الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الطائفية والفساد في منظومة عائلة الأسد ومؤسسات الدولة

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:17:44:23

طبعًا البلد قبل الثورة دعنا نقول منذ استلم حافظ الأسد إلى وقت استلام بشار وما بعد طبعًا البلد كانت تتركب بتركيبة غريبة جدًا يعني يتم العمل عليها بشكل طائفي بحت لكن بشكل مَخفيّ، يعني على الإعلام طبعًا لا يتمّ ذكر هذا الشيء ولكن الحقيقة كانت غير هذا، الحقيقة كانت يعني منذ استلم حافظ الأسد يتم التغيير، تغيير بمؤسسات الدولة بشكل كامل ليستلمها أشخاص من الطائفة العلوية إن كان بمؤسسات الجيش أو بمؤسسات التعليم أو بالمؤسسات الطبية وكافّة ومؤسسات الدولة ليكون لهم اليد الأعلى والقوة الأكبر بالسيطرة على كل المؤسسات، فكانت البلد هكذا، طبعًا هذا الأمر لم يقتصر على أنهم سيطروا على جميع المؤسّسات وصاروا هم السلطة الكبيرة فيها، هذا الأمر تجاوز هذا الشيء وصار الفساد موجودًا بكل مؤسسات الدولة، أحد المُسنّين بحمص جلست معه قبل الثورة فكان يتحدث لي قليلًا عن موضوع التعليم فيقول لي إنه كانت جامعة دمشق جامعة عريقة جدًا وكان ترتيبها على مستوى الوطن العربي، رقم اثنين على مستوى الوطن العربي، فكانت الجامعة قوية جدًا وبعد أن استلم حافظ الأسد [الحكم] بدأ التدهور، يعني تخيّل أنت أهم قطاع من قطاعات الدولة وهو قطاع التعليم الذي هو المسؤول المباشر عن حضارة الدولة تراجعت جامعة دمشق من المرتبة الثانية للمرتبة 50 أو 52 عربيًا واستمرّت بالتراجع حتى صار موضوع التعليم بعد أن استلم بشار الأسد سيّئًا جدًا لهذه الدرجة، فأنت اليوم عندما تُدمّر المنظومة التعليمية فأنت تُدمّر المجتمع قولًا واحدًا، بنفس الوقت تحدثنا أنهم كانوا يجعلونهم يسيطرون على كل مفاصل الدولة وعلى كل المؤسسات فصار الفساد منتشرًا بشكل رهيب جدًا، يعني أنت اليوم عامل نظافة اليوم يأخذ منك رشوة، وشرطي المرور -وهذا الشيء معروف عند جميع السوريين- أنه أبو الـ 25 يعني أنت مستعد إن ترشي شرطي المرور من أجل ألا يخالفك بـ 25 ليرة. أنا كنت أحد الأشخاص يعني كنت [طالب] بكالوريا فأحيانًا أتأخّر عن المدرسة مثلًا حصة أو كذا فالموجه (المشرف) كان من الطائفة [العلوية] أحضر له علبة متّة أو باكيت حمراء (تبغ) فينتهي الأمر وكأن شيئًا لم يكن لهذه الدرجة فتخيّل يعني الفساد كان منتشرًا بشكل رهيب جدًا لذلك صار طموح الشاب السوري خصوصًا من الطائفة السنّية أنه يا أخي أنت حتى لو تعلمت بهذا البلد فأنت ليس لك مستقبل يعني إذا صرت دعنا نقول موظفًا بمؤسسات الدولة فأنت موظف درجة عاشرة ولا يمكن أن تبني مستقبلًا لك أو لأولادك، فصار طموح الناس أن يسافروا إما إلى دول الخليج أو لبنان أو الدول الأوروبية، فأنا من هذا المنطلق كان والدي يدعمني بموضوع أن أكمل تعليمي ولكن ليس في سورية، فأنهيت البكالوريا وسافرت إلى دمشق بسبب هذا الأمر، وأنا لو كنت أعرف أنه يوجد مستقبل بسورية كنت درست بسورية وأفدت بلدي يعني بالنهاية الشخص بلده أولى به، فأنا هذه الأسباب التي جعلتني أفكر بموضوع  السفر ما قبل 2011 يعني منذ 2010 هذا الكلام.

