الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

قصف القصر الجمهوري والنقطة الفاصلة في تاريخ داريا

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00;19;27;28

خرجنا من عيد الأضحى ببعض الأمل وتحسن الوضع، وكنت أتكلم كيف تنهض البلد خلال شهرين وهي خرجت من المجزرة ويوجد آلاف الضحايا بين شهداء وجرحى ومعتقلين، وكيف كان يوجد إمكانية لهذا الشيء! وأنا بصراحة أرى أنه تحد وقناعة بالثورة من القائمين عليها في المدينة. والذي حصل بعد عيد الأضحى من معارك وحصار كان غير محسوب، ومن شرق داريا بدأ إطلاق قذائف، وكل المشاكل والمجلس والأشياء التي تكلمنا عنها [أنها] حصلت بعد المجزرة في داريا ننساها الآن، وندخل في شيء آخر تمامًا، ويحصل قصف هاون على القصر الجمهوري من شرق داريا من البساتين، والذي قام بالقصف في وقتها هو لواء من درعا بالاشتراك مع مجموعة من داريا يُقال عنها "مجموعة جدي" (سميت كتيبة فيحاء الشام فيما بعد - المحرر) كان قائدها شخص كبير اسمه أبو مالك والملقب في البلد بـ "جدي"، وحصل تهويل إعلامي للموضوع وقصف على القصر الجمهوري، وفي وقتها أي كلمة في القصر الجمهوري كانت تعني الكثير، وخرجت إشاعة أنه انقطعت الكهرباء في القصر الجمهوري، والذين قصفوا بدأوا يقولون: إننا حققنا أهدافًا في القصر، ولم يبقى إلا أن يقولوا أصبنا أحدًا! وهنا يجب أن تسأل جميع أهل داريا عن قصف القصر، عن النتيجة من باب التندر وهم يقولون: قطعنا الكهرباء عن القصر الجمهوري لمدة ساعتين، وإلى الآن لم تأت الكهرباء إلى داريا، وكان من عواقب هذا الشيء المعركة الطويلة على مدينة داريا، عواقب إطلاق الصواريخ -ليست صواريخ بل قذائف- على القصر الجمهوري أنها بدأت معركة طويلة الأمد على مدينة داريا من قبل النظام.

جاءت مجموعة تابعة إلى لواءٍ هناك، أعتقد لواء أبابيل حوران، الذين تعاونوا مع مجموعة جدي، وكانت موجودة كتائب الصحابة ولا أستطيع أن أقول كتيبة سعد، [لأنه] في وقتها [كان] يوجد بعضهم، والذين أحضروا القذائف ومدفع الهاون لقصف [القصر] هم كتيبة الدرعاويين، ويمكنك أن تقول: هذه هي النقطة الفاصلة في تاريخ داريا.

أولًا: لم يكن أحد هناك يحسب ما الذي سيكون بعد؟ وبالعادة كانت تُطلق بعض القذائف على النظام ولا يوجد أي مشكلة ولكن أنت هنا تستهدف القصر من البساتين، وهذا الشيء أدى إلى حملة عسكرية كاملة على بساتين شرق داريا، وأنت خرجت من مجزرة، وتسمع بحشود عسكرية على داريا من جهة الشرق، وهنا فعليًا الخوف ذبح الناس بشكل غير طبيعي بحيث إنه فعليًا يوجد خوف من تكرار سيناريو المجزرة [الخوف] بشكل غير طبيعي، وهنا أنا أتكلم عن بداية شهر 11 أو نهاية شهر العاشر [2012] وكان يوجد خوف غير طبيعي من تكرار سيناريو المجزرة، وخاصة أنها توجد حشود أكبر، وبدأ النظام بحملة عسكرية واسعة دون مواجهة في المنطقة الشرقية في داريا والتي [كان] يوجد فيها، وفي داريا يوجد طرفان شرق وغرب، ومن الشرق أُطلقت الصواريخ. 

