الممارسات الأمنية لنظام الأسد وإرهاصات الثورة السورية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:28:03:16
في الدوام في المستشفى كان لدينا مناوبات كأطباء أخصائيين فمرة من المرات تحدثوا معي أنَّ المحافظ متعب وهو بحاجة لأحد يفحصه وأنا لا أحب المسؤولين وكل الذين في الدولة لا أحبهم صراحةً، وخاصة الناس المتقدمة، والناس البسطاء الله يعينهم على حالهم فحاولت أن أتهرب وأن يذهب أحد
غيري وهناك ناس من معروفين لدينا الأطباء يُحبون المسؤولين ويأخذوا هدايا للمسؤولين ويصفقوا
للمسؤولين، وذهبنا إلى دمشق مشوار ونذهب مشوار أو مؤتمر وكذا، تجد بعض الزملاء يشتري هدايا
وطبيعي الواحد يشتري هدية لزوجته وأولاده وأقاربه، لا هدية لرئيس فرع الأمن كذا وكذا، وهذا الأمر
لا أحبه دعوا غيري يذهب، لا لا يجوز وأنت دورك ونصيحة - ويتكلم معنا شخص آخر إما رئيس
القسم أو المستشفى أنه أنت يا أخي إذا لم تذهب أنت تضع على نفسك نقطة شو بدك بهالصرعة (دعك
من هذا الأمر) اذهب إليه، وقلت: أوك أراه ولكن دعه يأتي إلى المستشفى أنا لا أذهب إليه، يا أخي لا
يجوز هذا المحافظ ستذهب إليه لا يجوز، يا أخي أنا أذهب برأسي ولكن ألا يتوجب علي أن أفحصه ألا
يحتاج جهاز تخطيط ودوبلر؟ يا أخي إذهب إليه وانظر إذا احتاج اجلبه أما الآن تقول له تعال لن يأتي
لذلك اذهب واختصر الموضوع.
فقلنا يا دافع البلاء فذهبت إلى بيت المحافظ كان في وقتها فيصل كلثوم وذهبت إليه كان متعبًا وعليه
حرارة وبردية وعرق عليه وكان متسطحًا على الفراش، أهلين أهلين (رحب بنا) ويتحرك بوجهه يهزه
وفحصته أنا مثل أي مريض لا زيادة ولا نقصان، والحمد لله أهتم في مريضي ورأيت لديه ارتفاع توتر
شرياني وإنتان تنفسي وطمأنته أنَّ الأمور بخير ويجب أن تعمل كذا وكذا وتأخذ الدواء هنا قاطعني
وقال لي: دكتور ما اسمك؟ قلت: اسمي نصر الحريري قال: أنت من أبناء المحافظة؟ قلت: إي والله،
وقال: أنت هنا فاتح؟ قلت: أي والله، وقال: أنا لم أسمع باسمك أبداً؟ قلت: كنت في دمشق وكنت قد
افتتحت عيادة في الريف حين كنت في دمشق وتدرجت حتى وصلت إلى هنا قال: غريب واضح أنك
طبيب ابن حلال وأول مرة أحد يفحصني بتلك الطريقة ويتكلم في تلك الثقة وكل مرة يأتي دكتور ويحب
يجامل ويتملق والخ.. قلت: شكراً جزيلاً، فقال: لا لا أنت يجب أن تكون مدير صحة، قلت: لا دخيلك لا
بدي مدير صحة ولا غيره، فقال: لا أبداً نحن أصلاً نبحث عن شخص يكون زكرت (يستطيع تحمل
المسؤولية) وابن عالم وناس وشغيل وأنت أُعجبتني، وأنا فحصت عند كثير من الأطباء أول مرة
يفحصني أحد بهذه الطريقة مع العلم أنه لا يوجد أجهزة ولا شيء قلت: هذا واجبي وأنت شخص مهم
ويهمنا أن تكون في صحة وخير وعافية وأنا قمت بواجبي وسأعطيك الدواء ونخلص من هذا
الموضوع، قال: لا لا أنت يجب أن تكون مدير صحة قلت: يا أخي أنا أعتذر، وقال: لماذا؟ لماذا لا
تحب يعني؟ مليون شخص يتصل علينا ويتواسطلنا (يطلب واسطة) وألخ.. أنا أقول لك نريدك مدير
صحة وأنت لا ترضى؟ فقلت له لا أنا أرضى ولا أتخلى عن شيء فيه مسؤولية أخدم به أهلي وشعبي
وبلدي وأهلي ولكن لدي ظروف خاصة ولدي عيادة صباحاً في مكان ومساءً في مكان ويجب أن أذهب
إلى مشافي الشام (دمشق) وليس لدي الوقت المرتاح، وعادة مدير الصحة مثل كل المناصب عادة
الدولة هي التي ترشحه، وأغلب الأحيان كانوا من أشخاص ليس لهم حضور قوي أو ليس لديه شغل
كثير، والذي لديه عمل في عيادته، مديرية الصحة تُعطله نحن كنا لا نلحق من مشفى إلى مشفى ومن
درعا إلى دمشق وقسطرة وعمليات وإلى آخره.. وحين أكون مدير صحة ناهيك عن موضوع الارتباط
بالدولة الذي لا أحبه ولكن سيجبرنا دوام إلى الساعة كذا وجولات واذهب كذا والتق بالوزير وشوف
الوزير، وسأكون مشغولًا في الشغل الإداري وأنسى مسؤولياتي الأخرى.
