محاصرة المجلس الوطني السوري وعدم تمكين الائتلاف الوطني
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:23:22:24
في طريق عودتنا من حلب إلى إسطنبول قبل أن نصل إلى باب الهوى، مررنا في ريف حلب ثمَّ إلى إدلب، والتقينا بعدد من الضباط المنشقين ومن قادة الفصائل، وبدأنا نعرف أكثر فأكثر ماذا يجري واقعيًا على الأرض وخاصةً الموضوع في إطار حلب والمنظمات المسيطرة عليها، وبعد ذلك أتتنا دعوة لإعلان دمشق لملاقاة الأمير سلمان بن سلطان في الأردن، وذهبت أنا وسمير نشار للقاء معه، وفوجئنا أنَّ أحمد الجربا موجود في جناح الأمير، ودون تردد زميلي سمير يقول: يا أحمد أنت كنت تعمل مع القطريين، هل الآن غيَّرت وأصبحت تعمل مع السعوديين؟! وابتسم الأمير، ولم يجب أحمد، وفي ذلك الاجتماع وعلى ضوء الخبرة التي تكوَّنت لنا من الأرض بزيارة حلب تحدثنا معهم بصراحة أنَّ السعودية ووكلاءها المكلفين بالتسليح والدعم في الشمال السوري تدعم قُطاع طرق ولصوص، وسمير نشار سمى له أسماء من زعماء الفصائل وبعض الزعماء في حلب الذين هم مجرد مديري عصابات ومعروفين في الوسط الحلبي تمامًا، وقال له: نحن نحملكم هذه المسؤولية والتسليح يجب أن يكون في إدارة ناس لديهم هيبة واحترام من قبل المجتمع، لأنهم هم أصبحوا سلطات أمر واقع شئنا أم أبينا في هذا المكان. وأذكر أنه سمى له إياهم وحملهم معه الأمير سلمان. كان الوضع في كل الزيارة في أساسه بدأ التمهيد لعملية التوسعة (توسعة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة) التي أتت الآن في إطار الصراع القطري السعودي الذي بدأ ينشأ من جديد، وبدأنا نشعر به، ونحن في المجلس الوطني وبدءاً من عام 2014 لم يعد له أي دعم؛ وبالتالي لم يعد قادرًا أن يدفع أجرة مقره في إسطنبول، وأغلقنا العديد من المكاتب من مكتب القاهرة إلى غازي عنتاب، وبدأنا نغلق المكاتب والنشاطات بالتدرج على ضوء الميزانية، وحتى المقر كانت تدفعه الخارجية التركية، مقر المجلس الوطني امتنعوا عن الدفع، وبالتالي بدأت مرحلة هبوط المجلس إلى الوراء، فوق ذلك لم يعد المجلس مثار اهتمام مكوناته، وأصبح الاهتمام الأساسي بالائتلاف وخاصة أنه لم تعد هناك موارد مالية، ولم يعد هناك تفرغ، ولم تعد هناك إغاثة، ولم تبق هناك مصالح من أي نوع فالمصالح تركزت على الائتلاف.
مرة تكلمنا مع الإماراتيين عن الدعم، وقالوا: السعودية هي التي تأمر، وما تأمر به السعودية نحن جاهزون له. وفي آخر جولة دعم كانت لقطر طلبت بشكل شخصي مليون دولار للإدارة من أجل المجلس الوطني ألا يمد يده على أموال الإغاثة، والإدارة تعني أجور المكاتب وأجور المتفرغين من أعضاء المكتب التنفيذي حتى الموظفين العاملين، وفعلًا كانت كل هذه النفقات من المليون دولار التي دخلت صندوقًا مخصصًا لهذا الوضع، وأعضاء المجلس الوطني يعرفون ذلك جيدًا، أما الدعم الآخر فبدأ بالتراجع، ونحن في الاجتماع الأستاذ فاروق طيفور طلب من وزير الخارجية [قائلًا]: نريد نصف مليون دولار من أجل أن ننشئ مخيم لاجئين. وفعلًا يقرر ويدخل لصندوق المجلس الوطني 500 ألف دولار لمشروع مخيم، وبعد فترة أتى الأستاذ فاروق وباسم الإخوان المسلمين طالب بالـ 500 ألف من أجل المخيم، وقلت له: لماذا نعطيكم إياها؟ هذه أجور المجلس وصندوق المجلس، إذا كان هناك مشروع لمخيم نحن نقوم به ونحن جاهزون، إذا كان الهدف المخيم فنحن جاهزون. وكان هناك إصرار ونحن رفضنا، وهذا المال من حق المجلس الوطني ويتصرف به المجلس الوطني والإخوان مثل كل المكونات هناك مشاريع نبحث جدواها وضرورتها ونقوم بها، حتى إن طلات (زيارات قصيرة) المكونات على المجلس صارت قليلة، ولاحظت أن الدعوات لاجتماع المكتب التنفيذي بدأنا نتعذب (نعاني الكثير) حتى نحصل على النصاب، فاهتمام مكونات المجلس به تراجعت كليًا، وفي النهاية ثلاثة اجتماعات وراء بعضها أدعو لها بشكل رسمي وعبر الوثائق ولم يكتمل النصاب، وهذا يعني إرادة المكونات في المجلس الوطني لم تعد موجودة، ونقلنا مقر المجلس إلى مقر متواضع؛ لأنَّنا نريده أن يستمر، وكنا حالمين أنَّ الأوضاع التي نحن غير راضين عنها في الائتلاف تصل إلى باب مسدود، ويبقى هناك دور للمجلس يستطيع لعبه طالما مازال متمسكًا بخط الثورة، ونقلنا إلى مكان آخر أقل كلفة ومتواضع، ولكنه مخصص للمجلس الوطني، وآخر المكونات التي كانت تلبي دعواتنا وتأتي إلى المجلس الوطني هم ممثلو إعلان دمشق وقوى الثورة: المجلس الأعلى لقيادة الثورة ولجان التنسيق المحلية، وممثلو التنظيم الشعبي الحر الدكتور خالد الناصر، هذه الأطراف الأربعة هي التي بقيت مخلصة بوفاء للمجلس الوطني حتى النهاية، وحين لم نعد نتمكن من أداء حتى الأجرة المتواضعة للمقر تم إغلاق مقر المجلس الوطني بدءاً من عام 2016 لم يعد هناك وجود حقيقي فيزيائي للمجلس الوطني السوري.
بينما كانت الدول تبذل جهودها وممثليها من أجل تشكيل الائتلاف في الدوحة كانت أذرعها الأخرى وممثلوها الآخرون يعملون في أنطاليا لجمع ضباط منشقين وممثلي فصائل وجهات عسكرية لتشكيل مركز عسكري ومؤسسة عسكرية دون علم الائتلاف ودون إقامة أي صلة معه، فمنذ الوقت المبكر لنشوء الائتلاف بالإرادة الدولية كانت الإرادة الدولية بعدم تمكين هذا الائتلاف من أن يصبح الممثل الحقيقي للشعب ويقود الثورة، فبقيت البندقية وبقي السلاح خارج إطار الائتلاف، ويُبنى كل شيء بمعزل عن الائتلاف، وهذه القضية منذ اليوم الأول مع الأسف. وفي صباح اليوم التالي لتوقيعنا على نشوء الائتلاف، يدعونا الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء في قطر أن تتم مرافقته إلى القاهرة كي يقدمنا كقيادة للائتلاف إلى مجلس وزراء جامعة الدول العربية، وفعلًا خرجنا في الطائرة الخاصة للشيخ حمد، وكنت أنا والشيخ معاذ (الخطيب)، وكان الثالث معنا وزير خارجية تونس في ذلك الوقت، كنا أربعة في الطائرة، وكان الشيخ حمد قد بدأ يستشف ويتعرف على القيادة الجديدة للائتلاف، وكانت قطر والشيخ حمد بالذات قد تولوا هذه المهمة لإدخال الائتلاف كممثل لسورية في جامعة الدول العربية، وخاصة بعد تجميد عضويتها وحرمان النظام من حضور اجتماعاتها وهم مستفيدون من أنَّ قطر كانت في ذلك العام هي المسؤولة في جامعة الدول العربية، وفيما بعد نظمت مؤتمر القمة في عام 2013 في الدوحة، ووصلنا إلى القاهرة ومن القاهرة مباشرة إلى مقر جامعة الدول العربية، ومن هناك إلى مكتب نبيل العربي الأمين العام للجامعة، وريثما اكتمل الوزراء، وكان هناك ترحيب بنشوء الائتلاف وتهيئة لنا، ونحن كنا ذاهبين إلى ذلك المكان وراغبين بالحصول على الوعود، ولكن بصراحة لم يكن لدينا ثقة كبيرة في الحصول لها، وخاصة أنَّ وجوه وزراء الخارجية الآخرين واضحة لدينا من استقبالهم لنا ونظرتهم لنا: الجزائري واللبناني والعماني والسوداني وهناك عدد من وزراء الخارجية العرب كان واضحًا موقفهم أين هو، وفي القاعة دخلت أنا والشيخ معاذ وألقينا كل شخص كلمة داخل المجلس وشيء طبيعي أن نقدِّم موقفنا وحقوقنا كشعب، ونشرح لممثلي الدول العربية في مجلس الجامعة حقيقة الجرائم التي يستمر النظام في ارتكابها، وندعو جامعة الدول العربية أن تأخذ دورها خاصةً أنَّ سورية إحدى الدول الست التي أسست الجامعة العربية، وفشل مشروع الجامعة في عام 2011 الذي قاده الضابط [السوداني - الشاهد] الدابي (الفريق محمد الدابي) لا يعفي الجامعة من مسؤوليتها في سورية ونحن كسوريين بين احتمالين تدخل دولي أو عربي نحن نؤيد الدور العربي في ذلك، وخاصة أننا كنا نلمس حرارة الموقف القطري وحرارة الموقف السعودي الذي يقوده المرحوم سعود الفيصل.
