الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

اعتقال عائلات نشطاء الثورة

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:18:50:13

تم اعتقال والدي ووالدتي بعد اعتقالي أنا وزوجي بثلاثة أيام، كانت أمي في فرنسا عندما علمت باعتقالي أنا وزوجي، نزلت من فرنسا خاصة لتخرج الأولاد من سورية، ونزلت وأخذت الأطفال وأعادوا إيقافها على نفس الحاجز الذي اعتقلوني فيه أنا وزوجي، وقالوا لها - وعرفوا أنَّها أمي- وقالوا لها: ابنتك اعتقلناها من كذا يوم وأوقفوها هي وأولادي، وكانت معهم جدتي والتي عمرها تقريبا 70 سنة وذهبوا بهم إلى نفس المركز الذي أخذوني إليه في الفرقة الرابعة، وهذه القصة لم أكن أعرفها لبعد فترة خمسة شهور من اعتقالي، وأنا ممتنة جداً أنني لم أدري وقتها بذلك، لأن الشخص لا يعلم كيف ستكون حالة أمه، هي في المعتقل وأولادها كذلك، رغم أنَّهم في فترة التعذيب كانوا يًهددوني بأنه سنأتي بأولادك، وأنا كنت اعتبرها مجرد تهديد، أخذوهم إلى الفرقة الرابعة وهددوها لأمي إذا لم تأتِ برفيقات ابنتك غادة وسوسن العبار إذا لم تأتِ بهن، اعتبري أن هؤلاء الأولاد الثلاثة لن يروا ضوء النهار مرة أخرى، وأمِّي بسبب خوفها علي وعلى زوجي وأولادي، كان ابني الكبير عمره 8 سنوات وبنتي 7 سنوات والصغير سنتان وسبعة اشهر، وكان مايزال بالحفاضة حمزة، ويمكن إذا كان هناك شيء لا أُسامح به نفسي هو كيف وضعت أمي بهذا الوضع؟ وهي مسؤولة عن أبنائي من بعدي وكانت لا يهمها شيء عن نفسها فقط الأولاد أن يخرجوا.

وفي هذا الوضع قالت: ليس لدي مشكلة سآتي بأي كان المهم أن تتركوا الأولاد، وحقيقة هذا ما حدث جعلوها تتصل بصديقاتي وهن أعز أصدقائي وكل أعمالنا في الثورة وكن يسكن بجانبي كنا نقوم به معا، واتصلت بهم، وقالت: هناك غرض (شيء) سأعطيكم إياه قبل سفري على أوتوستراد المزة عند سيارات الهمر، وبالفعل تكلَّمت معهن، وفي هذه الاثناء أخذوا أمي الى المزة وأولادي وجدتي أخذوهم ووضعوهم في الفرقة الرابعة ثم عندما جاء الأمن أخذ أمي وصديقاتي الى الفرقة الرابعة. 

وهناك كان النظام الوحشي يُعذب رفيقاتي أمام أبنائي وكان الشبيحة يضربونهن هناك أمام الأطفال، وأولادي يعرفونهن بشكل جيد، وكانوا يعتبروهن مثل خالاتهم وكانوا يبكون وخائفين وصارت أمي ترجوهم، وأنَّكم قلتم إذا أتيت برفيقات ابنتي ستتركون الأولاد، تركوهم  كل اليوم في الفرقة الرابعة وأمي عاشت على أعصابها (كانت متوترة) جدًا في الوقت من خوفها على الأولاد، وبعد ذلك قالوا لها: اتصلي بأحد ليأخذ الأولاد، وهناك صديقتي وهي من غير طائفة هي شيعية، وهي من أروع الناس وكانت معنا في الثورة وكانت تضع نفسها في مواقف كثيرة من أجلنا، ولولاها وخاصة في دمشق حين خرجت من المعتقل لم يكن غيرها في دمشق وبيتها كان حضنًا لنا، واتصلت بها أمي وجاءت بسيارتها أخذت الأولاد وأخذت جدتي، وللأسف لم يتركوا أمي وهنا كانت بالنسبة للأطفال كارثةً كيف يتم اعتقال أمهم وأبوهم وبعد ذلك بثلاثة أيام اعتقلوا جدتهم أمامهم؟ وكانوا يُريدون جدتهم تخرج معهم، وكانوا يبكون وهم يركبون السيارة وأمي تترجاهم وتقول لهم: الأولاد ليس لهم أحد، وكانوا يقولون لها: فقط سؤال وجواب.

