بدايات الحراك العسكري في داريا ومقتل أسامة الشيخ يوسف
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:18:12:24
في هذه الفترة بعد استشهاد غياث [مطر] -رحمه الله- ودخول السفراء واستشهاد أحمد [عيروط] لا يوجد عندي معلومات كاملة عنها لأنني اتجهت باتجاه الدراسة، اختبأت وأصبحت مطلوبًا في هذه الفترة وذهبت إلى الغوطة الشرقية، حتى إذا أردت الذهاب إلى الجامعة فإنني أذهب إلى الجامعة من الغوطة الشرقية وكنت أعود إلى المنزل أحيانًا وكنت أذهب كثيرًا إلى دمشق وأحيانًا أنام في دمشق فلم يعد يوجد شيء في داريا تبقى من أجله.
بدأ فعليًّا في داريا الكلام الجدي عن السلاح بشكل كبير يعني الأمور التي شهدتها هي اجتماع للشباب للذهاب إلى معسكر في الزبداني أو إدلب، وطبعًا أنا في وقتها رفضت وقلت لهم: أريد العمل في العمل الطبي وهذا خارج إطار أصدقائنا، وهذا الاجتماع حصل في الحجر الأسود ورفضت الأمر لأنني أولًا لا أعرف الشباب كثيرًا، وأنا كنت أرتاح بالعمل أكثر مع أصدقاء أعرفهم، يعني عندما ذهبت إلى الغوطة الشرقية أعرف أصدقاء -رحمهم الله- فأعرفهم، ولكن مع غيرهم أرفض، وكانت تتم دعوتي إلى بعض الاجتماعات عن طريق أصدقائي في مسجد زيد وأيضًا أصدقائي في مسجد زيد كانوا متنوعي المشارب يعني مثلًا من الغوطة الشرقية والغربية والحجر الأسود.
وفي إحدى المرات تمت دعوتي إلى تنسيق المظاهرات في دمشق وأنا كنت أتخوف من هذه الأمور لأنني لا أعرف الناس الموجودين و[عملية] الاعتقال في دمشق أصعب من الاعتقال في داريا، لأن الناس في داريا يعرفون بأمرك ولكن في دمشق لا يوجد أحد [يعرفك] على الرغم أن [ظروف] الاعتقال في دمشق كان أسهل من الاعتقال في داريا.
عدت إلى داريا وبدأت أعمل بالأمور الخفيفة وأنا عدت في بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر في هذه الفترة وأذكر أنني ذهبت إلى الأردن في هذه الفترة لمدة 3 أو 4 أيام لعمل ثم عدت وعندما عدت حصلت حادثة زينب الحصني التي تم تقطيعها وخلقت نوعًا من الاحتقان الكبير.
بدأ الكلام عن السلاح بشكل جدي في داريا، وبعد الذي حصل مع زينب الحصني يوجد شباب كانت حميتهم عالية يعني
سوف أتكلم عن أسامة الشيخ يوسف -رحمه الله- كان شخصًا ملتزمًا دينيًّا كثيرًا ومجتهدًا في دراسته ومناقشًا علميًّا ومنطقيًّا وقادرًا على إدارة النقاش، ولكنه إنسان عصبي ودمه حامٍ (سريع الانفعال) ويناقشك في أبعد الحدود وأذكر أنه أثاره جدًّا موضوع زينب الحصني وفجرت غضبًا كبيرًا عنده وأنا آخر مرة رأيته قبل أن يستشهد بأيام ونحن لم نكن نعرف شيئًا.
كنا في مظاهرة وهذه المظاهرة يتم بثها بشكل مباشر في أحد بساتين داريا وعدنا أنا وأصدقاء المسجد ولا نعرف ماذا يحصل وفجأة يُكتب على "تنسيقية الشعب يريد إسقاط النظام" اشتباكات بين منشقين في داريا وقوات النظام، ولكن نحن لا يوجد عندنا أخبار عن المنشقين ولا يوجد منشقون ولم تحصل أية حالة انشقاق كبيرة في داريا، وفي اليوم الثاني صباحًا كان عندي عطلة وكنت موجودًا في المنزل وجاء إلي الشهيد بشار أبو أسامة وهو أحد الفاعلين الكبار في المسجد -في مسجد المصطفى- وهو من مجموعتنا من الأصدقاء، وكان غير طبيعي وقال لي: أريد رصيدًا للهاتف واتصلت مع صديقي وأرسل له الرصيد، وسألته: ماذا يوجد؟ لأن الحالة غير طبيعية وأنا أعرف بالعادة كيف تكون، فقال لي: استُشهد أسامة الشيخ يوسف، وهذا كان أقرب شخص من المجموعة يُستشهد -من [مجموعة] المسجد-، قلت له: مَن.. أسامة! قال: نعم وقال: لا يوجد عندي أي تفاصيل ثم ركبت الدراجة الهوائية وذهبت إلى جامع المصطفى وكان الشباب مجتمعين والغالب (الأكثرية) يعرفون ولكنهم لا يتكلمون، وأنا كنت أعرف ولكن بشار أوصاني بعدم الكلام، في وقتها رأيت عماد حبيب -رحمه الله- ومحمد أبا عمار وأكلنا طعام الفطور وكنا نتكلم ولم نظهر لبعضنا أننا نعرف، ثم جاء خبر اعتقال صديقنا أبي عدي مؤيد محسن -رحمه الله-، وسبب اعتقاله أنه عندما يستيقظ لصلاة الفجر كان يتصل بالجميع ومن بينهم أسامة الشيخ يوسف -رحمه الله- وفي سورية قبل الثورة أو أيام الهواتف كان الناس يتصلون ببعضهم بالهاتف تعليمًا (رنة قصيرة) فقط لأنني أذكرك، وهذا الشخص بالذات كان يتصل بالجميع بشكل يومي ونحن كنا متفقين أن من يستيقظ عليه أن يوقظ الآخرين وقام الأمن بمداهمة منزله واعتقاله من فراشه.
