الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

سيرة ذاتية واعتقال الوالد

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:29:15

أنا نورا غازي صفدي، وعائلتي هي غازي، والصفدي هي كناية عن اسم زوجي باسل خرطبيل الصفدي، وأنا من الشام (دمشق) من مواليد 1981، وأنا أعمل محاميةً في حقوق الإنسان منذ أكثر من 17 سنة، واختصاصي هو عن المعتقلين المختفين قسرًا.

قد تبدأ القصة عندما تزوج والدي ووالدتي؛ لأنه لها علاقة، أبي وأمي تعرفا على بعضهما بعد مظاهرة، أو بعد توزيع مناشير؛ لأن والدتي تقول لي دائمًا: لم نتعرف في مظاهرة، وإنما بعد توزيع مناشير على أثر الحركة التصحيحية، فأحبا بعضهما، وكانا صغيرين، أمي 18 ووالدي 19 سنةً، وعندما تزوجا أمي كانت خريجة علوم طبيعية (كيمياء حيوية) فكانت موظفةً في وزارة النفط، ووالدي كان لا يزال يدرس الحقوق، لأنه حتى في وقتها اعتقل والدي عدة مرات، تقريبًا في ثورة 63 (ثورة آذار) اعتقل والدي وكان عمره 11 سنةً وكلما يكون لديه فحص بكالوريا يُعتقل فيرسب؛ لأنه لا يقدم كل المواد، فأعاد البكالوريا 7 مرات على مدار 7 سنوات، فكان لا يزال يدرس، وموظف في القصر العدلي.

أبي وأمي كانا في الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي ناصريين، واثنين من أخوالي أو 3، وأنا عندي 4 أخوال، وعندما حملت والدتي بي -أنا ولدت في عام 1981- هي تركت العمل السياسي؛ لأنه لا يوجد مجال لشخصين يعتقلان، وبعد سنة جاءت أختي في عام 1982، وأذكر الأشياء التي كانوا يتحدثون بها عن أحداث 1982، وأمي حموية، ولكنهم ليسوا إخوانًا (حزب الإخوان المسلمين) فأغلب عائلتها قُتلت في أحداث 1982، وأحداث الإخوان بدأت في عام 1979، فكان عندي خالي الكبير هو في الجيش كان ضابطًا فكُتب به الكثير من التقارير بأنه من الإخوان مع أنه كان ملحدًا، فشكل فرار وهرب إلى ألمانيا، وهو محكوم بالإعدام منذ الثمانينات، أنا تعرفت على خالي في عام 2019 ولم أكن أعرفه أبدًا.

في عام 1986 أتذكر أنه كان عمري 5 سنوات، وأذكر أنه طرق الباب الساعة 02:00 ليلًا، وفتحت والدتي الباب؛ لأن والدي كان في الحمام، ومنزلنا كان في المزة، وجدًّا صغير، وطبعا منزل إيجار، فطُرق الباب وفتحت والدتي الباب، فوجدت صديق والدي الذي كان لديه دار نشر اسمها: العاصمة في جسر فكتوريا، ومعه شخصان، وسأل عن والدي، فانتبهت والدتي أنه مقيد، فأشار لها بدون أن ينتبه عناصر الأمن، بمعنى قولي: إنه ليس هنا، فقالت لهم: إنه عند أهله، فذهبوا إلى أهله، وفي هذا الوقت هرَّبت أمي والدي من المنزل، هرب والدي إلى لبنان عن طريق التهريب، وفي وقتها كان النظام السوري موجودًا في لبنان أساسًا، ذهب إلى البقاع، وأنا لا أتذكر التفاصيل بعدها، ولكن في اليوم الثاني وضبت والدتي الأغراض، وذهبنا إلى أهلها، ولكن بقي في رأسي بأنه طرق الباب يعني: الأمن، وأنا كنت أعرف ماذا يعني الأمن، والمشكلة أنه من عام 1986 وحتى الآن أنا عندي مشكلة مع دق الباب أينما كنت، وحتى عندما أكون في فندق، وحتى عندما أكون في أي مكان في العالم في أوروبا عندي مشكلة عند دق الباب.