صديقتي أخذت الأطفال إلى بيتها في دمشق هي وجدتي، وأمي بقيت أسبوعًا في فرع الخطيب وهذا الأسبوع الذي عاشته هو أسوأ شيء لأنَّ كل فكرها كان عند أولادي وكيف سيكون وضعهم حالياً؟ وسألوها عني وعن إخوتي وكل ما يخصنا في فرع  الخطيب، والحمد لله بعد أسبوع أخرجوها، وعرفوا أنَّها كانت تعيش في فرنسا وليس في سورية وليس لها إلا شهور هنا، والحمد لله خرجت من المعتقل بعد أسبوع، وكان الأطفال في ذلك الوقت عند صديقتي مع جدتي، وأخذتهم أمي وخرجت فيهم إلى لبنان، وهذه القصة كلها لم أعلم بها حتى دخلت إلى عدرا وأتتنا أول زيارة من عمتي، وأمي كانت في لبنان ولم تكن تُريد أن تترك الأولاد فلم تزورني ولم تكن تتجرأ تأتي إلى سورية، وأتت عمتي، وقالت لي: اعتقلوا أطفالك، وأنا قبل عمتي التي أخبرتني، أخبروني غادة وسوسن رفاقي، وأنا عندما ذهبت الى عدرا، هم جاؤوا بعدي بثلاثة أيام كانوا في فرع الخطيب ونقلوهم من فرع الخطيب الى عدرا هم أخبروني بأن أولادي قد اعتُقلوا وكيف حدث ذلك؟ وكيف عذبوا أمام الأولاد؟ فكانت حالتي مأساويةً مع أنهم والحمد لله خرجوا لكن كانت حالتي مأساوية، وأخبروني أنَّهم تركوا الأولاد وأخذوا أمك إلى أن أتت عمتي لم يكن عندي أي خبر عن وضع أمي هل خرجت أو لا؟ وهذا أسوأ ما حصل لي في المعتقل، وأنا عشت هذه اللحظات ريثما أعرف أين أولادي وأمي أين هي؟ 

أمي بعد خروجها من المعتقل، لم يكن عندها خيارات أخرى في ذلك الوقت، وأهل غادة وسوسن ألقوا عليها باللوم، وكانت تبكي كثيرًا، لكن في النهاية أنا أتفهمها تماماً، فبالعكس غادة وسوسن شكروا ربهم أن حدث ذلك، لأنه لو استمر اعتقال أولادي بسببهم لم يكونوا ليسامحوا، فكان ذلك أفضل شيء بالنسبة لهم، هم أخبروني، والحمد لله لاحقاً علمت بخروج والدتي وأنها أصبحت في لبنان هي وهم (أطفالها) لكن بقيت القصة مؤلمة بالنسبة لي وحتى وإن كانت مجرد أسبوع، كانت مؤلمةً بالنسبة لي ولو بعد مضي خمسة شهور، والخبر الثاني الذي علمت به أن زوجي الذي كان كل فترة اعتقالي في الجوية، وهم يقولون لي: أتينا بزوجك بسببك وعذبنا زوجك، وأعلم بعد ذلك أنَّ زوجي هو الذي جاء إليهم وهو حين علم أنَّني موجودة في الحاجز من غير وعي ركب سيارته ومشي، وكانت عمتي هناك، ويقولون له: لا تذهب فكان لا يسمع لأي أحد في ذلك الوقت وركب في السيارة وذهب إلى الحاجز ولهذا السبب اعتقلوه، وكانت الرواية مختلفةً جدًا، وفي النهاية طريقة الاعتقال وبغض النظر وهو شيء مؤلم بالنسبة لي لكن تفرق كثيرًا حين يقول النظام: هو ليس عليه شيء ونحن أتينا به من عمله بسببك، وبين أنه هو جاء برجليه إليهم حتى يرى ما يستطيع فعله لأجلي .

ارتحت نفسياً أكثر عندما علمت أنَّه هو من جاء وليس أنَّهم هم من ذهبوا إليه واعتقلوه، والعناصر كانوا يُحملوني المسؤولية كاملةً، وكنت دائمًا أقول أنا: زوجي غير موافق على كل أفعالي وعلى توجهي السياسي حتى أُخرجه من كل هذه القصة، وهم يقولون لي: ورطتيه ويضعون اللوم علي، وكنا دائماً أكثر شيء كنا نفرح به في الزيارات في عدرا من أي أحد من السجينات هو فقط لنعرف أخبارًا من الخارج، لأن الأخبار التي تصلنا من الشبيحة حتماً مغلوطةً، وكنت أنزعج قليلاً لحد ما أو بالأحرى انكسرت في عدرا أكثر لا أعلم لماذا؟

في عدرا وفي الفترة التي اعتقلت فيها كان كل أهل داريا خارج داريا، وأمي نفس الشيء وأولادي وكل الناس تشردت إلى حد ما ولم تكن تأتيني زيارات، وأهلي يُوصلون لي كل شيء إلى عدرا أموال وكل شيء، ولم يكن ينقصني شيء، ولكن لا أحد يزورني وزوجي كان معتقلًا، وأنا متفهمة هذه الأمور كلها ولكن كنت أشعر بانكسار في لحظات حين موعد الزيارات الكل يأتيهم زيارات وأنا لم يأتِ أحد لعندي، وأنا داخليًا لا أريد لأحد أن يُخاطر ويأتي ولكن في نفس الوقت يوجد هذا الشعور، الشخص المعتقل يتمنى أن يرى أحدًا من أهله ولو على بعد عشرين مترًا، وليس هناك غير مرة جاءت عمتي. 

