قرار البقاء في لبنان وتأسيس منظمة "نوفوتوزون"
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:15:44:06
الآن جاء وقت ذهابنا إلى باريس، نأخذ "باص الحرية" إلى باريس، ونفعل تقريبًا نفس النشاط لذلك ذهبنا إلى باريس.
التقيت مع أصدقاء منذ زمن طويل لم أرهم مثلًا رويدا كنعان أنا رأيتها فقط في السجن فالتقيتها هناك، ورأيت فارس الحلو، ولم أره من قبل أن يُعتَقل باسل فكان السفر إلى باريس جدًا جميلًا.
عدت إلى باريس في شهر شباط/ فبراير (2018)، وبدأنا بالحركة نفكر أكثر بمؤسسة الحركة (حركة عائلات من أجل الحرية) يعني يجب أن نأخذ شيئًا علميًا أكاديمي عن طرق المناصرة، ونحشد أشخاصًا ينتمون إلى الحركة ونحشد أشخاصًا مؤيدين لنا، لذلك اقترحنا أن يكون مثل ورشة تدريبية في برلين مع خبيرة بهذا المجال التي هي تعمل في منظمة "أهل".
المشكلة أنه لم يحصل الجميع على تأشيرات دخول، فجزء منهم حضر أون لاين وجزء كان في برلين، وكان يوجد موجة برد قاسية في أوروبا، وأجرينا التدريب وكان جدًا مفيدًا لنا، وبعدها التقيت أيضًا مع أنور البني وأنا أيضًا منذ زمن طويل لم أره، والتقيت مع بعض الأصدقاء، وفي وقتها دعتنا فدوى [محمود] إلى منزلها لأنها تعيش في برلين وطبخت، وأنا لا أعرف لماذا أصبح عندي نوبة هلع. ولا أعرف لماذا تذكرت! ودائمًا كانت فدوى تفتح منزلها للناس في دمشق، وهي الآن في عمر ليس صغير ولوحدها وبدأت من جديد بعد أن قطعت الـ 60 في مكان جديد فأحسست بالوحشة نيابة عنها.
عدت إلى بيروت، وكان سوف يحصل أول عيد أم بدون والدتي، فاتفقنا في الحركة أن أذهب أنا إلى البقاع، ويوجد صبية في الحركة هي موجودة في البقاع، وأحضر هدايا وصنعنا الغداء مع أمهات لديهنّ معتقلون وأنا عندما ذهبت كنّ يسمعْن عني كثيرًا واستقبلوني، وكنّ تقريبًا 35 سيدة، وتغدينا معًا، وتكلمنا معهنّ، ولم أشعر بهذه الغربة وأنني لست مع والدتي، وأحسست أنني اليوم مع 35 أمًا، وشعرت أنه يوجد الكثير من السوريين في لبنان ويوجد الكثير من الناس لديهم احتياجات، وأنا شخص جدًا خاض هذه التجربة بشكل شخصي أو بشكل مهني، وفي البقاع أنا بيني وبين الحدود السورية ربع ساعة، وأحسست أنه لا يمكنني الابتعاد أكثر من ذلك، وأحسست أنه لا يمكنني أن أكون في مكان [أبعد]، وفقط أفعل شيئًا يخصني، يخص حياتي العلمية المهنية والشخصية، وأنسلخ بهذه الطريقة وبهذه السرعة [عن] كل ما يحصل في سورية، ولم أشعر أنني جاهزة أبدًا أن أبتعد جغرافيًا، وبنفس الوقت فكريًا وعاطفيًا أبتعد.
