الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تضرر أهالي حي جوبر الدمشقي من مشروع المتحلق الجنوبي

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:15:43:21

تسألني عن موضوع المتحلق الجنوبي كان تنفيذه تقريباً عام 2000 ، وقبل سنة 2000 كنا نسمع أن الأوتستراد سيمر من الحارة (المقصود سيمر في حي جوبر)، وحسب المعلومات التي كنت أسمعها من كبار السن ومن جدي مالك البناء [الذي نعيش به] أن بنايتنا لن يتم هدمها، ولكن بعد فترة تفاجأنا أن المتحلق تغير مساره لأسباب معينة أو دعني أقول لك لأن أحد المتنفذين كيلا تتضرر أرضه وأملاكه انحرف الأوتوستراد [تم تغير المخطط] وتضررت الممتلكات وعدد أكبر من الأبنية والبيوت كانت بالأصل خارج هذا الأوتستراد، وما أعرفه من جدي أن المتحلق هو مشروع كويتي موافق عليه مع بداية حقبة حزب البعث أو بعدها بقليل، ولكن تم تأجيله مثلما تم تأجيل الكثير من المشاريع، والأبنية التي تضررت عدد كبير منها أبنية ذات طوابق وهناك أبنية عادية.

 موضوع التعويض الذي تم لا يرقى لـ 5% من قيمة الأضرار التي تعرضنا لها كعائلة [نتيجة الهدم الذي تسبب به تنفيذ الأوتوستراد] خاصة أنهم أعطونا بيوتًا اسمها "إنذارات" في منطقة مخيم اليرموك ولم يعطوننا في نفس المنطقة، وعندها كان يجب علينا الدفع مبلغًا بحدود 200 ألف [ليرة سورية] وبعدها أقساط ثمن البيت الذي أخذناه.

 أنا وعائلتي لم نسكن في المخيم لأن والدي باعه، باع الإنذار [بيت الإنذارات] 275 ألف ليرة واشترينا مرة تانية في جوبر، في هذه الفترة كنت صغيرًا وقد انتهيت من صف السادس الابتدائي وناجح إلى الصف السابع، قبلها بمدة ربما التجربة السياسية الوحيدة التي علمت بها كانت ترشح عمي لمجلس الشعب، ولكن كلامي مع كبار السن أو أسمع كلامهم، ودعني أقول لك إن الملاك أو المتضررين من الشارع من الحارة كانوا يوميًا يجتمعون، وفي إحدى المرات يجتمعون وكل منهم يقول إذا لم تتضرر الحارة سأذبح خروفًا، وأذكر كلمة جدي قالوا له: أبو نبيل أنت أكثر المتضررين بهذا الأمر وبنايتك كانت كبيرة، فقال لهم جدي: أنا إذا تضررت البناية سأذبح جملًا! فسألوه: لماذا؟ قال لهم: كل هذه البيوت التي لدي، وأكثر بيت فيهم آخذ أجاره 25 ليرة، وأغلبهم متنفذون في الدولة وهم إيجارات قديمة، وبحسب القانون المفروض من قبل النظام تلك الفترة كان المستأجر يُعتبر أقوى من المالك، ورغم كل المحاولات لم يستطع جدي رفع قيمة الآجار أو إخراج المستأجرين.

  فكرة المتحلق الجنوبي التي أبقت الناس لسنوات على أعصابها ولسنين بعد هدم البيوت، أتذكر خرجت أنا وأبي وأمي نبحث عن بيت لنشتريه، رجعنا وكانت قوات حفظ النظام والبلدية قد هدموا الباب الرئيسي لبيتنا، وصارت مشاكل بين الناس، وكانت بيوتنا كلها ملك وواسعة، بالمقابل جيراننا كانت مساحة البيت صغيرة ولكن أربع طوابق فوق بعضها، فكانت كثافة الناس التي تضررت كبيرة والتعويض قليل جدًا، وهناك من لم يتعوض أبدًا بسبب آليات وقوانين تم إصدارها، مثلًا بيت أميرة جيراننا كانوا تقريبًا ثماني عائلات لم يستفيدوا أبدًا.

كان هناك ضرر ما قبل المتحلق وضرر ما بعد المتحلق، لأنه بقي لسنوات حتى أُنجز وحين تم تنفيذه صار اسمه "أوتستراد الموت" لأنه قسم حي جوبر لقسمين، وكانت سابقًا الأماكن متداخلة بين بعضها، وكانت الأهالي تريد الانتقال بين طرفي حي جوبر، فدائمًا هناك حالات وفيات ضخمة بسبب حوادث السير التي حصلت على هذا الأوتستراد، وأنا أحد الناس ممن تضرر من أحد الحوادث بداية الثورة، فالمتحلق له أثرين: ما قبل وما بعد، وتم هذا الأمر ليومنا هذا، لا يوجد جسر ولا إشارات مرور.

  فهذه الحقبة من المتحلق الجنوبي التي عشناها، والتي فرقت الأهالي، كنا مثلاً في بناية واحدة لكن عمي ذهب إلى كفر بطنا وعمي الثاني إلى الخطيب وعمي الثالث إلى ضاحية حرستا، وبقينا نحن في جوبر.

 فكّك [تنفيذ الأوتستراد] المزيج الاجتماعي الموجود ضمن العائلات حتى جعل الناس بحالة فقر، في 2003  أيام حرب العراق كانت العقارات قد ارتفعت أضعافًا مضاعفة، من 300 ألف وخلال أيام إلى مليون وأكثر، فهذا أصبح عبئًا كبيراً على الناس، ومن هنا كانت السياسة التي أصبحنا الآن نفهمها، أنه عندما نرى الشعب مرتاحًا نجد له ما يُعيده للوراء.

