مظاهرات "الجمعة العظيمة" و"جمعة الغضب"
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:27:01:21
في الجمعة الثالثة (جمعة الصمود 8 نيسان/ أبريل -المحرر) التي حصلت في مدينة حماة، وكنا قد تحدثنا عن الجمعة الأولى والثانية وما حصل فيها من مظاهرات نوعًا ما قليلة، ولكنها أعطت دفعًا لأهالي حماة ليخرجوا بشكل أكبر في الجمعة الثالثة، وتحدثنا وفي أنه في الجمعة الثالثة حصل إغلاق لجامع عمر وهذا ما جعل الناس تخرج من جامع المناخ، وخروج المصلين أو المتظاهرين بأعداد كبيرة من داخل مدينة حماة من جامع المناخ جعلت النظام يخرج بمسيرة تأييد، وحصلت مواجهات بالحجارة بين المظاهرة والمسيرة من الجهتين بالحجارة في البداية وصار ضرب، والهتافات مستواها أعلى وصلت إلى سقف المطالب بإسقاط النظام في الجمعة الثالثة، هذا الأخذ والرد لم [يكن] الأمر بالسهل البسيط بل كانت ملحمة مصغرة، كان الثوار في صدد أنَّنا يجب أن نُثبت أننا في حماة مظاهراتنا قوية، وسنذهب إلى ساحة العاصي (مركز مدينة حماة) ونريد أن نُوصل صوتنا للعالم الخارجي أننا ضد النظام، فكانت المواجهات قوية.
النظام حاول التهدئة حاول في البداية أن يُواجه الحجارة بالحجارة بعدها بدأ باستخدام العنف بدأ يضرب المتظاهرين بقوة ليردعهم فلم يرتدعوا، وبدأ يرشهم بالمياه فلم يرتدع الناس، وفي تلك الفترة وجد ضباط الأمن أنَّ هؤلاء لا ينفع معهم العنف لنهدئهم، فأتوا بشيخ من عائلة الولي بالإضافة لضابطين ثلاثة، والشيخ معروف بالنسبة للناس، واستدعوا المتظاهرين أن تعالوا لنعرف ماذا تريدون؟ فأنتم خارجون بمظاهرة تُطالبون بإسقاط النظام، فقط اهدأوا قليلًا لنعرف ماذا تريدون وأتى الشيخ والضابطان وتقدموا إلى الأمام، وقالوا للمتظاهرين: تعالوا قولوا ماذا تريدون؟ فاقترب المتظاهرون، وكنت من الناس الذين اقتربوا من الشيخ والضباط، وبدأ الشيخ يتكلم ويتكلم مواعظ وهذا تخريب، وقلنا: يا شيخ نحن خارجون نهتف لم نكسر باب ولم نسرق خزنة ولا اقتحمنا مديرية -مع أنه كان مستشفى الأطفال بجانبنا- ولم نقتحم بناءً ولا كسرنا سيارة ولم نخرب شيئًا فأين التخريب الذي تتكلم عنه؟ وبدأت مواعظ الشيخ والضباط بجانبه يرون ردة فعل الناس، والناس لا تُلبي، وجاء أحد الضباط قال: ستنضبون أم لا (ستعودون لبيوتكم أم لا)، فقال أحد المتظاهرين: لا لن ننضب وصفع الضابط على وجهه، وهذا الشاب اسمه أبو العز ورَّار -رحمه الله- استُشهد كان في المعارك فهو من ضمن الثوار الذين شاركوا في حمل السلاح، وأصابه سرطان واستشهد، فصفعه على وجهه، وعلى أثر الكف افترق الناس وبدؤوا بضرب الحجارة والمقاومة، والنظام حين رأى ليس هناك مخرج لا بالحجارة ولا بالمسايرة (الترضية) قال: لن تهدأ إلا بالغاز المسيل للدموع .
في الجهة المقابلة من حماة كان هناك جامع المسعود، حين رأى الناس عدم وجود صلاة وجامع عمر بن الخطاب بعيد عن منطقتهم قرروا أن يخرجوا في جامع المسعود، ولكن كان الوضع مختلفًا نوعًا ما، فقد كان الإمام الشيخ -ذكره الله بالخير- أبو يوسف الموسى خرج، وقال: يجب أن نناصر أهل درعا ونقف معهم ويجب كذا...، فحرك مشاعر المصلين، على أثرها بدأ المتظاهرون من على باب مسجد المسعود بالهتاف ورفع اللافتات المنددة بنظام الأسد وهتفوا لدرعا.
