الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

جمعة الزحف إلى ساحات الحرية وبدايات السلاح

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:19:41:01

هنا بعد شهر آب/ أغسطس بدأت المظاهرات تتوسّع بشكل كبير، واللجنة الفنية أصبحت هي فريق تنظيم رسمي للمظاهرات يشرف على إعداد اللافتات والكلمات والأعلام وإضافة لمسات جديدة للمظاهرات مثل بالون الهيليوم الذي يطير ويرفع أعلام الثورة والورود والرسائل التي بدأت تظهر بشكل مختلف ضمن المظاهرات، وهذه نتيجة مناقشات وأفكار ضمن أعضاء اللجنة وعمل دؤوب يبدأ بشكل مستمر قبل يوم من المظاهرة ومن صباح يوم الجمعة والتجهيز يتم على أكمل وجه حتى الصلاة. 

وهنا أصبحت ساحة مسجد سعد في مدينة إدلب هي الساحة الرئيسية للتظاهر وكانت تتّسع لأعداد جيدة (كبيرة) وتُعتبر آمنة نسبيًا بالنسبة لباقي الساحات وكانت تخرج فيها مظاهرات كبيرة ومنظّمة، وهنا خفّ قليلًا القمع والقمع لم يعُد مرحلة غاز مسيل للدموع وهراوات وأصبح إمّا رصاصًا.. وحين يحدث قمع فمعنى ذلك يوجد شهداء في هذا الوقت، فكانت تمرّ مظاهرات كبيرة ويتم قمع بعض المظاهرات بالرصاص الحي واستشهاد بعض الشهداء. 

وفي ذلك الوقت اللجنة الفنية كانت تتوسّع وتأخذ دورًا كبيرًا في المظاهرات، والتنسيقية كانت على الضفة الأخرى كان البث المباشر حاضرًا دائمًا لكل جمعة  والفيديوهات حتى من شهر تموز/ يوليو وآب/ أغسطس تنزل بشكل يومي، وكل مظاهرة تُوثّق بشكل دائم ولكل حدث، وأصبحنا مجموعة من الشباب وكنا 12 شخصًا في التنسيقية وأربعة [أو] خمسة شباب رئيسيين ولدينا مقر عند ملهم نجتمع بشكل يومي ونُنهي المظاهرة ثم نذهب إليه ونرتّب المقاطع ونرفعها ونتواصل ونرتب الكاميرات ونزيد معداتنا ونتواصل مع الناس خارجًا، وأصبح هناك خطوط واضحة للتواصل مع أشخاص في الخارج ومساعدتنا في مواقع التواصل الاجتماعي، وتطوّرت التنسيقية لتكون الجهة الأولى أو الوحيدة لتغطية المظاهرات وتُعتمد من قبل كل القنوات العالمية للبث المباشر والفيديوهات اليومية للمظاهرات 

وهذا الأمر استمرّ بنفس الوتيرة، مظاهرات كبيرة تُقمع أحيانًا ويقع شهداء، حادثة معينة تمرّ بها إدلب كل بضعة أيام مثل استشهاد شخص على الطرقات الزراعية ويتم قنصه وكان هناك مثلًا شباب يمرّون من الحواجز ويتم اعتقالهم أو قتلهم أحيانًا، وحصلت أحداث بدايات للسلاح ونسمع إطلاق رصاص في المكان الفلاني فاستُشهد ناس أو صار هناك قتلى من الأمن على الحواجز، لم تكن الأمور بالنسبة لنا واضحة ولم أكن داخل هذا الموضوع في هذا الوقت ولكن كنا نسمع بأنه يقع ضحايا كل بضعة أيام في إدلب، وأصبح هناك أنواع جديدة من المظاهرات وكان هناك مظاهرات طلابية وكنا نذهب إلى المدرسة وليس فقط للدوام وكنا نذهب ونُنظّم لنقوم بمظاهرات طلابية متخصصة ومظاهرات نسائية متخصصة،  ومظاهرات المثقفين كانت تخرج بشكل مختلف، نقابة الأطباء تخرج وحدها ومظاهرة نقابة الصيادلة والمهندسين والمعلمين، وكان شيئًا نوعيًا جديدًا من المظاهرات يتم في المدينة واستمرت هذه المرحلة إلى اليوم الذي ازدادت فيه وتيرة القتل مرة أخرى في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر في 30 /11 كان يوم اسمه يوم الأربعاء الأسود في مدينة إدلب، وهذا من الأيام التي لا أنساها. 

