الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

"السبت الأسود" والاشتباك الأول في داريا

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:22:31:21

إذا تحدثت عن حياتي بعد اعتقال الشيخ نبيل (نبيل الأحمر) فقد اختلفت 180 درجة، يعني انتقلنا إلى حياة جديدة وأصبح رفيقك هو السلاح الموجود بين يديك وأنت أصبحت معرضًا للخطر وفي أي لحظة تُعتقل وتستشهد، وأصبح لديك مسؤوليات جديدة وأنت أصبحت مسؤولًا عن أخذ أي قرار تأخذه في حياتك، ومسؤولًا عن قرار خاص بمجموعتك أو المجموعات التي كانت تابعة لي وهي مجموعات الخلايا النائمة ومجموعتي الأساسية.

انتهى شهر كانون الثاني/ يناير وفي بداية شباط/ فبراير، تحديدًا 3 شباط/ فبراير 2012 كانت جمعة "عذرًا حماة سامحينا" وطبعًا في هذه الجمعة حصلت مجزرة في حي الخالدية وحصلت مجازر في أغلب المناطق السورية، والنظام كان مستشرسًا لقمع جميع المظاهرات، ولا أذكر إن كان يوجد مؤتمر يخص الأزمة السورية والنظام كان يريد إنهاء وقمع المظاهرات قبل هذا الشيء الذي سوف يحصل، ومثل العادة كان لداريا نصيب كبير من هذه الحملة الشرسة التي قام بها النظام وطبعًا في هذا الأسبوع حصل تنسيق مع الشباب الذين يخرجون في المظاهرات أنهم سوف يخرجون في المظاهرة ونحن سوف نحاول حمايتهم، والحماية أيضًا بنفس الطريقة من خلال العبوات والقنابل الصوتية وإغلاق الطرقات بالحاويات. 

والنظام قبل الصلاة تقريبًا بساعتين كان يحاصر جامع أنس وجامع العباس وجامع المصطفى، والمراكز الأساسية للمظاهرات كانت كلها محاصرة ونحن قررنا الخروج بمظاهرة عند جامع الصادق الأمين وهو أقرب مسجد على طريق المطار باتجاه معضمية الشام، وجامع مصعب بن عمير باتجاه أرض المغرب، وخطيب المسجد كان في جامع الصادق الأمين هو الأستاذ تميم الشربجي أبو بلال وهو كان عديلي، وكان من الخطباء المفوهين الذين ناصروا الثورة وشاركوا في المظاهرات السلمية التي خرجت، قررنا الذهاب إلى مسجد الصادق الأمين والصلاة في داخل المسجد وبعدها نخرج لأجل ممارسة عملنا، كنت أنا وعلاء حمدوني، وكان أخي مجد -رحمه الله- وكان يوجد عدة شباب في مسجد الصادق الأمين، وانتهت الخطبة وأثناء وجودنا في المسجد كنا نشعر بوجود تحركات خارج المسجد يعني المخبرين أخبروا الأمن أن غالب الذين يخرجون في المظاهرات أصبحوا موجودين في مسجد الصادق الأمين وجامع مصعب، وكان المسجدان يتم محاصرتهما في نفس الوقت. 

وانتهينا من خطبة الجمعة وبدأ الناس يخرجون من المسجد فوجدوا أن الجيش يغلق المسجد عند مدخل الرجال وأي شخص يريد أن يخرج يجب أن يبرز الهوية، وكان معي علاء حمدوني -رحمه الله- وعلاء جرب الاعتقال من قبل يعني اُعتقل لمدة شهرين تقريبًا، وقال: أنا اليوم أموت ولا أسلم نفسي، ومهما حصل لا أسلم نفسي، وقلت له: ماذا سوف نفعل؟ وكان يوجد شباك يطل على أرض وحاولنا الخروج منه وأيضًا كان محاصرًا ومغلقًا، ومباشرة أمسك علاء بيدي واتجهنا نحو مدخل النساء إلى مصلى النساء ومن باب النساء خرجنا، وأثناء خروجنا رآنا أبو كايد مسؤول الأمن (المساعد أول في المخابرات الجوية أحمد كايد العلي)، وحاول اللحاق بنا ولكننا ركضنا بين البنايات وأحد المدنيين -جزاه الله خيرًا- فتح لنا الباب واختبأنا عنده في المنزل وبقينا بحدود 4 ساعات عنده، ولكن أخي مجد لم يستطع الذهاب معي وكان معي أنس السقا -رحمه الله- أيضًا لم يستطع الخروج وأصبح بالي مشغولًا عليهم من الاعتقال، وطبعًا النظام هنا أغلق المداخل وبدأ يُخرج الناس على الهويات، اعتقل تقريبًا من أمام مسجد مصعب ومسجد الصادق الأمين الذي صلينا فيه بحدود 50 شخصًا، وكان النظام لديه باصات وأي شخص مطلوب مباشرة يوجد مخبرين موجودين مع النظام ومباشرة يأخذونه إلى الباص (الحافلة)، ومن ضمن المعتقلين اُعتقل أخي مجد واعتقل صديقي أنس السقا واعتقل خطيب المسجد عديلي تميم الشربجي واعتقل أعداد كبيرة.

