الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

"جمعة الشهداء" وتشكيل تنسيقية الضمير

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:21:33:22

بعد المظاهرة الأولى العفوية دخلنا بمرحلة الخوف والرعب من الاعتقال، وكانت خطوة يعني سمّينا الموضوع بالنسبة لنا: لا عودة، لا يمكن أن نرجع عن التظاهر لأنه لن يتم السماح [بالتظاهر]، بنفس الوقت كان يأتينا دعم نفسي كثير من خلال المدن الثانية، لأن المدن الثانية تثور وكذا، [ونقول:] إنه ليس فقط نحن الذين نثور، فكل المدن تثور وهذا كان دافعًا كي نستمر، فمن أجل هذا صار عندنا ارتباط، نتلقى الدعوات التي كانت تأتي لكل المدن السورية للتظاهر، فكانت هذه الدعوات تصلنا وكنا نلبّيها، وصرنا نخرج في كل جمعة حسب ما يكون الاسم المقرّر الذي يتوافق عليه أغلب الناس، فخرجنا في أول جمعة التي هي جمعة الشهداء، وكان الخروج مميّزًا أننا خرجنا من الجوامع وكان العدد كبيرًا جدًا، طبعًا كانت المظاهرة معروف أنه سيتم.. كيف تمت مشاركة الموضوع؟ نحن بلدنا تعدادها [السكاني] في ذاك الوقت [من] 50 إلى 60 ألف نسمة فكان الناس يخبرون بعضهم: غدًا توجد مظاهرة غدًا، توجد مظاهرة. يوصل لك الكلمة هكذا أنه ينقل لك خبرًا على أساس ولا يدعوك للتظاهر، هو ينقل لك خبرًا، أنه: هل تعلم؟ غدًا توجد مظاهرة، يعني من أجل أن كل شخص يخاف من الثاني يقول له: أنا لم أقل لك اخرج وتظاهر، لكنني أخبرك أنه توجد مظاهرة، فبقينا أسبوعًا كاملًا من أجل أن ننزع الخوف من قلبنا، وطبعًا الناس تشارك المعلومة من إلى من إلى، أن الجمعة توجد مظاهرة بعد صلاة الجمعة، وبعد صلاة الجمعة نفس الأشخاص عندما الإمام يُنهي صلاة الجمعة ويُسلّم فورًا يقفون ويتوزعون على الجوامع خالد غزال وإبراهيم هدال وحسين العباس والشباب كلهم يتوزعون على الجوامع كل واحد حسب حارته ومنطقته، ويصيح: "الله أكبر" ويصيح: النخوة يا شباب تفضّلوا إلى المظاهرة لندعم أهلنا في درعا، ندعم أهلنا في غير مناطق، لنطالب بحقوقنا، يعني كلام مُشدّد مهذّب أنيق يدعو الناس أن تطالب بحقها، فكان الناس يخرجون من كل مساجد المدينة ليجتمعوا في منتصف المدينة حتى نشكّل كتلة بشرية، ثم نتوجّه باتجاه دوّار أو ساحة كبيرة في المدينة اسمها الدوار الغربي الذي بجانب المخفر من أجل أن نُسمع صوتنا للناحية والمخفر أننا: نحن سلميون واسمعوا صوتنا أننا نريد هذا ونريد هذا.