لم نكن نفهم شيئًا على أن والدي سافر، ولفترة طويلة لم نستطع رؤيته، وأنا نسيت [شكله].

كانت المشكلة بالتشرد؛ لأنه لا يوجد مكان، ووالدتي سلمت المنزل، وكل عدة أيام نذهب إلى أحد، وكل الدنيا تتدخل بك، ليس كباقي كل الناس لديهم أم وأب، يعني يصبح أخوالي هم الأب، ورفاق والدي خارج السجن هم الأب، هذه لها ميزات، ولكنك تتلبك وأنا في ذلك الوقت لم أكن أدرك أنني أتلبك (أضطرب) ولكن عندما أصبحت أكبر أصبحت أعرف أنني أضطرب بهذه الأشياء.

 وبعدها أصبحنا نستطيع الذهاب لزيارة والدي في لبنان، كان والدي يجلس في منزل في المرج مع عدة أشخاص ملاحقين من رفاقه، كل عدة شهور كنا نذهب إلى لبنان، وأنسى شكل والدي، ولكن قالت لنا والدتي: بأن والدي في حمص، ونحن في حمص، وعندما أذهب وأعود من المدرسة كنت أتحدث ببعض الكلمات باللهجة اللبنانية؛ لأننا كنا نجلس مع أشخاص لبنانيين، والناس رفاقنا يقولون: تتحدثون باللهجة اللبنانية، فأقول لهم: لا، هذا هو الكلام الحمصي، ونحن كنا نظن أنه يوجد حدود بين حمص والشام، حتى لا نقول إن والدي موجود في لبنان، ولكن دائمًا يرتبط في رأسي أنه عندما نعود لأنني كنت أنا وأختي ننام بجانب أمي في منزل جدتي والدتي تبكي لعدة أيام في الليل، ونحن لم نكن نفهم لماذا!.

 وبعدها أحد الأشياء، أتذكر على الحدود في طريق العودة، وفي ذلك الوقت كل الناس كانت تحضر الموز من لبنان، فأدخلوا أمي لمدة 10 ساعات، ونحن جالسون مع سائق التاكسي، يستجوبونها وجاؤوا إلينا، وسألونا: أين والدكم؟ ونحن نقول في حمص، ويسألوننا: ما هو اسمه؟ نسكت، مع أن اسمه موجود، وهو دخل بهوية واسم مختلفين إلى لبنان، واسمه موجود على دفتر العائلة، ولكن نحن نسكت هكذا تعلمنا عندما يسألكم أحد: أين والدكم؟ ومن هو أو اسمه؟ يجب أن تسكتوا، وهم يصرخون علينا ويقولون: سنضرب أمكم، وينزلون الأغراض، ويدعسون على الشوكولا والموز، فكان يوجد دائمًا حالة رعب.

 أصبح والدي يدخل ويخرج تهريبًا إلى سورية عبر طرق تهريب مخدرات والسلاح وكل هذه القصص، فهو يدعي أنه مهرِّب، وكان الأمر جنونيًّا أن يدخل ويخرج تهريبًا ويختبئ في منزل أهله؛ لأننا طوال الوقت مراقبون، في أحد المرات اكتشف المهربون بأنه ليس مهربًا، فبقي في سورية، ولم يعد هناك أي طريقة حتى يدخل إلى لبنان.

