الفساد على أساس طائفي في سورية قبل مرحلة توريث السلطة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:16:31:04
نتيجة المعاناة في السكن بمدينة دمشق والحاجة إلى المصروف كنت أنا وشقيقي أيضًا في كل الشريعة فذهبنا للبحث عن وظيفة وكما هي العادة بالواسطة ذهبنا إلى أحد مديري الشركات وهو الدكتور حيان سليمان من الطائفة نفسها الطائفة العلوية وشرحنا له وهو قد درس في روسيا مع شقيقي الدكتور عبد العزيز الدغيم فأرسلنا إلى شركة المغازل والمناسج وكان بها مدير العمل من جماعة رفعت الأسد يعني رفعت الأسد كان وظّفه وهو في أوروبا ويقال يعني عندنا في الشركة إنه أحد رجال رفعت الأسد الذين كانوا معه في الثمانينات ويدّعي أن لديه إجازة في التاريخ، وفعلًا دخلنا إليه ووضع أسماءنا في المسابقة وأجرينا مسابقة شكلية وتم توظيفنا في الشركة، عملنا في الشركة وطبعًا في الشركة غير الجامعة، تبدأ المسألة الطائفية باتساع أكبر ويبدأ الإنسان يطّلع على ما يقوم به العلويون في سورية من السيطرة سواء على المقرات أو المواقع المالية كالشركات والاقتصاد مثلًا إدارة العمل في الشركة كانت في يدهم وإدارة الإنتاج في الشركة كانت في يدهم وإدارة التسويق كانت في يدهم، واستقدام الخبراء من أوروبا من أجل تحديث المَكَنات (الآلات) كان في يدهم، طبعًا العنوان هو الفساد والتربح غير المشروع يعني يوميًا تسمع وأنت في الشركة، كان الشركة فيها تقريبًا 1500 عامل وهي شركة ضخمة وهي من الشركات المؤمَّمة يعني هي تعود لفترة الخمسينات مثل الشركة الخماسية وهذه الشركات تم تأميمها على زمن الستينات وتسليمها لوزارة الصناعة في سورية، وهي كانت رمزًا للفساد، فيوميًا نسمع عن اختلاسات كبرى وعن شراء آلات غير قابلة للإنتاج أو ربما شراء آلات قديمة يعني يكون فاتها السوق، وعن مناقصات خلّبية عن مزايدات وعن بيوعات خلّبية وكلها كانت ترتمي في بعض جيوب المتنفذين في الشركة. لأضرب مثالًا على الطائفية جاء مرةً مدير للشركة وهو مهندس أظن اسمه أحمد الجوباسي وهو مهندس نزيه ونظيف وشريف فجاء إلى الشركة وخلال شهر واحد انخفضت ديون الشركة وقام بتشغيل الآلات المعطّلة وخطوط الإنتاج المعطلة وكان يعمل بيده بجدّ ونشاط، يعني تجد ذلك حتى على وجوه العمال من ناحية الحوافز والمكافآت وتحسين سير العمل، ولم يمضِ شهر واحد حتى لُفّقت له التُّهم والملفات وما يسمى بالفضائح الجنسية أو المالية أو المُعدّة يعني تهم مخابراتية مُعدّة تم تلفيقها إليه وتم نقله من الشركة ليعود الأمر إلى الفاسدين الكبار ويسيطروا على كل شيء ويقوموا بإكمال مسيرة الفساد. الطائفية كانت مزروعة في كل قطعة وساحة وصالة من صالات الشركة، يعني ما من موقع إداري أو مالي أو علاقات أو لوجستي أو استقدام خبرات إلا كان ذلك لأبناء الطائفة العلوية، وقضية الشعارات والاجتماعات الحزبية يعني أذكر مثلًا عندما تمت الانتخابات أو ما يسمى تجديد البيعة لحافظ الأسد أو عندما أعلن عن وفاته وتم التجديد لبشار الأسد، الشركة انقلبت إلى عرس لبشار الأسد يعني يوميًا يخرج العمال في الدبكات والساحات والمشاركة ووقفت جميع خطوط الإنتاج والخروج بالباصات للمشاركة فيما يسمى بخلافة بشار الأسد لأبيه، حتى الآن أذكر وكأننا في قطعة عسكرية تم انتخاب بشار الأسد بما