 طبعًا أول مظاهرة أو أول جمعة خرجنا فيها كانت الأعداد كبيرة جدًا، وتميزت بأنه خرج بعض أئمة الجوامع معنا، يعني كانت لفتة قوية جدًا ورائعة من طلاب العلم أو من المشايخ -الله يجزيهم الخير- أنهم خرجوا مع الشعب وأعطوا بعض المواعظ وبعض الكلمات وأفهموا [الناس] أنه لا يتم إيذاء [أحد] أو قطع شجرة أو كسر أي شيء، أننا نحن نطالب بحرّية، ونخرج بمظاهرات حضارية، من أجل أن نخفّف ظلمًا وقع على أهلنا، لا تؤذوا لا تضرّوا لا تكسروا لا تخرّبوا لا توسّخوا، فكانت لفتة جميلة ورائعة جدًا، وأشهر من خرج في المظاهرات من المشايخ كان عندنا الأستاذ علي سيف وهو مدرس ومدير مدرسة وبنفس الوقت خرّيج كلية شريعة، إمام خطيب جامع الصحابة، وكان هناك -الله يجزيه الخير- الأخ أبو أنس حمدان أعرفه أبو أنس ولا أعرف اسمه، وهو أيضًا طالب علم خطَب وتكلم في المظاهرة، هؤلاء من الناس الذين برزوا في أول مظاهرة ولم يعطوها طابعًا دينيًا، بالعكس أعطونا طابعًا حضاريًا وفهّمونا أن ديننا ينهانا أن نؤذي ينهانا أن [نفعل] كذا، فمشت المظاهرة من منتصف المدينة إلى الدوار الغربي بجانب ناحية الضمير مخفر الضمير، وكل فترة أو كل تقريبًا 30 مترًا أو 40 مترًا يقف أحد الأساتذة ويخطب بالجموع ويقول موعظة وكلمة حسنة وينشر الوعي لدى الشعب، ولم يكن كلامًا سياسيًا ولا كان كلامًا دينيًا أو تحريضًا على فتنة طائفية أو دينية، بالعكس كان كلامًا حضاريًا جدًا ورائعًا جدًا، وهكذا وصلنا عند الناحية، طبعًا هنا مدير الناحية بدأ يلعب دوره الإيجابي لأنه هو قلبًا وقالبًا كان معنا، وهنا في بداية الحراك نحن كمدينة عندنا قطع عسكرية كثيرة نعم، وعندنا مفارز مخابرات نعم، لكنها تُعنى بالقطع العسكرية ولا تُعنى بنا، يوجد مفرزة أمن دولة فقط في قلب المدينة قوامها عشرة عناصر أو خمسة عناصر لا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا، لا يخرجون، حتى عندما تخرج مظاهرة يخافون ولا يخرجون، فالمخفر كان هو الوسيلة الوحيدة لنقل المعلومة لوزارة الداخلية، فلما كانت وزارة الداخلية تتابع شأن المظاهرات نوعًا ما كان هناك رفق بالإنسان نوعًا ما، كان يوجد تطبيق للقانون أنه لا يجوز أن تطلق النار، بشكل عام نحن عندنا وزارة الداخلية [فيها] العدد الأكبر من الضباط هم ناس متعلمون خريجو حقوق ويقرؤون القانون، فبالتالي يحمي نفسه بالقانون، بينما فروع الأمن هم ناس ضباط جيش، لم يقرؤوا شيئًا ولا يعرفون شيئًا [عن القانون] لكن مهمتهم إجرام، يعني مهمتهم تعذيب [الناس] وانتزاع اعترافات وتقليع أظافر وتقطيع أصابع إلى ما هنالك، فضباط المخابرات أينما يكونوا موجودين فيوجد قتل ودموية، نحن من رحمة الله بنا أن مخفر الضمير كان هو النقطة الأقرب إلينا، وكان مدير الناحية يتفهّم وضعنا، فكان يتصل بقيادته يقول لهم -نكون نحن [بالمظاهرة] ألفًا أو 2000 [شخص]- فيقول لهم: العدد تقريبًا 100 [أو] 150 شخصًا، يعني لا يُكبّر الرقم أو لا يُعطي ضخامة للمظاهرة بحيث إنه كذا...