وثانيًا كان عندي حنق (انزعاج لأنه عندما أنشأنا المركز الذي اسمه مركز الرحمن الطبي التخصصي
كان أكبر من مركز وأصغر من مستشفى، عملناه أنا وبعض الزملاء ومشينا في عملية الترخيص،
وعملية الترخيص في بلدنا تنقسم إلى قسمين: الأول تُراجع الوزارة وتعطيهم ما الرؤية لديك ولماذا تريد
أن تنشأ مركزاً، ومن ماذا يتألف المركز؟ ومن الأطباء المداومين به؟ والشهادات وكل ما يؤهلك فنياً أن
يكون لديك مركز طبي، وهذا الأمر كنا مجهزين أنفسنا له مئة بالمئة وهذا الجزء الأول السهل، والجزء
الثاني الصعب هو الجزء الأمني وأنا من معرفتي في البلد والقبضة الأمنية المحكمة كنت أول مرة
شخصياً أتعامل بشيء أنا سأرخصه شخصياً لي ولا أسمع من الآخرين وكان يجب أن ترى الأمن
السياسي والعسكري والجوي وأمن الدولة ويمكن شرطة المرور ويمكن الجمارك وربما والأمن
الجنائي، يعني شغلة (أمر) ما جعل الله لها من سلطان، فلا يجب عليك أن تدور على جميع هؤلاء
وتشرح لهم.
كان يجب علي أن أمر على كل هذه المراكز بصفتي الطبيب المسؤول وحاولت أن أتهرب، يعني لي
بعض الناس المساعدين اللذين يتابعون أمور المركز، لا لا يريدون الدكتور نصر ما في مجال، فنذهب
إلى كل فرع من هذه الفروع وعدة مرات وليس مرة واحدةً، كنا ندخل وكثير من الأمور كانوا يدققوا
عليها، لماذا تريد مركز؟ ليش مشافي الدولة ليست كافية؟ وهذه إشارة أنكم تقدموا خدمات أفضل؟ أي
يالله منيح منيح وليس غلط أنَّ يكون هناك مركز طبي أي يُخدم.. يعني هيك مزاجات مزاج سلبي
ومزاج إيجابي، ومن القضايا التي علقنا فيها وتأخرنا بها، يعني عدة نقاط، الأول هو الاسم "الرحمن"
كان اسمه مركز الرحمن، لماذا الرحمن؟ يا أخي أنا أريد أن أفتتح عيادة أو مركز طبي وهذا المركز
بحاجة لمرحمة وأمر رحيم وإحساس وجداني، فكان عندنا في درعا مشفى اسمه مشفى الرحمة وهو
خاص في درعا ولولا وجود مشفى الرحمة كنت سأسمي مركز الرحمة ولكن الرحمة موجود ولا يجوز
أن نسمي نفس الاسم فماذا سأفعل؟ أريد شيء بالرحمة ولا أريد شيئًا ثانيًا ولا أريد الشفاء ولا العلاج
ولا الاستقامة أريد الرحمة.
أنه نحن نبدي لمريضنا ولناسنا وللناس اللذين يعانون هذا القدر من الرحمة في ظل وسط كنا نراه بأنه
قد طغت المادية على كل الأعمال بما فيها الأعمال الطبية، وكنت أنا مقتنع بشيء متعلق في الرحمة
وهيك عاجبني الاسم الرحمن قال: لا لا غيروه.
