بدايات العمل الإغاثي بين ريف إدلب وتركيا
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:23:48:11
في تلك الفترة نحن في "رحماء بينهم" حين خرجنا من مدينة إدلب في اليوم الأخير كان لدينا مستودع كبير فيه مخزن للمواد الغذائية وحليب الأطفال ومجموعة من الأمور التي قد خزنّاها وبدأ توزيعها على الأهالي وكان هناك تخزين للطوارئ وكنا نتوقع الهجوم على [مدينة] إدلب من الجيش (جيش النظام) وربما يكون الحصار وسيناريوهات حمص (حصار حمص- المحرر)، وبدأنا بتخزين المواد وشرائها والمتبرّعون [أعطوا] وللأسف كل هذه المواد حين خرجنا من إدلب لم نستطع أن نخرجها وتمت السيطرة عليها من قبل الجيش وأخذ كل ما كان في المكتب وفي المستودعات وحين خرجنا إلى حلب خفّ نشاط [جمعية] "رحماء بينهم" ولم يكن هناك حاجة في حلب للعمل الإنساني، وبعد شهر أو شهرين تقريبًا في نهايات شهر أيار/ مايو بدأت بالخروج إلى إدلب وأطمة أكثر وسمعنا هنا عن أول مجموعة من العوائل التي تبيت في منطقة أطمة قرب الحدود السورية التركية وكانت معروفة تلك المنطقة لدينا ونخرج منها [إلى تركيا] وكان هناك عشرون عائلة تبيت تحت البرد والمطر ليلة وليلتين ولم تكن الأجواء جيدة في ذلك الوقت وبدأت الناس بالوصول وبدأنا في مساعدة هذه العوائل.
وفي البداية قدمنا الوجبات لهم وبعض اللحافات (الأغطية) حتى يفرشوها ليناموا عليها ليضعوها تحتهم على العشب وحاولنا مساعدتهم، في اليوم الأول طبخنا في منزل أبو عبد الله وقدّمنا لهم [الطعام] وفي اليوم التالي جاءت أعداد أكبر وكان أغلب النازحين من ريف حماة من اللطامنة والقرى المحيطة، ويبدو أنه كان هناك قصف شديد على قراهم وطبخنا في اليوم الثاني واحتجنا كميات أكبر وفي اليوم الثالث احتجنا لحِلل (أواني الطبخ) أكبر للطبخ وتعاقدنا مع أفران لنوصل لهم الخبز واشترينا لهم البطانيات (الأغطية) وكان هناك مجموعة من الأهالي في المنطقة والمجموعات الثورية تساعد تلك العوائل وخلال أيام تضاعفت الأعداد ووصل إلى مئات العوائل أو على الأقل مئة عائلة في ذلك الوقت إلى منطقة أطمة وبقوا أربعة أو خمسة أيام ينامون تحت العراء والأهالي أخذوا مجموعة منهم في أطمة وناموا ومجموعة بقيت، والناس كان لديهم أمل بأن يعودوا إلى مناطقهم يتنظرون الأخبار من هناك ويتواصلون مع أهلهم ولذلك لم يستقرّوا في بيوت أحد، ويبدو أنَّه طال الأمل وأتت فكرة الخيام وفصّلنا خيامًا محلية وقدّمنا عشر خيم في البداية وهناك أفراد ومجموعات أخرى قدمت الخيام ولم يكن هناك مؤسسات بمعنى المنظمات الإنسانية إنما كان هناك مجموعات تطوعية أو الأهالي والناشطون يقدّمون المساعدة وبالفعل بدأنا في نصب الخيم، وهنا كانت بداية مخيم أطمة الكبير الذي تحوّل خلال أشهر [قليلة] إلى مخيم ضخم جدًا وزادت فيه أعداد النازحين ووصلت مئات العوائل إليه وأصبحت محطة لكل من يهرب من قريته إلى هذه المنطقة، وهنا كان لنا نشاط كبير وأصبحت أتردّد بين ريف حلب وريف إدلب وحلب وتركيا نقدّم فيها بعض المساعدات الإنسانية.