 أسأل نفسي لماذا في عام 2003 حصراً، هذا الوقت وحرب العراق وهناك نسبة كبيرة من النازحين العراقيين الذين جاؤوا إلى سورية، والكثير منهم معهم مبالغ مالية ضخمة قادرين أن يدفعوا على حساب السوري، مثلا كان لدينا حجز ملعب كرة قدم فتم إلغاء حجزنا لأنه كان هناك من دفع أكثر [أي أن العراقيين استأجروا المكان بمبلغ أعلى]، وتشعر أن هذه القصص كانت كلها مرتبطة ببعضها وليست بمحض الصدفة أبدًا، وكأن هذا الأمر مدروس ومخطط له، و[لسان حال النظام يقول:] نحن نريد أن نفصل بين المناطق بطريقة كبيرة، والنموذج المجتمعي الموجود ضمن هذه الأماكن نفككه بجميع الوسائل، وبجميع الآليات الممكنة وغير الممكنة، العلنية وغير العلنية. وهذا الشيء كنا نعيشه لكن لم نفهمه، ومع الوقت صرنا نفهم ما الهدف من المتحلق الجنوبي؟ والنظام خلال سنوات الثورة حاول أن يسيطر على المتحلق الجنوبي، وحاول مفاوضة أهالي جوبر وأهالي زملكا وأهالي عين ترما ليفتحوا المتحلق الجنوبي مقابل هدنة، والمتحلق كان الفاصل بين حي جوبر الدمشقي وبين الغوطة الشرقية، وأيضاً عبارة عن عبَارة وصلة الوصل بين المنطقتين، وحتى هذه مدروسة ليفصل دمشق عن ريف دمشق أو يعمل خطوطًا دفاعية لدمشق من أي شيء متوقع.

  يمكن القول أن الجيل الذي تضرر من موضوع الأوتوستراد هذا الجيل الذي قمعه حافظ الأسد مع بداية استلامه للسلطة، وهذا الجيل عاش وشاهد المجازر التي ارتُكبت بالثمانينات إن كان بحماة أو في جسر الشغور أو حتى بقلب العاصمة دمشق كيف كانت المجازر تحدث؟

بعض الناس اعترضت وحدثت مشاكل وحالات اعتقال وحالات قتل، سمعت عما حدث في ذلك الوقت لكن لم أره بعيني، وكانت السمة الكبيرة هي سمة الخوف والتشبيح، لأن البلدية لا تأتي بمفردها كانت قوات ضخمة لهذا الأمر، أتذكر الناس حاولت تقف بوجه الجرافات وكان مصيرهم إما الاعتقال أو القتل.

 ،أما موضوع القوانين أو موضوع التعويض البسيط هناك من أخذ و هناك من حُرم، النظام استغل موضوع مستأجر وغير مستأجر صاحب الملك أعطاه شيئًا معينًا والمستأجر ليس له وبالمقابل المستأجر أجار قديم أو من طائفة معينة فهذا له تعويض مثلك وأحسن منك، والأمر الثاني أنت عليك حصر أرث، موضوع الورثة و إحضار الصاحب الأساسي للمنزل وكل هذه الآليات التي وضعها النظام كعراقيل بوجه الناس كيلا تستفيد من أي شيء، والتعويض هو إجرام كان يقتل الناس ويدعهم بالعراء لأن المبلغ المادي كان قليلًا، ونسبة العقارات أو النزوح الكبير أثناء حرب العراق إلى سورية رفع سوق العقارات في سورية بشكل كبير، فمن كان يشتري بيت مثلا بـ 500 ألف [ليرة سورية] صار مثلًا بمليون ونصف أو مليوني ليرة سورية ليشتري هذا العقار بنفس هذا المبلغ.

 أتذكر حتى موضوع الأبنية التي هُدمت كان هناك متعهدون يحضرون لشراء الأنقاض الخاصة، ممنوع أن تأخذ الأبواب أو الحديد أو أي شيء من بيتك خاصة إذا كان البناء ضخمًا وكبيرًا، بل يجب أن تُعطيها لأحد وهو معروف ومقابل مبلغ مالي زهيد، وحصلت الكثير من المشاكل لأن الناس كانت تريد فك أبواب منازلها لأنها تريد أن تبني منازل لها والاستفادة منها، فكانت دائمًا كلمة ممنوع وإذا امتنع أحد مثلًا تكون الأولوية بهدم البيت كيلا يستفيد منه ويُجبر على تسليم الأنقاض أو تسليم البيت للمتعهد المفروض من قبل النظام.

 سكنا في بيت أهل أمي وكان قريبًا من الأوتستراد، وكنت أرى الأحداث التي تحصل، فعلًا بيوت كانت تُهدم قبل بيوت وظلت فترة طويلة حتى إزالة الأنقاض وبيوت كانت فورًا عملية الأنقاض تُزال من خلال ورشات معينة تابعة لأشخاص معينين، في تلك الفترة تم محاربة الأهالي ليس بأملاكهم فقط بل بالذل وحتى الرمق الأخير، مثلاً أنا ليس معي ثمن باب فاسمح لي أن أفك هذا الباب وأضعه في بيتي الجديد فهو [أي النظام] رفض.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2023/08/28

الموضوع الرئیس

الفساد في مؤسسات نظام الأسد

كود الشهادة

SMI/OH/216-03/

أجرى المقابلة

إدريس  النايف

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2000

updatedAt

2024/04/14

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-المتحلق الجنوبيمحافظة دمشق-جوبر

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

قوات حفظ النظام

قوات حفظ النظام

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

الشهادات المرتبطة