 صحيح أنه كان موجودًا أمان ولكن هذا الأمان يعني كان موجودًا أنه ممكن ألا تحصل عمليات تشليح بالطرقات ممكن [أن تحصل] حوادث سرقة خفيفة ومثل هذه الأمور، يعني هذه الفوضى لم تكن موجودة ولكن كان يوجد شيء أخطر منها يضرب صميم المجتمع الذي هو الفساد، الأمان الذي لم يكن موجودًا هو أن تؤمّن لأولادك مستقبلًا، وصحيح أنه كان يوجد أمان لكن الأمان الحقيقي لم يكن موجودًا، يعني أنا أحد الأشخاص والدي نحن -الحمد لله- كنا مرتاحين ماديًا ولكن ما السبب؟، السبب أن والدي كان موظفًا وينهي وظيفته الساعة الثانية [ظهرًا] ثم يذهب ويعمل بشركات خاصة وبعدها يعمل بعمل ثالث ولا يعود والده للساعة 12 [ليلًا] يخرج الساعة 7:00 أو 7 ونصف [صباحًا] ولا يعود للساعة 12 ليلًا كي نعيش كشباب حياة كريمة، وقس على ذلك أغلب الشعب السوري، فالموضوع كان خطيرًا جدًا والبلد تتجهّل، صحيح أنه دخل الإنترنت إلى البلد ولكن دخول الإنترنت فتح أبوابًا يعني أنا لا أستطيع أن أنكر هذا الأمر يعني أنا أتذكر أنا عندي حساب "فيسبوك" منذ 2007 كان عندنا مقاهي إنترنت لكن كلها [كانت] مراقبة ولكن صار من خلال هذه المقاهي أن نستطيع أن ندخل ونبحث ونحاول، صرنا نسمع مثلًا عن حرب العراق وعن الشيء الذي يحصل حول العالم وحولنا، وبدأت الناس تعي الأمر، وصار هناك تواصل أكثر يعني صار عندك شبكة أصدقاء من كل المحافظات من خلال الإنترنت في غرف الشات وغيرخا، يعني تحصل هناك أحاديث أنه كيف تعيشون وكيف وضعكم؟ يعني هناك شيء مشترك عند كل الشباب السوريين الذين مثلنا أنه أخي والله أنا في أول فرصة عمل تُتاح لي خارج البلد فسأسافر الجميع متيقّنون أنه لا يوجد مستقبل بهذا البلد إلا هم (الطائفة العلوية)، طبعًا هم عندهم امتيازات ليست موجودة عند المواطن السوري العادي فيدُهم مُطلَقة بالبلد وتشعر أن هناك أبًا كبيرًا هو أورث لهم هذا البلد وكل واحد يأخذ حصته، يعني الموظف لا ييسّر أمور المواطنين إنما هو موظف من أجل أن يعرقل أمور المواطنين من أجل أن يأخذ منهم نقودًا، هكذا كان وضع البلد حرفيًا ما عدا الظلم وما عدا الأمور التي كانت تحصل أنك يمكن أن تفعل كل ما تريد ولكن لا تستطيع أن تتكلم أي كلمة عن الدولة ولا تستطيع أن تنتقد وبمجرد أن تتكلم أي كلمة فأنت سوف تُغيّب بالسجون، فهذا كان العدو الأول للنظام السوري وهو أن يكون عندك هذا الوعي يعني نحن نتكلم بالوعي لأن العلم ممكن أن يكون موجودًا ولكن إذا لم يكن هناك وعي فالعلم يظلّ شيئًا أكاديميًا ضمن إطار معيّن ولكن هذا الوعي كان مهمًا جدًّا، الشيء الذي أفادنا أيضًا أننا كنا نسمع بعد أن وعينا قليلًا نحن عندما كنا أطفالًا لم تكن تُذكَر أمامنا هذه الأحاديث ولكن صرنا بمرحلة الشباب وصرنا نسمع من المجتمع المحيط عن الشيء الذي حصل بالثمانينات ونحن لم يتخيّله عقلنا أنه كيف حصل هكذا ولماذا لم تقف الناس وقفة رجل واحد ولماذا لم ينصروا بعضًا؟ لم نكن متخيّلين حجم الإجرام عند هذا النظام السوري يعني لم نكن متوقعين هذا أبدًا يعني مثل ما يقولون: من سمع ليس كمن رأى، فالشيء الذي عاشه الجيل الذي قبلنا معهم حق أن يخافوا هذا الخوف الكبير من النظام لدرجة أنهم لا يجرؤون أن يتكلموا كلمة، وهذا الشيء نحن لم نَعِشه كشباب سوريين وكنا نسمع يعبّئ هذا الشيء بقلبنا الشيء التمييز العنصري الذي نراه أيضًا يعبّئ بقلبنا، شيء متراكم يعني، عندما ترى عامل نظافة يأخد رشوة منك أو شرطي مرور فهذا أيضًا يعبّئ بقلبك وعندما ترى محافظ حمص الذي يُفترض أن مسؤوليته أن يضبط البلد بشكل لا يضر الناس تجده يهدم أحلام الناس ويهدم سوقًا أثريًا من أجل أن يعمّر أبنية وأنت بالنهاية يكون نصيبك محلًا صغيرًا في قلب هذا البناء وأنت محلك تكون توظّف فيه مثلًا دعنا نقول أقل شيء عشرة عمال أو خمسة عمال وكل عامل مسؤول عن عائلة عدد أفرادها أقل شيء 7 أو 8 فهذه المحلات كانت تقريبًا 10,000 فأنت يعني عمليًا دمّرت حياة 150,000 نسمة فكان كان الشارع يغلي ولكن بصمت يعني الجميع يخزّنون [الغضب] بقلبهم. تمّ رفض المشروع أو تأجيله وصاروا يدفعون رشاوى ليؤجّلوا هذا الموضوع حتى جاءت الثورة السورية.