بدأنا مع من تعرّفنا عليهم من الناس خارج سورية الداعمين الذين كانوا يدعمون الثورة بالمعدّات الإعلامية، بدأنا نحوّل جزءًا من هذه المبالغ لهؤلاء الأهالي وهنا كان النقاش للمرة الأولى أنَّنا لم نعد نحتاج كل الأموال للتغطية الإعلامية وهناك ناس تحت الخيام وهناك من هم بحاجة للمساعدة، وبدأ تدفق للناس بأعداد كبيرة وبدأنا بإنشاء المخيم وكان كارثة كبرى عدة أشهر وبدأت الوفود الإغاثية تتدفق وأول وفد وصلنا من خارج سورية كان من مؤسسة "هيومين أبيل" و"سيريا ريليف" ووصل معها يحيى حوا فنان سورية استقبلناه في أطمة وجلس معنا عدة أيام، وكان هناك أطباء سوريون من بريطانيا وصلوا ضمن نفس الوفد الدكتور منير حاكمي وأطباء آخرون نعرفهم وصلوا إلى المنطقة وأقاموا عندنا عدة ليالٍ وجلبوا واشتروا مساعدات غذائية من تركيا و[جلبوا] أموالًا لدعمنا وكان هذه يبدو بداية تشكيل مؤسسة لدعم السوريين سُميت لاحقًا "سيريا ريليف"، وكنا إعلاميين بنفس الوقت بدأنا بتصوير الأعمال الإنسانية وإرسال الحالة الإنسانية إلى المؤسسات وإلى معارفنا في الخارج وعلى هذا الأساس ونحن عندما بدأنا نصوّر الحالة الإنسانية والناس تحت الشجر وما يحصل في المنطقة والمساعدات التي نقدّمها [يتم] توثيقها على هذا الأساس يبدو أنه أصبح لدينا اسم في مساعدة الناس بين الأهالي كـ"رحماء بينهم" وبدأت تتدفق مجموعة من الناس من المغتربين السوريين الذين لا نعرفهم والجمعيات السورية المشكّلة خارج سورية لمساعدتنا في إغاثة هؤلاء النازحين. خلال أشهر بدأنا بالسماع بالمنظمات الدولية بدأت تتعرّف إلينا كوننا أول من أنشأ هذه المخيمات مع المجموعات الأخرى وأنشأنا لاحقًا مخيمات أوسع، منظّمة أكثر، في سلقين وحارم وهنا كانت البداية الفعلية للتمويل الخارجي لـ "رحماء بينهم".
تمامًا أذكر أول مرة أنا وبلال [جبيرو] سمعنا أنَّ هناك نازحين من ريف حماة من عوائل الثوار وصلوا إلى أطمة وذهبنا ليلًا ووجدنا عوائل جالسين تحت الشجر.
أولًا بالصفة الإنسانية جئنا وفي ذلك الوقت لم يكن لدينا تصوّر عن المؤسسات والمؤسساتية ونحن بنينا في الثورة وكان كل التصوّر أن نساعد هؤلاء الأهالي ولم يكن أحد يعرف اسمنا ولم يكن لنا فيست لاسم المؤسسة (سترة عليها شعار المؤسسة) أو الفريق الذي نعمل معه ولكن كانت مساعدة الناس في اليوم الأول والثاني والثالث أننا لدينا قدرات مالية ولدينا دعم وتمويل لشراء اللوجستيات في العمل الإعلامي وبين أيدينا بعض الإمكانات البسيطة وحوّلناها مباشرة بسبب الحاجة لمساعدة هؤلاء الناس وتطورت الفكرة وأصبح هناك علاقة اتصال مباشر بيننا وبينهم أنَّه ليس لديهم شيء اليوم وتأخّروا في العشاء وفي اليوم التالي مرة واحدة جلبنا لهم الطعام وفي اليوم الثاني وصلنا 12:00 ليلًا لنطمئن عليهم مرة أخرى وقالوا لنا [إنهم] لم يأكلوا منذ الصباح، وبالتالي كان هناك كارثة تحتاج لنستجيب لها وكان عندنا بعض العلاقات والإمكانيات واتصلنا مع الشباب هناك وأقمنا في بيت أحد الشباب يعني مطبخًا صغيرًا واشترينا من السوق أغراضنا وحلل (أواني الطبخ) وأكياسًا من الرز والبرغل واللحم وبدأنا كنواة مطبخ ميداني لمساعدة هؤلاء الناس.
