ما قبل مجزرة داريا الكبرى.. انسحاب الجيش الحر وحالة الرعب
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:20:59:02
الاسم الكامل: محمد دباس من مدينة داريا مواليد 25 شباط/ فبراير 1996، ومدينة داريا هي مدينة من الريف الدمشقي، و[أنا] ترعرعت فيها، وبداية الثورة حتى عام 2011 كنت طالبًا في البكالوريا في الثانوية العامة، وبعد ذلك بدأت الثورة فانقطعنا عن الدراسة والتحقنا بصفوف الثورة، وحاليًّا بعد التهجير خرجنا إلى إدلب ومن إدلب إلى تركيا، وتابعت الدراسة، فدرست اليوس (امتحان القبول الجامعي) واللغة الإنجليزية، ومن ثم تابعت الدراسة في جامعة ابن خلدون والآن [أنا] طالب في الإدارة العامة في جامعة ابن خلدون سنة ثالثة.
عمومًا حقيقة الحديث عن المجزرة [مجزرة داريا الكبرى] وأحداث المجزرة وما قبل المجزرة، وأثناء المجزرة هو عمومًا حديث مؤلم إلى حد ما، وصعب على النفس يعني استذكار هذه الأحداث بتفاصيلها وآلامها، وتفاصيل الأصدقاء وبعض الأشخاص الذين استُشهدوا والأهل والأصحاب والأحداث المؤلمة في المدينة هو بالعموم حديث صعب على النفس، ولكن انطلاقًا من باب حفظ الذاكرة وعدم تزوير التاريخ، وكما يقول علي عزت بيغوفيتش: "افعلوا ما تشاؤون لكن لا تنسوا المذبحة، فالمذبحة التي تُنسى تتكرر"، فانطلاقًا حقيقة من هذه المبادئ سننطلق مما كنت شاهدًا عليه ومما عايشته في تلك الفترة، وحقيقة المدينة في تلك الفترة كانت تعيش أو الناس في المدينة يمكن أن نصف حالهم "وترى الناس سكارى وما هم بسكارى" فهذا حال المدينة في أيام المجزرة، وفي أيام ما قبل المجزرة حقيقة كانت الدنيا رمضان والغريب أن النظام كان تاركًا المدينة؛ يعني مجموعات الجيش الحر في تلك الفترة بدأت تزداد، والدنيا رمضان والناس صائمة و[يجتمعون في صلاة] التراويح فكنا نخرج كلنا في مظاهرات سواء من جامع المصطفى أو من جامع العباس أو من مسجد عثمان.
فالناس عاشت في -دعنا نقل- نوع من نشوة الانتصار مجموعات الجيش الحر، والناس تخرج في مظاهرات ومن يحمي هذه المظاهرات هم مجموعات الجيش الحر، والأناشيد الثورية في سيارات الجيش الحر والجيش الحر يتجول ليلًا ونهارًا، فشعرنا في تلك الفترة أننا نحن تحررنا وصرنا دولة مستقلة، وتخلصنا من سطوة واستبداد النظام، حقيقة هذا ما يمكن أن يصف تلك الفترة، هذه فترة رمضان والعيد يعني تموز/ يوليو وآب/ أغسطس من عام 2012 نعم في هذه الفترة، فالناس حتى فزادت الثقة بين الناس والجيش الحر -أفراد الجيش الحر- زادت لدرجة جدًّا كبيرة، لأن الناس صارت تشعر أننا نحن في أريحية وفي أمان وهناك من يحمينا، والناس صارت تقدم الطعام وتقدم كافة أنواع الدعم لأفراد الجيش الحر، والناس صارت تخرج بالمئات والآلاف بالمظاهرات في تلك الفترة لشعورها بنوع من الحرية ونوع من الأمان.
