سقوط بغداد وتشتت الجيش العراقي وتجمع المقاتلين العرب
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:22:40:09
العراق أنا ما سنحت لي الفرصة أن أزورها قبل الحرب، زرتها أثناء الحرب، لكن طبعًا مظاهر الحرب كانت واضحة، لكن ليس بهذا الشكل الحاد، يعني الذي صار في العراق لا يقارن لا من بعيد ولا من قريب بالذي صار في سورية، يعني مثلًا مدينة القائم عندما دخلنا عليها، ذكرت أنه يوجد مبنى البريد والاتصالات واقع على الأرض (مهدم) [كان قد] تعرض لقصف أميركي، لكن البناء الذي بجانبه سليم ولا يوجد دمار في باقي المدينة، أنا لست أقول: إن الأمريكان جماعة جيدون، طبعًا في الآخر [هم] مجرمون، والحرب كلها على بعضها كانت اعتداء سافرًا [على] العراق، وقتلوا مدنيين.
لكن إذا قارنت بينهم وبين مثلًا إجرام الروس فشتان يعني الأمريكان كانوا يضربون المنطقة التي يجب أن يضربوها، والتي هي تمثل مثلًا البنية التحتية [من] اتصالات وكهرباء وممكن النقاط العسكرية، أما مثلًا [أن] يضربوا سوقًا [أو] يضربوا مدينة هكذا بشكل عشوائي لم يحصل هذا الشيء أبدًا، لم أر أنا قذيفة نزلت بشكل عشوائي مثلًا في أية مدينة كنت فيها أثناء الحرب كانت المناطق التي تُضرب، تُضرب المناطق بدراسة معينة، يعني إنه [كان] شيئًا مقصودًا، أما يعني مع الأسف تأتي وترى الروس مثلًا لحتى [عندما يريدون أن] يضربوا نقطة عسكرية مثلًا للجيش الحر فكانوا يدمرون الحارة كاملة؛ كانوا يدمرون حيًّا كاملًا، ويقتلون مثلًا عشرات المدنيين حتى يصيبوا مثلًا هذه النقطة، -إذا كان هناك نقطة أصلًا- يعني أحيانًا كثيرًا يستهدفون الأسواق والمساجد، ومعروف أن النظام كان أصلًا يستهدف الأسواق أكثر شيء والمساجد ومناطق تجمع الناس، فإذا أردت أن تقيسها من هنا، فلا توجد نسبة (لا يوجد مجال للمقارنة) يعني يمكن هنا إذا أردت أن تنظر هكذا فمن الممكن أن تجد الأمريكان ملائكة مقارنة بالروس والنظام، علمًا أنهم مجرمون في المحصلة، لكنني أقصد أن مظاهر الحرب لم تكن ظاهرة يعني كثيرًا، فالأسواق كانت شغالة –مفتوحة-، والناس تروح وتأتي وتتحرك بشكل شبه طبيعي كمدنيين، يعني ممكن أنه لا يوجد مدارس لا يوجد كذا إلى آخره، لكن الناس في الشارع تحسها تعيش [بشكل] طبيعي، لا يوجد شيء اسمه مثلًا والله [نحن] قاعدون في الملاجئ من أجل القصف وقصص كهذه، فلم يحصل قصف على المدنيين إلا نادرًا، أو في المحلات التي أنا رأيتها ما صار نهائيًّا، وفي الآخر -في المحصلة- هناك مدنيون ذهبوا [يكونوا] ضحايا، لكن الشيء لا يقارن بالذي صار في سورية، فنسبة الإجرام التي صارت في سورية يعني شيء الناس كلها رأته يعني لا يوجد شيء يصفه.