يوجد موقف حصل من أحد الأشخاص المعاق جسديًا اسمه أبو صلاح الشامي، أثناء خروجه من المسجد أخطأ في حقه الضابط (أساء له في الكلام) وهو برتبة ملازم، وأبو صلاح كان من الجيش الحر الموجود في مدينة داريا ولكنه معاق ويوجد فقط إصبعين في يده وإصبعين في قدمه، وعندما أخطأ بحقه ومن شدة حماسه أمسك الملازم من أصابعه وكسرها أمام جميع الموجودين وكان صراخ الملازم يملأ المنطقة وتم اعتقال هذا الشخص وبدؤوا يضربونه.

أنا هنا كنت أجلس عند الناس المدنيين، وكنت أحاول التواصل مع أخي والتواصل مع الشباب الموجودين في المسجد، وتواصلت مع أحد الشباب وقال لي أنه اعتقلوا أخي مجد، وعندما سمعت خبر اعتقال أخي مجد ظهر في مخيلتي أمي، كيف سوف أخبر أمي أنهم اعتقلوا أخي؟ وأخي مجد استشهد فيما بعد في المعارك في مدينة داريا كان زينة عائلتنا، الطفل المدلل في العائلة كلها، ومنذ أن كان صغيرًا كان أشقرًا وجميلًا وشابًا ملتزمًا وخلوقًا، ثم جاءني خبر اعتقال أنس السقا، وأيضًا كيف سوف أخبر أهله أنه اعتقل؟ وفي النهاية بقي الأستاذ تميم في المسجد ولكن النظام دخل إلى المسجد واعتقله وجاءني خبر اعتقال عديلي، أيضًا كيف سوف أخبر زوجته وأهله؟

أنا هنا أصبحت في حيرة لأنه في 24 كانون الثاني/ يناير [2012] اعتقل الشيخ نبيل وفي تاريخ 3 شباط/ فبراير اعتقلوا أخي وعديلي وصديقي، واعتقلوا عددًا كبيرًا من الشباب أكثر من 50 شابًا، وفي نفس الوقت حصل اشتباك مع المتظاهرين وسقط أربعة شهداء في مدينة داريا يعني هذه الحملة الثانية وسقط فيها أربعة شهداء.

حصلت مظاهرات متفرقة من الشباب الذين خرجوا، يعني الشباب الذين خرجوا وتخطوا الحواجز من المساجد خرجوا في مظاهرات وحصل إطلاق نار عليهم وسقط أربعة شهداء، وفي معضمية الشام سقط شهداء، وحصلت مجزرة الخالدية في نفس التوقيت وأصبح لدينا شهداء ومعتقلين وأنا كنت مسؤولًا عن مجموعتي ومسؤولًا عن السلاح، وهنا أصبح يخطر ببالي خواطر مبنية على العاطفة وأنني سوف أقوم بإخراج السلاح وإطلاق النار على الدورية كلها وإخراج المعتقلين، أو نهجم على المطار أو على أي حاجز حتى نقوم بإفراغ الشحنة الموجودة داخلنا. 