لماذا أغيره أعطني سببًا مقنعًا كي أغيره؟، طيب ليش مو الرحمة قال لي وقلت، قلت له الرحمة يوجد
عندنا مستشفى ولولاها كنت سميته الرحمة لكن أنا أريد الرحمن، وقال: لا هذه التسمية من قال لك
عنها؟ من الذي أعطاك هذه التسمية؟ قلت: والله ما أحد أعطاني ونحن أطباء لسنا بحاجة لمن يُرشدنا،
هكذا أنا مقتنع باسم الرحمن، وهذه أخذت لنا جدال طويل عريض في كل المراكز الأمنية، ثم
يعودوا ويرسلون العناصر لديهم إلى المركز ونحن مازلنا نبنيه، فرآني ونحن نُعلق اللافتة الكبيرة
المضيئة وقال أصريت دكتور على الرحمن ولم تقتنع بتغييره؟ قلت: لو قلتم لي لماذا يجب أن أغيره
كنت لغيرته ولو هناك مشكلة على البلد من ذلك الاسم نغيره؟ ولكن أنا مقتنع به قال: نعم نحن نصحناك
وإلى آخره وهذه كان لدينا مشكلة بها.
والمشكلة الثانية هي الأطباء لأن كل طبيب من الأطباء المرشحة أسمائهم أن يكونوا في المركز
والعناصر الطبيين الآخرين من ممرضين وفنيين، سنقدم بهم السير الذاتية والشهادات وإلى آخره،
وعلقوا لنا على طبيبين منهم طبيب درس في أوروبا الشرقية ولا أعرف ما مشكلته؟ ولكن أنا لم أر
مشكلة، وبقوا يعقدونا، روحوا تعالوا روحوا تعالوا، وبعد ذلك قلت لعنصر في الأمن السياسي: فهمني
ما هي القصة إما أن نحلها أو لنأتي بشخص آخر، فما هي القصة لم أكن أعلم، وكان يبدو أنهم يعرقلوا
الأمور لندفع مصاري، وكل يوم يطلعوا لنا بمشكلة حتى تتجاوزها بالمصاري وليس فقط تتجاوزها في
المصاري، وأن تشعر نفسك مكسورة عينك للدولة ولفرع الأمن بحيث لا تفكر في يوم من الأيام إلا أن
تكون ضمن نطاق معمول لك شيء جيد في البلد مثل ما كانوا يأخذون من الناس فواتير مثلاً وفوق ذلك
يوقفوهم على الدور من 3 إلى 4 أيام على الدور لتذوق بذلك الظلم مرتين، ظلم أنك تدفع أرقامًا قياسية
نسبة لمستوى المعيشة التي تعيشها واثنين يجب أن تقف تحت الشمس على الدور ويا لطيف حين تؤمن
واسطة وتدفع قبل لآخرين يعني تتجاوز دورك، تشعر أن طاقة السماء انفتحت لك، وهذا جزء من
قناعة الدولة لتشعر أنك ملحوق ونحن نمن عليك والمطر من سيادة الرئيس وعيد الفطر والأضحى حين
يأتي من سيادة الرئيس وحين تكون طبيبًا ليس من أبوك وأمك وشطارتك لا لا بل سيادة الرئيس مفضل
عليك وصرت طبيب.