فاستيقظت وقررت عدم الذهاب إلى بريطانيا والبقاء في لبنان، وأخبرت أهلي، وأنا لا أظن أنهم كانوا جدًا سعيدين، ولكنهم استطاعوا أن يفهموني جيدًا، وأنا لا أعرف كيف سوف أذهب فقط وأدرس في جامعة بعيدة وكأنه لا يحصل شيء! وأعتقد أن هذا الشيء يجب أن يحصل ولكنني أعتقد أن الوقت يعني الناس دائمًا تذهب إلى مكان قريب من سورية، وتجلس فيه لفترة، ثم تحس أنه يوجد الكثير من الأسباب حتى تبتعد أكثر، وأنا كان قد أصبح لي شهران ونصف فقط خارج سورية، وأنا حتى الآن لا أتقبل القصة، وأهلي شعروا بميزة ماذا يعني أنني قريبة ويمكنهم رؤيتي دائمًا، وأرسلت للخارجية البريطانية وللجامعة واعتذرت عن المنحة، وأنني لن أذهب، وهنا قررت أن أبدأ بمشروعنا أنا وباسل، وأُسس [منظمة] نوفوتزون (منظمة غير حكومية تسعى لنشر وتعزيز الوعي القانوني وحقوق الإنسان والمعرفة فيما يتعلق بقضايا الاعتقال والاختفاء القسري- المحرر) وأبقى في لبنان أعمل، ولكنني لم أصرف النظر عن تطوري العلمي والمهني، وبالصدفة كان أصحاب المنزل الذين استأجرت المنزل منهم لديهم جامعة تُدرِّس حقوق الإنسان ولاعنف فسجلت ماجستير، وقررت دراسة دبلوم الترجمة، وأيضًا سجلت دبلوم ترجمة، وفي وقتها أيضًا دعمني شخصان من رفاق باسل ماديًا حتى أستطيع أن أدفع تكاليف الجامعتين، فأحسست أنني أفعل شيئًا لحياتي الآن ولا يوجد مشكلة، ولكنني في مكان قريب من سورية وقريب من أهلي، وسوف أستطيع أن أعمل كما أنا أحب وأدرس.
بعدها جاءتني سفرة إلى إيطاليا، هنا في هذه الفترة أنا كنت أترك عملي مع "ألفا" (منظمة) وكانت الخارجية السويسرية ممثلة بالسفارة السويسرية في بيروت يقولون لي: أسسي شيئًا ونحن سندعمك، وأنا بدأت أبلور الفكرة، وفي نيسان/ أبريل سافرت إلى مدينة لا أتذكر اسمها في إيطاليا، لأنهم أحضروني كمتحدثة لشيء اسمه مثل مؤتمر الصحافة العالمي الذي يحصل دائمًا في هذه المدينة، فذهبت وجلست عند صديقة باسل التي هي أكثر بنت صديقته وهي إيطالية، وذهبنا إلى هذه المدينة، وكان يوجد الكثير من الحضور يعني تقريبًا 200 شخص جالسون ونفس العدد واقفون، وكان عنوان الجلسة التي سوف أتكلم فيها هو: ماذا تبقّى من الثورة السورية، فكنا المتحدثتَين أنا ودونيتيلا.
عدت من إيطاليا، وفي هذا الوقت كان قد حصل شيء اسمه منحة باسل خرطبيل وهو أننا فعلنا شيئًا على ذكرى باسل وهو منحة كل سنة يربحها شخص لمدة سنة، تعطي دعمًا ماديًا وتقنيًا حتى يفعل شيئًا يخص حرية التعبير، والذي ربحها هو شاب فلسطيني اسمه مجد شهابي، وهو كان يعمل على خرائط ديجيتال لفلسطين، بحيث إنك أنت تدخل حتى ترى المنازل في كل قرية ومدينة، وللأسف أنا تأخرت فيزتي إلى كندا، وكنا في هذا الوقت نجرب أن نأخذ فيزا لوالد باسل إلى كندا، لأن لديه الكثير من الأقارب في كندا، وهو لم يعد يستطيع البقاء في سورية وهو خسر منزله وابنه الوحيد، وللأسف قدمنا مرتين ورفض والد باسل، وأنا جاءتني فيزا، ولكنني لم أذهب إلى إعلان الجائزة، لذلك بعدها بشهر في أيار/ مايو لأنه في نيسان/ أبريل كان الإعلان عن الجائزة وأنا في إيطاليا تقريبًا وتم الحديث أيضًا عن فيلم عيوني الذي كان تقريبًا سينتهي من التصوير.
