الاعتقال الثاني ومظاهرة حي الجميلية في حلب
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:20:12:23
أصبح عندنا نهج في هذه المجموعة على التصرف بهذه الطريقة على سائقي التاكسي والسوبرماركت بشكل أساسي يعني نستهدفهم بهذه الطريقة وكانت الغاية هي تحريك المياه الراكدة في المدينة وفي أحد الأيام في وسط شهر أيار/ مايو كنا نريد الذهاب لفتح الإنترنت ويوجد قهوة نت افتتحت حديثًا في الخالدية اسمها "ريلاكس" وكانت الفكرة الذهاب إلى هذه القهوة حتى نفتح الإنترنت قليلًا ونتصفح وبعدها نعود إلى المنزل وعندما ركبنا في التاكسي بدأت أنا الحوار الطبيعي مع السائق، أو أنه سائق التاكسي هو من بدأ هذه المرة وكان هذا مستغربًا وبدأ يتحدث عن الوضع وأنا بدأت أجاوبه وأدافع وأنا حتى الآن أذكر أنه أشار إلى بنات يمشون في الشارع وقال: لو أنه لا يوجد عندنا أمان لا يستطيع البنات أن يمشين بهذه الطريقة في الشارع وأذكر أنني قلت له: الأمان ليس هو فقط هذا الأمر والأمان أنني أستطيع أن أتكلم أمام أي أحد في الشارع وأتحدث بفكرتي ورأيي أمام أي أحد بالشارع بدون أن أخاف أن يتم اعتقالي واستمر النقاش بهذه الطريقة، يوجد حرية لا يوجد حرية.. ونحن كنا نتجنب في تلك الفترة أي كلمة عن شخص بشار الأسد ومن معه وكان كل تركيزنا على قيمة ومفهوم الحرية.
وأنا شكيت بصراحة وقبل أن نصل إلى الخالدية بقليل هو كان يتحدث على الهاتف مع شخص ومن ضمن حديثه يقول: عندي محرك وأريد إصلاحه بحصانين وأنا هنا انتبهت إلى كلمة حصانين وقد يكون يقصدنا بهذه الكلمة ولكنني وضعت في بالي أننا سوف ننزل قبل حارتين ونحن وصلنا إلى المكان ونزلنا ودفعنا له ثم ذهبنا إلى مقهى ريلاكس وجلسنا وطلبنا المشروبات وفتحنا "اللابتوب" الخاص بنا يعني إذا أردت أن تفتح النت من اللابتوب تذهب إليه تأتي إلى هنا فيكون مريحًا أكثر، وأنا فتحت حساب "فيسبوك" وأنا في تلك الفترة لم أكن أكتب بشكل واضح على حساب "فيسبوك" وهو كان باسمي ولكن في جروب العمارة كنت أكتب وفي أحد المرات كتبت "يا حيف" وهذا كان شيئا شجاعًا بالنسبة لي وهنا كتبت "خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود وعندما ننتهي من الذي بيدنا سوف نأتيكم" كتبتها وأنا في الكافيه ثم انتهيت من الكتابة وبدأت أشرب ثم انتبهت أنه توقفت سيارة أمام باب القهوة و6 أشخاص أحدهم يشير إلينا ودخلوا وأنا لم أكن أعتقد أنهم جاءوا إلينا أو الإشارات علينا وأنا هنا أردت إغلاق اللابتوب وإذا بشخص أمسك اللابتوب وأغلقه شخص أمن عسكري واقف بمفرده وبجانبه شخص يرتدون الثياب المدنية والجرسون (النادل) فالأمن العسكري قال لي: "تفضلوا بهدوء بدون شوشرة لا نريد تخريب جو الموجودين نريدكم بكم سؤال" وسألناهم: من أنتم؟ فقال: هناك سوف تعرفون، وحصلت مشادة كلامية معهم وبدأ الناس الذين يجلسون في القهوة وهذا المنظر لا أنساه يقولون: الله يقويكم، يعني يشدون على يد الذي يريد أن يعتقل وأنا أمسكت هاتفي وكنت أريد أن أرسل رسالة إلى أي شخص حتى أقول: إننا اعتقلنا أريد أن أرسل لأي شخص وأمسكت هاتفي حتى أرسل هذه الرسالة والعنصر كان يريد أن يأخذ هاتفي وأنا دفعته بشكل بسيط ويبدو أنه تعثر قليلًا وهو حسب هذا الأمر أنه مقاومة اعتقال وأخذونا.
