية يتم إطفاؤه، ونفس المجموعة وبعد تحرير الباب مباشرة انتقلنا إلى مستشفى ميداني ونحن أسسناه في جامع عبد الله بن عباس أو جامع الشيخ دوشة المعروف في المدينة، وتم تأسيسه في القبو بمعدات بسيطة التي هي عبارة عن بعض الأسرة والإسفنج والفرشات وأبلغنا بعض الأطباء أنه أصبح يوجد مستشفى وأذكر أنه في اليوم الأول من رمضان بدأنا بتجهيز المستشفى ونزعنا السجاد من المسجد وفرشنا الأسرة، وكان لدينا ثمانية أسرة، وبدأنا بإحضار العدد الطبية من المستشفى الوطني الموجود في المدينة بحكم أنه خرج عن الخدمة، فبدأنا بإحضار العدة الموجودة ووضعناها في المسجد وأصبح مستشفى ميدانيًا، وطبعًا وجوده كان ضروريًا جدًا لأن المستشفى الوطني خرج عن الخدمة، والنقطة الثانية أنه بدأت هجمة النظام على المدينة بقصف مدفعي مستمر من قبل الجيش المتمركز في الثانوية الزراعية، ويوميًا بدأت تصلنا إصابات قبل الإفطار بربع ساعة لأن النظام يقوم بقصف المدينة وسقط الكثير من الشهداء ما عدا بتر الأرجل والأيدي التي كانت تصلنا، وكان يسقط الكثير من الشهداء بسبب القصف المدفعي والطاقم الطبي الذي لدينا هو طاقم من المدينة، وكان لدينا طبيب اسمه علي السلوم من ريف إدلب وهو من أوائل الأطباء الذين التزموا بالمستشفى وترك عمله وعيادته والتزم بالمستشفى ليلًا ونهارًا ودون أن يغادر، والكثير من الأطباء من المدينة كانوا موجودين يعالجون الناس مثل الدكتور عمار السايح وأحمد عابو والدكتور فادي حاج علي الذي كان له دور كبير ومميز في المدينة عدا الممرضين وغيرهم، وكان الحمل الأكبر على عاتق المتطوعين الموجودين وطبعًا نحن كنا متطوعين وعددنا عشرة أشخاص أو 15 ولا يوجد منا طبيب، ونحن كنا متطوعين ونؤمن كل شيء وجهزنا فريقًا إسعافيًا لإسعاف الناس عندما يدخلون إلى المستشفى ولاحقًا تم تجهيز فريق إسعافي ليحضر الناس من أماكن القصف ووزعنا المهام في المستشفى الميداني.
بدأ الشباب الصغار في عمر العشرين وحتى إنه كان لدينا شباب طلاب طب سنة أولى أو يدرسون التمريض أصبحوا يساعدون الأطباء في موضوع العلاج، وخاصة عندما يحصل القصف لأنه أثناء القصف أحيانًا يأتينا 30 أو 40 إصابة، ويسقط منهم 10 شهداء، ومنهم عملية بتر أو عمليتان ما عدا الإصابات الحربية في الرأس أو البطن، فتوزع الشباب الذين لديهم خبرة في هذا الموضوع مع الأطباء ولاحقًا أصبح لديهم خبرة كبيرة وأصبحوا ممرضين وأصبحوا يشاركون الطبيب في العمليات ويكونون مساعدين للأطباء في العمليات.
هذه الفترة هي فترة سوف نتحدث فيها كثيرًا عن المستشفى الميداني بحكم أنني كنت شاهد عيان وكنت أحد الإداريين الموجودين في المستشفى الميداني.
أسبوع تقريبًا أو عشرة أيام تم تحرير مبنى الزراعة من قبل الجيش الحر وارتاحت نوعًا ما المدينة من القصف المدفعي الذي كان يحصل من عناصر الجيش، وطبعًا عناصر الجيش قسم منهم انشق وقسم منهم هرب وقسم منهم قُتل، ونتيجة الصدام سقط لدينا عدد كبير من الشهداء من المدينة من الجيش الحر ومن المدنيين.
