إرهاصات الثورة السورية وانطلاق التظاهرات في حمص
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:15:51:21
بالحقيقة الشعب السوري قبل الثورة من الضغوطات النفسية التي كان يعانيها من قِبل النظام المجرم التي تشمل الضغوطات الاقتصادية وموضوع التعليم والفساد إلى آخره، تحدثنا سابقًا عن هذه الضغوطات وكانت أحد المؤشرات الأساسية في أن هذا الشعب ممكن أن ينفجر بأي لحظة، لكن كيف ومتى لا أحد يعرف، بدأت بتونس، أنا قبل الثورة كان عمري 19 سنة فأنا من شباب الجيل الجديد واهتماماتنا لم تكن سياسية أو لها علاقة بمفاصل الدولة، اهتماماتنا أنا مثلًا أركض وراء دراستي وأن أحقّق حلمي بالدراسة، وهوايات مثل لعب كرة القدم إلى آخره وقضاء مشاوير مع أصدقائي، فلما صار موضوع الثورة بتونس والبوعزيزي أحرق نفسه وبدأت الأخبار تملأ المحطات الفضائية فبدأنا نحن هنا نتابع حدثًا كبيرًا ما قبله مختلف عمّا بعده قولًا واحدًا، بدأت القنوات تغطّي وهناك مقطع أثّر بنا كثيرًا عندما يخرج هذا الشخص ويقول: بن علي هرب، بن علي هرب، الشعب التونسي لا يموت، فهذا حرّك شيئًا بداخلي عظيمًا جدًا وبقيت الثورة التونسية أيامًا قليلة وهرب بن علي، وبعدها الثورة بمصر ثورة يناير يعني الشيء الذي قدّمه الشعب المصري بهذه الثورة الحضارية والهتافات والأهازيج الثورية أثّر بنا كثيرًا وفوق ما تتصوّر، فنجلس أنا وأصدقائي الشباب المقرّبون جدًّا عند محل صديقنا -استُشهد الله يرحمه- ونتابع قناة الجزيرة أو العربية وكل القنوات التي كانت تنقل الأحداث ونتابع بشغف كبير جدًا، شيء لم يكن طبيعيًا، يعني سقط رئيس تونس، ومبارك سقط أيضًا خلال أقل من شهر أو شهر وصارت الثورة باليمن وصارت الثورة بليبيا يعني صار عندنا تلهّف كبير جدًا أننا كيف يمكن أن تنطلق الثورة عندنا؟ الشعب مُحتقن ويريد كلمة فقط ولكن لا أحد يعرف كيف، وبنفس الوقت الخوف الذي كان النظام قد زرعه بقلوب الشعب السوري رهيب جدًا، يعني نحن الأخبار والقصص التي وصلت إلينا من المجازر التي حصلت بالثمانينات أو الشيء الذي كانت تفعله المخابرات السورية ونحن كنا نراه يعني أحداث ما قبل الثورة هو كثير، أي أحد يتكلم كلمة أو شخص لديه توجّه ديني معيّن كله كان يُعتقل، يعني كانت القبضة الأمنية قوية جدًا، فالشعب السوري كان خائفًا ولا يعرف كيف ستنطلق الثورة بصراحة وبنفس الوقت كان متلهّفًا لهذا التغيير يعني اليوم -تحدّثت من قبل- لا نُنكر دور الإنترنت بتقريب المسافات ومتابعة أخبار الناس لأنك عندما ترى الدول المتقدّمة والحضارة الموجودة عندهم تجد مثلًا دولة تعيش تجربة انتخابية راقية ويتبدّل الرئيس، الرئيس هو عبارة عن موظف ولا يوجد أحد يستملك خيارات البلد فأنت يصبح عندك إحساس داخلي عندك برغبة التغيير وأنه لماذا نحن لا نعيش مثلهم؟ ماذا ينقصنا؟ عنا ثروات وعندنا خيرات بالبلد وعندنا كفاءات وعندنا عقول وعندنا كل شيء، الشعب السوري مبدع فلماذا لا يحصل عندنا تغيير؟ لمذا هؤلاء الناس هم أنفسهم يتحكمون ويورثون لأبنائهم هذا الشيء؟ يعني هذا الفساد صار مُتوارَثًا يعني صار الأمر يشبه مثلًا الشخص عندما يعمل كثيرًا يصبح عنده خبرة متراكمة فالفساد صار خبرة متراكمة يعني منذ استلم المقبور حافظ الأسد إلى يوم صارت الثورة خبرة متراكمة فنون بمصّ رزق الناس وسرقتها وفرض الضرائب عليها والفساد ليس طبيعيًا في كل المؤسسات، فلما صارت قصة أطفال درعا قبل 18/ آذار/ مارس صرنا نسمع أخبارًا وبنفس الوقت قبل قصة أطفال درعا كان هناك قصة ثانية وهي موضوع الدعوة للمظاهرات، وبصراحة النظام كان خائفًا جدًا يعني لما بدأت بتونس سقط رئيس تونس وسقط رئيس مصر واليمن وليبيا فالنظام هنا عرف تمامًا أن الدور سيأتي إليه قولًا واحدًا فأنا لا أتذكّر التاريخ ولكن غالبًا قبل انطلاق الثورة يعني قبل بشهر أو بأيام قليلة كانت تخرج دوريات وتتجول هذه الدوريات وكانوا يخرجون خصوصًا بالليل من بعد [صلاة] العشاء فالنظام يشعر أنه ممكن أن يحصل شيء يعني لم يتدارك هذا الموضوع، الناس تنتظر كلمة وقبل شهر آذار/ مارس كان هناك دعوات للمظاهرة وانتشرت الدعوة للمظاهرة بشهر شباط/ فبراير سيكون هناك مظاهرة بشهر شباط/ فبراير ربما بدمشق حدّدوا الموعد والتاريخ وكذا وفشلت المظاهرة إلى أن نشروا دعوة في 15/ آذار/ مارس خرجت مظاهرة دمشق وكانت هي أول مظاهرة في سورية: الشعب السوري لا يُذلّ، حرية حرية، هكذا كانت شعاراتها، يعني كان هناك شيء بدأ ينكسر حاجز الخوف ما انكسر ولكن نحن كشعب سوري كان شعبًا عاطفيًا جدًا بصراحة وإلى الآن يعني الشعب السوري هو شعب عاطفي بامتياز، والشيء الذي أثّر بنا نحن أكثر شيء يعني مع تلهفنا لثورات الربيع العربي ونتمنى أن التغيير يحصل عندنا الشيء العاطفي الذي حركنا هو أطفال درعا حرك السوريين عن بكرة أبيهم عندما صار موضوع قصة درعا وأطفال درعا والشيء الذي حصل وخرجت أول مظاهرة بدرعا، على فكرة أيضًا خرجت عندنا في حمص في 18/ آذار/ مارس ولكن تم اعتقال الأشخاص بسرعة ومنهم صديقي -رحمه الله- عبد الرحمن أورفلي، ويوجد شيخ من بيت حوري زادة أيضًا اعتُقل معي وبعدها استُشهد، فهؤلاء الأشخاص تقريبًا حوالي 20 أو 25 شخصًا خرجوا من جامع سيدنا خالد وفورًا تم اعتقالهم، النظام هنا صار كل نهار جمعة يملأ المساجد والجوامع بعناصر الأمن، في 15/ آذار/ مارس كان مملوءًا جامع سيدنا خالد بعناصر الأمن بشكل لا يوصف وأول ما صاح الشباب: الله أكبر، كانوا مُعتقلين كلهم، 25 شخصًا شبعوا تعذيبًا وخرجوا بعد حوالي 15 يومًا أو 20 يومًا من التعذيب وقتل وكذا خرجوا، لكن في 18/ آذار/ مارس سقط أول شهيدين بالثورة السورية في درعا والشيء الذي أيضًا -بوجهة نظري- حرّك مشاعر السوريين مع قصة أطفال درعا ومع موضوع الشهيدين اللذين سقطا، الفن كان له دور كبير جدًا بتحريك مشاعر السوريين خصوصًا أغنية لسميح شقير "يا حيف" أنا هذه أول ما سمعتها نمّل جسمي (اقشعرّ) وصرت أبكي حرفيًا يعني الشيء الذي أسمعه لم أكن أتخيّل أن أسمعه حرفيًا لا أعرف ماذا حصل لي وانقلب كياني بسبب الكلمات والقصيدة التي كانت موجودة بهذه الأغنية. وفي 25/ آذار/ مارس بعد أسبوع تقريبًا صارت هناك دعوات عندنا بحمص على موضوع المظاهرة والناس صارت نهار الجمعة، لماذا نهار الجمعة؟ لأنه يوم تمتلئ فيه الجوامع فهو أنسب توقيت لانطلاق المظاهرة والناس كلها في عطلة فيعني هو توقيت ممتاز، عندنا في حي الخالدية لم نخرج كمظاهرة بالخالدية الأمن كان يملأ المساجد لكن نحن نعرف أنه سوف تخرج مظاهرة فانطلقنا مباشرة يعني نحن عندما رأينا النموذج المصري وساحة التحرير قلنا إن ساحة التحرير عندنا هي ساحة الساعة الجديدة عند كل الحماصنة، فبالفعل يعني نحن فورًا انطلقنا إلى الساعة مباشرة أنا أتذكّر أني ركبت دراجة هوائية وذهبت يعني في بعد كم كيلو يعني لكن قلت من أجل أن نلحق لأني متلهّف وأتابع يعني لماذا لم يخرج الناس ماذا حصل؟ الساعة القديمة بعدها الساعة الجديدة يعني بينهما شارع القوتلي فوصلت إلى الساعة القديمة ودخلت في شارع القوتلي فرأيت أشخاصًا يحملون صور بشار الأسد، ما هذه المشكلة؟ فقلت: ليس مصلحة أبدًا فدخلت بينهم و[وهم يهتفون]: بالروح بالدم نفديك يا بشار ما هذا؟ على أساس مظاهرة! قطعت ووجدت المظاهرة من الجهة الثانية يعني هم كانوا من جهة الساعة وفي الوراء عند الساعة القديمة هم مظاهرة التأييد أو المسيرة كلها شبيحة وعناصر أمن ويرفعون صورة بشار الأسد ومعهم عصيّ كهربائية قد خبّؤوها فأنا قطعت المنطقة ولما رأيت جماعتنا يعني جماعة الثورة فهنا فرحت فدخلت والعالم تهتف: الشعب يريد إسقاط المحافظ، حرية حرية إسلام ومسيحية، بالروح بالدم نفديك يا درعا، هذه أغلب الشعارات التي كانت مرفوعة في ذاك الوقت كان هناك صبيّة (شابّة) تهتف على الأكتاف، وشباب أعرفهم -استُشهدوا رحمهم الله- من عندنا من الحارة أيضًا كانوا يهتفون على الأكتاف والساحة ممتلئة يعني المنظر كان رهيبًا فأنا أتذكر أننا نهتف بهذه الشعارات فأنا صرت أبكي أنه معقول مشي الحال؟ فرأيت شخصًا -رحمه الله، أيضًا استُشهد- من بيت الغنطاوي من عندنا بالحارة هو شيخ يعني فقلت له: -هو كبير بالعمر يعني تقريبًا أكبر منا كان عمره حوالي 35 أو 40 سنة- ماذا يا شيخ هل انتصرنا؟ فقال لي: إن شاء الله بإذن الله منصورون، وأنا أبكي ولست مُصدّقًا أنه خرجت عندنا [مظاهرة] أخيرًا، وبدأت الهتافات وبدؤوا يرمون قنابل مُسيلة للدموع أول قنبلة مسيلة للدموع وبدؤوا يضربون الناس وكان الشعار: الشعب يريد إسقاط المحافظ، فصار: الشعب يريد إسقاط النظام، مباشرةً تحوّل جذري يعني وبعدها صاروا يضربوننا بالقنابل المسيلة للدموع وصاروا يضربون الرصاص بالهواء وصاروا يعتقلون الناس ويضربونهم والناس تهرب باتجاه نادي الضباط، ونادي الضباط عليه صورة بشار الأسد وحافظ الأسد وربما باسل فخرج شاب من الشباب و[صنع] الرفسة الشهيرة المعروفة، ركل الصورة وهنا العالم طار عقلها يعني، هنا شعرنا تمامًا أنه لم يبقَ خوف نهائيًا ولم يبقَ تراجع، وبدأت الثورة بحمص في مظاهرة 25/ آذار/ مارس كانت هي انطلاق الثورة فيها.
الذي يميّز مظاهرات الشعب السوري أنها كانت مظاهرات راقية جدًا، لماذا راقية؟ لأننا نحن عندما قمنا بالمظاهرات وخرجت الناس لم يبقَ أمن ولا شيء لا رقيب ولا حسيب فأنت ممكن أن تدخل إلى بنوك أو تدخل إلى محلات وتسرقها وتستطيع أن تعمل كل ما تريد وكل شيء متاح ولكن لم تحصل أي حادثة على الإطلاق من هذه الحوادث، نحن رأينا مظاهرة بفرنسا منذ أول مظاهرة بفرنسا دخلوا إلى متجر أبل وسرقوه أما نحن فلم يحصل هذا عندنا أبدًا ولم يفكّر أحد إطلاقًا، فالنظام عندما خرجنا بالمظاهرات صار يقول في قنواته [عنّا]: العملاء الخونة والمندسّون والمخرّبون يقتلون ويضربون، هذا الكلام لم يكن موجودًا أبدًا، يعني الشيء الذي يمكن أن يكونوا اعتبروه تخريبًا هو ركل صورة حافظ الأسد وتمزيقها هذا كان مطلب الشعب السوري أنه يا أخي يكفي 40 أو 50 سنة، ارحلوا عنا. صار النظام يكثّف [دوريات] الأمن وصار يحسب حسابات ثانية، أنا أريد أحكي لك قصة ليست من المشاهدات التي رأيناها بحمص أنا سمعتها منهم عندما كنت بالمعتقل عندما سقط القذافي وقُتل أنا كنتُ بالمُعتقل.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2023/08/20
الموضوع الرئیس
إرهاصات الثورة السوريةالحراك السلمي في حمصكود الشهادة
SMI/OH/224-03/
أجرى المقابلة
خليل الدالاتي
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2011
updatedAt
2024/04/22
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-الخالديةمحافظة حمص-مدينة حمصشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
قناة الجزيرة
قناة العربية