الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تفرّد القصر الجمهوري في صناعة القرار وإحكام القبضة الأمنية على المؤسسات الدينية

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:25:44:17

هناك حديث مهم جدًا هو عن صانع القرار في سورية منذ استلم حافظ الأسد الحكم في سورية، وقد يظن البعض أن الوزارات في سورية لها يد بصناعة أي قرار أو اتخاذ قرارات مصيرية ربما أفياء أخرى تقول: لا المخابرات هي التي تأخذ القرار في سورية، وأنا لدي أدلة وشواهد أقدمها وسأكتفي بشاهدين تدل على أن صانع القرار الوحيد والأوحد في سورية هو القصر الجمهوري ولا أحد غيره، ودائمًا في القصر الجمهوري عندهم مكتب تربية مكتب تعليم عال مكتب صحي، مكتب فيه أشخاص يأتمرون بأمر حافظ الأسد ويُنفذون هذه الأمور، ويُدير هذه المؤسسة العميقة التي تأتمر بأمر حافظ الأسد أبو سليم دعبول الشخص المعروف محمد سليم دعبول وهو من مدينة دير عطية، طبعًا الدليل سأذكره، الدليل الأول: بعدما مات حافظ الأسد واستلم بشار كلنا نذكر أنه شكل حكومة على أساس أن هذه الحكومة فيها أمل وخير كبير من ورائها، وأذكر أن الحكومة استلمها محمد مصطفى ميرو وكان من ضمن وزراء هذه الحكومة الدكتور- أظن توفي رحمه الله - محمد العمادي، وكان أيضًا دكتور آخر من بيت الزعيم أوتي به من أمريكا، فهم أشخاص كان بعض الأشخاص متميزين حتى يُؤدوا أداء حكوميًا جيدًا يُحسن مستوى المعيشة للمواطن، في إحدى المرات لقاء مفتوح على التلفزيون وتسأل ما تُريد؟ واللقاء كان مختصرًا ومسلوقًا(لم يأخذ حقه) ولا فائدة منه بالعكس فضح أمورًا ما كانت لتُقال فيما سبق، فاتضح أن الشخص كما أذكر من الطائفة العلوية، ربما يكون من المخابرات، فتهجم عليهم أنتم والوزراء، فمحمد العمادي له تاريخ كبير كان في الكويت وله سمعة كبيرة الرجل، فأذكر أنه قال بالحرف الواحد حين تهجموا عليه والأمر على الهواء مباشرة ولا يوجد مجال لتعديل الكلام، قال له: نحن الوزراء أدوات ليس بأيدنا شيء، نحن أدوات، وهذا يعني أن الأمر يأتي من القصر الجمهوري، طبعًا القصر الجمهوري يرسم له الصورة من المخابرات وحافظ الأسد من خبثه ومن دهائه ما كان عنده تسلسل تحته مثلًا فلان ثم فلان مثلًا: رئيس فرع المخابرات الفلاني يرتبط مباشرة بحافظ الأسد رئيس فرع المخابرات الفلانية ربما يكون في بعض الأحيان ملتقى لهم علي دوبا، لكن أحيانًا أشياء بطرق خاصة لحافظ الأسد ترسم له الصورة وكيف الوضع موجود كيف الصورة موجودة في البلد وتُتخذ القرارات الهامة والمصيرية من القصر الجمهوري وتُنفذ وعذرًا من الكلمة بالصرماية(بالإكراه) والوزارات ليس لها في اتخاذ القرارات المصيرية.