إذا أردنا التركيز قليلًا على المستشفى الميداني في هذه الفترة عندما تحررت المدينة واستقر عناصر الجيش الحر اتجهوا باتجاه تحرير حلب، وطبعًا تحرير حلب كان يحتاج إلى معارك أكبر من المعارك التي حصلت في الباب، وطبعًا الذين شاركوا في تحرير الباب هم ليسوا فقط من الباب، وإنما من كل الريف ومن أهالي حلب، فكان يوجد الكثير من الجرحى والكثير من الشهداء، وبالنسبة للمستشفى الجامعي في حلب هو يقع تحت سيطرة النظام في وسط مدينة حلب وحوله مراكز أمنية ولم يكن يوجد إمكانية حتى يسعفوا الناس إلى محافظة حلب، ونحن هنا في مدينة الباب على اعتبار أنها قريبة 40 أو 35 كيلو متر من مدينة حلب، وخاصة أن المعارك كانت في البداية في المناطق الشرقية القريبة من الباب، فكان كل الجرحى يأتون إلينا إلى المستشفى الميداني إلى الباب، ونحن في هذه الفترة حاولنا توسعة المستشفى وتوسيع عمل المستشفى وتوسيع طاقم المستشفى، وبدأ تنظيم العمل أكثر، وبدأت أرشفة العمليات التي تحصل وأسماء الجرحى، وبدأنا بوضع مناوبات للأطباء والطاقم التمريضي إلى أن جاء أطباء إلينا من اتحاد الأطباء العرب تقريبًا عشرة أو 15 طبيبًا من كل الاختصاصات، وهم في الحقيقة حملوا عبئًا كبيرًا عن المدينة، ونحن في مدينة الباب لم يكن لدينا كل الاختصاصات يعني كان لدينا مثلًا أطباء عظمية وجراحة بينما كان يلزمنا جراحة صدرية نتيجة الإصابات في الصدر، والاختصاص الأهم هو الاختصاص الوعائي، ونتيجة النزف كان يسقط عندنا الكثير من الشهداء بدون القدرة على علاجهم يعني يسقط الشهيد أمام عينك وأنت لا يوجد لديك طبيب يستطيع أن يقوم بإجراء عملية وعائية للجريح والحمد لله كان لهم دور كبير وتم تنظيم عمل المستشفى بشكل أكبر، وكان لدينا غرفة عمليات واحدة فأصبح لدينا غرفتا عمليات. وفي هذه الأثناء تحررت منطقة الشعار في حلب وكان يوجد مستشفى هناك اسمه دار الشفاء، وطبعًا كانت إمكانياتهم محدودة ولا يوجد لديهم أطباء وعبارة عن شباب متطوعين وممرضين وممكن أن يتواجد أطباء غير اختصاصيين ولكنهم كانوا يقدمون الخدمة التي يستطيعونها بحكم تواجد الأطباء في مناطق النظام بشكل أكبر في وسط مدينة حلب وبحكم المعارك التي حصلت نزح الكثير من الناس من المناطق التي حصلت فيها معارك، فلم يبق الكثير من الأطباء في محافظة حلب والنقطة الثالثة بحكم أن محافظة حلب كانت فئاتها المثقفة بنسب كبيرة هي مؤيدة للنظام، فلم تكن تشارك في موضوع الثورة ولا حتى في الأعمال الإنسانية، يعني إصابات الجرحى تعتبر عمليات إنسانية بغض النظر عن الطرف يعني نحن مثلًا في المستشفى الميداني أثناء تحرير الزراعة (مدرسة الزراعة) كان يأتي جرحى من عناصر الأمن والجيش وكنا نعالجهم في المستشفى مثل أي جريح آخر وتتم معالجته وإجراء العمليات اللازمة لهم وإخراجهم من المستشفى، بينما في مناطق النظام على العكس تمامًا