شريحة سعودية لم ينتبهوا لها وبدأوا يقولون: معك هاتفان وتريد حرية وماذا تريد أكثر من ذلك؟! وبدأوا يشتمون ويضربون بشكل بسيط ودخلنا إلى فرع الأمن العسكري وهذه المرة الثانية التي ندخل فيها إلى الفرع وعندما دخلنا أخذونا إلى مكتب تحقيق وقالوا: خذوا اللابتوبات إلى المهندس وأعطينا اللابتوبات للمهندس وهو شاب أسمر أعتقد اسمه محمد وهو علوي بحسب ما أذكر وطلب الباسورد وأعطيناه ثم عدنا إلى غرفة التحقيق وجلسنا في الممر وبعدها بدأوا يأخذوننا إلى التحقيق، والشاب الذي معي هو من جبلة من حي الجبيبات وكنيته تحتمل أن يكون علويًا وتحتمل أن يكون سنيًا وهم كانوا يظنون أنه علوي وبسبب لهجته ويقولون له: يبدو أنك أكابر وابن عائلة ومحترم ولماذا تمشي مع هذا الشخص السيء وكل حين يعيد نفس الكلمة ويقول: هذا الشاب يبدو أنه محترم ولكن أنت واضح أنك... وبدأ يشتم وأنا سوف أفعل كذا وكذا وسوف أفعل بكم يا ميادين وهكذا ولأنه ذاك من جبلة فخاف منه وأنا قلت له: لم أفعل كذا وهو يواجهني بكلامي مع السائق وقلت له: أحضر لي السائق وواجهني معه فقال: لا يوجد داع وعندما خرجت رأيت السائق متوقفًا وأعطوه 300 ليرة وأنا حتى اليوم لا أنسى شكله كنت أتمنى أن ألتقي معه لاحقًا، خرجنا وجلسنا في الخارج قليلًا وبعدها طلبنا المهندس إلى مكتبه وعندما ذهبت إليه طلب من العسكري أن يخرج وقال لي: اجلس وأنا في غرفة التحقيق منعوني من الجلوس وجلست على الأرض فقلت له: هل يمكنني التدخين فقال: هل تريد سجائر من عندي أو من عندك؟ فقلت له: من عندي وأنا كنت أدخن الوينستون الفضي وأعطاني علبة السجائر وأخذت سيجارة وهو كان يشرب السجائر وينظر إلى لابتوبي مفتوح أمامه فقال لي: أنت تحب الشعر وهنا يوجد أمر كنا نعمل على تحميل كل مقاطع المظاهرات التي تخرج في سورية وكنا نفكر أن يكون عندنا أرشيف وأنا كنت أخفيهم في مجلد بطريقة الإخفاء البسيطة وأخفي معهم قصائد لمظفر النواب وأيضا قصائد أنا كتبتها ضد النظام يعني محاولات شعرية فاشلة وهو عندما قال لي: أنت تحب الشعر أنا هنا استسلمت وأصبح قلبي بين قدمي وبعدها قال لي: هل تحب مظفر النواب فقلت له: نعم أحبه وكان واضحًا أنه فتح المجلد فقال لي: حسنًا تفضل وأنا خرجت من الغرفة ثم أدخلوني إلى غرفة التحقيق وأثناء وجودي في التحقيق أعطوني ورقه مطبوعة من صفحتي في "فيسبوك" والبوست (المنشور) الذي كتبته الذي هو "خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود عندما ننتهي مما في أيدينا سنأتي" وبدأ يقول لي المحقق: جيش محمد سوف يعود وأنا أقول له: نعم لتحرير فلسطين وهو يقول: ومن هو الذي سوف ننتهي منه من يدنا فقلت له: أنا أقصد الوضع المتوتر في البلد وأنا في وقتها بدأت أتكلم بكلام لا يقوله أشجع مؤيد في البلد وأنا مقتنع به عند قوله بسبب الخوف وهذه نظرة سورية منذ زمن أنها تريد تحرير فلسطين فقال لي المحقق: ومن قال لك أننا نريد تحرير فلسطين فقلت له: إذا لا تريدون فأنا آسف.