حتى حقيقة هذا الحال كان من تموز/ يوليو أو 20 تموز/ يوليو حتى 18 آب/ أغسطس مع تقريبًا انتهاء عيد الفطر، في هذه الأيام هذا حال المدينة وهذا ما عايشته من المشاركة في المظاهرات والسهرات الشبابية والسهرات مع بعض أفراد الجيش الحر، والأريحية مع الأهل في الأريحية في الحديث العام عن الثورة وأحداث الثورة وتغيير النظام وهذه الأمور، فكان هناك نوع من الأريحية التامة، حتى جاء العيد وما يلي العيد هنا دعنا نقل العاصفة أو الموقف المفاجئ تقريبًا 18 آب/ أغسطس 2012 عندما قرر النظام حصار المدينة من كل المداخل، -حاصر النظام المدينة من جميع المداخل- وبدأ القصف العشوائي إلى أعلى المدينة، وكما ذكرت آنفًا الناس بدأت تخاف، ولكن بسبب الثقة التي بُنيت مع الجيش الحر فالناس ظنت أنه معنا الجيش الحر فلا يوجد خوف، و[بما أنه] يوجد معنا الجيش الحر فأمورنا جيدة أو لا خوف علينا.
ففعليًّا بدأ النظام بالاقتحام من عدة جبهات هذا الكلام 18، 19 آب/ أغسطس 2012م، فبدأ النظام بالاقتحام والتمهيد، وفعلًا الجيش الحر بدأ بالدفاع عن المدينة، فهنا بدأ النظام حقيقة الاقتحام من محور الكورنيش والفصول الأربعة ومحور صحنايا، وفي هذه الفترة كان أحد إخوتي ملتحقًا بالجيش الحر، ووالدي حتى كان في هذه الفترة ونحن كان عندنا مزرعة في المنطقة الغربية من المدينة نحن نقول لها يعني مرادفة لصحنايا، فكان والدي في زيارة أو ليس زيارة وإنما مراقبة للمنطقة فأيضًا كانت الطيران مشيك [يرصد] على المنطقة، ففعليًّا يعني بقي عدة ساعات حتى استطاع فقط الخروج من تلك المنطقة.
هذه الأيام في 19 آب/ أغسطس 2012 يعني بقي محاصرًا في منطقة زراعية واختبأ تحت الشجر وتحت عرائش العنب وتحت بسبب قصف الطيران، وبسبب مراقبة الطيران للحركة ولماذا الطيران يراقب حركة هذه المزارع؟ لأن هذه المزارع هي كانت مكان تجمع مجموعات الجيش الحر، ففي المنطقة الغربية وفي المنطقة الشرقية مجموعات الجيش الحر كانت تتجمع في مزارع داريا، ومزارع داريا كانت متمركزة في المناطق الغربية والمناطق الشرقية، فوالدي كان فنحن عندنا مزرعة هناك أيضًا كان فيها مجموعة من المجاميع الجيش الحر فكان [والدي] عم يشيك على [يرصد] المزرعة أو ما شابه فالطيران رصدوا في تلك المنطقة فبقي عالقًا إثر عدة ساعات يعني، وتنقل من تحت العريشة إلى تحت القبو الموجود في المزرعة حتى استطاع الخروج من تلك المنطقة، وعاد إلى البيت.
في هذه الأثناء أيضًا كان أحد إخوتي ملتحقًا بمجموعات الجيش الحر على الكورنيش أيضًا هنا نحن كعائلة عمي، والأهالي كما قلت سابقًا كان هناك ثقة كبيرة بالجيش الحر فكان يتم إعداد الطعام والمواد ونخرج مع عمي لنوصلها إلى مجموعات الجيش الحر على الكورنيش، وكان هناك ثقة جدًّا كبيرة أن الجبهات لن تنهار، والجيش الحر موجود، ونحن داعمون للجيش الحر وموجودون، فهذه الأحداث التي كانت في هذه الفترة.