وبدأت توضح التفاصيل أكثر وأسامة كان قد استُشهد بعد هجومه على مفرزة الأمن بجانب الفصول الأربعة [في منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر] وفي وقتها كان أسامة الشيخ يوسف مع بعض الشباب الذين هم مجموعة حتى الآن، يوجد أشخاص غير معروفين فيها بالعموم، وهم معروفون بيننا والشباب أحدهم أُصيب والجميع نجوا إلا شخصًا واحدًا أُصيب منهم وأسامة استُشهد.
وكان أسامة أول شهيد يحمل السلاح في مدينة داريا، هجم على مفرزة الأمن وكانوا يريدون الدخول إلى مفرزة الأمن والاستيلاء على الأسلحة، ولكن كان يوجد مقاومة واستُشهد أسامة وهرب البقية وأحدهم أُصيب وذهب إلى الأردن وكانت إصابته شديدة، وطبعًا تم إخفاء القصة والأشخاص الآخرين ولكن استُشهد أسامة، والمفرزة كانت بين الطريق المؤدي إلى [منطقة] الجديدة [ومدينة] صحنايا وهو مدخل داريا؛ مدخل الفصول الأربعة، وكان استشهاد أسامة صدمة كبيرة وأنا بقيت 3 أيام كاملة لا أستطيع الحديث أبدًا، وفي هذا اليوم مساء عندما تم اعتقال أبي عدي ونحن لم نكن نعرف لماذا تم اعتقال أبي عدي؟ وهو خرج أثناء استشهاد أسامة وأخذوا هاتفه ورأى الأمن اسم أبي عدي مؤيد، وقاموا بمداهمة منزله لأنهم كانوا يظنون أنها توجد علاقة معه.
يعني كانت أول صدمة بالنسبة لي بشكل كبير أن شخصًا مقربًا مثل أسامة كنت أراه كل يوم وله اسمه وحضوره في المسجد ونشط جدًّا وكانت حلقته مميزة وطلابه مميزين واستُشهد أسامة الشيخ يوسف وهو كان مدرسًا في ثانوية الغوطة، وخرج خبر استشهاد أسامة بعد يومين، وطبعًا أسامة كان خاطبًا وعرسه بعد أيام وقالوا: إنهم سيحضرون أسامة لتغسيله ودفنه في داريا، في وقتها أخبرنا ابن خاله أو ابن عمته ونحن تجمعنا أمام منزل أهل أسامة وكان الأمن موجودًا في البلد (داريا)، ولكن أمام منزل أهله لم يكن يوجد أمن، وكنا نتجمع والأشخاص الموجودون كانوا رفاق أسامة.
وكان أسامة له حضوره بين كل رفاقه وليس فقط في مجموعة المسجد وإنما أيضًا في مجموعته الأساسية كان له حضوره، يعني خلق نوعًا من الفراغ وأنا لا أعرف ما الذي جعلني أبكي في وقتها، بكيت على أسامة وكان [بالنسبة لي] أول شخص [يشكل] صدمة كبيرة وبدأت أبكي، وصديقي أبو عمار رآني أبكي وهو الذي ذكر لي هذه الحادثة وهو أيضًا كان حزينًا ولم يستطع التعبير إلا بالهتاف، وبدأ يهتف وبدأنا جميعًا نهتف، وفي هذه الأثناء كان يتم دفن أسامة في المقبرة ولكن نحن كنا مجتمعين هنا يعني: نحن بالتوازي مع دفنه كنا نريد تشييعه، وبدأنا المظاهرة وبدأ العدد يزداد، ثم جاء الأمن وهو متوحش، وبدأوا يطلقون النار علينا وبدأنا نركض، واعتقلوا الكثير من الأشخاص. وأذكر أنني كنت أركض مع شاب اسمه ياسر أبو مأمون -رحمه الله استُشهد- بقينا نركض تقريبًا 1 ونصف كيلو متر وكان يركض شخص خلفنا وكانت توجد سيارة، وأذكر أننا دخلنا إلى منزل فتحوا لنا الباب ثم وقعت على الأرض كنت أبكي وكنت جدًّا متعبًا بسبب الركض وانتهى هذا اليوم.