، بعد أربعة أيام أو ثلاثة أيام تخرج المظاهرة على التلفزيون فيراها مدير المنطقة أو المسؤول عن مدير الناحية فيقول: كيف تقول لي 20 شخصًا؟! هؤلاء بالكاميرا يبدو أنهم أكثر، فيقول [مدير الناحية]: هؤلاء "مونتاج" سيدنا "مونتاج"، نحن كانوا يدّعون أننا نكبّر المظاهرات وكذا، فيقول له: يا سيّدنا ألم تشاهد قناة الدنيا ماذا تقول؟ إن هؤلاء "مونتاج"، أنا رأيتهم 20 [شخصًا] فقط لكن هم مَنتجوها، فيقول له: حسنًا حسنًا هذا الكلام. طبعًا أنا كنت أسمع هذه المحادثات، كنت أسمع بحكم علاقتي مع هذا الشخص، فهذا الشخص منذ بداية الحراك كان يقول لنا مثلًا -ليس فقط لأول مظاهرة وثاني مظاهرة- يقول لنا: هذه الجمعة لا تخرجوا، وإذا خرجتم فلا تقتربوا من المخفر، وإذا جئتم إلى المخفر وقلت لكم: انفضّوا فانفضّوا. لماذا يقول لنا ذلك؟ لأنه يعرف الوقت الذي يأتي فيه عناصر من المخابرات ويضعون قنّاصًا فيكون عنده علم إذا وُضع قنّاص فسيحصل قتل، فيقول لنا: لا تأتوا إلى المخفر، إذا بقينا بعيدين ودخلنا بالحارات فلن يقتلنا أحد، ولهذا السبب أنقذ كثيرًا من الأرواح هذا الشخص وتعاون معنا، هو عمر صابرين أبو خالد -الله يفرج عنه أينما كان الآن- حقن الدماء كثيرًا، وخفّف كثيرًا من أن يحصل -لا سمح الله- قتل أو دم في الضمير، فهذه أول مظاهرة صارت وبنفس الوقت أمناء الفرق الحزبية كانوا ينشطون وكانوا يتكرّمون علينا، يعني أوشكوا أن يضيّفونا شايًا وقهوة ويكتبوا اسمنا، لشدّة تجوّلهم بيننا، طبعًا عندما تكون أنت تمشي [بالمظاهرة] بجانب أمين فرقة حزبية وينظر إليك، [يقول لك:] ماذا تفعل هنا؟ [فنردّ:] وأنت ماذا تفعل هنا؟ هذه مظاهرة أنت لماذا في وسطها؟! فكان بعض الناس عندهم وعي أنه: لا تقل إنك متظاهر وتكتب اسمي من أجل ألا تأخذني، هذا أنت بالمظاهرة، أنت تكتب أسماء وأنا أكتب أسماء، يعني لا تزاوِد عليّ، هو صار يريد أن يكتب أسماء الكل، والاسم الذي يكتبه أمين الفرقة الحزبية خلاص(انتهى الأمر) هذا الشخص ارتفع اسمه للفروع [الأمنية]، مهما طال الزمان فسوف يدخل إلى الفرع هذا الذي كُتب اسمه فيه قطعًا، طبعًا هذه الأسماء التي كُتبت كلها ارتفعت [للأفرع الأمنية]، وفي حديثنا القادم سنعرف كيف صارت اعتقالات من إلى (بالتفصيل)، بعد هذه المظاهرة نحن أخذنا طابع التنظيم، يعني كان أول تنظيم قلناه هو أول جمعة، ليس فقط في مدينة الضمير، بكل سورية صارت المظاهرة [في يوم] جمعة والجمعة التي بعدها سنخرج [بمظاهرة] والجمعة التي بعدها سنخرج.  