وطبعًا أتذكر أن والدي كانوا ينادونه مجد، وهو كان يكتب في الصحافة باسم مجد، وكان يتحدث اللهجة اللبنانية؛ لأن هناك كل الحواجز سورية، وعندما علق والدي، ونحن أصبحنا من الواجب أن نكون في مكان ]آخر[، يعني باعوا كل شيء عندهم، الذهب القليل الموجود عند والدتي، وساعدنا أصدقاء والدي الأغنياء، وأخوالي، واشتروا منزلًا في جرمانا، لم يكن أحد يسكن هذه المنطقة كان النهر يمر من جانبنا، ولم نسكن كثيرًا، ولم تكتمل السنة أعتقد 10 شهور، واعتقل والدي، واعتقل في شهر رمضان عام 1992، وكان رجاء ناصر الذي هو الآن معتقل، كان يختبئ في منزلنا، وكان هو العم أبو طلال، وأنا هنا أقصد رجاء الناصر، ورجاء الناصر هو كان قاضيًا وترك القضاء؛ لأنه ملاحق، وبقي قياديًّا في الحزب، وعندما اعتقل أعتقد كان هو أمين سر الحزب الآن، في عام 2013 اعتقل العم أبو طلال.

أبي وأمي كانا متطوعين مع عماتي، وتطوعا في جمعية لرعاية المكفوفين، وأمي كانت من الذين ينظمون لهم الأنشطة وتزوج الكثير من الناس في الجمعية من المكفوفين، وأمي كانت تعلمهم طريقة الكتابة.

وعندما حملت بي أمي تركت كل شيء، ويوجد أماكن أنا أحسست [فيها] أنني أصبحت ناشطةً معروفةً، وأمي أوقفت كل حياتها وتحولت فقط لي.

طلع الضوء وكان عندنا مدرسة، وهذا الكلام في شهر آذار عام 1992 وكان عندنا مدرسة، جاءتنا مداهمة صباحًا باكرًا، وكسروا كل البيت ولم يجدوا والدي، وأنا لا أعرف كيف والدتي كانت تستطيع التواصل؛ لأن والدتي كانت مراقبةً، وكانت والدتي تقوم بتوضيب الأغراض التي يجب أن تأخذها من المنزل في حقائب المدرسة، ونحملها وهناك شخص يأخذها منا في باحة المدرسة يعني والدتي أفرغت الكثير من الأشياء بهذه الطريقة، وطبعًا والدي كان مختبئًا عند عمتي، فراقبوا منزل أهله وراقبونا أنا وأمي، وراقبوا أهل أمي، لم يستطيعوا الوصول إلى والدي حتى قرر والدي الهروب إلى لبنان مجددًا.

هم راقبوا الجميع، وبقي زوج عمتي لم يراقبوه، ولم يكن يوجد شكوك نحوه وزوج عمتي ليس له علاقة بشيء، وهو مسيحي وليس له علاقة بكل هذه القصص، وهو كان لديه قاعدة في المنزل: أنه من يريد أن يدخل إلى منزله لا يتكلم لا عن الرياضة ولا عن السياسة، فراقبوه، وعندما راقبوه والدي قرر أن يصبح رومانسيًّا، وقبل أن يهرب إلى لبنان ذهب واشترى سوارًا لوالدتي، وهذه أول قطعة ذهب ترتديها والدتي في حياتها، ونسق مع زوج عمتي أن يلتقيا في باب توما في برج الروس حتى يعطيه السوار حتى يوصلها إلى والدتي في تاريخ 18 آذار/ مارس وهم كانوا يراقبون زوج عمتي وكان يوجد سوق الخضار، وزوج عمتي التقى مع والدي، وهجم الأمن وبدأوا يطلقون النار في السوق، والناس تهرب مثل الأفلام، يحكي لنا والدي كيف بدأوا يقفزون فوق البسطات ويبعثرون كل شيء، ووالدي رفع السوار بيده وبدأ يقول: هؤلاء لصوص ويريدون سرقة السوار، فبدأ الناس يهجمون عليهم، وبدأوا يطلقون النار فأمسكوه هو وزوج عمتي، وزوج عمتي بقي لمدة 5 أيام في الأمن السياسي، وفقد كل أسنانه على أثرها، والغريب أنه بعد أن خرج حاكم الأمن السياسي وأخذ تعويضًا في ذلك الوقت في التسعينات، ووالدي اختفى لمدة سنة و3 شهور. 