 سأذكر مثالًا هذا مما رأيته وشاهدته وعاينته وحضرته يوم مات باسل الأسد كنت طالبًا في الجامعة وكنت في معسكر التدريب الجامعي في الضمير في الصيف، وقد انتهت الامتحانات والطلاب كانوا إما حاملًا لمواد أو هو راسب، ومن أساليب المخابرات باستمزاج آراء الناس نشر الإشاعات، فانتشرت إشاعة قوية جدًا بأن هناك دورة استثنائية لحاملي المواد وحتى للراسبين دورة - ومعروف الجامعة في سورية نظام الجامعة أيام ما كنت أدرس أنا لا أعرف الآن النظام كيف – أن هناك دورة أولى ودورة ثانية وأُشيع بأن هنالك دورة استثنائية وشاع الخبر، ونحن عدد كبير من الطلاب كنا في معسكر التدريب الجامعي في الضمير 4500 طالب خبر كل الناس تحكي فيه إشاعة قوية، فجاء في يوم من الأيام في لقاء سياسي جاء عليه على ما أذكر الدكتور عبد الغني ماء البارد أذكر الاسم إذا ما خانتني الذاكرة كان رئيس جامعة دمشق بلقاء سياسي مع الطلاب، رئيس جامعة دمشق مفروض أن أي شيء إذا فعلًا القرارات تُتخذ عن طريق وزارة التعليم العالي فرئيس جامعة دمشق التي هي أكبر الجامعات وأعرق الجامعات في سورية والأساس هي جامعة دمشق وتأتي بعدها بقية الجامعات، فالمفروض أنه يعرف هذا الموضوع فبعد أن انتهى من كلامه السياسي وما إلى هنالك والصمود والتصدي والقصص، جاءته أسئلة كثيرة من الطلاب، قال أنا وصار يضحك، عدد غير طبيعي أمامه وكل الأسئلة تسأل نفس السؤال: هل هنالك دورة استثنائية؟ والله لا أعرف، أنتم الطلاب من أين لكم هذا الكلام؟ وصار يضحك، ضحك باستهزاء، وأن هذا الكلام لا أساس له من الصحة وضحك باستهزاء شديد وهذا الكلام لا وجود له نهائيًا وهذا في اليوم الخامس أو السادس لا أذكر المعسكر فقد كان ثلاثة عشر أو أربعة عشر يوم، وبعد يعني أقل من أربع أو خمس أيام ونحن في الاجتماع الصباحي اتضح أن رئيس المعسكر عميد فيقول لنا: اليوم صدر مرسوم جمهوري من السيد الرئيس حافظ الأسد مكرمة بمنح الطلاب الحاملين للمواد والراسبين دورة استثنائية موعدها كذا وكذا، فهذا الكلام يدلك بشكل قاطع ولا مجال للنقاش فيه أبدًا أبدًا أن رئيس الجامعة أو وزير التعليم العالي ليس لهم علاقة بالموضوع أو حتى أُطلعوا أو أنهم اقترحوا، إنما هو اقتراح من المخابرات رسم صورة من المخابرات وقرار يأتي من القصر الجمهوري ولا شيء غير ذلك، فصانع القرار في سورية الأوحد هو حافظ الأسد ولا أحد غيره، وليس عندنا في سورية شيء اسمه وزارات أو شيء اسمه رأي، فلذلك سورية وما فيها من الكفاءة وكان وزيرًا في ظل هذا الحكم لن تجدي نفعًا.

 كثير مثلًا بعد أن خرجنا من سورية نسمع مثلًا الهجوم بسبب الكهرباء على عماد خميس ربما يُغيرونه وهذا الشخص ليس بيده شيء، فأنا أضحك كثيرًا عندما أسمع كلامًا يقول الموالون الذين يعيشون بحكم النظام يشنون هجومًا بكل غباء على الوزراء وعلى المسؤولين، وهل الوزراء والمسؤولون بيدهم شيء؟ وهل تعتقد أن الوزير والمسؤول له علاقة بشيء؟ الأمور كلها من عند حافظ الأسد ومن عند بشار الأسد ومن عند الحاكمين في القصر الجمهوري.

وبعد الثورة اختلفت الأمور كثيرًا صارت إيران لها يد بالقرار، وصار لروسيا يد بالقرار، وأنا أوضحت بما لا يدع مجالًا للشك أيام حافظ الأسد بدليلين قاطعين، واحد شاهدته بعيني وأمامي بشكل حي ومباشر وهو رئيس الجامعة وشخص آخر سمعته على التلفزيون وهو الدكتور العمادي على ما أعتقد تُوفي، وهذا فيما يتعلق بالقرار في سورية.