والنظام أحضر تعزيزات أكثر هذه المرة، ليست أكثر عددًا ولكن عدته كانت أكثر، وبدأ يداهم المنازل بيتًا بيتًا، وهناك يوجد الكثير من المنازل والكثير من البساتين، وبدأت تحصل مجازر جديدة على مستوى 10 أشخاص أو 5 أشخاص وحصلت الكثير من التصفيات لأشخاص في هذه الفترة خلال يومين أو 3، ونحن هنا أستطيع أن أقول: إننا كنا نستقبل الجرحى بشكل خفيف، ولكن على الرغم من الخوف إلا أنه لم يحصل تمدد للأمن والجيش اتجاه داخل داريا أو غرب داريا، يعني لم يأت من مناطق أخرى أبدًا، وهو جاء فقط من الشرق في هذه المنطقة وصولًا إلى الكورنيش القديم فقط -المنطقة التي خرجت منها الصواريخ- وبدأ القتل وحرق المنازل وتدميرها وتجريف المزارع وهذا خلال يومين أو 3 وتقدم باتجاه الكورنيش القديم لداريا، وهنا نصب حاجزين ووضع عليهما قناصات وبدأت [تستهدف الناس] وأصبح يوجد ضحايا من القناصات وأصبح قناصو النظام يقتلون الناس أثناء مشيهم، وأصبح ذلك الطريق شبه محظور للتجول، وتوجد حركة داخل داريا ولكنها خفيفة جدًا إلى درجة كبيرة، ويوجد خوف من مجزرة جديدة، وهذا الخوف من المجزرة الجديدة هو الذي جعل داريا بشكل عام تصمد هذه الفترة، يعني بعد ذلك سوف تبدأ معركة الحواجز، وبعد معركة الحواجز حصلت معارك، ولم يعد يوجد تقدم كبير للنظام، بحيث يذبح ويقتل، ونحن هنا في هذه الفترة كل خوفنا أن يحصل أي اشتباك بحيث النظام يقضي على الجيش الحر مثل المرة الماضية، ويكتسح الوضع ويدخل ويرتكب مجزرة ثانية لأن الأمر وارد وليس بعيدًا عن النظام، وخاصة أنه في هذه الفترة [قتل] أكثر من 50 شخصًا في هذه الاقتحامات وكان يقتل الناس داخل منازلهم وغالبهم مدنيون.

يوجد سكان ولكن لا أحد يخرج على النوافذ لأنها توجد قناصات وتقتل، وعلى أثر هذا الشيء بسبب القناصات أصبح يوجد قرار من الجيش الحر على [ضرورة] إزالة الحاجزين والقضاء عليهما، وهنا نحن كنا كمجموعات مثلًا النشطاء في الطبية التحقنا بالطبية، والعسكر التحق بالعسكر، وأنا في يومها أتذكر أنني كنت أسهر عند أحد أصدقائي -رحمه الله- إياد شرارة أبو سيد، كنت أنا ومالك شهاب، ونحن كمجموعة كاملة [التحقنا بالطبية]، والمجموعة العسكرية ذهبت إلى هذه المعركة، ولكن نحن كنا ككامل البلد غير راضين على مهاجمة الجيش الحر لجيش النظام، وحصل خلاف بيننا كشباب [مع] رفاقنا في المجموعة أنه لماذا حتى تذهبوا؟ ألا يكفيكم؟! وكان يوجد خوف منا كأشخاص، ويوجد خوف على أهل البلد، وستسبب لأهل البلد مجزرة ثانية، ولكن كانت نظرتهم لهذا الشيء أن هذين الحاجزين إذا تماديا أكثر سيقنصان أكثر، ونحن نزيلهما وننسحب ولا يحصل معارك، حتى نبين للنظام أننا لا نريد حواجز داخل المدينة، وهذه أول مرة النظام يُقِيم حواجز داخل مدينة داريا، حواجز ثابتة على هذه الطرقات، حاجز عند الفرن الآلي، وحاجز عند دوار الباسل، الذي سميناه [دوار] أبي صلاح، ويوجد عتاد كبير عليهما وعناصر كثر في هذين الحاجزين، ولم يكن يوجد رضًا نهائيًا أو يوجد رضًا واحد % من الجيش الحر الذين سيذهبون، وأذكر أنني لم أكن راضيًا عن الموضوع وفي وقتها حصل خلاف كبير بيننا وبين الشباب، وسبحان الله هو خوف شخصي، وخوف [لأنه] لا توجد موارد كثيرة، وأنا في النهاية كنت قد التحقت بالموضوع الطبي وسنرى ماذا سيحصل، وستبدأ المعارك ونحن لا يوجد عندنا تخيل ماذا سيكون بعد ساعة أبدًا ولكن يوجد عندنا الطبية مثل العادة [ستذهب] إلى المدرسة التجارية، ووقفنا أمامها بحيث إذا جاءنا جريح [نسعفه].