والأربعاء الأسود كان والنظام هنا أطلق مسيرات مؤيدة كبيرة في المربع الأمني لديه في مناطق سيطرته فكان هناك مسيرة مؤيدة كبيرة، وقرّرنا أن نخرج في مواجهتها وخرجنا من شارع الجلاء يوم الأربعاء وكان قرابة 5000 شخص في المظاهرة ووقفنا وكان هناك حاجز للأمن على مدخل المحافظة دوار المحافظة ووقفنا لأكثر من ساعتين أمام الأمن ونرفع اللافتات ونُسقط النظام. 

وكان مكتب التنسيقية خلف هذا المكان مباشرة وكنا نقوم بأشياء، الأعلام والبالونات ونرفع أعلام الثورة ونأتي بكاميرات ونبدّل البطاقات، يعني في نفس المكان أتردّد إلى المظاهرة وبعد ساعتين بدأ إطلاق الرصاص بشكل مباشر على المتظاهرين في هذه المنطقة، وتم مباشرة بنفس المشهد استشهاد عشرين شخصًا في ذلك اليوم وكان يومًا أسود على المدينة وسُمّي الأربعاء الأسود و[سقط] عشرات الجرحى، وهذا الكلام بعد العصر إلى المغرب، وبدأت مشافي المدينة تعجّ بالجرحى والشهداء كان شعورًا مختلفًا لدينا، فعلًا كانت حربًا، وأذكر في مشفى الأمومة والولادة للدكتور عز الدين سيد عيسى وهو خالي وهو أحد أهم المشافي التي تحوّلت لمشفى ميداني في ذلك الوقت، وأنا هربت إليه وكان معنا عشرات الجرحى والشهداء ينزلون في المشفى وفي المشافي الأخرى. 

وكان يومًا غريبًا جدًا بالنسبة لنا وكان إطلاق الرصاص مباشرًا، وأذكر في ذلك اليوم هو اليوم الذي لاحظت فيه سلاحًا من قبل الثوار لأنني كنت مستغربًا وحين كنا نقف وحين بدأ إطلاق الرصاص علينا ورأيت بعض الأشخاص يرتدون عباءات وتحتها كان [يوجد] أسلحة، وحاولوا أن يدافعوا عن المظاهرة ولا يتركون النظام يطلق الرصاص أكثر أو يتقدم إلى المتظاهرين، ولكن كان السلاح فرديًا وخفيفًا جدًا ولم يكن هناك قدرات على هذا الموضوع، فاستُشهد عدد من الثوار والمتظاهرين واعتُقل أبو يحيى مشقع وكان من قيادات الثورة في إدلب وكان قاشوش إدلب الذي يقود المظاهرات وتم اعتقاله ومعه مسدس في ذلك اليوم، وكانت كارثة كبرى للناس أنَّه سيتمّ إعدامه أو قتله بطريقة ما. 