وبعد ثلاثة أو أربعة أيام رأينا أنَّ الموضوع مستمر واتصلت مع من دعم الثورة والعمل الإعلامي واتصلت مع طريف [السيد عيسى] ومع أقربائنا في السعودية وأرسلت لهم الفيديوهات والصور بحكم أننا عندنا عمل سابق بالإعلام وبدأت الناس بالتفاعل مباشرة وأنَّ العمل لا يحتاج للشرح، إرسال أموال وتجهيز أمور لوجستية حتى يكون هناك مساعدة، وأول عشر خيم كانت لمجموعة من العوائل فصّلناها في أحد المشاغل وكانت يدوية ولم يكن [هناك] أي قدرة لشراء الخيم والمرة الأخرى كان الوصول من أطمة إلى تركيا ونزلنا إلى سوق وسألنا عن أماكن بيع الخيم ولم يكن هناك خيم جاهزة وفصلنا في [مدينة] أنطاكيا مجموعة من الخيام وأرسلناها إلى [محافظة] إدلب. كنا نتبع الحدث ونحاول أن نساعد ضمن إمكاناتنا بحكم وجود علاقات مع عدد الناس التي يمكن أن تساعد الثورة، استطعنا أن نساعد الناس ووجودنا كأول المستجيبين لهذه الأحداث ووجود سابقتنا الإعلامية صنع لنا العديد من العلاقات، بدأت الناس هي التي تتواصل معنا في الأسبوع الثاني حين وصل الوفد البريطاني ونحن لا نعرف أيًا منهم ولا يوجد صلة وصل، يبدو أنهم سألوا عنا وتواصلوا عبر فيسبوك عبر صفحة "رحماء بينهم" وعادت ونشطت [الصفحة] حين شاهدوا الصور تنتشر عبر هذه الصفحة وبدأت تتواصل معنا الناس وتأتينا وفود من الخارج وهذه الشخصيات كانت مهمة جدًا ولديها تبرعات ولها أموال ومحيط، وحين عادوا من سورية إلى مجتمعهم في بريطانيا للمساجد **** بدؤوا يتكلمون للناس [عن] القصة ويجمعون أموالًا أكثر ويرسلون الأموال لمساعدة الناس، وكان هناك توازن بين الحاجات وبين جمع الأموال لهذه الأمور وتضخّم المؤسسة وانتقالها إلى شكلها المؤسّساتي وهنا حين بدأت الناس تسألنا عن وصول استلام وعن التبرعات ومن أنتم؟ واشتريت [دفتر وصولات] لمطبعة في أنطاكيا مطبعة بهلوان وسألته إذا [كان] لديه دفتر وصولات وسألت عن ترخيص واعتقدت أنَّ الترخيص يخرج من المطبعة وقال: هذا عمل الدولة وهو معقّد، وعملنا (صنعنا) ختمًا للمؤسسة ودفترًا للوصولات وفيستات (سترات) مكتوبًا عليها اسم المؤسسة، وهذا لتوثيق العمل ونقله من مجموعة أفراد لرحماء بينهم وتطور تلاحقًا وأصبحت مؤسسة فيما بعد.