ذهبت إلى المنزل، [وقلت لأهلي:] هل تريدين شيئًا يا والدتي؟ هل تريد شيئًا يا والدي؟ [فقالا] ماذا سيحصل؟ [فقلت:] سوف يحصل كذا وكذا، وخافا كثيرًا لأنها معركة وهذا يعني سيتم القضاء على الجيش الحر وهذا يعني مجزرة ولا يوجد خيار آخر عند الأهالي، وخرجت من المنزل وأنا لا أعلم إن كان هذا الخروج سوف يكون الأخير، و[أنني] آخر مرة سوف أرى أهلي، وربما آخر مرة أرى والدتي، وآخر مرة أرى بعض إخوتي وأختي والشباب الكثيرين ورأيتهم وأذكر أني رأيتهم بعدها، ولكن [هذا] كان آخر حوار بيني وبين أبي وأمي، وأتذكر الموقف [تمامًا].

 أنا كنت بعد المجزرة أذهب إلى ناد لأجل اللعب وعدت من النادي إليهم، وأخذت بعض البسكويت من المحل وذهبت إلى أبي سيد وكنا خائفين، [وتساءلنا] أنا وأبو سيد ومالك: لماذا يفعل ذلك الجيش الحر؟ وعدت إلى أهلي [وقلت لهم:] هل تريدون شيئًا؟ وأذكر [أنني وجدت] بعض إخوتي كانت آخر مرة أراهم [فيها] وأختي ذهبت إليها وودعتها وأنا لا أعرف لماذا كنت أودعهم! وأنا كان يجب أن أرى أختي كل يوم، وأنا كنت أنادي أختي: ماما الصغيرة، أختي [هي] الكبيرة [بيننا] وأنا لا أتخيل أن هذا هو آخر لقاء يجمعني مع أهلي، وأمي تطعمني وتقول لي: اذهب، وأنا في النهار كان عندي أصدقائي الشباب وتغدينا سوية، شباب مجموعتنا -[مجموعة] الطبية- وطبخت أمي "حراق بإصبعو" وأكلنا وخرجنا، وحصل مزاح وكلام [بيننا] وأنا لا يوجد عندي تخيل [ماذا سيحصل] وأن غدًا يمكنني أن أعود [لبيتي] ولكن فعليًا كان آخر يوم [أنام] على فرشتي وعلى سريري. 

ذهبنا وسمعنا أصوات إطلاق النار في الليل، وجاءنا أول جريح، ونحن لا نعرف ماذا يحصل، وهنا كان يوجد تكتم كبير على أماكن الطبية بشكل فظيع لأن المرة الماضية في المجزرة كل شيء [له علاقة بالـ] طبية لاحقوه، وكان يوجد تكتم كبير على مواضيع الأمور الطبية، ونحن نُحضِر الجريح ويستلمه شاب ثان، ونأخذه إلى مكان للطبابة، ويراه الطبيب  وفقط ولن يحصل تكرار لسيناريو المجزرة، وجهزنا أنفسنا بحيث إننا لا نتخبط كما حصل في المجزرة، [فوزعنا المهام] أنه يا شباب أنت تفعل كذا وكذا، وكنا ننتظر، وكان معنا الدكتور أبو محمود والشباب، وأنا في وقتها عدت إلى صديقي اسمه زيد -رحمه الله- استُشهد [وهو كان] أحد الإعلاميين الكبار في داريا، ذهبت إليه ونمت [عنده] وكان يوجد مجموعة شباب من الطبية موجودين هناك بحيث إذا حصل أي طارئ فإن مجموعة الطبية موجودة هنا عند زيد، وهو كان إعلاميًا ولكن أخاه كان معنا في الطبية.