بعد حين قالوا لنا أن العقيد عماد يريدكم وهو مهندس خريج هندسة زراعية علوي هو العقيد المناوب في ذلك اليوم في الفرع ودخلنا إلى مكتبه وهو كان يشاهد قناة الجزيرة في المكتب وجلسنا على الكنبة لأننا لم نكن نجلس في الخارج وهو كان يشاهد قناة الجزيرة ولم يتحدث معنا في البداية وبعدها قال: ما رأيكم بقناة الجزيرة وأنا أحسست أنني إذا كذبت كثيرًا فإنه لن يصدقني وقررت أن أتحدث بين وبين وقلت له: إعلامنا للأسف ليس صحيحًا 100% والجزيرة أيضًا ليست صحيحة 100% ولكن هذه القناة تنقل شيئًا وإعلامنا ينقل شيئًا آخر وهو بدأ يتحدث عن البلد وأنا قلت له: أنه يوجد فساد ونحن أبدًا لسنا ضد السيد الرئيس بالعكس هو شخص مثقف ومتعلم وقال عمومًا أنتم شباب وطلاب جامعة ويبدو أنكم من عوائل محترمة وأنا لا أريد أذيتكم ولكن إذا كان يوجد شيء على اللابتوبات فأنتم لن تخرجوا من هنا ولكن الرجل المهندس منذ قليل قال لي ورأى الفيديوهات فبدأت أمهد له أنه لماذا عندي مقاطع فيديو على لابتوبي وبدأت أحاول اختراع شيء وبعدها طُرق الباب ودخل شخص وهذا الشخص جلس ثم وشوشه (همس) في أذنه ولكنني سمعت الصوت وقال له: يقول المهندس محمد: إنه لا يوجد شيء في اللابتوبات وأنا لم أصدق هذا الشيء ثم ذهب وبعد قليل قال: نحن سوف نخرجكم الآن وهنا أصبحت الساعة تقريبًا الـ 3 ليلًا ولكن سوف نترك اللابتوبات عندنا فقلت له: نحن طلاب وعندنا مشاريع ونحن طلاب عمارة فقال: حسنًا خذوا اللابتوبات معكم ولكن عليكم مراجعتنا غدًا وبعد غد وعليكم مراجعة فرع الأمن في الجامعة -والذي لم أكن أعرف مكانه- وفعلًا خرجنا من الفرع وأخذت اللابتوب وأثناء خروجنا مررت من أمام الممر الذي يوجد فيه مكتب المهندس محمد ورأيته يقف على الباب فقمت بهز رأسي للشكر، فهز رأسه أيضًا، فكان واضحًا أنه تستر علينا وأنا أخاف أنه لا يزال موجودًا ويؤذيه هذا الكلام ولكنني لا أعتقد أن شخصًا يفعل هذا الشيء سوف يبقى موجودًا وإذا كان لا يزال موجودًا [عند النظام] لا رده الله لا يهمني ولكنه فعلًا استطاع إنقاذنا في ذلك اليوم.
في اليوم الثاني ذهبنا لمراجعة الفرع وأنا في الاعتقال الأول الذي حصل بتاريخ 16 نيسان/أبريل بعد المظاهرة، والاعتقالان كانا من قبل الأمن العسكري، كان يوجد أحد شباب العناصر تعرفت عليه أصله من ريف دير الزور -لا أذكر من أين بالضبط ولكن أعتقد أنه من الشحيل- وهو عرف والدي ومحلنا في السوق وعندما عدت في اليوم الثاني لأجل المراجعة كان موجودًا وقال: ألن تبقى عاقلًا وقال سوف أرسل خبرًا لوالدك وأخبره وأنا ترجيته حتى لا يخبر والدي وهنا كانوا يريدون أخذ تعهد أو كتابة أقوال وكان يوجد ضابط من الساحل علوي وهذا العنصر الديري كان يجلس بجانبنا والعنصر الآخر بدأ يطيل لسانه بطريقة حقيرة ويقول: أنتم لا يجب عليكم الخروج من الفرع وكيف خرجتم وهذا العنصر من دير الزور قال لي بيني وبينه: إذا تكلم كثيرًا لا تسكت له وقال: أنا معك لا تخف، وفعلًا تكلم معي وأنا قمت بالرد عليه بجرأة أو حقارة وعندما اقترب حتى يضربني أمسكه العنصر الديري وأخرجه خارج الغرفة وقال له: نريد كتابة التعهد عندما خرج فشَّر علي (شتمني) هذا الشاب الديري ثم كتبت تعهدًا ووقعت عليه وذهبت أيضاً إلى فرع الأمن في الجامعة بجانب مستشفى الجامعة في أحد طوابق المستشفى وهي غرفة مخابرات تابعة لأمن الجامعة وذهبت لزيارتهم أنا وأحمد وهي غرفة بسيطة ويوجد فيها سريران عسكريان وسألونا لماذا تم اعتقالكم؟ لا يوجد أي شيء (لم يسألونا عن شيء) له علاقة بالتحقيق ثم خرجنا.