انتهينا من الفحص في الشهر 6 (حزيران/يونيو) وجلسنا في منزل جدتي وتركنا منزل جرمانا؛ لأن والدتي يجب أن تذهب إلى عملها وتتركنا لوحدنا، والمنطقة مقطوعة ولا تعرف متى يدخل الأمن علينا.

والدي كان في المنفردة لمدة سنة و3 شهور في هذا الوقت، وطبعًا أنا ولمى عرفنا أن والدي معتقلًا، ولكن ادعينا أننا لا نعرف أمام والدتي، والجهة كانت هي الأمن السياسي وهو كان ملاحقًا من قبل أمن الدولة والأمن السياسي يعني كما يحصل الآن حصل في تلك الأيام، ولكن بقي تقريبًا طوال هذه الفترة في الأمن السياسي في المنفردة لمدة سنة و3 شهور.

هنا الذي كان يحصل مع والدي أن فدوى هي علوية وكان جزء كبير من العناصر في الفرع علويين، وهم تعاطفوا كثيرًا مع فدوى لأن أخاها هو الذي اعتقلها، وهي كامرأة كان لديها احتياجاتها وزوجها كان في بريطانيا ولا يستطيع الدخول إلى سورية، وبقي أولادها لوحدهم، فكان يوجد شخص جدًّا متعاطف معها، وهي تحتاج إلى أدوية وفوط ويحضر لها، فطلبت منه وأعطته عنوان أهل والدتي حتى يعرف إذا كانت والدتي في المنزل، هو عرف أن والدتي ولدت بصبي ولكن فدوى كانت في منفردة ووالدي في منفردة، لا يمكنهما التواصل مع بعضهما، ولكن والدي عرف، حيث إن هذا الشخص هو الذي كان يقدم لهما الطعام كل يوم صباحًا -طعام الفطور- عندما أدخل له الطعام قال له: هذا فطورك يا أبا حسن، لا أحد يعرف أن والدي هو أبو حسن يعني: سماه حسنًا على اسم جدي هكذا المتفق، فعرف والدي أنه قد جاءه صبي، وهكذا حتى صيف عام 1993 وجاءت والدتي وقالت لنا: أريد أن أقول لكم أمرًا: أنا اليوم زرت والدكم ووالدكم في السجن، ولكنه الآن في سجن جيد وهو مرتاح وكل الأمور جيدة، وقريبًا سوف آخذكم لزيارته فقلنا لها: نحن نعرف أن والدي في السجن، ولكن من الجيد أنه أصبح يمكننا رؤيته،تحول إلى محكمة أمن الدولة وأصبح في سجن عدرا.

نقل والدي إلى سجن عدرا وأحيل إلى محكمة أمن الدولة حتى يُحاكم لأنها هي المحكمة المختصة بكل هذه الأشياء.

كان يوم الاثنين، والاثنين الذي بعده ذهبنا أنا وأمي ولمى، وحسن على يدها، وجدتي أم والدي وإحدى عماتي، كانت الزيارة على شيء اسمه شبك خاص، شبك واحد ولكن في غرفة صغيرة، وفيها فقط نحن، ويوجد ضابط والزيارة مدتها 10 دقائق فرآنا والدي ورأى حسنًا لأول مرة، وبعدها الضابط أدخلنا إليه أنا ولمى وحسن حتى يقبلنا، دخلنا إلى قسم الزيارات العام إلى الشبك، ورأينا شريكه الذي هو معتقل من العام 1986 وهو العم أبو ملهم، وكانت زوجته لا تزال عروس [وهو] درويش الرومي، وهو ترك العمل السياسي بعد أن خرج وهو سجن 8 سنوات وحكم براءةً.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/08/09

الموضوع الرئیس

سيرة ذاتيةالاعتقال قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/123-01/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

ماقبل الثورة

updatedAt

2024/04/25

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-مدينة دمشقمحافظة ريف دمشق-ناحية جرمانا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سورية

حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في سورية

محكمة أمن الدولة العليا

محكمة أمن الدولة العليا

فرع الأمن السياسي في دمشق

فرع الأمن السياسي في دمشق

الشهادات المرتبطة