ونحن كنا في [حي] الحميدية نُواجه النظام، وهم كانوا في المقابل في حي الفراية لأنهم خرجوا من جامع المسعود إلى باب البلد إلى حي الفراية باتجاه ساحة العاصي لأنك اليوم كمتظاهر يريد أن يخرج بمظاهرة إلى أين سيتجه؟ سيتجه إلى مركز المدينة، فنحن قُوبلنا بالقنابل المسيلة للدموع، وهم نفس الشيء كانت هناك مواجهات عندهم بالحجارة وتطورت حتى وصلت للقنابل المسيلة للدموع، وحصل الكثير من العنف، فقد كان رجال الأمن كلما يُمسكون بأحد يضربوه بالهراوات فهنالك أناس تدمَّت (نزل منها الدم) وهناك من حملوه الى المستشفى وهو في حالة خطرة، وهناك أناس نوعًا ما بين الحياة والموت، فالله سلَّم في الجمعة الثالثة، فهذه الجمعة كانت نقطةً مفصليةً في عمر الثورة السورية في حماة، لأنه ما بعد الجمعة الثالثة ليس كما قبلها، قبلها كان التنسيق في السر لأن الناس لاتزال خائفة أما في الجمعة الثالثة بعد إعلان إسقاط النظام، وبعدما رأت الناس شيئًا من عنف وقبح النظام صار الموضوع أننا نريد ساحة العاصي، ونُسقط النظام، والتنسيق يجب أن يكون بمستوى أعلى والتجهيز للمظاهرة يجب أن يكون بمستوى أعلى وبصورة أفضل وهذا الذي حصل في الجمعة الثالثة بشكل عام.
كنت من سكان طريق حلب، وهو حي ضمن الحاضر وهو منطقة في حماة، وحماة قسمين حاضر وسوق، وكل قسمٍ فيه ما يُقارب 10-15 حيًا، وحي طريق حلب جملة أحياء الحاضر، وهو كان الأقرب إلينا إلى جامع عمر وجامع المناخ كونه في نفس المنطقة، وفي "الجمعة العظيمة" (22 نيسان/ أبريل - المحرر) وفي الجمعة الثالثة أنه سيكون هناك تنسيقٌ أعلى سننسقٌ مع جماعة السوق والحاضر، وبدأنا مع الناس الذين رأيناهم في المظاهرة، وفي الجمعة الأولى والثانية والثالثة والرابعة، وتعرفنا وصار الأمر واقعًا، ونحن من رأيناهم في المظاهرة، نقول له: يجب أن نعمل كذا وكذا...، وكان من جملة الذين رأيناهم من أبناء الحي وأصدقاء دراسة فاجتمعنا وكان التنسيق بدائيًا فلا يوجد إمكانيات، كان عبارة عن مواعيد المظاهرة والهتافات التي نهتفها والمسير كيف سيكون للوصول إلى ساحة العاصي، وفي الجمعة الرابعة كانت المظاهرة أكبر في الحاضر أو في السوق، في السوق خرجت من جامع مسعود وجامع السرجاوي، وفي الحاضر جامع المناخ وجامع التكية وباقي الجوامع أتوا إلى المنطقة نفسها وخرجوا منها، فخرجت المظاهرات والكل يريد الذهاب إلى ساحة العاصي، فهي مركز المدينة والثقل بالمحافظة وخرجت مظاهرات، ولكن مثلما كنا متوقعين حصل، ففي الجمعة الثالثة واجهنا عناصر الأمن بالحجارة والهراوات وبرش المياه والقنابل المسيلة للدموع، وكنا قد احتطنا لهذا الأمر، لكن في الجمعة الرابعة هم تطوروا واستخدموا العنف بدرجات أعلى وهذا أمر لم نتوقعه بات العنف باستخدام السلاح، أول ما خرجنا وبدأنا الهتافات، والنظام كان يريد محاصرتنا لأنه في الجمعة الثالثة حاصرنا في الحميدية وفي الجمعة كان عندنا خيار أنه إذا حاصرنا في هذه المنطقة نخرج إلى منطقة أخرى، بقي يحاول محاصرتنا حتى خرجنا من حي الحميدية إلى القصور مشينا بمظاهرة من حي القصور متجهين إلى دوار الأربع نواعير، ومنها استمرينا إلى دوار ساحة العاصي ووصلنا إلى بناء بلدية محافظة حماة، في بناء البلدية -وكنا قد رأينا قبل بجمعة في حمص كيف أن شابًا صعد إلى قيادة الشرطة أو مجلس محافظة حمص (نادي الضباط في محافظة حمص- المحرر) ومزق صورة بشار (حافظ الأسد - المحرر) برجله الصورة مشهورة ومعروفة، فالشباب على أثرها كانوا يريدون أن يصعدوا على بناء بلدية حماة لتمزيق الصورة وكان ذلك، فحين صعد وبدأ يمزق الصورة والهتافات كلها كانت إسقاط النظام "الشعب يريد إسقاط النظام" وأن لا رجعة، لكن كان هدفنا الوصول إلى ساحة العاصي لنقوم بعصيان في ساحة العاصي.