أنا في الـ 2010 عندما وصلت خدمة "أي دي سي إل" إلى الضمير فتحت مقهى إنترنت، وكنت وكيلًا لأكثر من شركة خاصة أو مزوّد خدمة إنترنت، فكنت أبيع خطوط إنترنت، فكان كل الشباب [بالمدينة] زبائني، يعني الصغير والكبير والمقمّط بالسرير (الطفل) كان يأتي إليّ من أجل أن يأخذ خط [إنترنت] ويأخذ مودم، وأعلمه كيف يشبك (يدخل في) الإنترنت وكيف يشغّل الإنترنت وكيف يضبطه، فكان بشكل عام كل الجيل الصاعد أو كل جيلي والشباب والجامعيون يوجد معرفة شخصية بيني وبينهم، يعني كنت مشهورًا في المدينة ومعروفًا، فحسين العباس أنا أعرفه من الأساس قبل [الثورة] لكن معرفة سطحية، فعندما بدأت الأحداث فورًا حسين عباس طلب أن يكون عنده خط "أي دي سي إل" من أجل أن يرفع مقاطع [فيديو] فقلت له: تعال أنا عندي سرعة عالية لأن عندي مقهى إنترنت. وخلال دقيقتين أرفع المقطع، فصار يأتي إليّ إلى مقهى الإنترنت منذ أول مظاهرة والثانية، طبعًا هذه أول مظاهرة التي صوّروها بشكل عشوائي والتي خرجت بشكل عفوي بعد صلاة العشاء، دخلنا إلى المحل وأغلقنا الباب علينا ورفعنا المقاطع من عندي تحت حساب أو اسم حسين عباس، هو الذي أنشأه، لم يكن يهمّنا كثيرًا من ينشئه ومن يرفع [المقاطع]، وتكررت هذه العملية أكثر من مرة بسبب ضعف الإنترنت عند الناس، يعني على اعتبار أن عندي مقهى إنترنت، وبنفس الوقت فتح عين الأمن عليّ، يعني أنا بالأساس كوني رخصت مقهى إنترنت فيجب أن يكون عندي سجلّ، وكل شخص يدخل [المحل] ويدخل على الإنترنت فيجب أن آخذ صورة هويته وأجبره أن يوقّع [على] ساعة دخوله وساعة خروجه، لهذه الدرجة كان فرع الأمن أو فروع الأمن تتدخل بنا، يعني أنا عندما رخّصت فورًا أعطوني برنامجًا يجب أن أثبته على كل البرامج على كل الكومبيوترات عفوًا، ويجب أن أعمل تقريرًا يوميًا: من جلس وأي ساعة دخل وأي ساعة خرج، لأنه في أي ساعة وكل شهر كان يأتي عنصر من الأمن العسكري يأخذ هذه المعلومات، طبعًا يأخذ المعلومات ويأخذ له 2000 ليرة معها إكرامية، طبعًا هو تتبّع، هذه الشبكة الصغيرة المحلية هو تتبّع لكل كبسة زر أين تذهب وأين تأتي فيجب أن أعرف أنا، فعندما جاء حسين -الله يرحمه- وجلسنا يعني فورًا ببساط أحمدي فتح لي الأمور من إلى (بالتفصيل)، وعندما رأيته أنا بهذه الحميّة -وأعرف أنا من هو- أيضًا أسررنا لبعضنا من أوّلها، يعني أنه أنا مع المظاهرات قلبًا وقالبًا، خرجت خارج منظومة المراقبة أنا ووضعت على كومبيوتر خاص وشغلت "في بي إن" وأرسلت أول مقطع فيديو من محلي في ذلك الوقت، ثم بعدها حسين أخذ على الموضوع وأنا وهو مشينا في