عدت إلى بيروت وأكملت موضوع الماجستير والدبلوم، وهنا بدأت أكتب تمامًا ما هي نوفوتزون، وماذا سوف تفعل. أنا أتذكر في عام 2011 كنت في نوبة غضب من محمود مرعي ومن الطريقة التي تعمل فيها المنظمات السورية التقليدية بحقوق الإنسان، وكنت أقول لباسل ونحن لم نكن في علاقة يعني قبل أن ندخل في علاقة بشكل رسمي في أيار/ مايو، فقال لي، ما رأيك أن نؤسس منظمة؟ وبعدها ارتبطنا أنا وباسل، وقبل أن يُعتقل كنا طوال الوقت نتكلم عن كم لدينا ضعف بالثقافة الحقوقية، وخاصة بما يتعلق بالمعتقلين، يعني أنا بكل الأحوال أدافع عن المعتقلين وأزورهم في السجن، وكم يوجد حاجة لمعرفة تفاصيل هي جدًا خاطئة في الشارع السوري، وبنفس الوقت أنا كنت أرى أعداد كبيرة وأنا لا أريد أن يتحول هؤلاء الأشخاص فقط إلى أرقام بإحصائيات، يعني كان من المهم جدًا أن أصور كل شخص كم هو حي، وهذه كانت فكرتي أنا وباسل ومن خلال بعدها اعتقال باسل وكل شيء اشتغلته [وكوني] أصبحت شخصية مؤثرة في العالم بالمناصرة، ورأيت كم أنني استطعت -لا أريد أن أقول أتعافى أو أقوى أو أتحسن- ولكنني استطعت إدارة التعامل مع أزمتي في غياب باسل بطريقة معينة بسبب كل الأضواء التي سُلطت علي، وهذا أحد الأسباب، وأنا أحسست أن هذا يجب أن يكون متاحًا لكل شخص معتقل أو لديه معتقل في سورية وهذا كان جدًا يحز بنفسي أنا وباسل، لأنه كان يتم الحديث فقط عن مجموعة أشخاص معتقلين بما فيهم باسل، وكل شخص هو جدًا مهم في الحياة، ولا يوجد مهم وأهم، يعني لماذا يوجد أشخاص أساسًا يكونون معروفين واشتغلوا على أنفسهم أو الحياة خدمتهم بتطوير أنفسهم، وعندما تحصل معهم أزمة فإن كل العالم يسلط الضوء عليهم، ولكن هذا يكون على حساب أشخاص آخرين هم أيضًا فعلوا وضحوا وعانوا وتحملوا، وهذه كانت الصورة في رأسي، ولكنني لم أعمل بهذا العمل الإداري في المنظمات، فكان يوجد شخصان يساعدانني، وكنا نُطلع السفارة السويسرية على كل هذا الموضوع.
في هذا الوقت أيضًا اقترب الماجستير لأنه كان يوجد دوام صيفي، وأنا أخذت وبدأت أحضر في الصفوف، وكان يوجد الكثير من الجنسيات، الكثير من السوريين واللبنانيين واليمنيين والعراقيّين والأردنيين والفلسطينيين والمصريين، ولكنني أحسست، وكان جدًا مهم هذا الشيء، ولكن لا أعرف إذا كان يوجد إحساس بالفوقية من بعض الذين يُدرِّسون أو [من] أصحاب الجامعة -إحساسًا بالفوقية- لأنهم يفهمون أكثر أو لأنهم لبنانيون ونحن سوريون! هناك طريقة لا أشعر أنها صحيحة في أن يُعلّم الشخص بهذه الطريقة، ويوجد شيء أنه إذا قيلت معلومة خاطئة وأنت قلت: إنها غلط، فإن الجميع يغضب عليك، ولا يمكن أن تقول للدكتور أو الدكتورة هذا خطأ، فكان يوجد أخطاء تحصل، ويوجد شيء لم يكن مريحًا، والشيء الوحيد المريح أنني تعرفت على أشخاص جدًا جيدين، وأنا بصراحة لم يضف لي شيئًا، وأنا كنت فقط أبحث داخلي وأبلور أفكاري وهذا بالتأكيد كان مهمًا بالنسبة لي، وإذا حصل غلط في شيء إداري كان التعامل جدًا سيئًا وأنا لم أكن مرتاحة نفسيًا وأنجزت المواد المطلوبة مني، وبنفس الوقت أضاعوا قصة إقامتي، وكان يجب أن أغادر لبنان لأنه لم يكن عندي إقامة، وكان [هناك] إيجابيات وسلبيات لهذه التجربة.