في الجامعة العربية القرارات تؤخذ بالتوافق والإجماع فلا أحد يقول: لا، ولكن كانوا يمتعضون ويمررون الأشياء بسهولة.
كان الكلام فقط عن الحل السياسي، وكان قد مر مسعى الجامعة العربية في لقاء القاهرة وكان بإشرافهم، وفشلت المساعي التي قاموا بها في جنيف في إدخال شخصيات لإدخال أشخاص إلى المجلس، وكانوا يركزون على الحل السياسي، وكانوا سعداء أنَّ هناك هيئة جديدة لها رعاية دولية وراحة دولية.
في النظام الداخلي للائتلاف أُقِرّ مقر الائتلاف في القاهرة، وكانت رغبتنا بإصرارنا جميعاً بدون نقاش أن تكون القاهرة هي المقر لتحسسنا لدور القاهرة في الإطار العربي، ونريد للقضية السورية (قضيتنا) أن تكون في هذا المجال، وخاصة أن القاهرة مكان واسع فيها لاجئون سوريون كثيرون، وأملنا أن يوفر للائتلاف إقامة مهمة وفعالة فيه، فانتقل الائتلاف إلى هناك، وأخذ مقرًا رسميًا، واستأجر منازل للمتفرغين للرئيس ونواب الرئيس ليكونوا موجودين، ولكن الحقيقة باختصار لم تكن القاهرة كما أملنا ذلك بأن تلعب دورًا برعاية الائتلاف وبدفع القضية السورية أكثر فأكثر إلى الأمام فسريعًا تم انتقال مقر الائتلاف إلى إسطنبول.
من المناسبات الهامة التي حصلت في ذلك الوقت المبكر اجتماع أصدقاء الشعب السوري في مراكش، في 12 كانون الأول/ ديسمبر بعد حوالي شهر من نشوء الائتلاف، وجرى سريعًا انتقالنا إلى مراكش، وكان هناك حضور عربي ودولي كبير [حضره] أكثر من 118 دولة، وكان الأمل أن يصدر هذا المؤتمر قرار اعتراف بشرعية تمثيل الائتلاف للشعب السوري، وبالتالي هذا ما فيه من انتزاع لشرعية النظام في أي مكان والحضور فيه عالي المستوى، وكانت الخارجية المغربية فشعرنا بتعاطفها الكبير معنا وودها في استقبالنا ومساعدتنا هناك كأعضاء للائتلاف.
