الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

النظام بعد "تفجير خلية الأزمة" التعافي والقبضة الحديدية

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:20:57:07

في الحقيقة بعد عودة النظام نحن تحدثنا عن مرحلة معركة دمشق وسقوط خلية الأزمة والضعضعة التي أصابت النظام، والحقيقة أنا وصفته أنه سقط (النظام) لمدة يومين أو ثلاثة أيام وعاد بعد دعم من فيتو روسي صيني مزدوج حتى يدفع النظام أكثر للاستمرار والصمود؛ لأنه لم يكن الوقت بالنسبة لحلفاء النظام ملائمًا، وكان برأيهم أنه يمكن الدعم بشكل أكبر فالنظام أعاد سيطرته على حي الميدان وبعض أحياء مدينة دمشق الأساسية، وهنا أصبح يوجد تغيير كامل للمشهد باتجاه نهاية الحراك المدني تقريبًا بشكل كبير جدًا والانتقال إلى المرحلة العسكرية.

في بداية سيطرة المشهد كانت دمشق تُقصف من قاسيون ومن ثم تشاهد المظاهر العسكرية من حواجز شديدة السطوة الأمنية في أغلب أحياء دمشق مع حملة اعتقالات كبيرة جدًا أدت بالتدرج إلى فقدان المساحة التي كانت موجودة لأي نوع من أنواع الحراك، ومن بعدها لم نرَ مظاهرة في أي مسجد من مساجد مدينة دمشق في يوم الجمعة، وانتقل التركيز والأنظار على إمكانيات الحراك من ريف دمشق من الأحياء مثل: جوبر وبرزة ودوما وداريا والغوطة الشرقية والغربية، حتى تكون هي مساحة الحراك والنضال من أجل تحقيق أهداف الثورة وجزء كبير من الناشطين في هذا الوقت إما أنهم وجدوا طريقة للسفر خارج دمشق عن طريق لبنان أو الأردن، والجزء الآخر ذهب إلى أماكن أكثر أمنًا يوجد فيها جيش حر وسيطرة للجيش الحر، ولا توجد سلطة للنظام فيها مثل: الغوطة وداريا ومنهم من ذهب إلى حمص، وفي هذه المرحلة ما بعد الصيف حتى نهاية عام 2012 كان مجال العمل الثوري يصبح أخف وعلى المستوى الشخصي العائلات التي كنا ندعمها من النازحين من حمص كانوا في وقتها موجودين في فنادق السيدة زينب التي كانت فارغة أساسًا بسبب عدم وجود سياحة دينية وبسبب الحالة الأمنية في سورية، وتم ترحيلهم وتفريغ المنطقة بشكل إجباري، وكان البديل هو أن نحاول أن نجد مجالًا ونستوعبهم إما في آجارات  منازل (منازل مستأجرة) وحاولنا البحث عن منازل للإيجار أو حتى فنادق في مناطق أخرى وفعليًا أخذنا فندقًا أو فندقين في منطقة المرجة في وسط دمشق لاستيعاب بعض هؤلاء النازحين بشكل مؤقت حتى يتدبروا أمورهم.

لا شك هنا أنه تفتحت العيون أكثر (أصبحنا مراقبين أكثر) عندما كنا ندخل إلى الفنادق وأكيد (حتمًا) يوجد شيء أمني، ولكن كان شعوري أنه طالما نقوم بهذا العمل عن طريق مجموعة مفتوحة مجموعة "فيسبوك" التي هي مبادرة كفى فيمكن أن يشكل هذا الشيء حماية، وأني لا أقوم بشيء وهذا العمل إنساني بالمطلق وليس ثوريًا أو لدعم جهة على حساب جهة أخرى، ومع ذلك كان الشعور أن الاعتقال قادم وعدد كبير من الأصدقاء بدأ يتم اعتقالهم، ودائمًا الشعور بأن الاعتقال قادم، وهذه المخاوف الداخلية الموجودة.

