الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

"اعتقال نظام الأسد للناشطين وإكراههم على الاعتراف بـ"عمل إرهابي"

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:19:51:11

مثلنا مثل كل المدن السورية صارت المظاهرات عندنا شبه يومية لأننا كنا نحسّ أن بالمظاهرات مصدر الأمان كلنا تجمّعنا كان يعطينا قوة وكان يُحسّسنا بالأمان وعندما نفترق كنا دائمًا نشعر بالخوف. استمرت المظاهرات كل جمعة، وكل مسائية كنا نحاول أن نجتمع وننسّق أمورنا إلى أن جاءت مداهمة من النظام واعتقلت عددًا من شباب المدينة، هذا الكلام في شهر نيسان/ أبريل، اعتقلوا هاني النميري وعبد الله السيد وبديع قاسم علي وعلاء السراقبي وأسامة الدولتلي، ونتفاجأ أنه بعد اعتقالهم بوقت قليل جدًّا يظهرون على التلفزيون السوري يقدّمون اعترافات أنهم كانوا يجهّزون لعمليات إرهابية ويريدون أن يفجّروا الجسور ويريدون أن يفجّروا الطرقات ويريدون أن يفخّخوا إلى ما هنالك، حسنًا هؤلاء الشباب يعني معروفون أنهم أولاد بلدنا ومسالمون ولم يكن عندهم أي ميول [إجرامية]، يعني كل ما هنالك أنهم ملتزمون دينيًا ويطيلون ذقونهم(لحاهم) فقط لا غير، بعد أن ظهروا على التلفزيون [هؤلاء] الأشخاص جاءني سيل من الاتصالات، معارفي وأصدقائي من كل المدن والجهات يسألونني: ماذا يحصل عندكم؟ أنتم مدينتكم حصل فيها الإرهاب أو حصل فيها هذا الكلام، فأنا وُضعت بموقف يعني أنني لا أعرف هوية (موقف) الشخص الذي أمامي ما ميوله ما رياحه، فأجيب أنه ليس عندي علم، فبعض الأشخاص الذين أعرف ميولهم أفهمهم أن هذا كذب، والأشخاص الذين ميولهم مؤكدة أنهم من طرف النظام [أقول لهم:] إنني لا أعرف هذا كيف فجأة صار عندنا إرهابيون وأحاول أن أتجاهل الموضوع من أجل ألا أضع نفسي تحت مساءلة أمنية، الشباب لم يمضِ عليهم وقت طويل بعد أن خرجوا بالبيان الإعلامي، [بعد] 5 أيام تمّ إطلاق سراحهم، نحن تفاجأنا كثيرًا يعني أنه كيف خلية إرهابية؟ وكيف أرادوا أن يفجّروا الجسور؟ وكيف أرادوا أن يفجّروا القوافل العسكرية؟ وكيف؟ وكيف؟ والتلفزيون السوري جهة رسمية يعني جهة إعلامية رسمية تابعة للدولة تعلن أنهم [إرهابيون]، وبعد 5 أيام يخرجون؟ يعني كيف نريد أن نصدّق الكذبة؟ أنت تريد أن تكذب الكذبة فلا تصدّقها، فلما رجنا انتبهنا أنه يجب أن نوثّق أنهم أخذوا الاعترافات بأسلوب الإكراه وكان قد تم اعتقالهم فقط لأنهم أصحاب لحى وذقون من أجل أن يأخذوا هذا المقطع، سجّلنا مقطع فيديو للشباب أنكروا فيه الموضوع لكن للأسف هذا المقطع حاليًا تم فقدانه، لأننا للأسف كنا نخاف أن نخزّن هذه البيانات على أجهزة كومبيوتراتنا ولم تكن التقنية مثل هذا الوقت أنه يوجد "غوغل درايف" أو توجد هذه الأمور نستطيع أن نرفع عليها ونخزّن فيها، فمع الأسف تم فقدان "الهارد ديسك" الذي كان موجودًا عليه [المقطع]. بعد أن خرج الشباب من الاعتقال عادوا فورًا لمتابعة نشاطهم الثوري السلمي وصاروا يظهرون بالمظاهرات وتابعوا الموضوع، بعد ذلك بحوالي أسبوع أو يعني نستطيع أن نقول: نهاية شهر نيسان/ أبريل وبداية شهر أيار/ مايو أتت مداهمة من فروع الأمن على موقع هؤلاء الشباب الذي هم نتيجة أنهم كانوا يتظاهرون لم يكونوا ينامون في بيوتهم كانوا ينامون بالمزارع المحيطة بالمدينة، فسمعنا صوت إطلاق نار وسألنا: ما [سبب] صوت إطلاق النار؟ فجاءتنا تأكيدات أنه توجد مداهمة على موقع هؤلاء الأشخاص وادّعت الدولة أنهم قاوموهم بالسلاح فقتلوهم، يعني كانت أول عملية قتل خارج المظاهرات لأشخاص اعتقلهم النظام ثم صوّرهم ثم أطلق سراحهم وتعقّبهم وحدّد موقع وجودهم وقتلهم تحت ذريعة أنهم قاوموه بالسلاح، هم لماذا تجمّعوا؟ نحن نخرج بالمظاهرات مثلما تحدثت فنكون نُحسّ بالقوة بالمظاهرة وعندما نتفرق نشعر بالخوف مع الأسف لأنه بالليل تنشط المخابرات وتنشط فروع الأمن، الناس في بيوتهم بتتلتطف (يقولون: يا لطيف خوفًا) هم عادوا وتجمّعوا لأن هناك مزرعة لشخص منهم اسمه هاني النميري بعيدة متطرّفة عن البلد، قال: إنه مكان آمن للنوم، هكذا يعتقدون هم، وذهبوا كي يناموا فيه فللأسف جاءت مداهمة تريد أن تعتقلهم مرة ثانية فادّعى النظام أنهم قاوموه فتمت تصفيتهم وقتلهم، ثلاثة أشخاص تم قتلهم - رحمهم الله - هم هاني النميري وعبد الله السيد وبديع قاسم علي، يعني هؤلاء نستطيع أن نقول: [إنهم] أول ثلاثة شهداء بريف دمشق أول ثلاثة شهداء، لا يمكنني القول: في ريف دمشق [ولكن] أول ثلاثة شهداء في الضمير سقطوا لكن خارج المظاهرات، سقطوا في جُنح الليل أثناء محاولة اعتقالهم وهم غير مسلحين، أنا حسب معلوماتي الشباب غير مسلحين، أما حسب ادعاء النظام فإنهم قاوموه بالسلاح فاشتبك معهم، عبد الله وبديع إصابتهم.. -نحن لأن النظام سلّمنا إيّاهم (جثامينهم) وتم دفنهم في المدينة- فعبد الله السيد وبديع قاسم علي إصابتهم توحي أنهم فارقوا الحياة فورًا يعني أثناء الاشتباك، أما هاني النميري فإصابته بجسده غير قاتلة، وطبعًا بعد أن قتلهم النظام تم اعتقال جثثهم وظلّوا بالمستشفى تقريبًا حوالي الأسبوع وسلّمنا إياهم بعد أسبوع، فالشباب واضح أنهم منذ فترة ببراد الموتى، لكن هاني لم يكن يظهر عليه أنه ميت منذ فترة طويلة، يعني هاني نستطيع أن نقول: إنه تمت تصفيته تحت في المستشفى تم تصفيته بقصد يعني، لأنه هو الوحيد الذي جاء ودمه لا يزال ينزف، أما البقية فظاهر أن دمهم ناشف (قد جف) لأنهم منذ يومين وثلاثة بالفريزر (براد الموتى)، هم ثلاثة أشخاص فقط كانوا في المزرعة- رحمهم الله- هكذا حصل. فيعني هنا أنت (النظام) تعتقل مجموعة من الشباب المتظاهرين السلميين وتدّعي أنهم خلية إرهابية وتصوّر بجانبهم أدوات لها علاقة بالتكييف ولها علاقة بالحِدادة، [وتدّعي] أنهم يصنعون منها قنابل وبعد خمسة أيام تطلق سراحهم مرة ثانية، الشباب يمشون بالمظاهرات مدة 20 يومًا أو 25 يومًا بعد إطلاق سراحهم، بعدها يعود النظام ويعتقلهم بالمزرعة، يحاول أن يعتقلهم بالمزرعة ويدّعي أنهم قاوموه ويصفّيهم جسديًا، يعني من هنا نحنا صار عندنا فكرة أن النظام يريد أن يدعم روايته، أنه يكذب الكذبة ويؤمّن الأدلة كي يقنع الجمهور أنه يوجد عندنا إرهابيون.