وكنت أريد إخبار أمي، اتصلت مع والدتي حتى أخبرها بطريقة ما، ولكنها كانت تعرف من خلال أحد الجيران وقالت لي حاول إخراج أخوك، وقالت: إذا كنتَ لا تستطيع إخراجه أنا سوف أذهب لإخراجه، وجمعت الوالدة نساء الحارة في منطقة الخليج عندنا وقاموا بتطويق الباص الذي يوجد فيه المعتقلين، وهنا ازداد الهمً يعني إذا تعرض الأمن للوالدة وضربها أو استشهدت أو اعتقلت الوالدة فأنت ماذا يمكنك أن تفعل؟ وأصبحت أحاول التواصل مع الوالدة بأي طريقه حتى تعود، وأننا نحن سوف نجد طريقة ونخرجه، وحاولت النساء إيقاف الباص وإنزال المعتقلين ولكن النظام رفض الأمر بشكل قطعي وأخذ المعتقلين، وانطلق واتصلت بي الوالدة وقالت: لم أستطع إخراج أخوك وعليك محاولة إخراجه بأي طريقة، وكانت الوالدة تبكي وهي منهارة بشكل كامل، وكان من ضمن المعتقلين أيضا الشباب من ضمن حارتنًا، وهنا توترنا وأصبح لدينا أربعة شهداء وكان يومًا مرهقًا بالنسبة لنا. 

وفي المساء جمعنا الشهداء في منزل في منطقة المغرّب واجتمعنا مع أبو تيسير زيادة على أننا غدًا سنقوم بتشييع، وكيف هي آلية التشييع؟ فقال حتى هنا وكفى ويجب علينا إخراج كل السلاح الموجود معنا وأنا كنت مؤيدًا لهذه الفكرة وعلينا إحاطة البلد من مداخلها بشكل كامل، والشباب يشيعون الشهداء ويدفنونهم دفنًا يليق بهم، ونحن قمنا بإحاطة البلد في اليوم الثاني مع صلاة الفجر، وفي هذه الليلة لم ننم وبقينا مستيقظين ونقوم بالتجهيز لصلاة الفجر، وفي يوم السبت على صلاة الفجر أخرجنا كل السلاح الموجود معنا، وأنا أحضرت السلاح من خان الشيح ووضعته في أرض النبعات في مدينة داريا، وأخرجنا السلاح وجهزنا مجموعة الـ 12 شخص كلهم كانوا مسلحين وجاهزين، والذخيرة كانت قليلة وكان يوجد مع كل بندقية بحدود 150 طلقة وتوزعنا على مداخل البلد، ومجموعتي كان يوجد فيها عدد السلاح جيدًا لا بأس به واختاروني حتى استلم مدخل دوار البلد الذي يطل على الشام (دمشق) وعلى المطار دوار الشهيد أبو صلاح الذي كان اسمه دوار الباسل سابقًا، وأنا كان يجب علي استلام هذا الحاجز وإغلاق البلد من هذا المدخل، والمجموعات الثانية استلمت طريق المعضمية، ومجموعات ثالثة استلمت طريق الفصول الأربعة الأرض الغربية، وهكذا حاوطنا البلد بشكل كامل وأغلقناها بشكل كامل.

هنا وصل الخبر إلى النظام أن الجيش الحر سيطر على مدينة داريا والأهالي كانوا يعانون ويوجد أربعة شهداء، وكان الأهالي يمرون على حواجز الجيش الحر ويحيونها وكل الناس تبكي من المنظر الموجود، ويوجد نساء يخرجن ذهبهن ويعطوننا الذهب، ويقولون هذا لشراء السلاح وهذا للانتباه على أنفسكم، وهنا حتى الناس حملونا مسؤولية مضاعفة أنه أنت أصبحت في مسؤولية جديدة وكل الناس تتأمل بنا الخير، وأنك تستطيع حماية البلد وتستطيع الثبات حتى يتم التشييع وكان التشييع مقررًا في مدينة داريا. 