في هذا الوقت كانت توجد مناطق يزداد الحصار عليها والوضع المعيشي يزداد، وأذكر [أنه] جاءت فترة انقطع الخبز عن عدد من أحياء دمشق، وبمبادرة من الأصدقاء وبعض الشباب استطعنا تأمين مبالغ معينة وتأمين الخبز، وكنت أذهب أنا وأوزعها على مدارس الأونروا الموجودة في مخيم اليرموك ومخيم فلسطين، وأعتقد وأنا لست جازمًا أن هذا كان سببًا لتقرير أمني أدى إلى ملاحقتي الأمنية أو [أن] أصبح مطلوبَا من قبل فروع الأمن، وبهذه البساطة وكانت الجريمة هي توزيع الخبز، لأن بقية الأنشطة لم تكن معلنة، وكنت أحاول دائمًا ألا أظهر ولا أكتب على صفحات التواصل الاجتماعي، ونوعًا ما كان يوجد حرص على إظهار موقف رمادي نوعًا ما بسبب موقف الموقف (الوضع الأمني)، ولكن الداخل ومعارفي يعرفون تمامًا ما هو توجهي.

في هذا الوقت لم يكن يوجد مجال أن تشارك بالمظاهرات؛ لأنه حتى الذهاب إلى مناطق محررة أو مناطق يوجد فيها جيش حر كان أمرًا صعبًا جدًا وأمنيًا خطير يعني لم يكن مستحيلًا، ولم يكن يوجد حصار كامل على الغوطة، وكان يمكنك الذهاب والعودة، ولكن يوجد حواجز وتوجد مساءلة وخصوصًا أنك أنت ليس لك عمل وأنت نفوسك هي دمشق وعملك هو في المدينة، ولا يوجد سبب موجب حتى تذهب إلى هذه المنطقة.

هذه المناطق كان يسيطر عليها النظام، ولم يكن يوجد فيها جيش حر بالمعنى الحقيقي، وهي تعد من مدينة دمشق، وكان يوجد مجال للحركة، وكان يوجد مجال حتى تزور النازحين فيها.

اختلف التعامل الأمني من قبل النظام وهنا أصبحت توجد فروع أمنية وأيضًا عسكرية، وهنا دخلت مؤسسة الجيش بقوة إلى مدينة دمشق للسيطرة على حي الميدان، وبعض الأحياء التي كان يمكن أن تشكل [خطرًا على الأمن] فكان النظام لديه أولويات، وفي هذا الوقت النظام كان لديه أولوية لطريقين أساسيين وخلال كل سنوات الثورة وتراجع سيطرة النظام على أقل من 30% من الأراضي السورية، ولكن طريق مطار المزة العسكري لم يتأثر ولم ينقطع ولم يتهدد أمنيًا وطريق بيروت، بينما مطار دمشق أُغلق لفترات طويلة ولم تتم السيطرة عليه، ولكن كان أمنيًا الوضع مكركب (مضطرب) والنظام دائمًا كان لديه الخطة باء التي هي خطة الخروج أو الهروب التي هي إما عن طريق مطار المزة أو عن طريق بيروت من المتحلق الجنوبي الذي يقطع كفرسوسة كحي إلى منطقتين: منطقة شمال المتحلق، ومنطقة جنوب المتحلق الموصولة مع مدينة داريا والتي في وقتها كان يوجد فيها جيش حر لا يزال مستمرًا، وكانت توجد صعوبة للدخول الأمني، فكان يوجد تركيز على تطهير الحي والتضييق على الحراك، وأيضًا محاولة إبقاء مطار المزة بعيدًا عن وصول الثوار وتأمين محيطه، فأصبحت توجد عمليات هدم لمزارع وأيضًا أبنية مطلة من الطرف الجنوبي لمطار المزة، وكان يوجد تركيز على كفرسوسة على تطهيرها يعني إنهاء حالة الحراك الموجود فيها، وبسبب هذه المخاوف الأمنية والضغط على هذه المنطقة فجزء كبير من ثوار كفرسوسة وأيضًا ثوار المزة خلف الرازي انتقلوا إلى مدينة داريا.

في هذه المرحلة النظام صحيح أنه كان يحاول أن يفرض سيطرته على مدينة دمشق بالكامل، ولكن الأمور كانت تُفلت من يده في مناطق أخرى، وخصوصًا مدينة حلب وأريافها و[نقصد] بحماة ليس المدينة ولكن محيطها وأريافها وأيضًا حمص والمناطق الشرقية، وهذا الشيء أدى إلى ضغط على مدينة دمشق إما بسبب النزوح أو الهجرة، ونحن عندما نتحدث عن النزوح لأن النزوح قسري لحاضنة الثورة التي اضطرت أن تنزح، ولكن أيضًا هجرة من قبل الموالين الذين تمت السيطرة على مناطقهم أو أصبحت مناطقهم مهددة، فكانت مدينة دمشق هي الوجهة بالنسبة لهم وجزء منهم لديه أقارب أو مسؤولون موجودون أو موظفون في الدولة مقيمون في مدينة دمشق.