كان هذا الموضوع غير ممكن أن يحصل كما حصل عندنا فكان يوجد ضغط كبير على المستشفى الميداني وحتى لاحقًا بدأت تصلنا إصابات من الريف الغربي، وأذكر إحدى الإصابات جاءنا ضابط ومعه شخص مصاب في قدمه إصابة كبيرة وتم علاجه في المستشفى ونحن في المستشفى كنا نعالج ضمن إمكانيات محدودة من ناحية التجهيزات يعني في حالات الكسر لم يكن لدينا قضبان حديدية فكنا نضطر إما أن نشتريهم أو نقول لأهل المريض يجب عليكم إحضار قضبان حديد حتى يستطيع الأطباء إجراء العملية، وطبعًا مجانًا وبدون أي مقابل، وأحيانًا نحن كنا نستطيع تأمين من جهات معينة نستطيع تأمين قضبان، أو بعض الأشخاص يسألون ماذا تحتاجون في المستشفى فيحضرونها لنا.
إحدى الإصابات كان يتكلم معي مسعفه وطبعًا أسعفوه إلى الباب، يعني تخيل من الريف الغربي لمحافظة حلب مرورًا بعفرين واعزاز حتى يصل إلى الباب، يعني مسافة كبيرة جدًا وتحتاج إلى ثلاث ساعات بالسيارة حتى تصل، ولكن لعدم وجود مشافٍ في تلك المناطق كانوا يحضرونهم إلينا إلى المستشفى الميداني في مدينة الباب، وكان الضابط (المنشق) الذي معه هو المسؤول عنه وعرفني عن نفسه أنه رضوان أو أبو رضوان وهو من الريف الغربي وقال لي الضابط: أريد أن أطلب منك شيئًا وهو أن تنتبه على هذا المصاب، هو أصيب لدينا في الكتيبة وهو من الطائفة العلوية وقال لي إنه منشق ويقاتل معنا وأصيب، وفعلًا نحن عالجناه مثل أي مريض، وأذكر أنهم تبرعوا للمستشفى بمبلغ معين طبعًا مبلغ بسيط.
الإصابات التي كانت تصل من حلب كانت كبيرة ويتم علاجها، وكان لدينا اتحاد الأطباء العرب ومعظمهم مصريون ويمنيون وليبيون، وطبعًا اتحاد الأطباء العرب يضم من جميع الدول العربية، ولكن أكثرهم من المصريين ومن معظم الاختصاصات ونحن في هذه الفترة، وقبل أن يأتي الأطباء المصريون كنا نضطر أن نحول الإصابات التي لا نستطيع معالجتها إلى تركيا وطبعًا التحويل إلى تركيا هو عن طريق الحدود عن طريق الراعي من مكان سكة القطار الموجودة، وكنا نعطي خبرًا للأتراك الموجودين أنه لدينا إسعاف، فكانوا يحضرون سيارة إسعاف ويأخذون الجرحى بدون وجود معبر، ويتم هذا الأمر من التيل (السور الحدودي) ونحن قمنا بفتح طريق من التيل وهم يأخذون الجريح ويضعونه في سيارة الإسعاف ويأخذونه إلى المشافي التركية حتى يتم علاجه.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/04/01
الموضوع الرئیس
تحرير مدينة البابكود الشهادة
SMI/OH/77-16/
أجرى المقابلة
بدر طالب
مكان المقابلة
الباب
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2012-2013
updatedAt
2024/11/14
المنطقة الجغرافية
محافظة حلب-تل رفعتمحافظة حلب-مدينة البابشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الجيش السوري الحر
الجيش العربي السوري - نظام
كتيبة أبو بكر الصديق - الباب
اتحاد الأطباء العرب