 أصدقائي في الجامعة وأصدقائي في دمشق وأصدقائي من كل المدن السورية من كل الطوائف السورية أغلبهم اتصلوا يطمئنّون عليّ، يعني صدّقوا رواية النظام وصدّقوا رواية التلفزيون، جهة رسمية و[أنه هناك] أشخاصًا ذقونهم طويلة ووضعوا بجانبهم أدوات.

****

 استمرت المظاهرات بعد اعتقال الشباب الذين تحدثنا عنهم، الذين تمت تصفيتهم، وكان.. دعنا ننتقل [لأننا] تجاوزنا قليلًا الفترة الزمنية، بعد أن تمت تصفيتهم جسديًا سلّمنا إياهم النظام بعد وفاتهم بأسبوع أو بعد عملية اعتقالهم بأسبوع استلمتهم المدينة والشعب كله في حالة ذهول، لأنه يعرف أنهم كانوا أشخاصًا طيبين، من الناس المشهود لهم بطيبة القلب وبأنهم ناس جيّدون في المدينة، ليس عندهم سمعة سيئة أو ليس عندهم معاملة سيئة لأحد، فاجتمعت المدينة عن بكرة أبيها لتشييعهم. يوجد عندنا ميدان أو ساحة كبيرة بوسط المدينة يسمّونها الساحة الشرقية، تم إحضار الجنازة، واجتمعت في هذه الساحة جموع غفيرة، يعني أنا أكثر عدد أراه بجنازة في مدينتي خلال الثورة كلها هي [جنازة] هؤلاء الأشخاص الثلاثة. طبعًا تم رسم أو تنظيم لوحات فيها صور الشهداء، وخرج الكبير والصغير والمقمّط بالسرير (كناية عن كثرة العدد) يمكننا أن نقول إن كل الناس خرجوا في تشييعهم، يعني ما يزيد على 25 ألف إنسان خرجوا في تشييع الشباب، كانت الهتافات: "لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله". لم تكن عندنا الهتافات آنذاك أننا نريد أن نسقط النظام أو لم يكن عندنا هتافات أننا لا نزال نريد [حرية]، يعني حتى [عبارة] "حرية" لم يهتفوا في جنازتهم، لأن الناس في موقف مَهيب، أول ثلاثة شهداء يُقتلون في المدينة، فكانت كل الهتافات: "لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله"، وتم دفنهم -رحمة الله عليهم- كانوا أول ثلاثة شهداء يسقطون في المدينة لكن خارج النشاط السلمي والمظاهرات تحت ادّعاء النظام أنهم قاوموه بالسلاح فلذلك تمت تصفيتهم، طبعًا أنا أشكّك في هذا الادّعاء وأعتقد أن النظام كاذب 100% في روايته.