كان هناك في الحقيقة انتقال أيضًا لبيئة صناعية كاملة من ريف دمشق إلى داخل أحياء مدينة دمشق، فأصبح يوجد غلاء كبير جدًا يعني مثلًا: في الإيجار والمعيشة فأصبحنا نرى أن المعامل التي كانت موجودة في صحنايا والكسوة وببيلا والمطابع والحركة الاقتصادية كلها انتقلت، وأصبحت في أقبية أو ورشات موجودة تحت أبنية سكنية كعودة إلى ما قبل حالة التوسع لمدينة دمشق والمناطق الصناعية الموجودة.

في هذا الوقت الحالة العسكرية كانت تزداد والجيش الحر يقوى، وبالمقابل رد الفعل من قبل النظام هو استخدام الأسلحة الثقيلة بشكل أكبر ودخول الطيران (طيران النظام) سواء المروحيات أو الطيران الحربي "الميغ" على الخط، وكان هذا بالنسبة للثورة أمرًا مفصليًا بأن الأمر انتقل إلى مرحلة أخرى، فلا النظام يستطيع أن يتراجع عن هذا الأمر ولا الثورة لديها مجال أن تتراجع أيضًا فكان من المؤلم جدًا أن تسمع صوت الطيران أو تشاهد الطيران الحربي فوق مدينة دمشق، ويتجه إلى مناطق أخرى حتى يقصفها وحتى هنا لم يكن يوجد قصف مضاد على مدينة دمشق، وكانت دائمًا الهجمات باتجاه واحد يعني من آخر المشاهد قبل خروجي من مدينة دمشق أن تكون جالسًا في مكان عام في "كافيه" أو مقهى وتسمع رشقات من المدفعية أو الصواريخ وهي تخرج بصوت مرعب والناس تقول: إن صوت القصف من المدينة أو محيط المدينة إلى مناطق أخرى. والناس تكمل حياتها بشكل طبيعي وهذا هو الشيء الذي كان يحاول أن يركز عليه النظام في كل يوم وأن الحياة طبيعية والأمور تمضي بخير.

على المستوى الشخصي أيضًا موضوع المساعدات ومساعدة الناس أصبح صعبًا، وأن يكون لديك مجال للعمل خارجًا أو تبتعد عن مدينة دمشق؛ لأنه توجد صعوبة في الوصول، وهنا وادي بردى كان قد حُرّر وأغلب ريف دمشق خرج عن سيطرة النظام وأيضًا أصبح يوجد شعور أنه متى؟ وإلى متى؟ 

بالنسبة لي لم تكن في بالي خطة الخروج؛ لأنه يوجد شعور أو الدلائل تدل وحتى سياسيًا وحتى التصريحات الدولية والمبعوثون وفي وقتها المبعوث كوفي عنان ومبعوث الجامعة العربية فكان الحديث عن النقاط ال12 (خطة النقاط الست لكوفي عنان- المحرر) وهي: خروج الجيش من المدن وعودة الجيش والسماح بالتظاهر، وهذا كله بطريقة ما يمكن أن يؤدي إلى إسقاط النظام بطريقة سلمية، فكان الدور المطلوب منا في الحقيقة في مدينة دمشق هو أكبر بكثير منه إذا خرجنا وأنا فعليًا حتى يوم أصبحت مطلوبًا وبعدها لم يكن مطروحًا بالنسبة لي أبدًا فكرة الخروج، وكانت دائمًا الهواجس حول متى سوف يحصل الاعتقال؟ وكيف؟ وما هي الأسئلة التي سوف يسألونها؟ وما هي الأجوبة؟ ودائمًا عندما أسمع بأحد الأصدقاء تم الإفراج عنه أو خرج سواء أعرفه أو لا أعرفه فدائمًا كنت أذهب لرؤيته وأسمع منه حتى الشخص نوعًا ما يكون مستعدًا لما سوف يراه في المرحلة التي بعدها.