هذا الجو، فصار حسين كل يوم يأتي إليّ ويبحث عن المجموعات، كانت [بعض] المجموعات "سكايب" وبعض المجموعات "نمبز" ينسّقون من خلالها ويضعون أرقام القنوات الإعلامية، لأننا نحن كمتظاهرين أو كناس عندنا تخرج وتصيح بالشوارع هدفها الأول والرئيسي أن العالم يسمع صوتها، فنحن كانت ثورتنا في البداية ثورة إعلام، يعني نحن مهما خرجنا [بالمظاهرات] ومهما صرخنا إذا لم يتوفّق ويخرج صراخنا وسمعه العالم فحتى النظام لن يضع لنا قيمة ولا أحد سيعطينا قيمة، فكنا نبحث عن رقم أي قناة مهتمة بالشأن السوري وعن أي مراسل يأخذ [الأخبار]، طبعًا المراسلون كان بعضهم موجودين، كانت [قناة] "بي بي سي" عاملة بدمشق وكانت الجزيرة لها مكتب و[قناة] العربية لها مكتب، كانوا كلهم موجودين، أخذوا تعليمات بعدها من النظام أنهم لا يدخلون في هذا الموضوع، لكن "بي بي سي" كانت.. أكثر قناة ناشطة في بداية الثورة، هي "بي بي سي" أكثر من ينقل [الأخبار]، يعني العربية والجزيرة ربما كدول عربية عندهم.. تأخّروا في موضوع نقل الأحداث، أما "البي بي سي"...، في النهاية كان يصل الخبر، نحن الاعتصامات التي حصلت في دوما والمناطق التي ذهب إليها حسين، أنا وحسين على تواصل بالهاتف كان معه هاتفان، هاتف باسم أحد المتوفّين منذ سنوات وهاتف خاص به، أنا أنسّق على الإنترنت وأرى الأرقام التي تتحدث والتي تأتي وأضفت رقم حسين على المجموعة، بحيث إنهم يتصلون به حتى يظهر ويغطّي الأحداث أو يقولون: إنه شاهد من ميدان اعتصام في دوما، شاهد من ميدان الاعتصام بالمرجة بدمشق، طبعًا أنا من هنا بدأت دوري كتقني، أنا ضمن اختصاصي عملت، لست من الذين يركبون على الأكتاف ويهتفون، يعني أنا ليس عندي هذه الكاريزما أو ليس عندي هذا النمط، أنا تقني وعملت بأسلوبي وبوظيفتي فقط، فالتظاهر لم يكن مطلوبًا مني إطلاقًا، وبالتصوير كان يوجد الكثير من الأشخاص يعرفون بالتصوير، لكن كان مطلوبًا أني أؤمّن تواصلًا، كان مطلوبًا أنه يأتيني مقطع فأرفعه، طبعًا نحن في ذاك الوقت لم يكن عندنا الجاهزية العالية من كاميرات أو كذا، كان التصوير بجوالاتنا وكانت الجوالات لا يزال أغلبها [من نوع] نوكيا، يعني كانت [جوالات] الآيفون "ثري جي" نزلت حديثًا أو الآيفون "ثري جي إس"، كانت يعني دقة الكاميرات ليست بهذه القوة ولا بهذا التطور الذي نعيشه في هذا الزمن، لكن مع ذلك استطعنا بعد فترة أن نجمع تبرعات أو نتبرع نحن ونشتري كاميرات، وصرنا لا تكفينا كاميرا واحدة، [نحتاج] اثنتين وثلاثًا كي نغطّي أكثر من حدث، إلى أن تطورت الأمور وصارت تخرج تقارير شبه احترافية.  