الزيارات كانت مرة في الأسبوع يوم الأربعاء، وأحياناً كانوا يُلغوها وفجأةً يأتي الأهالي ولا يدعوا أحدًا يراهم، وهي فعليًا كل أسبوعين مرة، وزيارة عمتي كانت لمرة وحيدة وعمتي التي أخبرتنا على أحمد شحادة وحين رأيت عمتي والزيارة كانت ثلث ساعة كنت آخذ منها معلومات وحين رأيتها بقيت قوية لأنَّها ستنقل صورةً لأهلي كيف وضعي؟ وكنت أضحك وكذا، وكنت أُريد أن أُحسسها أنني بخير، وحينما كنت في الجوية وصلهم أخبار كثيرة لأهلي، وكنت أتوقع أنها ستخرج أخبار إشاعات، والحمد لله كان اللقاء الأول جيدًا جدًا، وعادةً حين ترى السجينات أهلهن يبكون وينهاروا، ولكن أنا حسستها أنَّ الأمور منيحة (جيدة) وأنا جيدة ولم يحدث شيء وسنخرج ومن هذا الكلام. 

لم يكن هناك إلا سجان واحد مدني وهو يتجول بيننا، ولم يكن في عدرا هذه الإزعاجات بهذا الموضوع وتكلمت عن أحمد شحادة وأنَّه استشهد، وكانت كالصاعقة عندما عرفت باستشهاده وكنا نعتبره السند والرمز، وتعرفت عليه عن طريق جريدة "عنب بلدي" وكان من المؤسسين لها وكان قريبًا منا جميعًا، وكان أي شيء مشكلة أو حادثة تزعجنا كان حنونًا على الكل كانت صاعقةً.

 رأيت أحمد قبل اعتقالي بيومين في داريا، وخرجنا ورشة معًا على بيروت بعد المجزرة مباشرةً مجزرة داريا من أجل "عنب بلدي" وكانت ورشة صحافة، واستطعنا أن نعرفه كشخصية بعيداً عن الدمار، وأحمد بالنسبة لي رمز ثورة، وحزنت على الثورة حين علمت أنه استُشهد، وأنها فقدت أكثر الأشخاص والشبان الذين يملكون شهامةً وقوةً وفكرًا، وهو شخص لديه من الوعي والإدراك والرؤية للمستقبل، وهو شخص مريح وهو يصف الواقع ويعرف أين يقف؟ وإلى أين ذاهب؟ وهو شخص يشعرك بالأمان حين تكون تعيش في وضع من التخبط الدولي والقرارات، فكانت صاعقة وكل الأخبار الذي علمت بها ولكن هذا الخبر الوحيد بقيت أسبوعًا في عدرا دمعتي لم تنشف (تجف) وحتى يفكروا (السجينات) أنَّه.. استشهد أخاك لا ليس أخي، ولكن أنا شعرت أنَّ الثورة خسرت مثل يوم اختطاف رزان (رزان زيتونة) شعرت أنَّ لشخصهم يعنون لنا هذه الشخصيات، ولكن الثورة تخسر هذه الشخصيات الداعمة لها ولكن لدرجة أنَّني انزعجت على أحمد عندما استشهد أكثر من أنَّ زوجي في المعتقل وشعرت على المصلحة العامة أنَّنا خسرنا شخصًا أهم من أي شخص آخر إذا أريد أن أفكر في الثورة.

أحمد تُوفَّى بقذيفة حين كان في داريا، وقتها قذيفة هاون أو برميل متفجر، ووقتها في داريا استشهد وهذا الخبر الذي كان صادمًا جدًا بالنسبة لي وهو وفاة أحمد شحادة. 

وأنا وغادة وسوسن اكتأبنا في السجن لأسبوع، وكان هذا الخبر صادمًا بالنسبة لي موضوع استشهاد أحمد وحزنت على زوجته التي أعرفها جيدًا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/12/09

الموضوع الرئیس

التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسدالاعتقال خلال الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/118-15/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2012

updatedAt

2024/04/17

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة داريامحافظة ريف دمشق-سجن دمشق المركزي (سجن عدرا)

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

إدارة المخابرات الجوية

إدارة المخابرات الجوية

عنب بلدي

عنب بلدي

الفرقة الرابعة دبابات (مدرعات) - نظام

الفرقة الرابعة دبابات (مدرعات) - نظام

سجن عدرا / دمشق المركزي

سجن عدرا / دمشق المركزي

الفرع الداخلي في أمن الدولة 251 - الخطيب

الفرع الداخلي في أمن الدولة 251 - الخطيب

الشهادات المرتبطة