 وحافظ الأسد منذ استلم أو كان يُمهد لاستلامه، طبعًا هو فرض نفسه بالقوة منذ حزب البعث فرض نفسه بانقلاب، ولم تكن ثورة هي انقلاب على الحكومة التي كانت موجودة بعد الوحدة بين سورية ومصر، ومن المثالب التي يعرفها القاصي والداني من مثالب عبد الناصر الكثيرة أنه رسخ الحكم الأمني في سورية والتقارير الكيدية في سورية، فبمجرد أنك تُخالفني أكتب فيك تقريرًا وهذا الكلام ربما الجيل الحالي لا يعرفه، لكن التقرير الكيدي كان يذهب فيه ناس لسنوات طوال بتقرير كيدي ليس له أي معنى، فرسخ موضوع الحكم الأمني؛ لأن شعبًا مثل الشعب السوري شعب حي شعب مفكر ولا أمدح نفسي، ونحن السوريون لا يمكن لا يمكن حكمه لا يمكن حكمه إلا بهذه الطريقة بالأخذ والعطاء لن تحكم هذا الشعب يظل يعمل انقلابات ويخرج في مظاهرات ويُعبر عن رأيه، نحن شعب مثلما الأتراك يقولون عنا: شعب كثير غلبة(يقدم أكثر مما طُلب منه)، وأي عمل نعمله نُبدي رأينا فيه وبأمور أخرى هذه طبيعتنا ليس مدحًا الله عز وجل خلقنا هكذا، فلا يمكن حكم هذا الشعب إلا بالإرهاب، حسنًا حافظ الأسد سيرهبنا واستلمنا، مثلًا إذا عندك شاة أو إنسان ضعيف وأنت تدعس عليه تضغط عليه ربما كي لا تضغط عليه تصير تُهدئه قليلًا، فهذا الشعب لا بد أن تهدئه لا بد أن تهدئ نفسيته، فكيف سنهدئ نفسيته؟ الشعب السوري شعب متدين بطبيعته ويسمع كلام المشايخ وسورية من ناحية العلم الشرعي لها مكانتها في الدول الإسلامية مكانة كبيرة جدًا، سورية ومصر من الدول المقصودة لتحصيل العلوم الشرعية وفيها كمية كبيرة جدًا من العلماء.

 وهنا حديث مهم جدًا عن المؤسسة الدينية وكيف حافظ الأسد سيستمد منها جزءًا من شرعيته، لأنه لا يمكن أن أظل أضغط على هذا الشعب ويجب أن أُروضه حتى لا أُتعب نفسي بالضغط عليه، فكيف لهذه المؤسسة الدينية أن أُروضها؟ ومن عنده عنف وغير قابل للنقاش أبدًا قضيت عليه في الثمانينات سجناً وقتلًا وتهجيرًا، وفي سجن تدمر مع احترامي لكل أصحاب المصالح لم يكن فيه الناس العاديون، كان هناك أناس مثقفون وعلى درجة عالية من الثقافة من كبار مشايخ سورية كانوا في السجن وكبار الأطباء والمهندسين، وإذا تكلمنا عن الجماعة المتدينين كلهم كانوا أصحاب شهادات عليا، أو حتى اليساريين حتى لا نظلم أحدًا، كلهم كانوا متمرسين وجلّهم على درجة عالية جدًا من الثقافة ومن التعليم، وهؤلاء تخلص منهم حافظ الأسد، طبعًا الكلام لا يعني أنه تخلص منهم والتفت لآخر لا الخطوات كانت مع بعضها من البداية بدأ يستمد شرعيته من جهة دينية عندها قابلية أن تنبطح، وسنكون صريحين لا مجال للمواربة بالشهادات، فئة دينية كانت هي التي تُعطي حافظ الأسد الشرعية في الكلام والمفتي، ونقطة مهمة نحن لسنا تكفيريين لا سمح الله ، ولكن الطائفة العلوية عندها مشكلة مع معتقدات الإسلام الحقيقية عندهم مشكلة، فأنت تقول: إن هذا القائد المؤمن المسلم حتى تُشرعن حكمه لـ 85% من السكان المسلمين فأنت جعلته مسلمًا مثله مثلهم مع أن عنده معتقدات تُخالف عقيدتهم تمامًا، ولن أقول غير هذا الكلام: عنده معتقدات تُخالف عقيدتهم لتعمل من عقيدته مثل عقيدتهم يعني شرعنت وجوده تمامًا.

 هذه المؤسسات كانت معروفة في دمشق وموجودة وتفعل ما يحلو لها وهم مرفهون من كل النواحي المادية وعندهم الحرية أن يتكلموا بما يُريدون ويفعلون ما يشاؤون، وحتى صار منهم أعضاء في مجلس الشعب، ولا داعي لذكر أسمائهم معروفة هذه الأسماء.