وفي ذلك الوقت بقينا إلى بعد العشاء ننقل جرحى بين المشافي وهناك شهداء ونسمع أسماء جديدة عن الذين استُشهدوا، وإدلب كلها عبارة عن بركان نار إلى المساء. كانت قد بدأت مفاوضات بين وجهاء إدلب والنظام لمحاولة إخراج بعض المعتقلين ومحاولة تخفيف الاحتقان واختلف هنا السياق لأنَّ الناس صارت تخاف وثبت أنَّ القتل أصبح كبيرًا وبدأت بوادر السلاح من الطرفين وستتحوّل الأمور لمعارك وقتال أكبر وبدأت الناس تُحجم وتخاف مما سيحصل، وهنا المظاهرات بدأت تخرج محميّة بالسلاح في تلك الفترة، وأي اقتراب من قوات النظام كانت الناس تنسحب، المتظاهرون، ويتم قتل أو جرح مجموعة من المتظاهرين ثم تكون مواجهة مسلحة بين النظام وبين الثوار في تلك البدايات وواحدة من هذه المواجهات في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر في نهاياته كان هناك أشبه بمعركة حصلت بين الثوار وبين النظام في الحي الشمالي في دوار المحراب، وكنت هناك في الليل إلى الساعة 12 ليلًا وكانت مواجهات بسيطة بمسدسات وبنادق خفيفة يتم إطلاق الرصاص، وكان الرد من النظام بشكل عنيف جدًا في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر  وهذا الموضوع استمر حتى شهر كانون الأول/ ديسمبر وفي شهر كانون الأول/ ديسمبر كان هناك تغيير مهم في المدينة، وأصبح في نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر دمج الريف إلى المدينة، وللمرة الأولى استطاع الريف الزحف إلى المدينة في جمعة الزحف إلى ساحات الحرية، وأن ينزل من كافة الأطراف ومن سرمين وسراقب ومن بنش ومن مناطق أخرى وتجمّعوا ونزلوا من مدينة بنش باتجاه إدلب، وكانت جمعة الزحف إلى ساحات الحرية، ولأول مرة نرى أعدادًا ضخمة جدًا من المتظاهرين والتقت مظاهرتا المدينة والريف في منطقة المحراب في إدلب، وكان فيها مئات آلاف المتظاهرين، وهي أكبر مظاهرة بهذا الحجم في مدينة إدلب بعد استشهاد محمد وكان السلاح فيها واضحًا من بنش ومن مناطق أخرى وبيك أب (سيارة نصف نقل) وفيها ناس مسلحون ولديهم جُعَب ومدرّبون لحماية المظاهرة، وكان أيضًا هناك نشوة كبيرة في إدلب واختلاف في مرحلة الثورة من المظاهرات السلمية وبدأت المرحلة المسلحة في مدينة إدلب، وفي يوم الزحف لساحات الحرية بدأ قمع المظاهرة بشكل جيد، وكنت أنا وشباب التنسيقية معي وكان مسلم سيد عيسى وابراهيم المعلم وعدة شباب في ساحة السبع بحرات لما وصلت المظاهرة إلى هناك بدأ قمعها بشكل شديد لدينا، وبدأ إطلاق الرصاص الكثيف علينا ولدينا لحظات مصوّرة، وكان هناك ناس سلميّون كانوا فقط  يتظاهرون وكان فيها إطلاق رصاص، وبعد ذلك تفرقت المظاهرة وبقي إطلاق رصاص متبادل حتى وسط الليل، وكان هناك دمج شديد وأزيلت الحواجز من الطرقات وكان وصلًا بين أهل [مدينة] إدلب وأرياف إدلب.

الوفد (وفد الجامعة العربية) بقي جمعتين في إدلب، في الجمعة التي سبقت وفي جمعة الزحف إلى الساحات، واستقبلناهم في البداية، وفي الجمعة الأولى كانت المظاهرة في مسجد سعد ودخلوا إلى المظاهرة وشاهدوها بشكل كامل وتعرّفوا إلى الناس وإلى قصص الشهداء وما حصل في المظاهرة، وخرجنا من مسجد سعد وذهبنا معهم وتغدينا سويًّا مع مجموعة كبيرة من ثوار إدلب وكنا نتوقع أن نتائج الأسبوع القادم أنَّه سيتم إسقاط النظام من قبل الجامعة العربية أو من قبل اللجنة، لأنه رأينا أنهم مقتنعون بكل شيء في إدلب في الثورة وقمع النظام لها، ولكن اكتشفنا في الأسبوع التالي في جمعة الزحف إلى ساحات الحرية أنه لم يكن لهم أي دور وكانوا معنا في داخل المظاهرة حين بدأ إطلاق الرصاص، لا أحد أخذ لهم أي اعتبار وكانوا أقرب ليُصابوا بالرصاص في المظاهرة لأنه قد تم إطلاق الرصاص مباشرة على المتظاهرين وهم موجودون داخل المظاهرة وتم قمعها، وكان واضحًا أنَّ المظاهرة في تلك الأثناء كانت كلها متوجهة بهتافات مدنية، لم يكن في داخل (صفوف) المتظاهرين أي مظاهر مسلحة، وكان هناك حماية للمظاهرة ولكن في أطراف أخرى وكانت اللجنة موجودة وتم إطلاق الرصاص واستشهاد العديد من الشباب في هذا اليوم. 

كان في شهر كانون الأول/ ديسمبر [عام 2011] وشهر كانون الثاني/ يناير من عام 2012 تنوّع بين ساحة سعد وساحة الساعة وساحة الساعة كانت أقرب لمنطقة النظام وكانت مخيفة وساحة سعد منطقة أكبر وأكثر أمانًا، وكان يتم التنويع بين الأسابيع لتشغيل المنطقتين وأيضًا بحسب الوضع الأمني، وفي ساحة الساعة تعرضنا لعدة اعتداءات من النظام كان آخرها قذيفة وكانت القذيفة الأولى على مدينة إدلب وهذا الموضوع لا يُنسى وكانت أول  قذيفة دبابة أُطلقت على المدينة باتجاه الحي الشمالي، كان فيها مستودع لجمعية "رحماء بينهم" وهي الجمعية الإغاثية الأولى التي أسسناها في إدلب تقريبًا في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2011 بحكم وجود العدد الضخم من الشهداء والمعتقلين وعوائلهم الذين يحتاجون مساعدات إنسانية، [أُطلقت القذيفة] على مستودع هذه الجمعية واحترق كل شيء فيها، وكانت بالنسبة لنا علامة فارقة وتحطيمًا لآمالنا في مساعدة الناس وكان هناك مساعدات غذائية ومواد إغاثية قد جُهزت قبل أيام للتوزيع، وهذه كانت القذيفة الاولى على مدينة إدلب وكان هناك قذائف دبابة على المدينة وبدأنا نرى الدمار ونتائج القصف على المدينة.