وجاء الأمن بشكلٍ أعنف، في بداية الأمر بدأ إطلاق الرصاص الحي فوق رؤوس المتظاهرين، والناس خافت ففي البداية كنا نُواجه بالمياه وبعدها بالقنابل المسيلة للدموع، وبدأ الآن الرصاص وهربنا باتجاه [حي] الشريعة ومنها إلى حي الصابونية، فنظرنا إلى أين سنذهب؟ كان أمامنا بناء أمن الدولة وواجهنا بالرصاص، وخرجنا من حي الصابونية باتجاه دوار عين اللوزة ونحن متجهون نحو دوار باب طرابلس، وهناك كان جماعة السوق قد خرجوا من جامع السرجاوي باتجاه جامع المسعود متجمهرين عند مدخل [حي] المرابط، والتقينا بهم في شارع صلاح الدين وذهبنا الى ساحة العاصي من حي المرابط، والحي عبارة عن شارعٍ ضيق هو منطقة سوق يتجه إلى ساحة العاصي، ونحن في هذه الجهة والنظام كان في ساحة العاصي، وحين رأى النظام المتظاهرين يتقدمون نظر وقال: لم يعد هناك مهرب وبدأ بضرب الرصاص على المتظاهرين بشكل مباشر، وفي هذه الأثناء سقط أول شهيد في حماة، في حي الصابونية حصل ضرب رصاص وحدثت إصابات ولكن لم تصل إلى القتل كان الشاب يُصاب إما بيده أو برجله لم تكن الإصابات خطيرة كنا نُسعفه مباشرة إلى المستشفيات، وحين ذهبنا بالمظاهرة إلى المرابط مقابل ملجأ الأيتام حصل إطلاق رصاصٍ مباشر على المتظاهرين، وأنا كنت أصور وأوثق وسقط بجانبي الشهيد صهيب سوتل، كنت أصوره في مقطع فيديو واستقرت الرصاصة في قلبه، وأنا أقول له: يا صهيب تشاهد (انطق بالشهادتين) والفيديو موجود -بعد حذف أول مقطع تربيت ولم أعد أحذف أي فيديو- وسقط يجانبي والشاب يُنازع أمامك، ففعليًا كان صهيب سوتل أول شهيدٍ استُشهد في مدينة حماة، والناس على أثر ما رأته، فقد كنا في البداية نتظاهر سلميًا النظام واجهنا بالهراوات والحجارة وبعدها القنابل المسيلة للدموع وبعدها بالرصاص، ورجعنا نرى الدماء فقد كنا في بداية الأمر نسمع حكايا كيف النظام يواجه أي شخصٍ معارض له بالدم، الآن أصبح واقعًا، وأنت تقول: لا للنظام، ونعم لإسقاطه، النظام يحاورك في المقابل بالسلاح بالرصاص والدم فأنت تدفع مقابل كلمتك دم، وهذا رأيناه في "الجمعة العظيمة" سقط ستة شهداء في حماة من بينهم صهيب سوتل، مدينة حماة في تلك الليلة نامت حزينة كان هناك ستة شهداء و15 جريحًا موثقين بالإسم، وكان من بين الشهداء صهيب سوتل لأنه استُشهد بجانبي والمقطع مصور، فنامت مدينة حماة حزينة.