وهذا اليوم بداية أيام بالنسبة لي في الثورة، يعني باقي الأيام يُستشهد أشخاص، ولكن لا يوجد صدمة ويوجد تشييع كبير ويوجد ثورة وأنت في حالة ثورة وعليك تجهيز نفسك، ولكنني لست مستعدًّا حتى أخسر المقربين بالنسبة لي، وأسامة فعليًّا كان له حضور كبير، وخلق نقلة في داريا التي هي السلاح، وعدت إلى المنزل وأصبحت أبكي وأمي تصبرني.
وفي مجموعة المسجد كنا نتكلم عن أسامة وأنا أتمنى لو أننا صنعنا أسامة كرمز لداريا رمزًا آخر مثل غياث مطر، وكان غياث مطر له رمزيته، وأسامة له رمزيته، لأنه أول شهيد بالسلاح وأول شهيد مقاوم، ولأنه فعليًّا عندما خرج هو كان متحرقًا على المناظر التي رآها من زينب الحصني يعني كان جدًّا غاضبًا من الموضوع [بسبب شعور] العجز لأن النظام يفعل هكذا بالنساء وهو خارج عن قناعة تامة بالذي يفعله، وهو خرج غاضبًا لدينه ووطنه يعني لا يستطيع أن يحتمل أكثر من ذلك، وفعليًّا أسامة في مجموعتنا تسبب بنقلة بالتفكير في حمل السلاح، وهنا هجموا على هذه المفرزة وحصل أول اشتباك مسلح في مدينة داريا وطبعًا يوجد بعض الناس حاولوا إخفاء الاشتباكات المسلحة في داريا، ولكن نحن أظهرنا هذا الشيء وحتى أصبحنا نقول أول شهيد في عملية مقاومة وعملية جهاد في داريا.
ورحل أسامة -رحمه الله- وبدأت هنا المرحلة الثانية لتشكيل مجموعات مسلحة بشكل علني وبشكل محدود ولكن علني وأصبحت توجد مجموعات مسلحة وأصبح يمكنك الكلام ويوجد عندك مجموعات تحمي المظاهرات في داريا، وكان أسامة هو منطلقًا لعلانيتها وفعلًا هو شكل نقلة نوعية كبيرة للمدينة في موضوع السلاح واستخدام السلاح العلني أو جدوى أو لا جدوى السلاح أو فلسفة دخول السلاح إلى المدينة كان هو أول شهيد مقاوم بالسلاح في داريا، وكانت أول عملية مقاومة ضد نظام الأسد في داريا هي لأسامة الشيخ يوسف وسميت باسمه، ولاحقًا بعد يومين أصبح اسم ثانوية الغوطة الغربية "ثانوية أسامة الشيخ يوسف".
أهله خرجوا إلى الأردن فورًا ولكن أذكر أنني رأيت أمه مرة واحدة وكانت أمة هذه الإنسانة العابدة والصابرة المحتسبة، وفعلًا تقف أمامها بإجلال لأجل روحها المعنوية الكبيرة لأنه عندها شهيد، وخاصة أنه كان سوف يتزوج وأنت أمام خليط من الفخر بها والحزن على ابنها، ولكن كما ذكرت نحن بدأنا بمرحلة جديدة التي هي مرحلة المقاومة بالسلاح وكنا نقول هل سنصبح مثل فلسطين مرحلة كفاح ونضال، نحن لم نكن نعرف أنه سيصبح لدينا شيء اسمه "جيش حر" بعد أيام يعني هذه المجموعات يصبح اسمها "جيشًا حرًّا" وليست مجموعات منفردة لأجل قتال النظام، وفي المرحلة التي بعدها ستحصل اشتباكات على مستوى واسع واقتحامات كبيرة لداريا بالدبابات وعربات البي إم بي، ويحصل اقتحام كامل لعناصر النظام لداريا ويسقط شهداء أكثر ويرتفع منسوب القتل عند النظام في داريا أكثر وأيضًا بداية عام 2012 ستكون بداية جديدة للمرحلة الثورية في داريا المخلوطة بين السلمية والمسلحة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/11/12
الموضوع الرئیس
الحراك العسكري في داريااقتحام المفارز الأمنيةكود الشهادة
SMI/OH/103-12/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
عسكري
المجال الزمني
تشرين الثاني/ نوفمبر 2011
updatedAt
2024/11/12
المنطقة الجغرافية
محافظة ريف دمشق-مدينة دارياشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الجيش السوري الحر
تنسيقية مدينة داريا - الشعب يريد إسقاط النظام