يسمى بالدم يعني كان يدخل العمال -وخصوصًا العلويين- ويقومون بوخز إبهامهم بالدبابيس ويوقّعون بالدم على انتخاب بشار الأسد، وهذا الكلام في شركة إنتاج شركة بسيطة والعمال فيها كانوا يمارسون الطائفية والعنصرية والتنمّر على غيرهم من العمال طبعًا لم يكن حديث العمال السوريين الآخرين -وكان أكثرهم من أبناء الغوطة من جوبر وسقبا وحمورية ودوما وحرستا والنشابية- ولم يكن عندهم حديث إلا كيف يتنمّر العلويون عليهم ويتعنصرون ويفسدون وينهبون ويسرقون ولا يعملون، يعني هذا الحديث اليومي عندما كان يجلس مثلًا العمال السنّة مع بعضهم كان هذا هو حديثهم كيف ينهب العلويون ويسرقون ويفسدون وحتى إنهم يرتكبون الجرائم الأخلاقية، يعني أنا كشخص كنت تقريبًا أحمل الإجازة الجامعية وأعمل في شركة يعني غالب المنتسبين لها إما [لديهم شهادة] صف تاسع وبكالوريا وكنت أحظى بالاحترام يعني لم يكن هناك أي صيغة من صيغ عدم الاحترام لوجودي في الشركة فلم أكن على المستوى الشخصي أتعرّض لأي موقف بالعكس كان موقعي موقع الاحترام أن هذا شاب مثقف وكنت أتكلم بحرية حتى كنت أعلّم العمال الوضوء والصلاة والعبادات وأعطي في فترات الاستراحة لمحات عن التاريخ والثقافة، لكن المعاشات والأجور مثلها مثل بقية القطاعات في الدولة في غاية السوء يعني لم تكن تكفي وكان حديث العمال أيضًا دائمًا التذمر من غلاء الأسعار وانخفاض الأجور بشكل دائم وأبدًا لم يكن هناك أي موظف سوري في فترة التسعينات سعيدًا براتبه إلا الذي كان يسرق وينهب، والسرقة والنهب من اختصاص طائفة بعينها، يعني هذا لم أشهده صعوبة التوظيف أو ممارسة الطائفية لم أشهده إلا في الخدمة العسكرية يعني بدأت أتعرف إلى تطييف المجتمع السوري عندما انتقلت إلى الخدمة العسكرية مباشرة يعني منذ التحاقي من اليوم الأول تجد التمييز يعني ضارب الأطناب في كل شيء، في الفرز وفي القطعات وفي التشكيلات العسكرية وفي المعاملة وفي نبرة الصوت وفي الصعوبات وفي كل شيء تجد الطائفية أمام عينك في الجيش منذ أول يوم إلى آخر يوم، وإذا قلنا إن للطائفية ألوانًا وخطوطًا فكانت تعتمد دومًا على إهانة الشخصية يعني كانت الإهانة ممنهجة يعني كما قلت لك في المرحلة المدنية لم أكن أشعر بهذا لأننا بالأساس لا نتطوع في الجيش يعني ممنوع التطوع تقريبًا أي واحد يذهب إلى الكلية الحربية أو البحرية أو الجوية وإلى الأمن الجنائي كما يعرض على شاشات التلفاز، كان يذهب أبناء عمومتي فلا يتم قبول أي أحد منهم ولم يكن هناك أي ضابط من العائلة على عددها الكبير مسجلًا في إحدى الكليات العسكرية إلا ضابطًا واحدًا وفي عصر متأخر في عام 2007 تم قبوله وانشق من الجيش برتبة نقيب وهو النقيب يوسف الدغيم، أما أنا على المستوى الشخصي فلم أشهد هذا إلا بعد دخولي إلى سلك الخدمة العسكرية يعني مثلًا الفرز عادةً كان يُفرز الشباب الجامعيون إلى الإدارات يعني يُفرزون للإدارات في دمشق وفي حمص وفي حماة، وأنا تم فرزي إلى منطقة صحراوية بعيدة جدًا يعني منطقة مطار التيفور العسكري، الكليات مثلًا كان يفرز دائمًا إلى كليات الإشارة وغيرها وتم فرزي إلى كلية الدفاع الجوي وهي كلية بغاية الصعوبة. عندما تذهب إلى الخدمة العسكرية لتُقدَّم لك الأوراق يعني عليك أن تسجل أقرباءك إلى الجد السابع تقريبًا.