عندنا تقريبًا تعداد أفراد الجيش الحر في تلك الفترة يمكن أن نقول من 400 إلى500 شخص، وذخيرة الجيش الحر أو العتاد هو الأسلحة البسيطة يعني نحن نحكي عن فترة ما بعد سنة ونصف من انطلاق الثورة، فصحيح كان هناك سيارات وجيش حر وما شابه، ولكن لا يوجد عتاد ثقيل، يعني كله عبارة عن روسيات ربما بيكيسي (سلاح رشاش متوسط) يعني أكثر الأحوال فكان عبارة عن 400 أو 500 مقاتل مقابل آلاف مؤلفة وربما 7 آلاف أو وصلت الإحصائيات الرسمية إلى 10 آلاف مجند مقتحم لمدينة داريا بالعتاد الثقيل والدبابات والقصف، بالإضافة للفرقة الرابعة والشبيحة، فتعداد الجيش الحر مقارنة بالجيش النظامي كان غير [متكافئ] أو لا يقاس، أو معادلة يعني غير متوازنة إطلاقًا فهذا كان تعداد الجيش الحر، بالإضافة إلى أن الجيش الحر هذه هي التجربة الأولى التي يخوضها من ناحية المعركة الحاسمة، فكان هناك نوعًا ما ليس لا أقول سوء تنظيم، وإنما عدم خبرة؛ يعني كانت مهمة الجيش الحر في الفترة التي قبل المجزرة أن يضرب حاجزًا [أو] يضرب موكبًا ويرجع إلى المزارع، ولكن الآن وجد نفسه أمام مواجهة مباشرة مع جيش النظام، فعندنا نحن الكورنيش وعندنا جبهة صحنايا ولدينا جبهة الفصول وعندنا جبهة المعضمية، فعندنا 400 مقاتل يجب أن يغطوا هذه الجبهات جميعها، وفي نوع أو قلة الخبرة بالإضافة إنه لا يوجد عندنا عتاد ثقيل، فكان هناك نوع من عدم توازن القوى، ومع ذلك الجيش الحر كان عم يبذل أقصى ما لديه.
وكما ذكرت أيضًا أن الأهالي كانت تقدم الدعم من ناحية الإعداد والطعام والمواد قدر الإمكان، وهناك مجموعة قناصين كان مستلمها الشهيد محمود تبلو أبو عدي وهي الذي كان ملتحقًا فيها أخي، فكانوا مستلمها محمود أبو عدي، هؤلاء كانت يعني بحسب شهادة رئيس المجموعة وقائد المجموعة محمود تبلو كانت مجموعة مكونة -أظن- من 20 شخصًا على ما أذكر، وكانوا أحيانًا يأتون إلينا -إلى البيت- يعني يجهزون أنفسهم أو يرتاحون عدة ساعات، ومن ثم يرجعون إلى الجبهة، وكانت معنوياته كالنار، فيقول: إننا والله قد قتلنا مثلًا 30 عسكريًّا أو 40 عسكريًّا أو صدنا مثلًا 20 عسكريًّا، وأنا قتلت وأنا [كذا]، فكانت معنوياتهم عالية، هذا الكلام [في] أول يوم أو يومين، وخصوصًا أنهم مجموعة قناصين فكان يوجد هذا السياق، ولكن مع الأسف بتقادم الأيام بعد يومين أو 3 يعني صار كثير [عدد] الشهداء [كبيرًا]، وازدادت أعداد الشهداء، والمشافي الميدانية في المدينة يعني دعني أقل استُنزفت للآخر يعني حتى أفراد الجيش الحر صاروا هم يساعدون في مداواة الشهداء أو في إسعاف الشهداء، يعني علهم ينجون أو في مداواة الجرحى.
فالقصف عندنا قصف على المدنيين وعندنا أفراد من الجيش الحر أيضًا أُصيبوا، وعنا كادر أساسًا طبي هو غير يعني غير مؤهل وخبرته ضعيفة ومكان صغير، فعندنا هذه المعادلة كلها فهذا كان السياق في هذه الفترة، فكان عندنا ضعف شديد في الكادر الطبي.