وفي ليلة الاجتماع قبل أن يتم الاجتماع كان هناك لقاء مع الوفد الأمريكي برئاسة معاون وزيرة الخارجية السيد ويليام بيرنز، ولأنَّه كانت وزيرة الخارجية مصابة بوعكة صحية فأتى الوفد الأمريكي برئاسة معاون الوزيرة، وكانت مفاجأتنا أنَّ ويليام بيرنز يقول: إن غدًا سيخرج من الإدارة الأمريكية قرار بتصنيف هيئة النصرة (جبهة النصرة) منظمة إرهابية، وكان حتى ذلك التاريخ بالكاد تُعرف جبهة النصرة وبرزت، وسألناه، وأنا شخصيًا توليت الحديث معه، وقلت له: لماذا هذا التصنيف؟ هل قامت النصرة بعمل إرهابي؟ فقال: لا، لم تقم بأي عمل إرهابي. فقلت: لماذا هذا التصنيف؟ فقال: لأنَّ أحد قادة النصرة له علاقة بالقاعدة وبأحد زعماء القاعدة في العراق. وقلت: يا سيادة الوزير، هذا التصنيف تقوم به الدول والأجهزة وبالنسبة لنا كشعب سوري الإرهابي هو الذي يتعرض السوريين لعمليات إرهابية على يده والآن تقول: النصرة لم تقم بعمل إرهابي لا تجاه السوريين ولا باتجاه أي موقع دولي أيضًا، وبالنسبة لنا ليست هذه طريقة تصنيف، ولن تكون مقبولة في الحقيقة قبل حوارنا بدون نقاش وبدون أي نوع من الضغوط، ولكن أعلمنا أنَّ هذا ما يمكن أن يكون موجودًا. الحقيقة أن كل الوفد كان متوافقًا على رفض هذا التصنيف؛ لأنَّ فعلاً النصرة (جبهة النصرة) في أول نشوئها وليس هناك أثر لعملياتها، وثانيًا- مكوناتها من المقاتلين الغالبية العظمى منهم من السوريين، وبالتالي أي تصنيف من جهة الائتلاف لها سيؤدي هناك إلى اشتباك سوري سوري، وهناك عدد من الإخوة والأشقاء بعضهم موجود في "النصرة" وبعضهم في الفصائل الأخرى، وكان هذا في الحقيقة رأي المجلس الوطني السوري الذي كان مازال في ذلك الوقت في فعاليته والائتلاف أيضًا.
المؤتمر في نتائجه لم يكن يلبي الطموحات والتوقعات عندنا، وصدر بيان فيه اللغة التقليدية وفيه ترحيب بالشعب السوري وحقوقه والدفاع عن نفسه، ولكن لم يكن أي تمتين للصيغة التمثيلية للائتلاف ليكون الممثل الشرعي للشعب السوري والذي يمكّنه من أن يحتل الموقع التمثيلي لسورية في كل المؤسسات العربية والدولية، فكان في الحقيقة هو استعراض كلامي لكنه كان ذروة اجتهاد هذه المجموعة التي نشأت باسم أصدقاء الشعب السوري والتي بدأت من ذلك الوقت تتراجع وتنوص (تنخفض) حتى أصبحت بضع دول تجتمع لترعى مصالحها في القضية السورية أكثر من أن تقدم ما يفيد الشعب السوري فعلًا.
في تلك الفترة نشأت فكرة داخل الائتلاف لتشكيل حكومة، وكان التباين واضحًا بين رأيين؛ الرأي الأول هو تشكيل حكومة، والرأي الثاني هو تشكيل سلطة تنفيذية؛ لأنه كان هناك تصور بأنَّ الحكومة بحاجة لمتطلبات غير متوفرة الآن، وليس هناك ضرورة أن نكبّر الطربوش (نوسّع المهام)، ولا نكون قادرين أن نعطيه استحقاقه ليؤهله للعمل كحكومة، أما كسلطة تنفيذية ممكن أن يتم ذلك، ولكن نجح في النهاية رأي تشكيل الحكومة. طبعًا في الائتلاف حين نشأ نشأ النظام الداخلي مرسومًا على قدر ما تريد قطر من مصطفى الصباغ، وهو كان مرسومًا له دور أمين عام في الوقت الذي يعرف فيه كل الناس في الدنيا أنَّ الأمين العام له موقع إداري، ولكن أعطي صلاحيات سياسية مثل الرئيس ونواب الرئيس، وأكثر من ذلك أُعطي السلطات المالية الأساسية عنده والقرار كان عنده، والدعم الذي أتى إلى الائتلاف كان الأمين العام وحده وبإرادته يتصرف به، وبهذا الشكل كان مصطفى الصباغ مسؤول المجالس المحلية، المجالس المحلية ممثلة للمجالس، وبعض الممثلين كان ممثلًا حقيقيًا انتدبته المجالس المحلية الثورية في الداخل وبعضهم جرى تكليفهم بشكل ما، ومع الزمن بدأت المجالس المحلية تطالب بتغيير الممثلين، ولكن الائتلاف لم يغيّر أحدًا، ونشأت شبكة علاقات خاصة بين هذه الأطراف أيضًا.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/07/26
الموضوع الرئیس
المجلس الوطني السوريالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضةكود الشهادة
SMI/OH/56-55/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
باريس
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2012 - 2016
updatedAt
2024/11/15
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
تنظيم القاعدة
جبهة النصرة
الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
وزارة الخارجية الأمريكية
وزارة الخارجية التركية
المجلس الوطني السوري
مجموعة أصدقاء الشعب السوري
جامعة الدول العربية / الجامعة العربية
المجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
لجان التنسيق المحلية في سوريا
وزارة الخارجية المغربية
الإدارة الأمريكية - عهد أوباما