في الحقيقة كان الموقف داخل مدينة دمشق بشكل عام موقف خوف مما هو قادم، يعني النظام لن يُقتلع بسهولة ولن يخرج ولن يترك هذه المكاسب التي حققها خلال 30 أو 40 سنة بهذه السهولة والحل العسكري سيكون قادمًا، وكان يوجد أيضًا مخاوف من حالة الفوضى وكانت المشاهد التي تأتي من مدينة حلب أيضًا سواء من أفعال أو ردود أفعال كانت تحصل كان يمكن أن تشكل خوفًا كبيرًا جدًا، وازدادت حركة نزوح البيئة الاقتصادية والتجارية من مدينة دمشق.

بالنسبة لي كعائلة بشكل عام الجميع يعرف والعائلة بالمجمل يعني العائلة الأصغر كانت تحمل نفس الإيمان والأفكار بضرورة استمرار هذه الثورة وظلم النظام، ولكن يوجد اختلاف في آلية التعامل مع الموضوع، فكانت حالة الخوف عند العائلة كبيرة جدًا، يعني كم يمكن لهذا النشاط الذي تقوم به أن يؤثر عليك كشخص أو يؤثر علينا كعائلة؟ لذلك أنا لم أكن أتحدث بكل الأنشطة التي أقوم بها وجزء منها كان سريًا حتى عن عائلتي، وكنت أقوم بتحضيرهم نفسيًا وأقول: هل رأيتم فلانًا صديقنا تعرفونه، لقد تم اعتقاله يعني الأمر وارد، وأنا لست أفضل من غيري والأمر وارد ومطروح، وهذا الأمر يجب أن نتعامل معه في الحقيقة. 

إلى اليوم الذي بدأت فيه -حتى دوائر الأصدقاء القريبة- أن تسافر، وفي أحد الأيام في أواخر شهر تشرين الثاني/ نوفمبر أنا كنت موجودًا في المكتب مع العائلة يعني مع الوالد وأخي [حيث] كنا نعمل مع بعضنا في نفس المكان وجاءني اتصال من أحد الأصدقاء المقربين وقال: هذا آخر يوم لي في دمشق وسوف أسافر إلى أمريكا. وقال: هل يمكننا اللقاء في مكان قريب حتى أودعك؟ وهذا الكلام كان تقريبًا في الساعة 10:00 أو الساعة 11:00 فذهبت إلى مقهى قريب من مقهى الروضة المعروف وبعد ربع ساعة جاءني اتصال من أخي وسألني: أين أنت؟ وهل يمكنك أن تأتي. فقلت له: أنا مع صديقي ولم أذكر مكاني. فسألته: هل يوجد شيء؟ فقال: لا، لا يوجد شيء، ولكن تعال مباشرة. فانشغل بالي ولم يخطر على بالي وأنا دائمًا ولا أعرف ما هو السبب، ولكن كان عندي هاجس الاعتقال من المنزل، وأنا دائمًا أقفل باب المنزل مرتين أو ثلاث ولم يخطر على بالي أن يكون المكتب هو المكان الذي تتم مداهمته وأولًا خطر على بالي أن تكون الحالة الصحية للوالد... فقال أخي: لا يوجد شيء، ولكن تعال. وكان واضحًا أن الأمن كان موجودًا عنده وأجبروه على التحدث معي، وأنا تركت صديقي وعدت وقبل أو عندما وصلت رأيت حركة غريبة، ويوجد عناصر أمن موجودين يعني عساكر مدججون بالسلاح موجودون على الباب، وأنا لا أعرف ما هو الموضوع وهم لا يعرفونني فعليًا؛ لأن الضباط كانوا موجودين في الطابق الأول في المكتب فدخلت وسألت أحد الجيران: ماذا يحصل؟ فقال: لقد جاؤوا وسألوا عنك. وفي وقتها هربت وأزلت شريحة الهاتف وتواريت عن الأنظار.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/08/31

الموضوع الرئیس

خلية إدارة الأزمة (خلية الأزمة)الحملات العسكرية للنظام

كود الشهادة

SMI/OH/45-29/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

أواخر 2012

updatedAt

2024/07/18

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-محافظة ريف دمشقمحافظة ريف دمشق-وادي بردىمحافظة دمشق-المتحلق الجنوبيمحافظة دمشق-كفرسوسةمحافظة دمشق-قاسيونمحافظة ريف دمشق-السيدة زينبمحافظة ريف دمشق-مطار المزة العسكري

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش السوري الحر

الجيش السوري الحر

الشهادات المرتبطة