ذكرت أننا كنا في مدينة الكوت حتى هنا مرت فترة تقريبًا لم يبقَ فيها قصف، أو أنه عندما جئنا كان يوجد دبابات اقتربت من الكوت لكنها لم تدخل عليها، وبحسب رؤيتي أنه لم يحصل هناك احتكاك مباشر بيننا وبين الأمريكان، كان الشغل من بعيد؛ مجرد قصف يعني الأسلحة الفردية كانت يعني أنا لم اُضطر أن أُطلق أية طلقة مثلًا ولا يوجد هدف تطلق عليه أساسًا، مع أن الدبابات ظاهرة لك من بعيد على مثلًا بعد 5 [أو] 6 كيلو ولم تقترب، مرت من جانب الكوت وأنت ليس عندك آليات لتردها أصلًا، فبأسلحتك الفردية كانت مهمتك أنها مثلًا حماية المدينة هكذا فهمونا وقتها أن (مهمتكم) حماية مدينة الكوت، وفعلًا الدبابات لم تدخل.
وهنا مرت فترة نوعًا ما القصف خف، فالأمور هادئة قليلًا حتى مثلًا نحن صرنا نخرج مثلا إلى الأسواق نتمشى قليلًا لنرى المدينة، يعني كان الوضع شبه نوعًا ما هادئًا قليلًا لفترة معينة، وكان مثل ما ذكرت يأتينا الأكل صباحًا وظهرًا ومساءً بشكل منظم فهذا جيش، حتى السلاح الفردي [كان] كثيرًا لأن هناك الكثير من الناس تركوا (أسلحتهم)، يعني في كل فترة يوجد ناس تمل ويوجد ناس يصير معها شيء معين [أو] ظرف معين فتترك (أسلحتها).
طبعًا لم يكن هناك وسيلة اتصال دائمًا، أبدًا يعني لا تعرف ماذا يصير في الدنيا، ولا توجد وسيلة نتصل مع أهالينا أساسًا، كان نحن تقريبًا الناس يعرفون ما الذي يحصل في العراق أكثر منا، فنحن نعرف فقط ماذا يحصل عندنا في المدينة تحديدًا، وخارج نطاق المدينة لا تعرف شيئًا إلا الذي تراه بعينك.
حتى أذكر أنه مرة من المرات قبل أن أذهب إلى الكوت التقينا رجلًا مسنًّا كان من حلب كان يبحث عن ابنه في العراق يعني، وقتها كنا نحن مجموعة من الشباب فأعطيناه أرقام هواتفنا الأرضية ولم يكن هناك خليوي (هاتف محمول)، أنك عندما ترجع إلى سورية طمئن أهلنا أننا نحن بخير، ففعلًا الرجل اتصل بأهلي بعد أن راح إلى حلب، وأخبرهم أنه الحمد لله أحمد صار في بغداد ومن هذا الكلام، طبعًا أهلي لم أكن قد أخبرتهم أنا بالأساس (أنني في العراق)، [فهم] يعرفون أنني في حلب يعني لا يوجد أحد من رفاقي بلغهم أصلًا، يعني ماذا سيقولون لهم يعني لم نكن نحن نعرف شيئًا ولا قادرين أن نوصل أي رسالة أو أي شيء، فلا توجد كهرباء ولا اتصالات.