في نيسان/ أبريل أول مظاهرة كانت مثلما سبق أن تحدثنا، كانت "جمعة الشهداء"، كان الدور كبيرًا جدًا للمشايخ أنهم يجمعون أكبر عدد ممكن من المتظاهرين، شعرنا بقوة جميلة جدًا، في هذه المظاهرة لم يحصل تدخل من أفرع الأمن، يبدو أنه كانت نقاط التظاهر كبيرة جدًا بسورية فعناصر الأمن لم يكونوا يكفون كي يغطوا هذه المظاهرات ليدخلوا ويقمعوها، فنحن تظاهرنا بأعداد كبيرة وصوّرنا ووثقنا ورجعنا إلى بيوتنا آمنين، فيعني في البداية نحن كمدينة تُعتبر يعني ليست مدينة رئيسية كي تؤثّر على النظام، فجمعة الشهداء مرّت بسلام وأمان.

يوجد نقطة مهمة أريد التنبيه إليها، أنه أول ما خرجت مظاهرات النظام فورًا صار يدندن (يتحدث) عن [وجود] جماعات مسلحة إرهابية، وفي الضمير هذا الحديث صار عندنا نفسه، لكن لم يقل إننا دخلنا، لكن نحن من خلال.. طبعًا في النهاية أهل الضباط والكذا سوريون وكانوا أصدقاءنا، يعني حتى عندما بدأ الحراك نحن لم نُعادِ أحدًا فظلّوا أصدقاءنا، لكن ماذا حصل مع [هذا] الوضع؟ لم يعودوا يدخلون إلى مدينة الضمير، لم يعد أي عسكري أو أحد من المساكن [العسكرية] يدخل إلى مدينة الضمير، صار طريقهم من خارج الضمير، كانوا يدخلون ويتسوّقون، زبائن كثيرون كانوا من المساكن العسكرية، ضباط مهما كانت مدينتهم أو جنسهم أو طائفتهم لا يهمني، كان الكثير من الأصدقاء يأتون إلينا والزبائن، لم يعودوا يدخلون نهائيًا من أول ما بدأت الأحداث بدرعا قبل أن يحصل شيء بالضمير لم يعودوا يدخلون، صار عندهم هكذا مثلما أنا سبق أن ذكرت في المقاطع السابقة أنه في معسكر التدريب الجامعي نحن فجأة الناس بشكل خاطف تكتّلت، فصار نفس الحديث [في الضمير]، فجأة أيضًا تكتلوا وصدّقوا رواية النظام 100%، الذين كانوا أصدقاءنا والذين كانوا يأتون إلينا صاروا يعاملوننا معاملة عداء لمجرد أننا نجلس أو نعيش في مدينة الضمير أو نعيش في هذا المحيط، هو لا يؤمّن [يجرؤ] أن يدخل إلى مدينتنا، سابقًا كان يأتي كضيف إليّ من المساكن، الآن لا يؤمّن أن يدخل إليّ، الآن يخاف أن يتّبعوه أو يمسكوه، فإذا أراد أن يرى أحدًا أو يسلّم عليه يقول له: اخرج أنت إلى المساكن، يعني إلى هذه الدرجة صار الخوف مع أنه توجد معرفة بيني وبين بعض الأشخاص [تمتد إلى] سنوات (عشر سنوات وخمس سنوات)، فالنظام نشر كذبة أنه يوجد إرهابيون ويوجد مسلحون وحاشيته صدّقوا الكذبة، وبنفس الوقت صار يريد أن يثبت أو يأتي بأدلة كي يؤكّد كذبته، فنحن في أول مظاهرة والثانية عندنا إبراهيم النميري -رحمه الله- وعندنا بديع قاسم علي - رحمه الله - وعندنا عبد الله السيد - رحمه الله - وبعض الشباب الآخرين، النظام اعتقلهم ومعهم علاء السراقبي أيضًا-رحمه الله- اعتقلهم النظام وصوّرهم على قناته أن هؤلاء إرهابيون وسجّل لهم اعترافات وظهرت في شهر نيسان/ أبريل على كل التلفزيونات (القنوات) أن هؤلاء جماعة إرهابية في مدينة الضمير كانوا يخططون لتفجير جسر، وأظهر أسطوانة غاز خاصة بالمكيّفات وقال: إنهم وضعوا في قلبها عبوة ناسفة ووضع عليها ساعة، يوجد شخص منهم حدّاد، أسطوانة الغاز هذه يستخدمها في عمله، يعني هذه في شهر نيسان/ أبريل، هؤلاء استشهدوا أصلًا بعد شهر في شهر أيار/ مايو قتلهم يعني النظام، فمثل ما قلت لك: كذب الكذبة وصار يريد أن يثبتها، فهؤلاء الأشخاص هم ناس ملتزمون دينيًا فذقونهم(لحاهم) طويلة، اعتقلهم تقريبًا حوالي خمسة أيام أو أسبوع، وبعدها صوّرهم بذقون طويلة وهكذا على التلفزيون وكذا، فأنا كان عندي أصدقاء بدمشق وعندي أصدقاء منذ أيام الجامعة وأيام السكن الجامعي، يعني جهات الاتصال عندي كثيرة جدًا كلهم اتصلوا بي [وقالوا:] يا إسماعيل ماذا يحصل عندكم بالضمير؟ ما هؤلاء الإرهابيون الذين خرجوا عندكم بالضمير؟ ماذا ماذا؟ فأنا على الهاتف يعني وبالأخص أنه يوجد بينهم أشخاص مؤيدون للنظام 100% لا أعرف كيف أجيب.