إذا عُدنا إلى التنسيقية وإنشائها وكيف صرنا ننظّم المظاهرات وكيف صرنا نحصل أو نبحث عن أناس ثقات يمكن أن نعطيهم كاميرا أو نستطيع أن نقول له: أعطِنا مقطع فيديو كي نرفعه أو أنت صوّر أو أنا أريد أن أصوّر، يعني عندما بدأت المظاهرات كان العدد لا بأس به، لكن كان عدد الناس الذين يسجّلون [أسماء] المتظاهرين أيضًا لا بأس به، يعني المخبرون وأعوان النظام كانوا عددًا لا يُستهان به، وسبق أن ذكرت أنّ أمناء الفرق الحزبية والمخاتير كانت وظيفتهم هذه الوظيفة، فالأشخاص الذين كانوا يركبون على الأكتاف ويصرخون هؤلاء كانوا الهدف الأول بالنسبة للنظام، طبعًا كان منهم الشهيد - رحمه الله- إبراهيم هدال والشهيد أسامة خليفة وأكثر من شخص آخر، وخالد غزال، كانوا يتناوبون في ترديد الشعارات وأن يركبوا على الأكتاف، فهؤلاء كانوا الهدف الأول [للنظام]، فالهدف الثاني كان الذي يُصوّر، اختلفت المسمّيات، نحن طبعًا بدأنا بالحراك وليس عندنا جهاز أمني أو ليس عندنا أحد يحمي المظاهرة، كي نستطيع أن نقول: لا أنت صوّر، وأنت لا تصوّر، وأنت تصوّر لتعطيها (الفيديوهات) لأفرع الأمن، وأنت تصوّر لترفعها "لليوتيوب" و"الفيسبوك" من أجل أن يرى العالم تظاهرنا، فكانت تمشي الحياة بهذا الأسلوب، فنحن صرنا نبحث عن أشخاص ثقات كي يكونوا مصوّرين ويؤمّنوا لنا المحتوى كي نصوّر المظاهرة من أكثر من جهة إلى ما هنالك، وهنا تم التعرف.. طبعًا هم نعرفهم سابقًا لكن تم إعطاء أو إيكال المهمة لشباب أبطال وثوريين كثيرًا، منهم شاب، تم اعتقاله خمس سنوات والإفراج عنه، حاليًا موجود في مناطق النظام، أعتقد أن ذكر اسمه قد يسبّب له أذية أو لا يسبّب له أذية هذا الموضوع هو اعتُقل لأنه كان متظاهرًا، كان يصوّر وكان الناشط الميداني الرئيسي في ساحة المظاهرات الذي يعمل لطرف التنسيقية هو وشخص آخر مكنّى بأبي راشد، أيضًا هذا الشخص موجود لا يزال بسورية لم يخرج، تم اعتقاله والإفراج عنه، فأيضًا موضوع ذكر اسمه قد يؤدّي إلى أذيته. طبعًا الناشطون الذين كانوا ينشطون كثيرون، منهم الشهيد أيضًا أحمد العبد الله المكنّى أحمد فخرية، ومنهم الشهيد إسماعيل الناطور وإخوته اثنان أيضًا استُشهدوا -الله يرحمهم-، وعدد كبير من الشباب لا تحضر أسماؤهم حاليًا كاملًا، كانوا فعّالين بشكل رائع، لكن كتنظيم مظاهرات بشكل رئيسي تنظيم الشعارات وتقرير مكان المظاهرة وهم كانوا يأخذون التعليمات مني، أن هذه اللافتات يجب أن نرفعها و[في] هذا اليوم يجب أن نتظاهر أو يجب ألّا نتظاهر لأنه يوجد أمن سيأتي فيمكن أن تحصل مواجهة ويمكن أن يحصل قتل، هؤلاء يعني أستطيع أن أقول: إنهم الناس الأوائل الذين بدؤوا معنا، وبعدهم صار يوجد كثيرون طبعًا، طبعًا حسين العباس - رحمه الله - أنا وهو سويةً، أنا أتكلم حاليًا شهادتي لكن كل خطوة [أخطوها] كان حسين العباس معي [فيها]، لكن حسين العباس لم يكتفِ بأن يركب على الأكتاف ويقود المظاهرات، حسين العباس كان من الأشخاص الذين يَدعُون بقوة أن تجتمع الناس بالميادين الكبيرة في ساحة الأمويين بساحة العباسيين، حسين العباس كان يريد ساحة اعتصام [كبيرة] مثل ميدان التحرير في مصر، حسين العباس كان يسعى وينشط، حسين العباس كل دعوة كان يتم نشرها من أي شخص حتى لو هو لا يعرفه يذهب ويلبّيها، يقف من بعيد وينظر، حسين العباس إنسان استثنائي، ثوريته تفوق الحد، يعني مرّ كثير من الأشخاص والناشطين عرفتهم خلال العشر سنوات التي قضيناها بسورية في الثورة، [لكن] مثل حسين العباس لم أرَ ومثل إخلاصه ومثل تفانيه.. يتنفّس ثورة يتنفّس حرية هذا الشخص، رحمة الله عليه، فحسين العباس... طبعًا أنا ذكرت الأشخاص سابقًا حسب التسلسل الزمني كل إنسان.