هنا في مرة من المرات أظن تزامنًا مع معركة المطار -مشهورة معركة المطار- طبعًا أنا لم أشهدها ولم أعرف ما حصل بها، لكن الواضح أنها كانت فاصلة، لأنه من بعد معركة المطار تقريبًا انهار العراق، وأمريكا احتلت بغداد -يمكن بعد يوم أو يومين- فتزامنًا مع معركة المطار نحن لا نعرف ما الذي حصل، ولا يوجد عندنا أخبار عن شيء، و[كنا] بعيدين، فالكوت كانت في الجنوب من المدن الجنوبية يعني بعيدة عن بغداد، لكن الذي لاحظناه أنه في يوم واحد الضباط العراقيون المشرفون علينا لم يبق منهم أحد، فراحوا ولم يرجعوا، والأكل لم يأت، فتركنا دون أن ننتظر أحدًا، نحن هنا عرفنا أن هناك شيئًا، فتواصلنا مع باقي المدارس الذي كنا متوزعين فيها فالشيء نفسه، فلكي نؤمّن (نحمي) أنفسنا تجمعنا كلنا في مدرسة وحدة، وعرفنا هنا أننا ظللنا لوحدنا أو لا نعلم ما الذي حصل، أو الضباط راحت أو ماذا صار في بغداد، وصارت تصل إلينا إشاعات مثلًا أن فيلق بدر قادم، وهذا تبعيته إيرانية وقصص كهذه وإلى آخره، فتجمعنا كلنا في مدرسة -الذين بقوا منا-، ويوجد كثير من الناس راحت، فكنا تقريبًا 300 شخص -ممكن يعني- لكن كان معنا سلاح فردي بكميات كبيرة أنت تخيل مثلًا الذي يروح تأخذ مخازنه وسلاحه -أفهمت علي كيف [كان الوضع]؟- يعني إنه كان مثلًا كل واحد معه يمكن بندقيتين وكلاشينكوف ويمكن 7 [أو] 8 قنابل ويمكن أن تجد مثلًا القليل منهم معهم عدد من الآر بي جي وأسلحة فردية كثيرة.
فهنا بقينا لوحدنا فنظمنا فقط قليلًا من الحرس في الليل نظمنا لأننا صرنا نخاف ونرى ما الذي سيحصل، ولا نعلم ماذا يحصل خارجًا، وفعلًا في اليوم الثاني صباحًا يأتينا شخص مفاوض، وهذا فعلًا من فيلق بدر ومن أهل الكوت، طبعًا نحن عندما الضباط اختفوا واختفى كل شيء تابع للدولة، يعني البعثيون وبيكآباتهم (سيارات مفتوحة من الخلف) والقصص هذه كلها أيضًا اختفت، يعني تُركنا لأنه صار شيء -حدث- عظيم عندهم فهربوا ونحن بقينا، ولا نعرف ماذا سيحصل لنا، فلم يخبرونا أصلًا بالذي حصل، فعلمنا أنه من هؤلاء الجماعة -جماعة فيلق بدر- أو بالأحرى هو كان من سكان المدينة نفسها ولا نعرف من، ولكنه كان معارضة يمكنك أن تقول أن بغداد سقطت أو على وشك السقوط أو بالأحرى أن المنطقة هذه كلها يعني تعد ساقطة، والحزبية هربوا وتركوكم كذا إلى آخره، ونحن ليس لنا مصلحة معكم لنقاتلكم، ومستعدون أن نؤمنكم في باصات لكنكم سوف تتركون السلاح، وهو أصلًا صعب أن تتنقل أنت ومعك سلاح يعني أنت مثلًا إذا أردت أن تأخذ سلاحك خذه، لكن مثلًا إذا ظهرت لك نقطة أمريكية على الطريق أو أي شيء أمريكي على الطريق وأنت تبين أن معك سلاحًا، فأنت مثلًا سلمت نفسك يعني يقولون لنا: إذا أردتم أن تأخذوا السلاح فأنتم أحرار، لكن ليس على مسؤوليتنا، يعني اتركوه.