والنقطة الثالثة التي علقوا عليها كذلك هي المال من أين المال؟ وأنتم تفتتحون في مدينة اسمها "الحراك"
وكلفنا ملايين مرتبة المركز وليس لعبة، من أين هذه الأموال؟ ويا أخي أنا شخص طبيب داخلية وقلبية
وأعمل وشغال وروح شوف المشافي طيب تعال في المساء الى عيادتي وانظر إن كان لدي عمل أم لا،
وشريكي فلان الفلاني وهو معروف رجل أعمال والثالث كذلك رجل أعمال، يعني أنهم معروفون،
وهؤلاء مع بعضهم ألا يمكنهم جمع شوية (القليل) هالملايين ولو يعني نحن قادرين، وفي وقتها كنا نفتح
المركز وكان هناك مستشفى اسمه مستشفى الشرق في درعا يعرض حاله للبيع وصاحبه عارضه للبيع
للمشفى وكنّا نفاوض كذلك على شراء المستشفى، ومن الويل والظلم الذي لحقنا بالمركز قلنا دخيل الله
لن ندخل أي تجربة ثانية، كنا جالسين مع مدير المستشفى مرتين ثلاث وطلب في المستشفى أعتقد 125
مليون ليرة وتكاسرنا (تبازرنا) نحن وإياه ونزلناه نوعاً ما وكنا ننوي أن نأخذه مستشفى الشرق وهذه
الطريقة الأمنية في التعامل هي من منعتنا، فوقف على المال، أريد أن تثبتوا لي وتعلنوا لي من أين هذه
الأموال؟ وقلنا يا أخي من شغلنا وكيف أثبت لك ذلك، وحين وصل إلى موضوع المصاري كان الهبرة
(الرشوة) التي يطلبها هي أكبر من موضوع الاسم اسم الرحمن أو الأطباء المشاركين وأنه الآن يجب
أنت أن تعطي شيئًا مهمًا للدولة وبناء عليه أذكر أنه قال: هذا الموضوع إذا ساعدنا أنت به أعدك أن
عاطف نجيب سيأتي ويحضر افتتاح المركز، وهذا شكل لي كارثة لأنه إذا افتتحت مركز الرحمن
بحضور عاطف نجيب فهو كارثة ولا أحب أن أظهر بهذا المظهر أبدًا لأنه ليس مظهرنا، فقلت له:
ليست القضية يحضر أو لا وأنا محتمل أن لن أقوم بافتتاح كبير وبدأت أتهرب من الموضوع بشكل أو
بآخر.
ووصلنا إلى الدعوات حين أتينا نفتتح طبعاً، سأعمل له افتتاح ولم أرد على هذا الكلام، حين عملنا
كروت (بطاقات) الدعوات أرسلنا دعوات، فجاء هذا الرجل خاصة إزرع، هذا الأمن الذي يأتي إلينا من
إزرع كون الحراك قريبة من إزرع وقال: دكتور لم تصلنا بطاقات دعوات أنتم متى دعواتكم الخاصة
بالحضور؟ قلت: ولله نسينا قال: أوعك (إحذر) يا دكتور أنا أنصحك نصيحة هذا خطأ كبير أن تدعو كل
الناس ولا تدعو المحافظ ورؤساء الفروع الأمنية، ترى مانها حلوة (ليس مستحسناً) قلت: ولله أستحي لو
اشترينا مشفى الشرق وسنفتتحه، كنا قلنا أخي سندعو هذه الشخصيات الكبيرة، ولكن مركز صغير ومو
حلوة ( ليس مستحسناً)، قال: أخي أنت عليك أن تعمل ما عليك أنت أرسل لهم الدعوات وهم يأتون أو
لا، وباعتقادي لا يستطيعون، وأنا كنت خائفًا من موضوع عاطف نجيب وقلت له عاطف أنت المرة
الماضية قلت لي إنه يعد بالحضور، فقال لي: عاطف من أسبوع ليس هنا حسب علمي متى افتتحاكم يوم
كذا غالباً لن يكون هنا، فأحرجنا ووجهنا جزء من الدعوات لهؤلاء الناس بما فيهم حتى المحافظ.
فأنا عندما ذهبت وفحصت المحافظ وعرض علي أن أصبح مدير صحة وأنا ليس ببالي أن أصبح مدير
صحة ولا غير مدير صحة، كان هذا الإرث موجود فأنا طاقق (منزعج) منهم وطاقق من إدارة هالبلد
بكل هذه الطريقة التي يعملون بها، المهم أعطيته الدواء وأعطيته النصائح وتشكر الرجل وخرجت من
عنده وطبعاً بعد عدة أيام وأنا لم أعد أدري قلت له: متى ما كان لديك فرصة وبما أنك مريض ارتفاع
توتر شرياني مر على المستشفى أو تحب أن تمر عندي إلى العيادة وعيادتي مجهزة أفخم تجهيز وفيها
كل الأجهزة التي تلزم طبيب القلبية وبأحدث المواصفات وكلفتني تكلفة كبيرة والناس تعرف، فقلت: إذا
كنت لا تريد المستشفى كذلك عيادتي فيها كل الأجهزة ويمكن أن تمر إني أفحصك قال: أوك وشكراً
جزيلاً واكتب رقم تلفونك وأي شيء تحتاجه أمانة أمانة أخبرني فقلت له: أوك ولم أصدق كيف خرجت
من عنده وقلت الله لا يحيجنا لذلك مرة أخرى.