وحصل تشييع رهيب حضره بحدود 10 آلاف شخص وتم تصويره ونقله على "اليوتيوب"، ونحن وصلنا خبر -وأنا أقرب شخص إلى المطار- فوصلني خبر عن طريق بعض الشباب أن النظام يحشد، يعني بدأ يُسيّر الأرتال باتجاهنا، والمدخل الذي كنت مسؤولًا عنه هو دوار الباسل وكان طريق الكورنيش يطل على المطار، وطريق الشام يطل على مدينة الشام (دمشق) أغلقناه بحاجز وأي شخص يريد الدخول والخروج يجب أن يمر عن طريقنا، وفي هذه الأثناء جاءت الباصات الإيرانية إلى الحج، لأنه عادةً كل يوم يوجد باصات إيرانية تذهب إلى الحج إلى مقام سكينة، جاء باصان وكلهن من النساء الإيرانيات، وجاءوا إلى حاجزي وأوقفناهن وعاملناهن معاملة طيبة، وأعتقد أنه لو كان أحد غيرنا لوجد في الأمر مكسبًا، كان يمكن بيعهن كما تم بيع باصات أخرى غيرهم، ونحن أوقفناهن واعتذرنا منهن وقلنا لهن اليوم لا يوجد زيارة إلى داريا، والنظام أجرم بحقنا وأصبح يوجد عدة معتقلين وكان يوجد مترجم يترجم إلى اللغة الفارسية في الباص وقلت له: ترجم كل حرف أقوله، وكان يوجد الشاب اسمه أبو فهد وهبة صعد إلى الباص وتكلم معهن، وقلنا لهن ما حصل في مدينة داريا خلال يوم الجمعة، وأنه أصبح لدينا شهداء ومعتقلون، وأنتن يجب أن تكن إلى جانب الحق، وبدأت النساء تبكي وأنا اعتقد أنهن كنّ يبكين من الخوف ولسن متأثرين بالشيء الذي حصل معنا، ونحن اعتذرنا منهن وعادت الباصات.

أثناء وجودنا على الحاجز أيضا جاءت سيارة مساعد في الشرطة سيارة نوع مرسيدس وعندما وصل إلى الحاجز فتح باب السيارة وأمسك المسدس وبدأ يطلق علينا النار وهرب، وهو استطاع إصابة شاب من شبابنا إصابة سطحية.

أثناء وجودنا على الدوار وبسبب فرحة الأهالي بدؤوا يجتمعون حولنا، ونحن كنا نطلب منهم الابتعاد لأن الأمر خطير والجيش يحشد والآن سوف يحصل اشتباك، ونحن كنا نقول لهم ابتعدوا وهم كانوا يقتربون مع تحيات للجيش الحر وأصبح الشباب ضمن الأهالي وبعدها وصل الرتل إلى طريق الكورنيش، كان قادمًا باتجاهنا وهو كان عبارة عن عربات رشاشات 23 وعربات رشاش 14 ومجندين، أطلق النظام النار على محولة الكهرباء التي كانت فوقنا وسقطت أشرطة الكهرباء علينا، ونحن تحصنا ضمن الأبنية واشتبكنا مع الجيش بحدود 20 دقيقة، وطبعًا الجيش لا يتأثر لأن السلاح الموجود بين أيدينا هو كلاشنكوف وأسلحة صيد "12"، وكان يوجد قاذف "آر بي جي" واحد ومعه حشوة واحدة كان موجودًا على طريق معضمية الشام لأن الطريق هناك أقرب للوصول إلى ساحة شريدي، وحتى القاذف لم يعمل، اشتبكنا لمدة 20 دقيقة واستطاع الجيش أن يتقدم مباشرة ونحن في هذه الأثناء أنا كنت أتواصل مع شباب المظاهرة أنه يجب عليكم إنهاءها يعني نحن سوف ننسحب بعد 10 دقائق يعني نحن استطعنا تأخير الجيش أخذنا نغلق الطرقات بحاويات القمامة واشتبكنا معهم لمدة 20 دقيقة، والمظاهرة كان يوجد فيها أعداد كبيرة والناس كانت سعيدة بالمظاهرة والتشييع والشعارات، ولم يستجب أحد لإنهاء المظاهرة ونحن كل فترة قصيرة نتصل بهم ونقول لهم نحن يوجد معنا 10 دقائق يعني حتى نصف ساعة حتى يصل الجيش إليكم وعليكم إنهاء المظاهرة، وطبعًا الاستجابة كانت بنسبة 50 بالمئة ويوجد شباب سمعوا وذهبوا إلى منازلهم ويوجد شباب استمروا موجودين في التشييع، وهجم الجيش علينا وركبنا السيارات وكان يوجد معنا إصابتان وانسحبنا باتجاه المظاهرة في البداية وأخبرناهم أن الجيش خلفنا يعني على بعد أمتار سوف يصبح الجيش خلفنا، وحاول باقي الشباب الذهاب باتجاه منازلهم والجيش هنا دخل وانتقم وارتكب مجزرة سميناها في وقتها "مجزرة السبت الأسود" وسقط فيها بحدود 18 شهيدًا وأكثر من 100 معتقل، ونحن استطعنا تجميع أنفسنا كجيش حر في أرض المغرّب، ثم انسحب قسم إلى القدم وقسم إلى خان الشيح، أصبح يوجد 18 شهيدًا.