في لبنان أنا كنت ألتقي كثيرًا مع المنظمات والسفارات وأصبحت حرة أكثر، وأنا أريد أن أقول: إنه عندما انتهيت من العمل في برلين وذهبت إلى أخوالي، كان يوم المرأة العالمي 2018 وأنا وصلت ليلًا إلى دوسلدورف (مدينة ألمانية) ولم أُشعل الواي فاي بعد، وحتى شغلت الواي فاي لأنه كان عندي اجتماع، فوجدت كل الناس يباركون لي، وأنا في البداية كنت أظن أنهم يعايدونني بعيد المرأة، ولكنهم كانوا يباركون، وأنا لم أفهم ماذا يحصل! حتى إحدى صديقاتي انتبهت أنه واضح [أنني] لا أعرف، فاكتشفت أنه تم تصنيفي من "أمنستي" كواحدة من أقوى 8 نساء في العالم وكل الدنيا تعرف وأنا لا أعرف.
حتى مثلًا الخارجية البريطانية تضايقت لأنني لم أذهب إلى المنحة، ولكنهم كانوا جدًا يحسون بهذا التقدير، أنه فأنا أرفض شيئًا جدًا مهم، لأنني أريد أن أبقى في هذا المكان الذي لا أعتقد أنه يوجد شخص يختار أن يبقى فيه كسوري.
بعدها إحدى الفرص التي أتيحت لي هي شيء يشبه الدبلوم المكثف في القانون الدولي الإنساني مع شيء اسمه جامعة الحكمة العيادة القانونية لمنظمة "دياكونيا" (المنظمة السويدية للتنمية والتعاون الدولي- المحرر) الذي كان جدًا تدريبًا مكثفًا لمدة 15 يومًا أو 20 يومًا، والكثير من الضغط لـ 35 أو 40 شخصًا من كل جنسيات البلاد العربية مع الصليب الأحمر الدولي، والكثير من الجهات الدولية، يعني كان يوجد أستاذ قانون مصري عبقري، وكانت المشكلة أنه عندما بدأ الدبلوم أنا أيضًا بدأ دوامي في دبلوم الترجمة.
القصة أنه كنا دائمًا نقوم بتمارين، وكان التخرج بعدها، هي اسمها المدرسة الصيفية للقانون الدولي الإنساني، لذلك التخرج كان يحصل بتمرين مثل تمثيل عن محاكمة صورية، وفعلًا المسألة تكون جدًا معقدة ويوجد لجنة، ومثلًا كان يوجد قاض من محكمة الحريري (المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري- المحرر) يحضر في لجنة التقييم.
أنا بنت شخص يعيش صراعًا، وأنا بالصدفة من عائلة أساسًا معارضة، وأنا وعيت على العمل السياسي منذ الصغر، وأنا عندي تجربة شخصية وبنفس الوقت أنا محامية وأدافع عن الناس، وبنفس الوقت أنا درست الحقوق، ويوجد أشخاص آخرون مثلًا لأننا كنا مقسمين إلى مجموعات هم طلاب صغار أو مجالاتهم مختلفة، وهذه محاكمة يعني عمل قانون، وأنا في مجموعتي كان يوجد صبايا صغار بالعمر، وأنا كنت أكتب أغلب الأشياء، وأنا كنت بالنسبة لهم ملهمة، و[كان] التمرين معقدًا جدًا والذي اختاروني [لأجله]، وهو [أنه] يوجد صراع حصل في دولة ديكتاتورية فاختاروني أن أكون محامية الديكتاتور، وأنا هذا كان تحديًا [لي]، وأنا لست في واقع أن أدافع عن ديكتاتور الآن، وأنا جدًا متأذية، والمهم في التقييم أعتقد كنا نحن 10 مجموعات أو 8 مجموعات، وكانت مجموعتنا هي أفضل مجموعة، وأنا لا أقول: إنني لم أُخطئ أثناء المحاكمة وأنا أخطأت لأن الديكتاتور الذي هو موكلي هو قام بأشياء خاطئة، ولكنني كمحامية يجب أن أبررها، وأحاول أن أجد لها تبريرات من وجهة نظر القانون الدولي الإنساني، فكانت مجموعتنا هي أفضل مجموعة.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/01/18
الموضوع الرئیس
النشاط الحقوقيكود الشهادة
SMI/OH/123-47/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2018
updatedAt
2024/04/25
شخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
وزارة الخارجية البريطانية
منظمة العفو الدولية
منظمة نوفوتوزون Nophotozone
عائلات من أجل الحرية
وزارة الخارجية السويسرية