وبعد كم يوم قالوا لي يجب أن تذهب لترى المحافظ، أنا لست مناوبًا اليوم، وهناك زميل آخر مناوب
وقلت: أنا لست مناوبًا خلي أحد المناوبين يذهب فقال: لا لا هو طالبك بالاسم قلت: طالبني أنا في الاسم
فقال: أبداً قلت: هكذا طلب أريد فلان الفلاني ولا قال أريد الدكتور، قال: لا طلب اسمك، لا يكون قال
أريد الدكتور الذي رآني، بحيث يعني أنا ألصقها بالمؤسسة، وأنه يريد دكتور خلص فقال: لا لا قال:
أريد الدكتور نصر الحريري، طيب إلى أين أذهب إليه ؟ قال: لا أعرف غدًا نتكلم معه وتذهب إليه في
البيت قلت: أنا ذهبت إليه إلى البيت في المرة الماضية وأنا من الناس التي تفيق بكير، وقال: غدًا يريد
أن يراك، يعني تذهب إليه، أي ساعة؟، قال لي الساعة السابعة ونصف، قلت: ممتاز يعني قبل أن أذهب
إلى المشفى هكذا أفضل، والفكرة أن منزلي وأنا ذاهب للمستشفى، حتما سأمر ببيت المحافظ، على يمين
الشارع، أما مكتب المحافظ يجب أن أدخل إلى اليسار ما يقرب كيلو ونصف أما بيته، أنا أمر من أمامه،
فقلت: تمام، أخرج وأمر إليه إلى المنزل، وأكمل نحو المشفى، وفعلاً خرجت الساعة 7 وربع من بيتي
وعشر دقائق وأنا أمام منزل المحافظ طرقت الباب فقال الحراس بأن المحافظ ليس هنا قلت: كيف ليس
هنا؟ وقلت: هو اتصل علينا أنَّه كذا وعملوا اتصالات، فقال المحافظ ينتظرك في المكتب وكانت الساعة
7 ونصف إلا خمس دقائق تقريباً كان الوقت، كان المحافظ في مكتبه وهذه من القضايا حصل فيها كثير
من الجدل في أوساط قوى الثورة والمعارضة، أننا نحن كان يجب من الأساس أن نتصرف كدولة
والدولة لها أسس عادية وليست بحاجة لشطارة ولا لماجستير ولا دكتوراه حتى نفهمها من أن يكون
لدينا إدارة صحيحة وقوانين يتم الالتزام بها ومنها مسألة الدوام، وأنا كنت دائماً أتعقد منها، بأننا بأغلب
المراحل التي عشنا فيها أن دوامنا يبدأ من الساعة 11 إلى الساعة 12 وهذا الأمر لا يؤمل منه نجاح
بأنَّه إذا لم نعمل بشكل صحيح من البداية لا نضمن أن تكون النتائج صحيحة والمهم على المكتب إلى
المكتب، ولفيت السيارة واتجهت إلى المكتب وعند دخولي المكتب نهض الرجل من مكتبه وأتى إلي
باتجاه الباب وسلّم وكذا ودكتور وأنا الحمد لله أموري تمام وراقبت الضغط والضغط تمام التمام،
وضفت له أنا دواء آخر للضغط، أول مرة ينزل معي الضغط بهذا الشكل وأنا ضغطي مع الدواء 14 و
15 والآن أصبح 11 ونصف إلى 12 مع الدواء يعني تمام التمام وأشعر بأن برأسي ارتاح، أصبحت
أفضل، طبعا الحرارة ذهبت.. دكتور أنا بتشكرك شكرك جزيلاً وإلى آخره من هذا الكلام، وقال: تقبل
مني هذه الهدية وأعطاني ساعة وقال: رجاءً رجاءً لا تجعلني أتكلم مع شيوخ الحريرية، وأنت يجب أن
تكون مدير صحة درعا قلت له: يا سيادة المحافظ أرجوك أرجوك ومع العلم أنا قمت بواجبي وأشكرك
والهدية مقبولة، لا بأس وأنا كنت قد وضعت ببالي أن أعود وأرسل له شيئاً أفضل من هديته من أجل
أن لا تبقى عيني.. أو هذا الواجب على الأقل، الإنسان يعاملني معاملة إنسانية، من واجبي أن أعامله
معاملة إنسانية، وهذه بسيطة، وقلت له: الهدية مقبولة أما موضوع مديرية الصحة أرجوك أرجوك