فحقيقة كما ذكرت قبل قليل –أظن- [أننا] ذهبنا كنا نذهب يوميًّا لإرسال الإفطار، أو يعني تجهيز الإفطار والغداء لمجموعات الجيش الحر بشكل أساسي على الكورنيش حيث كان متواجدًا ابن عمي وأخي أيضًا، وكان الاقتحام الأساسي من الكورنيش حقيقة وهو الجبهة التي [هي] قريبة من بيتنا فكنا نذهب يوميًّا لمدة 3 أو 4 أيام نذهب إلى مجموعات الجيش الحر، يعني كان حقيقة الحديث عام عن التفاؤل بعدم اقتحام المدينة وعدم قدرة النظام على اقتحام المدينة فكان هذا هو الحديث السائد، وأحيانًا أو في 22 الشهر كنت في زيارة للمشفى الميداني أيضًا بجانب بيتنا من نواحي مدرسة النكاش فمع الأسف المناظر كانت تقطع القلوب، يعني كان يوجد عندنا أذكر كان هناك طفلان أو 3 في المشفى الميداني من القصف [استُشهد] هؤلاء وليسوا معدمين -[بل] من القصف- أيضًا بالإضافة إلى يعني العشرات عشرات سواء من أفراد الجيش الحر أو من النساء أو من الأطفال الموجودين في المشفى، و[الذين هم] بحاجة علاج ويعني الهالة أو هول الموقف لا يمكن أن يُوصف لأن الإصابات تتوافد ونحن موجودون، يعني أنا رحت في زيارة يعني لست شخصًا في الطبية خصوصًا في ذلك الوقت وذلك العمر فأنا رحت فقط في زيارة، فهول الموقف رهيب، يعني الناس تتوافد والجرحى تزداد والضغط يزداد على المدينة سواء قصف وسواء أفراد من الجيش الحر قد أُصيبوا وسواء الأطفال والمكان أساسًا صغير والقدرات محدودة والمدينة محاطة، يعني نحن لا نستطيع أن نخرج إلى خارج المدينة.
في هذه الفترة حاول كثير من الناس سواء أعمامي أو أقرباؤنا أو أصدقاؤنا أن يخرجوا إلى خارج المدينة، وبالفعل كان هناك عدة مخارج أنه ممكن أن تخرج، وممكن أن تزبّط (ترشو) الحاجز، فكانوا يخرجون سواء من خلال طريق صحنايا أو من خلال الفصول الأربعة -هذا الذي أذكره-، يعني أظن من طريق دمشق لم يقدر أحد أن يخرج من ذلك الطريق لأن المكان صعب جدًّا، وجبهة الكورنيش هي أساسًا توجد مقابل أو بمحاذاة طريق دمشق، فلا أظن حدا استطاع أن يخرج من ذلك الطريق، فكان هول الموقف رهيبًا، فخلال هذه الـ4 أو 5 أيام المشاهدات الشخصية أو الشيء الذي كنت شاهدًا عليه هو زيارات إلى أماكن الجيش الحر ومساعدتهم قدر الإمكان وأحيانًا تأتي مجموعات من الجيش الحر تستريح أو ترتاح عندنا، فالمعنويات كانت عالية أن النظام لن يدخل، ونحن موجودون كأفراد جيش حر.
زيارات المشفى كانت مؤلمة جدًّا بوجود الأطفال والنساء وبتوافد العشرات إلى المشفى والقدرة الاستيعابية الضعيفة ووجود أشخاص أساسًا هم لا توجد عندهم خبرة كافية، فكان أيضًا مصابًا جللًا، حتى دخلنا حقيقة في يوم 24 آب/ أغسطس، هنا يعني دعنا نتكلم أنه كان هناك حاجز، وهذا الحاجز انهار، وصحيح أنه كان هناك قصف على المدينة ويوجد شهداء من الجيش الحر ويوجد شهداء من الأهالي والمدنيين، نعم ربما توجد إصابات من الأطفال أيضًا نعم، ولكن الناس كانت إلى حد ما، نحن كناس عمومًا أهالي المدينة تشعر بالأمان، فهناك قصف ولكن يوجد جيش حر.