طبعًا هنا صارت نقاشات كثيرة بين بعضنا أنه مثلًا هل هذا ممكن أم لا، هؤلاء مع الأمريكان ونريد أن نقاتلهم، أو لن نقاتلهم، وأن معنا سلاحًا كثيرًا، ومن الممكن مثلًا نبقى لفترة (أنفسنا) فالمدرسة نوعًا ما محصنة، لكن هنا العقل يشتغل؛ يعني معظمنا قالوا: إننا في الآخر نحن جئنا مثلًا لننصر العراق ولم نأت لنقاتل أهل العراق سواء كانوا سنة أو شيعة أو أيًّا تكن ملتهم يعني هذه الكوت وهؤلاء أهل الكوت ونحن عندهم، فلماذا نريد أن نقاتلهم؟! يعني ما هو المنطق الذي يقول إنني أجيء مثلًا وأريد أن أطلق النار على واحد من الكوت وأنا في مدينته وأنا غريب عنها ومعي سلاح! لا يوجد منطق هنا، فهنا كان الشيء الطبيعي أننا فعلًا خلص أنهم أمنوا لنا باصات -[هؤلاء] الجماعة- طبعًا يوجد ناس كان رأيها مختلفًا، لكن لم يستجيبوا لهم، لأنهم كانوا قلة، ومع الأسف هذه هي القلة التي لاحقًا يمكن أن تمثل لك الفكر المتطرف أنه يعني الذي ليس عنده رمادي أبيض وأسود، أن خلص هؤلاء أعداء وكلهم أعداء ولا توجد عنده مشكلة أن يطلق النار مثلًا على المدنيين حتى، لأن هؤلاء شيعة مثلًا –ومن الممكن أنه يوجد هيك ناس كهؤلاء-، لكن الأكثرية قالوا: نحن لم نأت حتى نقاتل أهل العراق، نحن جئنا لننصر أهل العراق، هكذا في بالنا (كانت نيتنا) يعني، وفعلًا أمنوا لنا حافلات -الجماعة-، وخرجنا في الباصات لمنطقة قريبة من بغداد لأن الطريق كان مقطوعًا، ونحن لا نعرف ما الذي حصل أساسًا، هذا الكلام بعد معركة المطار يمكن في اليوم الثاني، فوضعونا في منطقة قريبة أيضًا شمال شرق بغداد يمكن نفس المنطقة كانت ديالى [حسب ما] أذكر، والمهم أن المنطقة كانت بعيدة حوالي 30 كم عن بغداد، ونزلنا هنا ويعني يوجد جماعة مثلنا هناك يعني بالأساس فالمكان كان فيه مثل معسكر للمجاهدين العرب، وجئنا إلى هنا وكنا متعبين كثيرًا من السفر، وإلى الآن أذكر يعني الشخص يروي روايته بشكل فردي لأنه أنا صار يوجد تغيير جماعات كثيرة في فترات بسيطة يعني بحكم الظروف، كنت أنا و3 شباب -يمكن 1 من حلب و1 من الدير- نائمين بين ما يقولون له الزل الذي هو العشب الطويل هذا الذي ينبت في العراق معروف يعني ينبت في بساتين النخيل، فهذا كان طوله تقريبًا مترين وأكثر، فكان يحجب الرؤية يعني أنت لا ترى مثلًا من خلاله فلا ترى ماذا يوجد وراءه وإلى آخره، فنحن من التعب لم نحس.
وفي صباح اليوم الثاني استيقظنا والناس هناك قد نسونا، فصار كل من يده له (فوضى) ونحن نسونا فاستيقظنا فلم نجد أحدًا، كنا حوالي أعدادًا بالعشرات يعني ليس هناك غيرنا في هذا المكان، والسلاح مرمي على الأرض ومالئ السهل، حتى وقتها أتذكر أنني أطلقت رصاصة في الجو لأنهم كانوا هم ينبهوننا أنه لا أحد يطلق النار بدون داع، يعني المنطق صحيح لكن عندها أنا أطلقتها قصدًا حتى يعرف أحد أننا هنا، وفعلًا أتى شخص وأنه ماذا تفعلون هنا؟ فقلنا له: نحن من المعسكر والبارحة وصلنا، قال: الكل ذهبوا ولم يبق أحد، والأمور فلتت (اختلطت) خلاص توكلوا على الله أيضًا واذهبوا، ويفضل ألا تذهبوا بأسلحتكم فلن تستطيعوا أن تخرجوا في باص ومعكم سلاح، وإذا ظهرت لكم نقطة تفتيش أمريكية أو حواجز تبهدلتم [ستذلون]، يعني يوجد واحد من الشباب كان لابسًا حزامًا لونه أخضر هكذا عسكري قال له: حتى هذا اخلعه لأنهم في تلك الفترة يقولون لك: إن جيش العراق لابس مدني ويمشي في الشارع فعلًا هذا الذي صار، فأي شيء يدل على شيء عسكري [يجب أن] تخبئه.