أرجوك رجاء خاصاً لا تتكلم مع أحد أنا أتمنى من فقط أن تزورني في عيادتي أو تتصل الآن على
مستشفى الشفاء واسألهم ما تقييمكم للدكتور فلان، فهم سيقولون لك أنني لست متفرغًا، أنا الكثير من
المرضى يتصلون بي وأرسلهم إلى دكتور آخر لأنَّني لست متفرغًا، فأنا فعلاً لست متفرغاً لهذا
الموضوع، وإن شاء الله في المستقبل يكون هناك شيء نقوم به سوياً
فقال: لا أنا مصر ولن أتراجع عن ترشيحك وأتمنى لأسبوع، عشرة أيام أن ترجع تفكر في الموضوع
وأنا فعلاً سأتصل لأرى من يمون عليك، هكذا قال لي، هذا البلد بلدنا ويجب أن نرتبه ونعمل بشكل
صحيح وإذا الأشخاص الجيدون كلهم اعتذروا بمن سنأتي؟ أنتم يجب أن تتقدموا إلى الأمام، وهذا من
الناحية النظرية كلام مقنع وجيد ولكن الواقع مختلف تماماً وكلامك مختلف تماماً عن الأعمال التي
تقومون بها والله أعلم وبغض النظر أنا رجل لست متفرغًا لمديرية الصحة، والمهم خرجت من عنده
وأخذ رقمي وأخذت رقمه وقال: أي شيء تحتاجه في المستقبل كلمني ولا تتردد وإذا لم تحتج شيء إذا
كان لديك وقت مر إليَّ ونخرج معًا ومن هذا الكلام قلت: فعلاً إذا كنت فاضي وأنا في أغلب الأوقات لم
أكن متفرغًا وبعدها في وقت غير طويل حصلت الثورة ولم يعد أحد يفضى لأحد وصار فيصل كلثوم
وعاطف نجيب من المشكلة الأساسية في درعا والناس التي تعرف بغض النظر مثل هؤلاء الذين
يعملون مع النظام وأغلبهم إلا من رحم ربي والحد الأدنى على من الفساد موجود عند الجميع وأي
شخص يجب أن يكون لديه هذا الحد من الفساد ليصل إلى تلك المواقع إلا من رحم ربي، وأما في
مقارنة الاثنين في درعا كان عاطف نجيب متفوقًا على الجميع في قذارته ونذالته وبسوء معاملته مع
الناس واستحقاره مع البشر وكان يرى نفسه فعلاً إله وربما مستمد هذه القضية من علاقته الأقوى مع
رأس النظام المجرم بشار الأسد، والاثنان كان لهم علاقة ولكن كانت علاقة عاطف نجيب ربما أقوى
ولذلك يرى نفسه إله في المحافظة وهذه هي إحدى التجارب وكان أهمهما مع فيصل كلثوم محافظ
درعا.
الجو العام كان جو ربيع والناس بدأت تشتم نفسًا آخر وهذه الريح هبوب الربيع تأتي من تونس ومصر
وليبيا ومن اليمن والجو العام للمحافظة، لا أعرف باقي المحافظات، لكن الجو العام في المحافظة هو
جو الربيع وأقصد جو الثورة بمعنى أنَّ كل الناس صارت تتأمل وتعمل على أنَّ سورية تصبح الخبر
الأول في أخبار الربيع العربي، وهذا الجو العام وفي الخصوصيات أصبح لدينا في الأشهر ربما
الخمسة ستة قبل الثورة، حصلت بعض الطقطقات في المحافظة تشي بأنَّ شيء ما سيحدث، وقبل خمس
ست أشهر، ربما سورية بإرهاصتها ربما سبقت تونس ومصر وليبيا وأما الانفجار كان في تونس أولاً
ولكن الأشهر التي سبقت الثورة كانت أشهرًا غير طبيعية وعلى سبيل المثال ولدينا عدة أمثلة.
أولها صار لدينا كتابات، مثلاً قريتي التي أسكن بها قرية "علما" صار فيها كتابات عن الحرية والكرامة
ولم تصل إلى موضوع إسقاط النظام وتستيقظ الناس على "نريد حرية والظلم لا يدوم"، وعبارات
بسيطة عامة يفهمها الجميع وليست موجهة إلا إلى منظومة قيم أكثر مما هي موجهة لأشخاص بالذات.