التنسيقية أسستها في البداية أنا وحسين عباس، تم إنشاؤها في محلّي الذي هو مقهى إنترنت، وأنشأنا صفحة على "الفيسبوك" وصرنا نريد أن نضع لها شعارًا وإلى ما هنالك، وصارت تأتي الأخبار أخبار مدينة الضمير وما حولها أجمعها أنا من مجموعات "السكايب" المفتوحة أو على الهواتف القديمة كانوا يكتبون إطلاق نار أو قصف أو أو إلى ما هنالك، يعني إطلاق نار هنا، [أو] "بيك أب" ( سيارة نصف نقل) الأمن يتجول في تلك الحارة، فكنا نعمّمها كي يستطيع الناس أن يستفيدوا من الخبر، في البداية لم تكن الصفحة احترافية يعني وكل المظاهرات دائمًا كنت أرفعها عليها، فالذي أسّس تنسيقية في البداية أنا وحسين العباس - رحمه الله- بعد ذلك الكوادر.. صار مطلوبًا كوادر، يعني صرنا نريد أن نصنع شعارات، صرنا نريد أن نصنع حركات، صارت الأخبار 24/24 (في كل وقت) فصرنا نبحث عن أشخاص ثقات يمكن أن نضيفهم إلى التنسيقية كي نطوّر العمل، ففي شهر أيار/ مايو أو حزيران/يونيو تمت إضافة أيهم -الله يجزيه الخير- وتمت إضافة يحيى نقرش - رحمه الله- شهيدًا لطيفًا، تمت إضافة أكثر من شخص حاليًا موجودين حاليًا لا يزالون في سورية، لا أريد أن أذكر أسماءهم، فتم العمل ضمن فريق موسّع في ذاك الوقت، وصرنا نعيّن مصوّرين أحضرنا أكثر من كاميرا كي ننسّق الأمور، وصارت اللافتات والكتابات التي يحملونها بالمظاهرات نحن نكتبها ونحن نرى الشعارات الموحّدة ونرفعها، وصرنا ننسّق ونذهب.. طبعًا مع التنسيق الأمني، أنا كنت ألعب دور استخبارات أيضًا خلال العمل مع أبي خالد الذي هو مدير الناحية، هو كان يتّصل سواء كان بإبراهيم إبراهيم الحريري أو إن كان.. تأتيه تعليمات أنه توجد مداهمات أو كذا كونه مدير ناحية تأتيه المعلومات، فأنا كنت دائمًا آخذ المعلومات أنه ما الوضع الأمني؟ غائم أو ممطر أو صحو؟ (مدى تواجد الأمن) وعلى أساسها نُحرّك بحيث يكون أقل ضررًا من الأذية، فيعني كان دور التنسيقية أمنيًا إعلاميًا تنظيميًا، وأنا أعتبر أن عملنا كان ناجحًا رغم ضعف الإمكانيات، استطعنا أن ننظّم المظاهرات واستطعنا أن نحافظ على ديمومتها، رغم أننا بقينا مستمرين بالمظاهرات بزخم قوي مدة تقريبًا شهرين أو ثلاثة، إلى أن سقط أول شهيد.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/03/21

الموضوع الرئیس

الحراك في مدينة الضمير

كود الشهادة

SMI/OH/38-04/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

نيسان 2011

updatedAt

2024/04/20

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة الضمير

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

إدارة المخابرات الجوية

إدارة المخابرات الجوية

وزارة الداخلية - النظام

وزارة الداخلية - النظام

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

قناة ال BBC

قناة ال BBC

الشهادات المرتبطة