في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 كنا مجموعة التنسيقية نفسها ولكن التنسيقية كانت مسؤولة عن الإعلام بشكل رئيسي واللجنة الفنية كانت مسؤولة عن تنظيم المظاهرات، ورأينا جانبًا مهمًا أنَّه أصبح هناك عدد كبير من عوائل المعتقلين والشهداء، وإدلب منطقة فقيرة فالناس بحاجة مباشرة للمساعدة والجرحى أيضًا بحاجة تكاليف كبيرة، ورأينا حاجة لتنظيم عمل إغاثي لمساعدة هؤلاء الناس، وفي البداية كنت أنا وبلال جبيرو كنا أعضاء في تنسيقية المدينة في البداية ورأينا أنَّ العمل الإعلامي قد أخذ حدًّا معيّنًا ويسير في طريقه وهذا الجانب مهم جدًا وبدأنا أنا وبلال وأبو يوسف ومختار ومجموعة من الشباب بتأسيس هذه الجمعية لمساعدة مجموعة من عوائل المعتقلين والشهداء نعرفهم، والأموال كانت في البداية وأول شيء عملنا به هو ملء هذا المستودع بالمواد الإغاثية وجهزنا 200 سلة إغاثية لمساعدة 200 عائلة شهيد ومعتقل وجريح، وسهرنا الليل في تجهيز السلات وفي نفس اليوم الذي وضعناها [فيه] في المستودع، وننتهي من التظاهر لنبدأ بالتوزيع، وأتت القذيفة وحرقت كل ما في المستودع وصار الحريق وأصابت وسط المستودع، كانت في منطقة المحراب وكانت خيبة أمل شديدة لنا ولكن كانت نقطة أساسية للتحول باتجاه العمل الإغاثي، وحينما سمعت الناس بالقصة وأن هذا الشيء كنا قد جمعناه، كانت المئتا سلة من أهلنا ومعارفنا فقط من المدينة، وقد اشترينا هذه المواد ولكن حين عرفت الناس القصة أكثر وكيف احترق المستودع وقُصف بدأ يتواصل معنا أقاربنا في الخارج في السعودية والإمارات وأمريكا، وتواصل معي أكثر من شخص من أقاربي سمع بالقصة وكتبنا عنها في الفيسبوك وبدأت التبرعات الخارجية [تأتي] وتُعتبر المرة الأولى، وأكثر من شخص بدأ يرسل لنا أموالًا لتجهيز السلات [الإغاثية]، وبعد عدة أيام جهّزنا سلات مضاعفة ومساعدات للجرحى، وبدأت الجمعية في مدينة إدلب بشكل رسمي وقوي لمساعدة العوائل داخل المدينة، ودامت عملية التوزيع لمساعدة الناس الفقراء والمحتاجين في المدينة، كانت أشبه ببصمة إنسانية للثورة في البدايات، وحتى غير عوائل المعتقلين والشهداء ليرى الناس تفكير هؤلاء الثوار كيف يساعدون في وقت الحاجة بالإمكانيات المتاحة، وهذا استمر معنا بنفس الطريقة حتى الخروج من إدلب.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/09/05

الموضوع الرئیس

الحراك في إدلب

كود الشهادة

SMI/OH/71-07/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

11/2011 - 1/2012

updatedAt

2024/04/26

المنطقة الجغرافية

محافظة إدلب-مدينة إدلبمحافظة إدلب-ساحة الساعة

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

جامعة الدول العربية / الجامعة العربية

جامعة الدول العربية / الجامعة العربية

بعثة المراقبين العرب

بعثة المراقبين العرب

جمعية رحماء بينهم

جمعية رحماء بينهم

تنسيقية مدينة إدلب

تنسيقية مدينة إدلب

الشهادات المرتبطة