فعلًا نحن عندما حاولنا أن نذهب إلى بغداد لنفهم ما الذي يحدث، إلى الآن لم نكن عارفين أن بغداد سقطت! نعرف أن هناك معركة المطار، وتأتينا أخبار متضاربة بين انتصار هنا وانتصار هناك.
وأذكر أننا خرجنا وقتها في سيارة وازدحام كبير هنا يعني الطاسة ضائعة (كناية عن الفوضى العامة)، والمدينة في حالة فوضى والكثير من الناس في الشوارع تمشي بشكل عشوائي، ناس تريد أن تسافر وناس ترجع، ووجدنا وقتها مكانًا في السيارة على الواقف (لا يوجد مكان للجلوس)، فلم تمش سوى 10 دقائق ومن زحمة السير وقفت، وبقيت واقفة فاضطُررنا أن نكمل مشيًا على الأقدام إلى بغداد نحن وكثير من الناس، يوجد سيارات في الطريق وازدحام كبير ويوجد ناس يمشون على جانب الطريق.
هنا صُدمنا بالواقع وبأن بغداد سقطت أو الأمور انتهت، وبأنه يوجد رتل دبابات أميركي مر بالأوتستراد (شارع عريض) نفسه بجانبنا يعني كان فيه يعني بقي يسير نصف ساعة يمر ومن الممكن أنه كان فيه أكثر من 100 آلية على الأقل، والأمريكان قاعدون على سطح الدبابة وليسوا خائفين يعني أنه هنا الأمور منتهية، وحتى الناس تشير لهم طبعًا هم لماذا تشير لهم؟ فهو نوع من أننا نحن ليس لنا علاقة يعني تعرف عندما الواحد يريد أن يتحاشى المسلح، فهناك الكثير منهم هناك حاملين رايات بيضاء فكان منظرًا ليس مزعجًا، لكنك كنت تحس فيه بخيبة أمل، يعني انظر هنا فأنت لم تستطع أن تفعل شيئًا، والناس لم تعتد تكترث أو بالأحرى الناس ليست حزينة.
ووصلنا إلى بغداد يوم الخميس، وهي يمكن كانت ساقطة قبل يوم -الأربعاء- وصلنا مشيًا على الأقدام فلقينا الدبابات أمامنا في نصف بغداد فتخيل [ذلك]، وهناك شاب رآنا فعرفنا من أشكالنا أننا سوريون أو مجاهدون عرب فالرجل خبأنا مباشرة هو كان الظاهر أنه يعني من الموالين لصدام أو لا أريد أن أقول لصدام، [بل من] الذين كانوا ضد الأمريكان، يعني بكل بساطة يعني كان مزعوجًا كثيرًا حتى عندما اكتشفنا صار يبكي، يعني خبأنا عنده في البيت –هذا الرجل- فاستحممنا ومضى لنا فترة لم نستطع الاستحمام -حوالي أسبوع أو أكثر-، واليوم الثاني كان يوم جمعة وفي صلاة الجمعة لا أدري ماذا تكلم مع الشيخ نحن طبعًا كنا يعني نحن عائشين أول بأول (حسب ما يحضرون لنا) من الطعام الذي يحضرونه لنا، فنحن ليس معنا نقودًا، معنا مصروفنا كطلاب جامعة وخرجنا، ولا أدري ماذا حكى مع شيخ الجامع فجمعوا لنا القليل من النقود يعني لكي تساعدنا على السفر.