 صار منهم أعضاء دائمون بكل دورات مجلس الشعب، ومنهم أعضاء يُقدمون البرامج الدينية ويتصدرون كل شيء، وأنا لا أنفي التدين عنهم، ولكن هم سمحوا لأنفسهم بطريقة ما أن يُشرعنوا وجود حافظ الأسد، هل هو رياء ونفاق وخيانة للأمانة؟ هل هو فتوى؟ الله أعلم، وأنا أتكلم عن الواقع الموجود، فالمؤسسة الدينية التي كانت بارزة في سورية هي المؤسسة التي تُشرعن وجود حافظ الأسد وتُشرعن أن هذا هو القائد وتمدحه، وهذه المؤسسة كان منها علماء و أهل علم وأهل فهم وأهل فقه، ونحن الشعب السوري يعتبر حتى المنشد حتى الذي يغسل الموتى يُعتبرهم كلهم أشخاص لهم علاقة بالمؤسسة الدينية، فالمنشد الذي يُنشد في الجامع الأموي ربما يذكر هذا الكلام من هم في جيلي المنشد العام في الجامع الأموي يمدح النبي صلى الله عليه وسلم يطلع فإذا بشخص على جانبه يقول: "الله يطولنا بعمر الرئيس حافظ الأسد". دائمًا هذه العبارة نسمعها في صلاة الجمعة في المولد النبوي في قصيدة مدح لحافظ الأسد بكل شيء، فالمنشد يُشرعن وجوده، وكل هؤلاء الأشخاص سواء كانوا من الطبقة البسيطة منشد ليس لديه شيء من العلم، ولكن يُشرعن وجود حافظ الأسد والعالم يُشرعن وجود حافظ الأسد، والمؤسسات الدينية كلها تسبح بحمد حافظ الأسد وتُشرعن وجوده والتي هي تابعة للنظام والتي صار منها مقدمو برامج دينية ومنهم أعضاء في مجلس الشعب، كان لهم كلمة نافذة عند ضباط المخابرات، وكلمته لا تصير اثنتين(بعني مسموعة ونافذة) يفعل ما يُريد يفعل ما يشاء.

 هذا الكلام كانت هذه الطبقة هي المسيطرة، وهناك طبقة ثانية تُريد أن تعمل ولم تخرج خارج سورية لكنها كانت ممحوقة في الثمانينات ما كانوا يتجرؤون أن يتكلموا أبدًا.

 على فكرة أنا أذكر تمامًا قسمًا من أساتذتنا كانوا في الثمانينات من أهل الاختصاص الشرعي ما كان يتجرأ ليطلق لحيته، أُبعد عن العمل التعليمي تمامًا، مثلًا أحد الأساتذة أخذوه من المدرسة ووضعوه بمعمل سجاد، وأستاذ آخر أخذوه من المدرسة ووضعوه في النفوس، أبعدوهم تمامًا عن التأثير على عقول الطلاب أو ممنوعون تمامًا من الخطابة ومن إعطاء الدروس، وكل هذه الأشياء ممنوعون منعًا باتًا منها.

 وفي التسعينات صار نوع من الانفراج، وتحدثنا عن القسم الثالث الذي أُبعد وهُجر وعن القسم الأول المُروض ويُشرعن، والقسم الثاني غير الكامن تمامًا صار متنفسًا لهم في التسعينات.

 أذكر في 1992 مثلًا: صار ظهور للدكتور البوطي وسيكون لنا حديث خاص عن الدكتور البوطي بعد قليل، صار ظهور له، وصار أي شخص يُدرس ويُعطي الدروس ولكن المهم أن تظل بعيدًا عن أمور رموز النظام سواء الأساسية أو الصف الثاني، فقط تتكلم في الأمور الشرعية وبما يُماشي أهواء الدولة.

  وأُحدث معاهد تحفيظ القرآن معاهد الأسد لتحفيظ القرآن وكل هذه الأشياء، وفُتح الباب للعمل الشرعي ولكن بضوابط، وكان هناك مؤسسات كثيرة ومن رجال العلم الصادقين عملوا لأنهم ارتأوا على مبدأ المثل العربي القائل: من عرف رأس ماله باع واشترى. ونحن لم يكن لدينا مجال غير هذا لنشتغل فيه، فاشتغلوا وظهر دعاة كثر في هذا الوقت كلهم يتكلمون، ولا أحد يؤذيهم وهم بنفس الوقت لا يقتربون على شيء اسمه سياسة نهائيًا، والبعض أنكر عليهم، ولكن النظام بخبثه أعطاهم المجال.