الأمن في تلك الأثناء ذهب إلى الأهالي وحاول أن يُقنعهم أن يقولوا: أنَّ ابنهم مات برصاصٍ إرهابيين أو أن شيعوه بشكل صامت، أو تقولوا أنَّ ابنكم مات برصاص [جماعات] إرهابية، إرهابية من؟ فلم يكن المتظاهرين معهم سلاح ولا سكاكين ولا شيء وابننا مقتولٌ بالرصاص، كيف؟! هناك بعض العوائل للأمانة رضخت لتهديدات النظام لأن النظام يُهدد [وينفّذ] يعني في بعض الأحيان يأخذ أخًا من إخوة الشهداء، أن: ابنكم معتقل عندنا إذا تكلمتم ستخسرون الآخر، فالناس خافت، يقولون بأن الحي أبقى من الميت، وهناك بعض العائلات حاولت ولكن أصدقاء الشهيد وأقرباء الشهيد أبوا إلا أن يخرجوا ويشيعوا الشهداء في اليوم التالي.
وفي اليوم التالي من "الجمعة العظيمة" شهدت مدينة حماة تشييعًا مهيبًٍا للشهداء بدأ من حي البرناوي إلى جسر المزاري من أقصى الغرب إلى الشرق، خرجت جميع أحياء محافظة حماة في تشييع الشهداء، التشييع مسافته ما يقارب 2 كيلو متر، والتشييع كان كله راجلًا ما يقارب 2 كيلو متر كلها أناس تمشي وتحيي الشهيد وتدعُ لإسقاط النظام وتلبية لأهلنا في درعا وحمص والشام (دمشق) والبيضا، لأنها وقتها كانت المظاهرات تعم أرجاء البلد، فكان التشييع مهيبًا، وفي تلك الأثناء أول مرة ينزل المتظاهرون إلى ساحة العاصي في حماة بعد "الجمعة العظيمة" مباشرة وإن كان [يومًا] مأساويًا -بسبب تشييع الشهداء ولكنه كان أول نزولٍ لساحة العاصي للمتظاهرين لمدينة حماة.
في التشييع النظام خاف كونه كان هناك شهداء؛ خاف من ردة فعل الناس القوية فخروج الآلاف بالتشييع، النظام في أول يوم ألفين أو ثلاثة آلاف متظاهر لم يستطع أن يردهم فكيف اليوم وكل الأهالي قد خرجت؟! فأغلق النظام [الأبواب] على نفسه في المديريات الأمنية ومراكز الشرطة، ولم يخرج أي عنصر، لأنه إذا خرج عنصر سيواجه غضب الناس لأنهم يشيعون أولادهم، والناس تذكرت 1982 والذي خرج اليوم من الشباب هم من جيل التسعينات والثمانينات لم يروا شيئًا، ولكن الناس التي رأت إجرام النظام، فمثلًا أنا سكتُ على موت أبي هل أسكت على موت أخي أيضًا؟ فالنظام عرف ردة فعل الناس فانطوى في المديريات، ولم يكن منه أية ردة فعل.