وفعلًا هنا أحضروا لنا سائق تاكسي وأوصوه أن يمر فقط في القرى السنية، طبعًا هي ليس بالضرورة أن القرى الشيعية عدو لا، لكن نسبة أنهم من الممكن أن يخبروا عنك أو يكون هناك ناس من المعارضة الحقيقية للنظام العراقي موجودين أكثر فنسبة أنك تُمسك تصير أعلى، فالأسلم أنك تلحق المناطق السنية بكل بساطة، يعني اضطُررنا لهذه الاستراتيجية لأنه هي المنطقية كانت يعني، حتى أثناء البرم (السير) جئنا بالغلط يمكن على قرية شيعية، ومع ذلك يوجد شخص دلنا [على الطريق]؛ تذهبون على المحل الفلاني الفلاني الفلاني الفلاني عرفنا أننا سوريون وسنة ونحارب كنا مع صدام، لكن يا أخي كل شخص له رؤيته يعني فهو بالآخر رأى أننا ناس قادمون بسبب النخوة ببساطة ليس عندها هدف ضد الشيعة، فساعدنا ودلنا وقتها على محلات معينة وتذهبون من الطريق الفلاني فلهذا قلت لك أنه كان يوجد مشكلة يعني كان هناك مشكل من الطرفين، يوجد المتعصب ويوجد المتفهم، فهنا أخدنا إلى القرية كان اسمها طارمية وهي قرية صغيرة خارج بغداد إلى هنا استطاع أن وصلنا، وكالعادة يأخذنا إلى أين، وأين سوف ننام؟ في المسجد يعني أين ستذهب في قرية لا تعرفها، تذهب وتنام في الجامع، فذهبنا إلى هذه القرية وفعلًا وقتها عند المغرب رأونا وعرفونا تعرف من أشكالنا، ومر بهم الكثير في ذلك الوقت، و-الله- احتفلوا بنا الجماعة وعشونا وعرضوا (علينا) قالوا: هل تريدون أن نأخذكم باتجاه سورية مثلًا لنؤمن لكم سيارة، أو إذا أردتم هناك معسكر قريب ما يزال موجودًا للمجاهدين العرب إذا أحببتم أن تذهبوا إليه؟
فوقتها نحن قررنا أن نذهب إلى هذا المعسكر طالما لا يزال هناك مجال للقتال كما يمكنك أن تقول، فصحيح أن بغداد سقطت لكن هنا الدبابات الأمريكية صارت يعني مالئة السهل (كثيرة) يعني يمكن كحرب فازوا في الحرب، لكن كحرب عصابات هنا بقوا يبدؤون بحرب عصابات يعني صار في إمكانك أن تطلق على أهداف وتصيبها؛ يعني أنه هناك إمكانية لحرب العصابات في هذه الفترة، قررنا نحن الـ3 أننا خلص [حسمنا أمرنا] خذونا إلى هذا المعسكر، وفعلًا رحنا إلى هذا المعسكر والمعسكر كان فيه تقريبًا 20 [أو] 30 شخصًا ليس أكثر، والذي كان قد جمعهم أو ما هو مجمعه أو الذي كان موجودًا بينهم الظاهر أن كان هناك شخصية عراقية ثقيلة (على مستوى رفيع) وأنا لا أعلمه، كان علي حسن مجيد الملقب علي كيماوي؛ يعني هو المسؤول عن مجزرة حلبجة الخاصة بكيماوي الأكراد وابن عم صدام بشكل مباشر، فكان هو يعني موجودًا هنا ومثل يعني عمل هذه المجموعة كحماية إلى آخره، فهو ليس هدفه أن يقاتل الأمريكيين فهدفه كان أن يختبئ ويذهب من مكان إلى مكان، وأنا لم أكن أعرفه يعني لاحقًا عرفته، لأنه حتى لم يكن لابسًا لباسًا مميزًا، [بل] لباسًا عادي كان جلابية وحزامًا وشماغًا ومثله مثل أي مواطن عراقي، يعني لا تميزه عن أي واحد تراه في الشارع، وأساسًا أنا لا أعرف شكله لكن رأيته يعني بشكل شخصي يعني لاحقًا عرفت أنه هو كان من رجالات صدام يعني.