هذان الشخصان كانا على ارتباط مباشر معي وهما كانا ينظّمان الإذاعة وينظّمان اللوحات، وهم كانوا يُخرجون المظاهرات وكانوا يأخذون التعليمات إذا كان يوجد خلل أمني نحن نأخذ تعليمات من الرائد عمر صابرين أبو خالد -الله يفرّج عنه- إذا كانت توجد مداهمة أو توجد نيّة للنظام للاعتقال والمداهمة يخبرنا، كانوا ينقلون خبرًا لكل الثوار.

هو المصوّر الأول والرئيسي الذي كان يصوّر وكان يبعث لي مقاطع الفيديو بطريقة أنني لا أُعرف، لماذا؟ لأن هؤلاء الشباب في أي لحظة يتم إلقاء القبض عليهم، فعندما يريد أي شاب من الثوار أو يرونني في المظاهرة أتحرك معهم وأخدت المقطع وخرج المقطع، فأنا يعني الحلقة الأضعف، أنا منطقتي تُعتبر في المناطق التي تحت سيطرة النظام قريبة من المخفر وقريبة من حواجز النظام وقريبة من المساكن العسكرية يمكن أن نقول، وأنا التقني الأقوى في منطقتنا التقني الذي تبنّى الثورة، يوجد كثير من الأشخاص [في منطقتنا] ربما يكونون تقنيين لكن لا يوجد أحد منهم كان ثوريًا يعني أو تبنّى الثورة، وأنا عندي مصدر أسرع إنترنت، وبعدها صرت أنا الوحيد الذي عندي إنترنت فضائي، طبعاً لا أحد كان يجرؤ أن يضع طبقًا [لاقطًا] على سطح بيته من أجل أن يعمل.. لأن [عقوبتها] إعدام ميداني فورًا هذه الحركة يعني تُعتبر بالنسبة للنظام. فأنا كان مطلوبًا مني أن أكون سرّيًا جدَا ولا أحد يستطيع أن يصل إليّ، فأنا حتى تردّدي إلى مدير الناحية في تلك الفترة.. بعض الأشخاص كانوا يقولون: هذا الشخص يذهب كل يوم إلى المخفر من أجل ماذا؟ كانوا يقولون.. أوشكت أن تخرج عليّ سُمعة أنني مُخبر [للنظام] لأنني كل يوم أذهب إلى المخفر لكن لا أحد يعرف سبب ذهابي [إلى المخفر] طبعًا إلا الدائرة الضيقة، وكان مثل ما أسلفت المخفر قريبًا على بيتي، دائمًا أسهر عند الرائد عمر وآخذ المعلومات منه، وعندما يكون هناك مداهمة أو كذا خوفًا من أن أحدًا من المخبرين يكون عنده خبر أنني أعمل مع الثورة، حتى [إنني] كنت أنام أحيانًا بالمخفر، مثلما يقول المثل السوري: "الحرامي (السارق) الذكي ينام على سطح المخفر"، ونحن عندما كنا نعرف أنه توجد مداهمة أو كذا ليس أنا فقط، يوجد أكثر من ناشط، حتى كان هناك شخص من المشايخ أبو الحارث -الله يذكره بالخير- حاليًا موجود بالشمال [السوري] وكان قائد لواء سيف الحق التابع لجيش الإسلام، كان أيضًا ينام عندي أنا وهو ننام عند مدير الناحية بالمخفر تحسّبًا لأي مداهمة أو أي قصة يعني، فمدير ناحية كان عنصر أمان كبيرًا بالنسبة لنا، إذا كنت أريد أن أذهب إلى دمشق أو أريد أن أذهب إلى مكان [آخر] لألتقي مع جهات مهما كان دورها إعلاميًا أو إغاثيًا أو كذا، فمن أجل ألّا أمر على حواجز النظام أركب بسيارة مدير الناحية، [عناصر] الحواجز لا أحد يقول لك: أعطني هويتك، يعتبرونك ابن دولة، فكان يخدمنا كثيرًا، ليس أنا فقط خدمني، أيضًا عمر صابرين أتوقع أنه يحتاج إلى جلسة كاملة لأنه خدم الثورة كثيرًا وهُضم حقّه.