الاشتباكات كانت تكثر واستيقظنا في الصباح على انتهاء الحاجزين طبعًا بصدمة كبيرة، وأنا أتذكر الحادث في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر أو 13 نوفمبر، وأعتقد تم ضرب الحاجزين بتاريخ 8 نوفمبر وتم مسح الحاجزين بحيث لم يخرج منهما أحد أبدًا، وأنا أتذكر سيارة ممتلئة بجثث العساكر وعربة البي أم بي المحترقة، وكان صباحًا مفعمًا [بالأمل] وأنا نسيت كيف كنت البارحة، ورأينا الجيش الحر ورأينا الكثير من الجثث وعربات بي أم بي محروقة، وأماكن الحاجزين تمت إزالتهما [منها] وهنا أستطيع أن أقول بدأت معركة داريا. وأذكر بين ضرب الحواجز وأول هجوم للنظام 5 أيام، وأنا كنت مشغولًا في الطبية بالجرحى ومستنفرين والبلد محررة، ولا يوجد فيها أي شكل من أشكال النظام، ولا يوجد فيها قصف ولا يوجد فيها تعامل مع الحالة أبدًا، وكان النظام يستعد، ولا يوجد تعامل من قبل النظام باتجاه داريا أبدًا خلال 5 أيام، ولكن خلال هذه الأيام الـ 5 حصلت مفاوضات لتسليم المدينة، وتصدر المفاوضات أشخاص كثيرون، أنا أذكر يوجد فيهم عسكريون وأطباء، ولكن في وقتها دخل قائد شرطة دمشق (قائد شرطة محافظ ريف دمشق اللواء عبد الرزاق المطلق - المحرر) واجتمعوا في المخفر معه، ويوجد أحد الأشخاص يقول لهم -قائد شرطة دمشق-: هكذا سوف يحصل، وإذا لم تسلموا المدينة سوف تحصل معركة كبيرة جدًا، وأحد الأشخاص اسمه أبو سامر قال كلمته الشهيرة لدى أهل داريا، وهو حتى الآن يتم شتمه بسببها، قال له: فلتكن المعركة، عندكم جيش وعندنا جيش. وأنا لا أعرف ما هو التخيل الذي عنده! وهذه الجملة يعرفها أي شخص من داريا، ويعرف هذا الشخص بالذات أنها لها ما بعدها.

خرج قائد شرطة دمشق من هنا، ولم يصل إلى أطراف المدينة [إلا] وأول راجمة تنزل على مدينة داريا، وفي البداية لم نستوعب ما هي لأن الصواريخ كانت تنفجر وراء بعضها، وأنا أذكر كنت موجودًا عند زيد في الليل وسقطت أول راجمة في شارع الوحدة، وبدأ الرعب الحقيقي، وهنا أستطيع أن أقول: إنني ذهبت إلى أهلي، قلت لهم: اخرجوا من البلد لأنها توجد حرب وتوجد معركة كبيرة. وأذكر أنه في اليوم الثاني من هذه الراجمة في النهار لأول مرة تخرج الميغ وتقصف في داريا، وقصفت في وقتها في الشاميات وأماكن عديدة، وكانت مرعبة جدًا والحالة مخيفة إلى درجة تفوق الوصف لأنه لأول مرة تخرج الميغ، وهي خرجت كثيرًا في الغوطة الشرقية وإدلب وأماكن أخرى، ولكن عندنا هذه أول مرة تخرج الميغ وهنا أنا أصبحت توجد بداية لمعركة جديدة وحالة جديدة ووضع جديد كليًا، ونحن إلى الآن لا نعرف إلى أين نحن ذاهبون؟

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/01/07

الموضوع الرئیس

التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسدالحراك في داريا

كود الشهادة

SMI/OH/103-23/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

10-11-12/2012

updatedAt

2024/04/25

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

الجيش السوري الحر

الجيش السوري الحر

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

القصر الجمهوري- قصر الشعب

القصر الجمهوري- قصر الشعب

كتيبة فيحاء الشام

كتيبة فيحاء الشام

الشهادات المرتبطة