وفي هذا اليوم تقريبًا حسب ما أذكر أنه 24 سواء بشكل معلن أو غير معلن الجيش الحر أطلق أو أُعلن بشكل رسمي أو غير رسمي أنه سيتم الانسحاب من المدينة حفاظًا على أرواح المدنيين، يعني هذا ما أذكره تمامًا، فهنا من هذه اللحظة دعنا نقل بدأ الرعب عند الناس جميعًا؛ أن الجيش الحر الآن سوف ينسحب أو انسحب هو يعني الناس علمت عندما كان منسحبًا، [فحتى] لو كان هو [يقاتل بـ] معدات بسيطة وبأسلحة خفيفة وبأدوات متواضعة حسب القدرة، ولكن كان هناك شيء اسمه جيش حر يدافع عن المدينة ويدافع عن المدنيين، والمدنيون داعمون له، وهناك ثقة كبيرة أُسست أساسًا في الفترة السابقة، فأن الجيش الحر ينسحب بعد 4 أو 5 أيام من الدفاع عن المدينة، فكان يعني الخبر كحاجز انكسر بالنسبة لأهالي مدينة داريا الذين يُقدرون في تلك الفترة 250 ألف نسمة، فأُعلن -ولا أذكر إن كان الإعلان رسميًّا أو غير رسمي، ولكن ضج الخبر في المدينة، وأساسًا هو يعني أفراد الجيش الحر تفرقوا، فلم يكونوا قادرين أساسًا أن يقاوموا، والضغط ازداد عليهم جميعًا، والشهداء من المدنيين والأهالي ازدادت بشكل كبير، والقدرة الاستيعابية للمشفى الميداني انعدمت، فاضطُر الجيش الحر لإعلان الانسحاب، وكان انسحابًا طبعًا غير منظم، يعني حتى لا أظن لا أذكر أن الانسحاب كان بشكل مجموعات، وإنما كل واحد بمعنى أنه بالشيء العام أنه كل شخص يدبر نفسه، يعني كل واحد منهم من ترك سلاحه واضطُر أن يذهب إلى أهله؛ وقسم راح إلى مزارع داريا الغربية وقسم راح باتجاه المعضمية، وقسم راح باتجاه المنطقة الشرقية، وطبعًا في هذا السياق وخلال هذه الفترة -فترة أظن 23 أو 24- أتى إلينا أخي ومجموعة القناصين التي ذكرتها قبل قليل، فأتانا أخي ومعه 3 من رفاقه، ولكن أخي جاء مصابًا في هذا اليوم، ففي يوم انسحاب الجيش الحر، كانت [نزلت] قذيفة عند جامع عثمان فأصيب هو وعدة أشخاص، وجاءنا حتى ما في [ولم تكن توجد] طبية تعالجه، يعني جاءنا إلى البيت أظن هكذا ضماد خفيف [كان] موجودًا.
وفي هدا اليوم أُعلن انسحاب الجيش الحر فكان هناك نوع من في البيت عندنا أو في الحارة دعنا نتكلم بالعامية قليلًا بالحارة عندنا هناك نوع من الزعزعة والخوف والرعب الشديد، أنه لم يعد يوجد جيش حر وعندنا أخي مصاب حاليًّا، وعندنا أيضًا عدة أشخاص مثل ما حكيت قبل قليل أن المجموعات تفرقت، فمجموعة القناصين رحنا فجاء 2 منهم أو 3 مع أخي أنه خلص [انتهى الأمر] وسنأتي لعندكم إلى البيت وإلى أين سنذهب؟؟ طبعًا هذان الـ2 هما محمود تبلو -رحمه الله- استُشهد في بداية الاقتحام على مدينة داريا -بعد عدة أشهر-، والثاني اسمه محمد همّر اُعتقل لاحقًا والآن في الغالب هو شهيد -رحمهم الله جميعًا-، فجاء إلينا في هذه الحالة الثلاث الأشخاص [الـ3]، وأخي مصاب في رجله، وجاء بعد قليل أخي الذي هو أيضًا يعمل في التنسيقية، أنه يعني يبحث عن مكان أنه أين سوف لنختبئ [به] مشي الحال [لأنه قُضي الأمر]، وبادئ الأمر كان أخي يخرج ليساعد مجموعة الجيش الحر ويصورها وانتصارات وجلسات مع شباب الجيش الحر، وضحك ومزاح، على الجبهات هذا الكلام كان يحدث، وشاهدت بعض الفيديوهات وفجأة هذا الشيء كله أو هذه الحالة كلها تنقلب إلى نوع من الخوف والرعب الشديد، بسبب أن الجيش الحر انسحب، وانسحب بعد تكبيد النظام خسائر، فكل شخصية من شخصيات الجيش الحر صارت تبحث عن مهرب أو منفذ، فهنا جاء أخي الذي يشتغل في التنسيقية، وجاء أخي الثاني المصاب ومعه أيضًا مجموعة من القناصين، وكان والدي أيضًا هو أساسًا قبل يوم صارت معه حادثة التي هي مراقبة الطيران والهروب من قنص الطيران وما شابه، ونحن عندنا بالبناء يعني يوجد أهلي وإخوتي ويوجد أيضًا عمي موجود بالبناء الآخر، وهناك جزء من أعمامي وأهالي الأبنية خرجوا أساسًا -خرجوا من داريا- لحقوا [استطاعوا أن] يخرجوا ونحن لم نخرج؛ يعني لم نخرج بسبب وجود أهلي ووجود أيضًا إخوتي في المدينة، فلم نخرج يعني وقررنا أن نبقى، ولكن نحن صرنا ووالدي وعمي في تلك الحالة صرنا خائفين أننا نحن الآن موجودون بالأبنية.