هنا رجعوا وسلحونا عندما صارت الأمور معناه أنه لا يوجد الكثير من الناس لكن يوجد الكثير من السلاح، فاستلمت آر بي جي وقتها ولم أضرب فيها أية مرة، لكن علمونا كيفية استخدامها نظريًّا لأن أول تجربة يجب أن تجربها على الدبابة، فلم يكن هناك مجال للتدريب يعني، فكان معي قاذف آر بي جي مع قذيفة موضوعة فيه بالإضافة إلى 3 في الجعبة التي توضع على الظهر.
وفي اليوم الثاني جاؤوا بشكل عشوائي وقالوا: اصعدوا في البيكآبات هناك عمل، فكنا تقريبًا 4 [أو] 5 بيكابآت تقريبًا خرجنا بالبيكآب الذي خرجت أنا فيه طبعًا راح البيكآب في اتجاه معين ولا نعلم نحن، فهم يديرون الأمور، فالبيكآب الذي خرجنا فيه ظل ماشيًا وراء البيكآب الذي خرج فيه علي كيماوي، يعني كان صدفة أنني خرجت أنا في البيكآب الذي بقي وصار شبه مرافقة له، فهنا الأمور عشوائية فيأتي [شخص] مثلًا ليقول لك: والله هذه الشخصية كذا، فهنا لا توجد مرافقة ولا يوجد شيء وهنا مثلًا بغداد سقطت والذي هرب هرب حتى ولاحقًا صدام كما تعرفون أنه مثلًا اختبأ فترة ومُسك لاحقًا، فكانوا في تلك الفترة فقط يختبئون يعني فأي شيء ممكن أن يحدث، وأصلًا يعني هؤلاء المجاهدون العرب -حسب قولهم- صاروا أكثر جهة شبه موثوقة يعني لأن الذين في الجيش العراقي معظمهم تركوا سلاحهم وتركوا لباسهم لأن الأمر انتهى، ومنهم من صار مخبرًا -الله عليم- لكن هؤلاء صاروا الجهة الموثوقة أكثر شيء نسبيًّا يعني فصاروا يعتمدون علينا.
وعندما مررنا في قرية اسمها البلد، فصار هناك إطلاق نار علينا من بعيد، ولم نعرف مصدره، ولكنه لم يكن بتلك الخطورة، فقط صرنا نسمع صوت رصاصة مثلًا بجانبنا وكذا لكن هذا يعني يمكن أنه أخطر موقف مررنا به أقول لك يعني مثلًا والله رصاصة مرت من جانبنا، وهذا لا يُقارن بالشيء الذي صار في سورية، لا يوجد أحد في كل سورية إلا مثلًا وتعرض لقصف قريب وشاهد أمورًا عظيمة يعني في الآخر الشيء الذي صار في العراق لا يعتبر شيئًا مقارنة بسورية.
ومرة من المرات أيضًا صار هناك خطأ في الدرب، كنا نريد أن نلتقي فيوجد رتل الدبابات يعني رأيناه بالعين وظهر لنا، يمكن أنه صار 1 كيلو يعني هو آت ذهابًا ونحن عائدون إيابًا يعني لولا أن السائقين على الطريق نبهونا لكنا التقيناهم بشكل مباشر، طبعًا وقتها دار البيكآب بأرضه وابتعد، وهنا أصبحوا كل عدة أيام ينقلوننا إلى مكان، يعني كيف ينقلوننا إلى مكان؟ علي حسن المجيد، أين [يكون] ماشيًا نذهب معه هكذا أصبحت [الأمور] يعني، فذهبنا إلى سامراء وقعدنا فيها يومًا، وآخر الأمر ذهبنا إلى تكريت فوضعونا في مكان وذهبوا وتركونا.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2023/03/14
الموضوع الرئیس
حرب العراقكود الشهادة
SMI/OH/219-06/
أجرى المقابلة
إدريس النايف
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2003
updatedAt
2024/04/14
شخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
الجيش الروسي
فيلق بدر (منظمة بدر)
الجيش العراقي