شباب التنسيقية الذين ذكرتهم كانوا داعمين لنا ويساعدون في الإعلام وينزلون معنا ويصوّرون ويرسلون لنا وبعد أن قمت أنا وبلال عليه كانت مجموعة كبيرة من المتطوّعين وأول وفد متطوعات نساء من أنطاكيا وكان فيهنّ أهلي ووالدتي وكل من نعرفهم من حولنا بدأنا بجمعهم والنزول معنا إلى المخيمات. كنا نكتب أسماء الناس ولتوزيع المواد والشباب الذين نعرفهم من الثوار أو الذين خرجوا من المنطقة كانوا معنا وأول مجموعة كان معنا ستة أشخاص كانوا شبابًا بنفس عمرنا وكانوا قد خرجوا معنا هروبًا من [مدينة] إدلب وكنا موجودين في أماكن معروفة بالنسبة للجميع نختبئ أو نجلس فيها عندما خرجنا من إدلب واستقبلنا أهالي الريف هنا في ريف إدلب ووجدنا أماكن في حربنوش وفي عقربات وأطمة وأصبحنا كبيوت هناك لثوار إدلب وأصبح لهم بيوت، وتعرّفنا إلى المنطقة المحلية في حربنوش كان لنا مجموعة من الأصدقاء من القرية نفسها الذين استقبلونا في البداية ثم أصبحوا جزءًا من الفريق مباشرة وهم الناس الذين استأجرنا المنزل منهم مباشرة عندما وصلنا كانوا أعضاء في فريقنا، والشخص الذي ساعدنا في [شراء] الوقود، وشراء الوقود كان صعبًا للغاية للسيارة، انضمّ لفريقنا وقلنا له: ماذا تعمل؟ فقال لا شيء إلا بعض العمل الخفيف، وقلنا له: تعال واعمل معنا ولدينا عمل في أطمة عندنا توزيع، وبهذه الطريقة بدأنا نجمع الناس المتطوّعين معنا وحين ازداد حجم العمل بدأنا نطلب الناس، وهذا العمل كان تطوّعيًا ولم يكن هناك في ذلك الوقت أي أجور لهذا العمل.
طبعًا أنا في شهر تموز/ يوليو عندما دخل الثوار إلى مدينة حلب وتم تحرير أجزاء منها المناطق التي فيها بيت أهلي هي ليست من المناطق التي حُررت كان فيها ضغط أمني وتفتيش أكثر في المنطقة الموجودين [فيها] وبدأت أخاف، [لأن] فيها أهلي، وفي اليوم التالي أرسلت أبو عبد الله لإجلائهم من حلب وأصبح الوضع لا يُطاق واستقبلتهم أنا في أطمة وعبرنا الحدود سويةً إلى تركيا وهنا كانت نهاية إقامتهم في حلب ولم نعد إلى حلب بعد هذا التاريخ، وأهلي استقرّوا في الريحانية، وفي اليوم الأول باتوا عند بلال [جبيرو] [في البيت] الذي استأجره ليومين ثم وجدوا بيتًا واستأجروه وهذا بيتنا الأول في تركيا في الريحانية، وهنا بدأت المؤسسة بدأت بشكل أكبر وتساعد في عدة مناطق ولم نعد أنا وبلال الوحيدين في المؤسسة إنما أصبح فريقًا، وكان هناك في أطمة لنا فريق سواء أكنا أم لم نكن يساعد الناس بشكل يومي وكان لدينا مركز في حربنوش مركز رئيسي وهو أشبه بإدارة لهذه المؤسسة توزّع المساعدات وتخطّط للمشاريع وكان معنا محمد مشان وآخرون انضمّوا إلينا هنا من شباب المدينة (مدينة إدلب) وهم كانوا خارجين [من المدينة]، وهناك طرق محددة لتكون فاعلًا في الثورة إما إعلامي أو عسكري، وفتح هذا المجال الجديد المجال الإنساني لتساعد الناس ومجموعة من الشباب بدؤوا يتجمعون معنا وكانوا يتردّدون إلى منزل الشباب الذي أصبح كمكتب للجمعية وحتى شهر آب/ أغسطس 2012 انتقلت المؤسسة إلى أنطاكيا لتكون موجودة بشكل رسمي في تركيا.