كما ذكرت رفض المتظاهرون إنهاء الاعتصام، وكانوا يريدون إكمال دفن الشهداء والنظام وصل وبدأ يعتقل الناس وليس فقط من المتظاهرين، أحد الشهداء استشهد هو وابنه من عائلة المشش كان موجودًا في محل بقالية وهو بعيد جدًا عن المظاهرة، ولكن النظام أخذه وأعدمه مع ابنه أمام المحل. 

نحن انسحبنا إلى مغرّب وكانت خسائر الجيش الحر شهيدًا وتقريبًا ستة جرحى، وأحدهم كانت إصابته خطيرة وكان بين الحياة والموت وبعدها انسحبنا إلى خان الشيح، وهنا لم يعد يوجد جيش حر أبدًا في داريا وحتى الشهداء الذين استشهدوا 18 شهيدًا لم يكن يوجد هناك من يشيعهم ويدفنهم وكل عائلة دفنت شهيدها بطريقة سرية وبدون علم النظام.

سُمي "السبت الأسود" بهذا الاسم لأن البلد عانت جدًا يومها من الاعتقال والشهداء والمواجهة التي حصلت بيننا وبين الجيش وهي أول مواجهة مباشرة ويحصل اشتباك وجهًا لوجه وطبعًا الشباب لم يقصروا لأن الخبرة كانت لا تزال قليلة ولكن هم استطاعوا الصمود يعني 20 دقيقة في وجه جيش لم تكن قليلة وكل الذخيرة الموجودة معنا فرغت باتجاه الجيش والنظام تكبد خسائر مشاة استطعنا إصابتهم وقتلهم.

الأهالي الذين ذهبوا باتجاه الشام (دمشق) بدأوا ينقلون الخبر بطريقة عفوية، كانوا سعداء ويقولون داريا تحررت لأنهم رأونا موجودين على مداخل البلد، وكان يوجد حواجز وقالوا أن البلد أصبحت محررة ونحن كنا على الفطرة وكنا نظن أننا نستطيع الثبات أكثر حتى ينتهي التشييع وبعدها ننسحب، ولكن سبحان الله قُدر أن يسقط هؤلاء الشهداء، ونحن انسحبنا باتجاه خان الشيح ولم نستطع العودة وذهبنا إلى مزرعتنا في خان الشيح أنا والشباب الذين معي وبقينا بحدود 10 أيام وخلال هذه الأثناء أخذنا نتواصل مع أبو تيسير وباقي الشباب لنعرف ما هو الترتيب الآن وماذا يجب أن نفعل. 

وأثناء تواجدنا في خان الشيح انسحبنا ومعنا سياراتنا، أقصد سيارات استطعنا أخذها من الجيش أو أشخاص آخرين، وأنا كان معي سيارتين أخفيتهما بين أشجار الزيتون، وهنا في هذه الأثناء تعرفنا على شباب جبهة النصرة الذين تكلمت عنهم سابقًا جاؤوا إلينا لرؤية وضعنا، وما إذا كنا نحتاج إلى شيء وبعدها طلبوا السيارة الموجودة معنا لتنفيذ عملية في الشام، وطبعا نحن رفضنا إعطاءهم السيارة وأنا رفضت لأنني أتذكر كلام الشيخ نبيل الذي قاله لي وأنه لا يجب عليّ مشاركتهم في هذا الشيء، وطلبوا اجتماعًا في مزرعة وأنا استطعت تأمين مزرعة لهم كانت قريبة من مزرعتنا والاجتماع مكان مخصصًا للإخوة العشرة كما كانوا يسمون أنفسهم، الذين كانوا المؤسسين لجبهة النصرة ومن ضمنهم كان الجولاني (أبو محمد الجولاني- أحمد الشرع قائد جبهة النصرة/ جبهة تحرير الشام لاحقًا) ولكن لم يكن في وقتها ملتحيًا وكان لا يزال شابًا، وأنا رأيته وحضر الاجتماع الإخوة العشرة وكان بينهم شخص اسمه أبو محمد -استشهد فيما بعد- وانتهى الاجتماع وبعدها انقطعت العلاقة بيننا وبينهم بشكل كامل ولكن بقي تواصل مع أبو محمد وهذا الشخص فيما بعد حاولنا أن نطلب منه مؤازرة إلى مدينة داريا في بداية المعركة، وأرسل 20 شابًا واستشهد منهم قسم وخرج القسم الباقي.