مثلًا: الدكتور البوطي كان يُعطي الدراسات القرآنية ومحاضراته ملأت الدنيا، وصار يظهر طبعًا هو في الأساس يظهر لكن صار التسليط الإعلامي الكبير عليه، كان له دور - ونحن نتكلم شهادة - بخروج عدد كبير من المعتقلين من السجون قبل موت باسل الأسد، وله دور بعودة بعض المبعدين الذين ليس لديهم انتماء للإخوان أو ما شابه ذلك وعودتهم من الغربة، عاد بعض الدكاترة بعض الأساتذة بعض المشايخ رجعوا من الخارج واشتغلوا في سورية في مجال الدعوة، وفُرجت الأمور من هذه الناحية لكن لا أحد يقترب يعني لا داعي أن أُنبهك أنت لوحدك تروضت ألا تقترب من النظام.

 كان له كلمة عند حافظ الأسد وليس عند المخابرات، الدكتور البوطي بشهادة أناس كثر، ولن أستطرد بالحديث عنه، فهؤلاء الدعاة رجعوا وعملوا بميدان الدعوة، وصارت مؤسسة زيد كان الشيخ أسامة الرفاعي والشيخ سارية وعملوا إنجازات وتحفيظ قرآن ودروس فقه وعملًا دعويًا على نطاق واسع جدًا، وهؤلاء الأشخاص غير مرضي عنهم مسموح لهم بالعمل، والنظام يُريد أن يُخفف، والشعب تربى، مثلًا إذا قام واحد اعترض، نقول له: ما هو الشيء الذي لا يُعجبك في سورية؟ تُريد أن تصلي هذه الجوامع مفتوحة ولن يمنعك أحد، أنت متشدد إذًا، هل تُريد الذهاب على البار؟ البار مفتوح واذهب أينما شئت؟ لماذا تعترض؟ ألا يُعجلك الرئيس وهو يُصلي الجمعة؟ وهذه الجوامع، لكن لا تقترب من السياسة.

  أنا كنت لاحقًا خطيب جمعة، وهناك شيء لا يعلمه العامة وهو علاقة من يعمل بمجال الدعوة بالنظام، والنظام صحيح أنه افعل ما تُريد ولكن بأعيننا ليلًا نهارًا، مثلًا أنت نزلت من خطبة الجمعة يأتيك اتصال مباشرة قبل وبعد من أمن الدولة والأمن العسكري والأمن السياسي وشعبة الحزب يسألونك عن موضوع خطبة الجمعة قولًا واحدًا هذا كل أسبوع لا مقطوعة ولا ممنوعة عدا عن أن هناك شخصًا أو شخصين أو ثلاثة جالسون في خطبة الجمعة يسجلون لك ما تحكيه.

 وبعد فترة صار لك جمهور وحضور فيخترعون سببًا - إن شاء الله أقول الحق ولا شيء غيره – ليُحضروك، حسنًا أنا لماذا طلبتموني؟ فيقولون: أنت يجب ٦ن تراجعنا كل فترة، أنت عملت كذا وكذا، ويمنّون عليك أنهم تركوك ويراعونك.

 في إحدى المرات كنت أخطب الجمعة فكانت الدنيا صيف(في فصل الصيف) وكانت مواسم قطف الثمار وعندنا قطف الكرز موسم كبير جدًا، وهو مصدر دخل أساسي لمعظم أهل البلد ويدر الملايين، فأحد الإخوة إنسان بسيط ودرويش كثير(ساذج) فطبع أوراقًا عليها أحاديث تُشجع على الزكاة، لا أعرف من أين حصل عليها ربما من "النت"، مجموعة أوراق 40-30 ورقة، وقف على باب الجامع، وصار يقول: أنت عندك كرز خُذ أنت عندك كرز ليُشجع الناس ليدفعوا للفقراء وللمساكين، أنا كخطيب جمعة أنهينا الصلاة وبعد الصلاة على المذهب الشافعي صلينا صلاة الظهر وحتى تُسلم على الناس، وأنا لا أخرج حتى تنتهي الصلاة من المسجد، فخرجت كان هذا الكلام كله منتهيًا منذ زمن، وأنا ليس لدي خبر فيه، فيأتيني استدعاء بعد فترة وهذا واحد من عشرات الاستدعاءات التي بلا طعمة (ليس لها مبرر)، راجعنا، حيث تُراجع ولمدة ثلاثة أيام  شعبة الأمن السياسي في المزة ثلاثة أيام من الصباح ولا أرجع حتى العصر، وآخر شيء أنت هذا الموضوع توزعت هذه المنشورات وأنا أعلم حسنًا أنا ليست لي علاقة، توزعت على باب الجامع عندك، وكل واحد يُسمعك كلمة، ثم وصلت لعند رئيس القسم وهو العقيد مناف إسماعيل هكذا الاسم المهم شخص كثير يعني جنتل (محترم) ما شاء الله، وصلت لعنده، قلت له: "معقول معطليني عن مدرستي وعن شغلي ثلاثة أيام تأخذوني وتجيبوني!" قال: تفضل اجلس، وطلب لي كأس شاي، أول الأمر عندما قلت هذا الكلام، قال لي: أنت مجبر أن تُراجعنا، قلت له: ما السبب؟ وأنا ما علاقتي بهذا الموضوع؟ وإذا راجعتنا! كانت الساعة 12:00 الظهر، فجاء العسكري والشاي معه، فأعاده، كي تعرف أنت دائمًا وأنت محكوم منا وليس بكيفك(بحسب ما ترغب به) ونحكي معك الكلمتين الحلوين(الجميلتين) كمجاملة أما أنت فمحكوم بأمرنا، انتظر في الخارج كي أُنهي موضوعك. الظاهر أنه مناوب يومها، وجعلني أنتظر حتى الساعة الخامسة عصرًا، وبكل لؤم قال لي: أستاذ أما زلت هنا؟ فأنا لم أتكلم، فالرقيب سني وسنتكلم بهذه المصطلحات غصبًا، الرقيب قال لي همسًا وقال لي: والله العظيم ليس لي علاقة، ويقول لك: هم تركوك هنا، لا هو الذي تركك، قلت له: أعلم، وبمنية أنهى لي أموري على أساس أنني قمت بجريمة.