نحن في ذلك الوقت لم ننشئ مخيمات لم يكن تسمية للمخيمات إنما هي مجموعة من الخيام تم تقديمها وبدأت العوائل بالاستجابة ولم نكن نغطّي الحاجة وكنا نتدخل مع آخرين كثر كانوا يساعدون هذه العوائل ومجموعة المئة خيمة هي كانت لأيام أو أسابيع، ولكن بعدها بدأت تنتشر مئات الخيم في كل منطقة وبالتالي أصبح الموضوع أكبر من إمكاناتنا على تغطيته كما البدايات وكنا نساعد مجموعات معينة وكانت إدارة الأموال كانت بطريقة بدائية جدًا عبر حسابات نحن ننشئها على برنامج الإكسل بمفردي أنا وبلال، وكل من يصله أموال يرتّبها ويبدأ بتوزيع تلك الأموال والمصاريف وإرسال التوثيقات والمصاريف للمتبرّع وكانوا أفرادًا كلهم في ذلك الوقت.
لم نتصوّر في يوم من الأيام في ذلك الوقت أنَّنا سنظلّ في هذه الأماكن لأكثر من أيام أو أسابيع أو أشهر، وأول بيت أخذناه لأهلي طلبنا من صاحب البيت أن يكون الإيجار لـ 15 يومًا ولكنه أصرّ أن يكون الإيجار لشهر ودفعنا، وكذلك كان التعامل في المخيمات لم نفكّر أن تكون مستدامة ونحاول تغطية أهلنا بالخيم حتى لا يباتوا في العراء ونحاول أن نقدّم الوجبات لهم.
ولكن بدأنا نكتشف بعد شهرين أن المعارك تضخّمت والأعداد ازدادت ولا يمكن العودة والمعارك على أشدّها في بعض الأرياف وبالتالي بدأ العبء بشدة يحصل والعبء كان على أطراف متعددة، ولأصوّر ما كان يحصل لي كنت منقطعًا عن أهلي وهذا شعور غريب جدًا لي في السنوات الأولى أن أكون بعيدًا عنهم ولا أعود إلى منزلهم سواء في حلب أو تركيا إلَّا في الشهر مرة للسلام عليهم وأعود للعمل بين أرياف إدلب وبين العمل الخيري ومساعدة الآخرين. وكان هناك الخوف من القصف والمعارك وكان ما زال [معبر] باب الهوى موجودًا فيه النظام ونعبر من طرقات خطرة دائمًا وبدأت المعارك في أطراف ريف إدلب للمرة الأولى بعد اقتحام النظام. بدأت تجارب الثوار في الإغارة على مدينة إدلب من أطرافها وحصلت عدة محاولات لذلك وبالتالي نفقد بعض الأعزاء ونتابع الأخبار هناك وننزل بشكل متكرر لتلك المنطقة، وكان جوًّا من الضغط الشديد بملفات متعددة لدينا الملف الإعلامي ولدينا مدينتا ولدينا أهلنا في تركيا، ولدينا ملفات أخرى فكان الموضوع شائكًا جدًا، وكان هناك صعوبات كثيرة هناك أعباء في الأكل والشرب وكان موضوع الجرحى أيضًا الذي بدأنا نسمع به في شهر تموز/ يوليو حين خرجنا إلى تركيا وبدأنا نسمع عن وصول جرحى إلى هذه المنطقة، وفي تركيا لم يكن هناك تخديم وتخطيط لهذا الأمر من قبل الحكومة وما حصل هو فجأة ودخل النازحون والجرحى فجأة إلى تركيا.