فالمرحلة التي أريد أن أؤكّد فيها.. محب الدين وأبو راشد كانا هما عصبًا [أساسيًّا] مع إبراهيم هدال طبعًا وبقية الشباب كلهم ناشطون، لكن بالنسبة لي أنا نقطة تواصلي هما محب الدين وأبو راشد، بقية الشباب إبراهيم وغيره كانوا يجلسون مع أحمد العبد الله - رحمه الله - ولم يكونوا يعرفون أنني أعمل بالثورة أصلًا، لأن الطرف الثاني حلقتهم واسعة كثيرًا معارفهم [كثيرون] وكانوا يعني رمزًا، الشباب المراهقون والصغار يحبّونهم ويحبّون أن يتصوّروا بجانبهم، يعتبرون من مشاهير من الأبطال يعني، فكانت حلقتهم واسعة كثيرًا ولم يكونوا يعرفون أني أعمل [بالثورة] أو أن المقاطع التي يصوّرونها كانت تصلني وأنا الذي أرفعها على "اليوتيوب" وعلى "الفيسبوك" وأنني أنا الذي يُدير التنسيقية، لم يكن أحد يعرف، كان أبو راشد ومحب الدين أو يقولون اسمًا وهميًا، ولا أحد يعرف من هو. المقاطع كيف كانت تصلني؟ كان يوجد من معارفنا أطفال بعمر الـ 14 و13 و15 سنة يشاركون بالمظاهرة، محب الدين يخرج بالموتور (الدراجة النارية) بعد أن تنتهي المظاهرة ويتجول إلى أن يتأكد أنه لا يوجد أحد يتابعه، ثم يتّصل فيخرج هذا الصغير يأخذ منه الفلاشة (الذاكرة) بالطريق أو كرت(بطاقة) الكاميرا، والصغير يحضرها لي، أعود أنا فآخذها منه، يعني كنا ندقق كثيرًا كي لا أُعرف أو لا يتابعه أحد المخبرين فيعرف من الذي يرفع مقاطع الفيديو، وأحمد العبد الله رحمه الله، فكان سببًا كبيرًا أن النظام لم يعرفني، لماذا؟ لأن النظام كان يلاحظ أهدافًا أشخاصًا تتصدّر المشهد [وتقول:] أنا الذي أرفع المقاطع ويقول علنًا: إنه [يُدير] التنسيقية ويقول علنًا: إنه هو الذي يعمل، فكان هذا الموضوع يعطينا كثيرًا عنصر أمان أنني أجلس ببيتي وأستطيع أن تابع الأخبار وأجلس أتكلم مع أشخاص، هكذا يمكن أن نقول: إننا أمضينا شهر نيسان/ أبريل إلى أن سقط عندنا أول شهيد في المدينة، الذي هو فريد نصار.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/03/22

الموضوع الرئیس

التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسدالحراك في مدينة الضمير

كود الشهادة

SMI/OH/38-05/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

4-5/ 2011

updatedAt

2024/04/25

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة الضمير

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

تنسيقية مدينة الضمير

تنسيقية مدينة الضمير

الشهادات المرتبطة