وصار اتصلنا يعني هنا طبعًا توجد نقطة مهمة عفوًا يجب أن أذكرها سابقًا أن جو المدينة العام من 19 الشهر مقطوعة الكهرباء تمامًا عندك ولا يوجد نت هناك إطلاقًا، فنحن جو الرعب [الذي كنا نعيشه لا يُوصف، وصحيح] هو دخل إلى المدينة ب19 صحيح ولكن كان هناك نوع من الأمان لأن الجيش الحر موجود، فنحن عنا مربع المدينة صحيح أنه محاصر ولكن لا يوجد اختراقات على أقل تقدير وهناك جيش حر وفعلًا النظام هو عامل حسابًا للجيش الحر؛ يعني جنود النظام صحيح مثلًا الجيش الحر هو أقل قدرة ولكن لا يوجد عسكري يجرؤ أن يدخل أو يخترق مكانًا معينًا لأنه ممكن بأية لحظة أن يُقتل، أو هناك جنود مسلحون أو جيش حر مسلح داخل المدينة فلا نقدر أن نقتحم أو ندخل، فهذا الموقف أو هذه الحالة العامة للمدينة جاء والدي وعمي وأنه ماذا سنعمل وماذا سنفعل، وعندنا أهالي وعندنا أولادنا وعندنا أخي مثلًا مصاب أو أخي الثاني لا يستطيعان أن يذهبا إلى مناطق داريا الغربية أو الشرقية أو إلى المعضمية، يعني انتهى الأمر نحن هذا مكاننا الوحيد وأخي مصاب مثل ما قلت لك، وعندنا 2 أو 3 من أفراد الجيش الحر.
في تلك الفترة يعني أيضًا عبارة مكررة "وترى الناس سكارى وما هم بسكارى"، بالإضافة إلى أنه لا يوجد نت فأنا هذه الحارة أعرف ماذا يصير بها، لكن الحارة التي بعدها أنا لا يوجد عندي أي خبر إطلاقًا، الحارة التي ورائي ما عندي خبر إطلاقًا، فيصلنا فقط أخبار من هنا وهناك أن المجزرة الفلانية صارت، وأن البيت الفلاني أنزلوهم إلى القبو وتم إعدامهم، فهذا الشيء الذي يصل لنا، وهذا الشيء الذي نحن نعرفه فهذا الرعب صار يصل إلينا، يعني أخي نحن المصاب إذا كان موجودًا في تلك الأخبار وفي ذلك السياق أخي المصاب الذي هو موجود معنا إذا لا سمح الله قُبض عليه -غير أنه هو أكيد أن الله أعلم ماذا سيحصل له- يعني يقينًا لا أحد ضمن هذا المربع هذا كله الذي هو بيتنا أو الحارة أو هذا الشارع سوف يبقى حيًّا يقينًا يقينًا.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/10/11
الموضوع الرئیس
مجزرة داريا الكبرىكود الشهادة
SMI/OH/194-01/
أجرى المقابلة
يوسف الموسى
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
7 - 8 /2012
updatedAt
2024/04/25
المنطقة الجغرافية
محافظة ريف دمشق-مدينة دارياشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الجيش السوري الحر
الفرقة الرابعة دبابات (مدرعات) - نظام
كتيبة شهداء داريا