 دائمًا هكذا كانت الاستدعاءات لأن الأمن العسكري لفرع المنطقة ونحن نحفظ الأفرع خطباء الجوامع والمدرسين، لديك استدعاء إلى أين على كفر سوسة على المزة على الفيحاء، أحفظ الأفرع، وتعرف كيف طريقة التعامل معك، ولا يخلو الأمر في بعض الأحيان من طريقة يختبرونك بها لتكون مخبرًا بالنسبة لهم، مثلًا يسألك أسئلة، قلت له: أنا والله لا علاقة لي بهذا الموضوع، اسألني عن خطبة الجمعة على رأسي(أجيبك حالًا) أما غير ذلك أنا ليس لدي جواب، فيعاملك بلؤم ويظهر هذا اللؤم بمواقف أخرى دائمًا هناك ضغوط علمًا بأنني لا أتحدث بالأمور السياسية نهائيًا لا الخاصة ولا العامة، كان حديثي كله اجتماعيًا.

 لكن الضغط على هذه الفئة التي تعمل، وأنا تكلمت عن الصنف الثاني الذي يعمل ضمن النظام فذكرت هذه الأمثلة، أنت لديك دورة في القرآن نستدعيك مرة واثنتين وثلاثة وعشرة سنجعلك تكره حياتك، وسنظل نستدعيك، ونحن نعلم ماذا تفعل وستعمل احتفالًا في الجامع يجب أن نعرف، وكل شيء يجب أن نعرفه عنك، ومنه من باب المعرفة وهم يعرفون لأن لديهم مخبرين، لكن ليُشعروك بأنهم موجودون.

 كان هناك ضغط أمني كبير يجعل من يعمل، ولسنا على مستوى إيماني مثل الصحابة ومثل الأنبياء نحن بشر نظل نعمل بمجال الدعوة ولو نُعلم الناس الإيمان بالله عز وجل وعدم الخوف إلا من الله عز وجل، نحن نخاف من الكثير من الأشياء نُحذر الناس من الخوف منها، فدائمًا عندك خوف في الحقيقة من الأمن بشكل دائم خوف من الأمن وهذه باختصار أعتقد تكلمت باختصار عن المؤسسات الدينية في سورية في ثلاثة تصنيفات.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/02/01

الموضوع الرئیس

أوضاع ما قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/113-07/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

أوضاع ما قبل الثورة

updatedAt

2024/09/25

المنطقة الجغرافية

عموم سورية-عموم سورية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

إدارة المخابرات العامة / أمن الدولة

إدارة المخابرات العامة / أمن الدولة

جامعة دمشق

جامعة دمشق

القصر الجمهوري- قصر الشعب

القصر الجمهوري- قصر الشعب

فرع الأمن العسكري في دمشق / فرع المنطقة 227

فرع الأمن العسكري في دمشق / فرع المنطقة 227

الأمن السياسي في دمشق- مكرر

الأمن السياسي في دمشق- مكرر

الشهادات المرتبطة