ومثل هذه الكتابات أشعلت كل الأضواء الحمراء الموجودة لدى النظام وبدأوا يتخذون الاحتياطات
المواجهة لتلك الإجراءات فمثلاً أخرجوا تعميمًا على الحزبيين والمنتمين لحزب البعث الناس في القرية
سواءً كانوا في رتبة نصير أو عضو عامل بأن يصبح لديهم مُناوبات أولاً بدأت في الفرقة الحزبية وبعد
ذلك في المفاصل المهمة في البلد فمثلاً وين؟ المستوصف، البلدية في الشارع العام وفي المدارس مدخل
ومخرج البلد، وبدأوا يعملون مناوبات ووضعوا قوائم مناوبات وضمن القوائم كل الناس تقريباً من
الحزب، وكل الناس كانوا في الحزب وكان الانضمام إلى الحزب إجباريًا سواء ملتزم أو لا، وأصبح
للناس كلها دور وتذهب إلى مكان معين في الفرقة ويعطوهم سلاحًا فرديًا ويُناوبون بهذا السلاح في
المناوبة في المكان المحدد.
أنا مثلاً وجدت تبع الفرقة الحزبية أو أحد الأشخاص التابعين للفرقة وكان شخصًا محترمًا للأمانة
وسألته ما القصة؟ رأيت المناوبات جديدة مع زخم وكانت تعم كل الناس، يعني ما بكم؟ في طلاب
جامعة وموظفين حرام عليكم، وهذا طالب الجامعة أو البكلوريا أو كذا إذا كان سيأخذ مُناوبات ستُسببون
له ضررًا، قال: دكتور نصيحتي لك دعك بمشكلتك القديمة أحسن لك قلت: كيف؟ قال: خليك في
مشكلتك القديمة قلت: ما هي مشكلتي القديمة؟ طبعاً ضحك ومشكلتي القديمة درست في جامعة حلب
وبجامعة حلب كان هناك أحد الأطباء زميلي من درعا وكان أكبر مني عمراً ويمكن ليس بعضو قيادة
شعبة لكنه كان في الشعبة كان حزبيًا في شعبة الحزب في الجامعة وهذه النقطة في ذلك الوقت والرجل
محترم وآدمي وجيد، وفي تلك الفترة كانت نقطةً سلبيةً عليه أنَّه في الحزب وربما هو يُريد أن يعيش
وطالب جامعي ليؤمن مصاريف الجامعة ويبحث عن فرصة عمل، وكثير من الناس كذلك ويمكن يريد
من هذا الأمر أن يأكل منها ويتعلم منها، والمهم صار في الجامعة ترشيحات للعضوية العاملة وكنت أنا
عدة مرات مترشحًا لكن لا أتفاعل مع الطلب نهائياً، وفي وقتها وضعوا المرشحين مرة تلو الأخرى
وبعد ذلك أتوني هؤلاء الشباب هو وشخص من درعا، وقال: لا لا يجب أن تفعلها، ترى هذا غير
مستحسن، أنت في أكثر من مرة لم تأت، أو إنك تقوم بتسجيل اسمك دون حضور وإلى آخره، وهذا
غير مستحسن، وأنت أمامك مستقبل، وأنت تريد غدا مثلاً ماجستير وأنت إن لم تفعلها فهذه مشكلة بحد
ذاتها، وإذا مسجلين عليك أنَّهم وضعوا اسمك وأنت لم ترض فهذه مشكلتين ونصيحة لوجه الله اعملها
وارميها، وتناقشت مع الشباب، وقالوا: لا لا يا دكتور، ما كنت دكتور، كنت طالباً، اعملها أفضل يا
أخي وكل مستقبلك واقف عليها ونعرفك أنت ماكينة في القراءة لا تأخذ منك ساعتين، إذهب للتقديم
ولتنتهبي من ذلك، ترددت وقلت: إذا كانت ستؤثر على الماجستير والخطوات المستقبلية سأعملها.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/10/22
الموضوع الرئیس
إرهاصات الثورة السوريةأوضاع ما قبل الثورةكود الشهادة
SMI/OH/130-09/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
قبل الثورة - 2011
updatedAt
2024/05/06
المنطقة الجغرافية
محافظة درعا-نوىمحافظة درعا-محافظة درعامحافظة درعا-علمامحافظة درعا-الحراكشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جامعة حلب (نظام)
حزب البعث العربي الاشتراكي