كطالب كنت أسكن في مدينة دمشق عند وفاة حافظ الأسد وأيضًا كنت موظفًا في شركة المغازل والمناسج وبصراحة كان نبأ وفاة حافظ الأسد يعني نشر الفرحة والسرور في قلوب كل السوريين، يعني تجد الجميع مسرورًا بموته وكأنه خبر عرس أو فوز عظيم يعني كنا نحن مثلًا طلابًا نسكن في إحدى الشقق السكنية حوالي تسعة طلاب يعني بعض الطلاب قام بالزغردة عندما سمع بوفاة حافظ الأسد والذي أعلن خبر وفاة حافظ الأسد هو مروان شيخو والتلفاز كان هو مصدر تلقّي المعلومات يعني مشاعر البهجة والفرح والسرور لكنها مقموعة يعني لم يكن هناك أحد يستطيع أن يعبّر عن فرحه أو سروره بموت حافظ الأسد. ذهبت في اليوم الثاني إلى الشركة وكان الوجوم والعبوس في وجوه الموظفين والمديرين والعمال وكانت توشّح صور حافظ الأسد بالزاوية السوداء أو بالوشاح الأسود في الصالات والقاعات لكن عندما كان العمال السنّة يختلون ببعضهم كانوا يتحدثون بسرور وبهجة عن موت الرئيس، وعندما كان عامل علوي يأتي إلى المجلس يتم تغيير وضعية الجلوس والحديث ويتجه الأمر للاكفهرار والعبوس، وشاهدت بعيني الناس العلويون يبكون أو يتباكون على موت حافظ الأسد، هذا في الصباح وبمجرد أن مضت ساعتان أو ثلاثة من اليوم التالي بدأت السيارات تتوشح بالسواد والمحلات تتوشح بالسواد وبدأت النساء تلبسن السواد وبدأت كل المحلات تضع شارات السواد وصور حافظ الأسد وعليها شارة السواد وعلى المحلات وعلى السيارات، وأتى إعلان من الشركة أنه يجب التجمع في الباصات للذهاب إلى مشفى الشامي لإلقاء ما يسمّى مظاهرة حزن أو إلقاء النظرة الأخيرة وهذا استمر لثلاثة أيام، يعني ثلاثة أيام تذهب الباصات تعبّئ العمال من كل الشركات في دمشق وتذهب الشركات إلى ساحة الأمويين ويتم تفريغ الناس هناك ثم يتجه الناس من ساحة الأمويين إلى حي المالكي حيث يوجد مستشفى الشامي الذي فيه جثة حافظ الأسد ويقومون بالطواف حول المشفى وكانت هناك كتائب الوحدات الخاصة والحرس الجمهوري تطوّق المشفى بحراسة أمنية مشددة، أنا بصراحة كعامل أو كطالب لم أكن أعرف ما يجول في أروقة القصر إلا ما كنا نتابعه على التلفاز من اجتماع مجلس الشعب وعبد القادر قدورة (رئيس مجلس الشعب السابق- المحرر) وتمديد الدستور لكن يوميًا كان يقوم الطلاب العلويون في حي المزة والمدينة الجامعية و[مساكن مزة] 86 من بعد صلاة المغرب يوميًا يتجمّعون بمئات الآلاف ويحملون صور بشار الأسد ويهتفون بحياة بشار الأسد والفداء لبشار الأسد وأن الرئيس هو بشار الأسد و[يقولون:] رئيسنا خلّف رئيسنا، يعني هذه الكلمة كنت أسمعها بأذني يوميًا: رئيسنا خلّف رئيسنا، وينزلون من المدينة الجامعية إلى ساحة الأمويين إلى مشفى الشامي وفي اليوم الثاني يشكّلون مظاهرة صباحية وتنزل وتختلط