 طبعًا أنا عندما سافرت إلى دمِشق لم أكن أعرف أحدًا أبدًا فعشت في حي باب توما، طبعًا حي باب توما من أحياء دمشق القديمة ويتميز بأن أغلب الموجودين من أهله هم من الدين المسيحي فأنا يعني شعرت حي باب توما مثل أحياء حمص القديمة فكنت مرتاحًا كثيرًا فيه معنويًا ونفسيًا وكان المعهد -معهد الفارابي- بقلب باب توما، بصراحة أنا المشاعر التي كنت أعيشها في دمشق أنني لا أزال لا أعرف العالم فبدأت أحتكّ [بالناس] وصار عندي أصدقاء من باقي الطوائف فصرت ألاحظ هذا الأمر أنك في دمشق يجب أن تكون قويًا يعني يجب أن يكون لديك ظهر يسندك لأن دمشق كبيرة، جميلة دمشق ولكن فيها مشاكل كثيرة فصار يتهيّأ لي بلحظة أني لو مثلًا أعرف شخصًا بالمخابرات أو بالأمن لكي أستطيع أن أمشّي (أتدبّر) أموري بكل شيء، لأني كنت أرى هذا الشيء أمام عيوني يعني أرى شخصًا مثلًا زميلنا بالمعهد أو كذا أو يعني من أصدقائنا أتعرف إليهم [يقول:] والله أنا أستطيع أن أمشّي هذه القضية الفلانية أو أستطيع أن أفعل كذا، كان وضع دمِشق مختلفًا بصراحة يعني لا يشبه الحياة بحمص، فهناك تتمنى أن تكون [عنصر] مخابرات، يعني بدلًا من أن يكون حلمك أنك مثلًا تترقّى علميًا أو تصبح بمستوى ثقافي واجتماعي صار توجهك كشاب يوجد بعض الشباب هكذا يفكرون، أنه ليتني عنصر مخابرات لأستطيع أن أمشّي أموري وأسيطر لأنه هؤلاء كيف يتصرفون، فكانت هذه خلاصة تجربتي، أنا عشت فقط ستة شهور بدمشق يعني لم تكن المدة الكافية ولكن أنا أتحدث عن مشاعري كيف كانت في تلك الفترة.