في الفترة الأولى كانت المظاهرات من جمعة إلى جمعة، كان الحراك يقتصر على يوم الجمعة بعد الصلاة، وثورتنا طبعًا خرجت من المساجد، ومن يقول غير ذلك كاذب فلن نسترضي فلان أو نداهن علّان، بطبيعة الحال نحن شعبٌ مسلم، فكانت المظاهرات مقتصرةً على يوم الجمعة، وبين الجمعة والجمعة مسافة كبيرة، وباقي المحافظات كانوا يخرجون في غير يوم الجمعة فأردنا الخروج، فبدأت الناس تُنسق وأنا لم أكن من الشباب الذين ينسقون ولكن أتاني اتصال وكنت في مقهى "إنترنت"، اتصل علي صديقي: كيفك كمال اليوم لدينا لعبة شدة (لعبة ورق) في شارع ابن رشد! فقلت: شدة وابن رشد! الكلام ألغاز، وقلت: متى اللعبة، قال: بعد صلاة العشاء، وقلت: جاهزين، وقال: أحضر من تستطيع أن تجلبه معك، وتكلمت مع عدة شباب يخصونني: اليوم هناك بطولة شدة جهزوا أنفسكم، قالوا: أين؟ قلت: في ابن رشد، كان يوم الثلاثاء، وذهبنا إلى شارع ابن رشد، وهو شارعٌ من أهم الأسواق في حماة كما شارع الحمراء في الشام (دمشق)، وكان مركز تسوق في مدينة حماة، والناس مكتظةٌ -سبحان الله- بدأنا نهتف ونحن متجمعون اثنان متجمعون وكل ثلاثة اشخاص يمشون على الأرصفة ومتفرقون على الأرصفة ، ونرى بعضنا ننتظر من ينادي على المظاهرة، وبعد قليل تكبير" الله أكبر" فتجمعنا وكنا من 10 إلى 15 شابًا، والتكبير والناس خارجة تتسوق ولم يخطر أن تكون مظاهرات يوم الثلاثاء ولا الأمن يتوقع، وبدأنا نهتف "يا حيف حماة يا حيف شعبك واقف على الرصيف" و "الله سورية حرية وبس" و "يا درعا نحن معاكي للموت" و"يا حمص نحنا معاكي للموت" وهذه الهتافات، هذه أول مظاهرة طيارة في مدينة لم نلحق أن نهتف أو نمشي مترين إلا كانت الناس قد هربت وأبواب المحلات أغلقت فقد كان شيئًا مخيفًا، قامت القيامة في مدينة حماة وفي زمن ربع ساعة كل الأسواق: سوق الطويل وشارع الدباغة وشارع ابن رشد أُغلقوا، وسيارات الأمن تأتي من كل مكان: من مخفر الدباغة ومن مخفر الشريعة ومن أمن الدولة والأمن السياسي والعسكري، ويركضون...، وحين بدأ الكل يركض لم يبق غيرنا، وركضنا كل باتجاهه، أنا أتذكر أنني ركضت باتجاه شارع الدباغة إلى شارع أبو الفدا، وإذ بالأمن قادمون، ونحن هربنا مع الأهالي وكل ما أذكر الموقف أذكر خبث النظام وأنا أمشي بشارع الدباغة مع الناس الهاربة وباصات الأمن تخرج، ويصيح الأمن: اختبئوا من القناصين، وأنا أقول ماذا يتكلم هذا؟ وجعل الناس تعيش في شيءٍ غير موجود، ويقول: القناصون على الأسطح اختبئوا، ونحن خرجنا في مظاهرة بالكاد هتفنا هتافين من أجل أن تعيش الناس في جو الثورة ليس فقط ليلة الخميس والجمعة، والسبت وباقي أيام الأسبوع لا يوجد شيء، فغاية هذه المظاهرة الليلية أننا نعيش في ثورة، حتى مرة من المرات قالوا: يكفي كتابة على الجدران، هذه الجدران للناس لماذا تكتبون عليها؟ فكان هناك شابٌ أتى بسيارة وميتور (دراجة نارية - المحرر) هواء وببخاخ وبخ على كل الجدران وعلى كل اللافتات في كل حماة، الناس استيقظت في الصباح لتجد أن الجدران مليئة بشعارات إسقاط النظام والأسد وكل شيء، فنحن كانت غايتنا أننا نعيش في ثورة ثمنها دم وسقط شهداء في درعا وشاهدتم بأعينكم ما حصل في البيضا وبانياس وحمص، وكنا نريد أن تعيش الناس في الأجواء الثورية، أن يصبح فكر وشغل الناس الشاعل كيف نُسقط النظام، الأمر ليس مقتصرًا على عدة شباب، لا بل وأنتم معنا (الأهالي) في هذا الأمر سواءً في المظاهرات والإضرابات والحراك بشكل كامل.