نحن هنا كنا ننتظر وكنا نحاول إخراج المعتقلين، والوالدة بدأت تحاول التواصل مع الجيش وذهبت إلى الحواجز وكانت تطلب ابنها مثلها مثل باقي نساء مدينة داريا، والوالدة بقيت بحدود ثلاثة أيام لا تنام الليل أبدًا وهي تفكر بأخي مجد المعتقل ليلًا ونهارًا، تقريبًا بعد أربعة أيام من ذهابنا إلى خان الشيح في الليل كانت الوالدة تصلي قيام الليل وتدعو لأخي، وطرق الباب وفتحت كان أخي مجد وسبحان الله خرج أخي مجد من المعتقل وهو في المستقبل استشهد، واعتقلوا أخي الكبير، وعندما خرج أخي مجد تكلمت معه وقال لي صار لي أربعة أيام معتقلًا، وضعونا في غرفة صغيرة والغرفة تقريبًا يوجد فيها بحدود 120 شخصًا، وقال خلال أربعة أيام كنت أقف على قدمي وكنت أغفو على كتف أحد الأشخاص ولكنني لم أستطع الجلوس، وقال بدأنا بالتناوب شخص يجلس القرفصاء وآخر يقف، وقال أنهم [النظام] اتهموا الأستاذ تميم خطيب المسجد الذي اعتقل معه بأنه هو الذي يمولكم ويؤمن لكم السلاح، وطبعًا الأستاذ تميم لم يكن له علاقة بالسلاح والتأمين ولا يعرف ماذا يوجد لدينا من سلاح ولكن عُرض عليه أمر استلام الجيش الحر ورفض كفكرة، وبسبب شدة التعذيب اعترف أنه اشترى السلاح وهو من باب التخفيف عن نفسه وقال لي: أنه اعترف أنه كان يؤمن لكم السلاح ويؤسس مجموعات جيش حر وهو كل شيء، قلت له هو ليس له علاقة لكننا نقدر الوضع الذي هو فيه، وبعدها جاء أخي مجد إلينا وتكلم بما حصل معه في المعتقل وطبعًا 4 أيام كانت تعادل 4 سنوات خارج السجن بسبب الضرب والتعذيب الذي تعرض له.

هنا أصبحنا نتواصل مع أبو تيسير (حسن زيادة) أنه نحن الآن أصبح لنا أسبوع خارج [المدينة] ما هو الترتيب؟ وماذا سوف نفعل؟ قال: هدأت الأمور عودوا إلى داريا وسوف نؤمن لكم مزارع عن طريق معارف أبو تيسير في أرض المشرّق، وهنا أمّن لنا أبو تيسير مزرعة وجلسنا فيها في أرض مشرق أنا ومجموعتي، وأنا هنا لم أترك عملي، كنت أعمل محاسبًا ولكن نقلت عملي إلى الليل أصبح من الساعة 12:00 ليلًا حتى الساعة 06:00 صباحًا وأنتهي من العمل بطريقة سرية وأعود إلى الشباب إلى المجموعة. 

وهنا أصبح لدينا في المجموعة سيارتين والشباب كلهم مسلحين بنادق روسية واستطعت شراء رشاش عادي واستطعت تأمين سلاح للمجموعات النائمة، ورتبت لهم اجتماعًا دوريًا كل عشرة أيام، طبعًا بدأت أدربهم على الحرس وأصبحت أحضر شخصين حتى يتواجدوا معنا ويخرجوا في الحرس بحيث يتأقلمون على جو السلاح، وأقوم بتدريبهم على ترتيبات السلاح، وهذا كان طبيعة عملنا بعد "السبت الأسود" حتى بداية شهر نيسان/ إبريل تقريبًا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/12/22

الموضوع الرئیس

المواجهات مع قوات النظامالحراك في داريا

كود الشهادة

SMI/OH/7-09/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

عسكري

المجال الزمني

3-4/2/2012

updatedAt

2024/09/25

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-خان الشيحمحافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش السوري الحر

الجيش السوري الحر

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

جبهة النصرة - ريف دمشق الغربي

جبهة النصرة - ريف دمشق الغربي

الشهادات المرتبطة