وفي نهايات شهر تموز/ يوليو وبدايات شهر آب/ أغسطس كان والدي قد قدِم إلى تركيا وهو صيدلي والناس تناديه دكتور في سورية، وفي هذا الوقت كنت أنا وهو في المنزل وحين أخذوا البيت أول الأيام في تركيا وسمع شباب سوريون جيراننا أنَّ هناك دكتورًا في هذا المنزل وطرق أحد منهم الباب وقال إنَّ هناك مجموعة من الجرحى في مدخل المدينة في الريحانية، وبالفعل ذهبت أنا وهو إلى الحديقة هناك عند مدخل المدينة ووجدنا مجموعة من الجرحى المصابين يباتون في الحديقة في ذلك اليوم، وما أثّر بنا بشدة وهو موقف والدي يذكره تمامًا سأل أحد الناس كان ينزل منه سائل أبيض من أنفه وظن هو أنَّه رعاف أو دم وحين والدي أخذه لأحد المشافي وحاول أن يتابع حالته وكان هذا السائل هو سائل دماغي شوكي ينزل من أنفه وهو ما زال موجودًا في الحديقة ولا يعرف حجم إصابته وكان مع مجموعة من المصابين والدم يغطّيهم وقد لفَوا (جاؤوا) من مشافٍ ميدانية وكانوا أغلبهم من حمص ووصلوا تهريبًا إلى هذه المنطقة وإصابتهم حديثة يومًا أو يومين، وواضح أنهم قدِموا من مشافٍ ميدانية وقد وصلوا بشكل تهريب إلى هذه المنطقة ويقيمون في العراء، وهنا كان المشروع الأول لرحماء بينهم في تركيا في الريحانية وهو مشروع دار الاستشفاء أو دار الجرحى الذي بدأ من شهر آب/ أغسطس/ 2012 بعد وصولنا بعدة أيام، ولم يكن هناك منظمات إنسانية ولا تمويل دولي، وهذا الأمر لا يحتمل تبرعات الناس والأفراد ووالدي كان لديه أموال وأخرجها من حلب بعد ما باع جزءًا من مستودعه وأدويته وهو كان يعمل في تجارة الأدوية وأسّس في أول مجيئه دارًا للجرحى خلال أيام، وكنت أنا وهو ومجموعة من الشباب الذين ما زلوا يعملون أو أعرفهم من آل سميع أبو سفيان وأبو عبد الله ويمن وغيرهم، وبدأنا باستئجار مكان كبير في الريحانية وأذكر بألف ليرة تركية واستأجرنا صالة كبرى وبدأنا بتنظيفها، بقينا يومين ننظّفها كانت مثل مستودع واشترينا الأسرّة وبعض الأدوات الطبية البسيطة مثل الشاش [الطبّي] والقطن، وكان هناك طبيبة من اللاذقية موجودة [هي] الوحيدة في الريحانية، وكان هناك ممرّض ووالدي بخبرته الطبية كونه صيدليًا، وبدأنا باستقبال هؤلاء الجرحى ونقلناهم من بعض الحدائق وبعضهم قد عمل بيوتًا صغيرة نقلناهم إلى هذه الدار للجرحى وبدأنا بتقديم المساعدات الطبية قدر المستطاع وبعض الأدوية والإطعام اليومي، وهذه الدار توسّعت لاحقًا لتكون دار الجرحى دار الاستشفاء في الريحانية تحت ظل رحماء بينهم ثم بنفسج، وبقيت تعمل عدة سنوات في استقبال الجرحى ومساعدتهم وتطبيبهم والعلاج الفيزيائي، والعيادات طبية متعددة خارجية فيها.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/09/07
الموضوع الرئیس
إغاثة النازحينكود الشهادة
SMI/OH/71-11/
أجرى المقابلة
يوسف الموسى
مكان المقابلة
أنطاكيا
التصنيف
مدني
المجال الزمني
أيار/ مايو - آب/ أغسطس 2012
updatedAt
2024/04/26
المنطقة الجغرافية
محافظة إدلب-منطقة حارممحافظة إدلب-عقرباتمحافظة إدلب-أطمةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
دار استشفاء الريحانية
منظمة سيريا ريليف Syria Relief
هيومن آبيل
جمعية رحماء بينهم
تنسيقية مدينة إدلب