في "جمعة الغضب" الناس نزلت إلى ساحة العاصي، في الجمعة التي قبلها كان هناك دماء فبعض الناس خافت كانت تقول: ننزل أو لا، وللأمانة كان في كل جمعة التنسيق يكون أعلى، وأنا إمكاناتي بسيطة وخصمي كان إمكانات كبيرة فواجبي أن أرفع الإمكانيات، والنظام يأتي الجمعة التي بعدها بتجهيزات تردع أكثر، فأنا يجب أن أقوم بشيء يساعدني على الاستمرارية، وفي "جمعة الغضب" الناس كانت متوجسة هل سيحصل دم أم لا؟! هل سيسقط شهداء أم لا؟! فكانت الناس مترددة وخرجت الناس ودائمًا المظاهرة المركزية في المدينة تكون في حي الحاضر لأن الأعداد كبيرةٌ هناك.
تلك الفترة بدأنا نتجمع كشباب وأصبح لدينا مقرٌ للتنسيق نتواصل مع باقي المجموعات سواءً في السوق أو في حي جنوب الملعب أو في حي الصابونية أو باقي المناطق ماذا يجب علينا فعله؟ و[نحضّر] الأعلام والهتافات وهذه المواضيع، وبدأ يتشكل في المدينة شيءٌ اسمه "تنسيقيات" جهزنا للمظاهرة ونزلنا باتجاه ساحة العاصي الحي الشمالية والحاضر والبارودية، ووصلنا إلى ساحة العاصي، وفي ساحة العاصي الناس نزلت وكل مجموعة تهتف لوحدها، ولكن نحن كشعور نحن وصلنا إلى ساحة العاصي، طيب ماذا يجب علينا فعله الآن؟ هذا الشيء لم نكن قد حسبنا حسابه، حسنا أنَّ النظام يُقابلنا بالعنف والسلاح، النظام لم يفعل أي شيء، وطبعًا عرفنا فيما بعد أن محافظ حماة (أحمد خالد عبد العزيز - المحرر) يضغط على الأفرع الأمنية ألا تستخدموا العنف مع الأهالي، والجهات الأمنية لا تُريد السماح للمتظاهرين الأهالي أن ينزلوا والمحافظ يمنعهم من استخدام العنف مع الناس كي لا يزيدوا الغضب غضبًا، وهذا الشيء عرفناه بعد إقالة محافظ حماة واعتقاله والتحقيق معه وما إلى ذلك، ففي هذه الجمعة أخذت الناس حريتها، وبدأت الناس تنزل إلى ساحة العاصي وتهتف كل مجموعة لوحدها، وحتى حصل شيء مع الناس بشكل تلقائي، فالناس خرجت سلمية يوجد بعض "الزعران" (سيئي الأخلاق) حاولوا أن يخربوا ويدخلوا إلى بناء السرايا، وهذا الأمر واجهه الشباب الثوار بتشكيل جدارًا أنه ممنوع الدخول للسرايا نحن هنا غايتنا التظاهر وتوصيل صوتنا، هذه السرايا والأبنية لنا ومنعوهم من الدخول، وحتى رواية النظام أن المتظاهرين دخلوا إلى المركز التلفزيوني في حماة وخربوه، هذا الأمر قام به بعض المخربين من أعوان النظام ليُشوهوا صورة الثوار، وبشكل عام كانت المظاهرة حلوة ونظيفة، ولكن المشكلة عدم التنسيق بين المجموعات حتى أنك ترى في مقاطع الفيديو ترى مجموعة هنا ومجموعة هناك، حتى الأعداد لم تكن كبيرة، وهذا الأمر حاولنا العمل عليه في الجمعات التالية، عندما وجدنا تراخي من عناصر الأمن حصل دفعٌ أكبر للثوار أن يعملوا عليه.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/06/02
الموضوع الرئیس
الحراك السلمي في حماةمظاهرات الجمعة العظيمةكود الشهادة
SMI/OH/83-02/
أجرى المقابلة
بدر طالب
مكان المقابلة
الباب
التصنيف
مدني
المجال الزمني
نيسان 2011
updatedAt
2024/08/09
المنطقة الجغرافية
محافظة حماة-ساحة العاصيمحافظة حماة-المناخمحافظة حماة-الحاضرمحافظة حماة-مدينة حماةمحافظة حماة-حي المرابطشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
فرع أمن الدولة في حماة 320
مجلس محافظة حماة - نظام