انتهت هذه الفترة وعدت في عام 2011 إلى حمص، طبعًا هنا كانت قد بدأت  ثورات الربيع العربي في تونس وبعدها بمصر وبعدها بليبيا ثم باليمن، فبصراحة كنت لا أتابع السياسة في تلك الفترة كتوجه شباب يعني دعنا نقول مراهق ليس توجهي لموضوع السياسة، توجّهنا نحن مثلًا على الإنترنت وعلى الدراسة وعلى لعبة كرة القدم مثلًا ومثل هذه الأمور التي يهتم بها الشباب، وعندما بدأت ثورات الربيع العربي صرنا نتابع الجزيرة والعربية وهذه القنوات، الأمر الذي خلق في داخلنا شيئًا لا أستطيع أن أصِفه يعني تشعر أن كل الكبت الذي عشتَه والذي رأيته بواقعك وتشعر أن هذا الكبت أيضًا أنت وَرِثته عبر أجيال، يعني بدأت شعلة الثورة تشتعل في قلوبنا، فكنا نجلس جلسات ضيقة أنا وأصدقائي ونتحدث عما جرى في تونس ومصر أن [الثورة في] تونس [استمرت] 13 يومًا ومصر شهر وليبيا واليمن، ونقول: يا رب يحصل هذا عندنا، يعني فقط أي حركة من أجل أن نخرج بشيء سلمي ومظاهرات سلمية، تخرج الشعوب بمظاهرات سلمية وتغيّر طبعًا للأفضل أفضل وليس لأنهم يكرهون الأشخاص، القضية ليست قضية أشخاص، بالنهاية ليست القضية بشار الأسد إنما قضية بلد أننا جميعًا يجب أن نعيش مرتاحين، لماذا نحن بلد ليس فيها مصانع سيارات؟ لماذا بلد ليس فيها مصانع طائرات؟ لماذا نحن لا نواكب التكنولوجيا؟ لماذا نحن ليس عندنا تقدم علمي؟ لماذا نحن ليس عندنا بحوث علمية؟ لماذا جامعاتنا ليست بالمراتب الأولى؟ يعني نحن ماذا ينقصنا؟ نحن الشعب السوري شعب مبدع وذكي بالفطرة وشعب نشيط فلماذا نحن لا يكون هذا الأمر عندنا؟ ماذا ينقصنا؟ يعني قضيتي اليوم ليست بشار الأسد كشخص وهو ممكن أن يظن أن الناس خرجت ضده أو ضد طائفته، لا، نحن ضد الفساد والظلم أيًا كان صاحبه، يعني لو كان الرئيس سنّيًا وعنده نفس هذه المنظومة تحكم سورية لكنا كلنا خرجنا ضده، يعني الموضوع ليس موضوعًا طائفيًا ولكن هم جيّروه هكذا وحاولوا من قبل الثورة أن يصنعوا هذا الاحتقان الطائفي ولكن الأساس ليس هكذا، نحن خرجنا ضد الظلم وبدأنا نشاهد هذه الثورات كيف تُحدث تغييرًا عبر مظاهرات حضارية، يعني المجتمعات العربية عندما قامت الثورة كانت المظاهرات حضارية جدًا وسلمية جدًا، يعني أنت اليوم تشاهد مظاهرات بمجتمعات أوروبية على سبيل المثال لا الحصر في فرنسا تشاهد التكسير والسرقة ونحن هذا الشيء لم يحصل عندنا رغم كل الاحتقان، والعالم كانت  تلحق فقط أكلها وشربها، يعني الدولة جعلتها تفكر بهذا الموضوع، ورغم الفقر ورغم التجهيل ورغم كل شيء ورغم الفساد فأنت ممكن أن تتوقع بظل هذه الظروف إذا الشعب انفجر  فسوف يخرّب مؤسسات الدولة ويسرق البنوك ويقتل، هذا الشيء لم يكن موجود، تخيّل يعني ليس فقط في سورية حتى بتونس وبمصر يعني بالبدايات لم يكن موجودًا هذا الأمر، مظاهرات سلمية حضارية، فنحن صرنا مستبشرين خيرًا أنه يا أخي نحن أمام فرصة ذهبية تحصل والثورة صارت عدوى ونحن الشيء الذي كان يحرّضنا على الثورة موجود عندنا بالأساس ولكن نحن لم نكن ما نعرف  كيف ستنطلق خصوصًا بعد ما سمعنا عن وحشية النظام بالثمانينات، فمرة كنا جالسين أنا والشباب فأحد الأشخاص من أصدقائي قال لي: والله يا طارق نحن إذا صارت عندنا ثورة فسيحصل سرقة بنوك وتشليح (سرقات) فقلت له: والله لا أتوقع هذا الشيء، فقال لي: غدًا سترى، وسبحان الله أَذِن رب العالمين أن تنطلق شرارة هذه الثورة من مظاهرة دمشق في 15 آذار/ مارس، وبعدها كانت الشرارة الأكبر للثورة السورية هي مظاهرة درعا والشيء الذي صار مع أطفال درعا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2023/08/13

الموضوع الرئیس

الفساد في مؤسسات نظام الأسد

كود الشهادة

SMI/OH/224-02/

أجرى المقابلة

خليل الدالاتي

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة حتى 2011

updatedAt

2024/04/22

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-الخالديةمحافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

جامعة دمشق

جامعة دمشق

الشهادات المرتبطة