وفي هذه الأثناء عندما حصل هذا الاعتقال الثاني أنا أصبحت حريصًا أكثر ويجب علي الانتباه وغيرت مكان إقامتي وانتقلنا إلى منزل في حلب الجديدة عند دوار الشفاء أنا وابن عمي وسيم وطبعًا ابن عمي وسيم ليس له علاقة بالثورة ولكن قلبه معها مثل باقي الشباب، وبدأنا نعمل على فكرة مظاهرة في حي الجميلية وهذا الحي يعتبر عرين النظام في حلب لأن الحي يطل على ساحة سعد الله الجابري وفرع الحزب (حزب البعث) موجود ويوجد ثكنات حول هذا الحي ويعتبر من أهم أسواق المدينة وهو أكثر منطقة ازدحامًا حتى في المساء، فالخروج في مظاهرة في هذه المنطقة بجانب ساحة سعد الله الجابري هذا شيء غير مقبول في هذه المدينة، فبدأنا بالتخطيط للدخول والقيام بمظاهرة سريعة وطيارة في هذا الحي ولا يعتقل أحد وعندنا تقنياتنا وهي مجموعة البداية ولكن كان عندنا مشكلة أنه أنت حتى عندما تريد إنهاء مظاهرة طيارة فإن الكثير من الشباب لا ينهونها يعني يستمرون بعدها، فخرجت فكرة -أنا لست صاحبها- أنه يجب أن يكون لدينا هتاف للنهاية عندما نهتف بهذا الهتاف ويسمعه جميع الموجودين في المظاهرة وعندما نبدأ بترديد هذا الهتاف نحن يجب علينا ترديد هذا الهتاف أثناء الهرولة وعندما ينتهي هذا الهتاف يجب علينا إنهاء..
وفي تاريخ 13 حزيران/ يونيو مساء عند التقاطع بجانب محل الأفندي والصباهي في مدينة حلب في الجميلية عند عبارة ( حارة) السيديات وهذه هي العبارة يذهب إليها الكثير من طلاب الجامعة ويشترون الأفلام وقطع اللابتوب والبرامج، فعند التقاطع أعتقد الساعة ال 8:00 مساءًا توقف 4 شباب وأشاروا أنهم جاهزين وهذه المظاهرة صورت من الأعلى من عدة زوايا يعني يمكنك أن ترى من خلال الفيديو كيف اجتمعت مجموعة البداية و خلال 10 ثوان أصبح يوجد 50 شابًا في منتصف الشارع لأننا قمنا ببروفا (تجريب وتمرين) قبلها ولكنني لا أذكر التاريخ؛ قمنا ببروفا كانت من أجل جمع مجموعة البداية مع مؤقت زمني وكيف يقفون مع بعضهم بهذه الطريقة كانت البروفا في حلب الجديدة، فبهذه الطريقة حصل الأمر واجتمع الناس وخرجت المظاهرة ومشينا في الشارع الذي ينزل باتجاه سكة القطار وهتفنا لأجل حماة وهتافان آخران لا أكثر وبعدها رددنا: "بكرى راجعين بكرى راجعين" وبدأنا نركض ونحن نردد "بكرى راجعين" وهو هتاف النهاية الذي اتفقنا عليه وانتهت المظاهرة وطلعنا في حي الجميلية ولم يعتقل أي شخص وحتى الأمن لم يلحق الوصول بعد فكانت من أنجح الأمور التي عملنا عليها، وكانت لأول مرة ندخل إلى هذا الحي في مظاهرة وهذا الحي يعتبر خطًا أحمر في هذه المدينة وهذه الأحداث كلها في المدينة مع الحراك في أحياء صلاح الدين والشعار والصاخور وبستان القصر ومظاهرات هنا وهناك داخل الأحياء وتنسيقيات الأحياء وكل هذه كلها بدأت المدينة فعليًا في شهر حزيران/ يونيو اقتربت المدينة من الغليان وأصبح يوجد فكرة أنه يجب أن يكون هناك يوم مركزي لهذه المدينة لأجل أن تخرج كلها وتظهر حلب أنها ليست متخلفة عن باقي المدن في حراك الثورة وكان بركان حلب.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/02/01
الموضوع الرئیس
الحراك السلمي في حلبكود الشهادة
SMI/OH/44-09/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
حزيران 2011
updatedAt
2024/07/11
المنطقة الجغرافية
محافظة حلب-الجميليةمحافظة حلب-ساحة سعد الله الجابريمحافظة حلب-مدينة حلبشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
قناة الجزيرة
جامعة حلب (نظام)
فرع الأمن العسكري في حلب 290