بمسيرة العمال والنقابيين وغيرهم ويهتفون بهذا الهتاف: رئيسنا خلّف رئيسنا، يعني تمامًا وكأن بشار قد أصبح يعني الرئيس الشرعي، ملؤوا المدينة الجامعية وكليات الطب والأسنان وكليات الحقوق والشريعة ولا أحد يجرؤ أن يتكلم بحرف واحد أو حتى انتقاد واحد، أظن أني سمعت الانتقاد الواحد أو الرأي من نائب في مجلس الشعب حينها على وسائل الراديو أظن اسمه منذر الموصلي هذا الشاب قال: ما هي الأسباب المُوجِبة لتعديل الدستور؟ يعني طالب بالأسباب الموجبة لتعديل الدستور وأيضًا كان هناك صوت لمأمون الحمصي فيما أعتقد يعني طالبوا بالأسباب المُوجبة لتعديل الدستور لينتفض عبد القادر قدورة رئيس المجلس -هذا نسمعه على الراديو- ويقول كل هذه المظاهرات والشعب خرج بالملايين وتحتاج إلى أسباب موجبة لتعديل الدستور؟ نحن مجلس الشعب وهذا الشعب قال كلمته، يعني هذه الكلمات لقيت صدى عند النفَس المُعارض في الشارع السوري بالترحيب لكنهم كلهم اعتقدوا أن منذر الموصلي سيُقتل يعني أو مأمون الحمصي سيُقتل على هذه الكلمة، هذا دليل على السطوة الأمنية الكبيرة التي كانت في مدينة دمشق، بالنسبة ما زلت أنا هنا في كلية الشريعة رأيت بنفسي الدكتور البوطي يتجهز للسفر لحضور جنازة حافظ الأسد رأيته حيث أنا كنت أسكن في حيّه الذي يسكن فيه، جاءت سيارة وكان يجهز حقائبه ليذهب للمشاركة في جنازة حافظ الأسد ثم أنا ذهبت بعد وفاة حافظ الأسد أعطوا هنا عطلة في الشركة لمدة ثلاثة أيام للجنازة من يريد أن يشارك في الجنازة في القرداحة طبعًا أنا لم أشارك إنما ذهبت إلى الكراج وذهبت إلى قرية جرجناز في إدلب وتابعت ذلك على شاشات التلفاز لأرى الدكتور البوطي خطيبًا في الجنازة يصلّي على الرئيس ويبكي على الرئيس ويخطب بحمد الرئيس والثناء عليه، وبصراحة منذ ذلك اليوم بدأت أكرهه يعني وسقطت شخصيته العلمية من أمام أعيننا وبدأنا نعدّه أنه أصبح شيخ السلطة وشيخ الرئاسة وبدؤوا طلابه يتهامسون ولم يكن هناك مواقع تواصل اجتماعي فيسبوك أو واتساب أو سكايب نتبادل هذه [الأحاديث] كان يعني ربما الخليوي لكن لم يكن أحد يرسل هذه الرسائل لكن عندما نلتقي كانوا يعبّرون عن سخطهم على الخط الذي يمشي به الدكتور البوطي بل إنهم كانوا يجهرون ببعض دروس العزاء في مناطقنا يعني بكراهيته وأنه أصبح مؤيدًا للرئيس السوري.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2023/08/20
الموضوع الرئیس
الفساد في مؤسسات نظام الأسدكود الشهادة
SMI/OH/215-05/
أجرى المقابلة
إدريس النايف
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
1990 - 6/2000
updatedAt
2024/04/26
المنطقة الجغرافية
عموم سورية-عموم سوريةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
مجلس الشعب - نظام