الطائفية والفساد في جيش نظام الأسد - 1
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:17:23:06
وبعد مراسم دفن حافظ الأسد وبعد أن تم تعديل الدستور أظن بعد 15 يومًا صار هناك الاستفتاء، والاستفتاء أنا حضرته في شركة المغازل، مظاهرة تهتف: بالروح بالدم نفديك يا بشار الأسد، جمعوا جميع العمال وصفّوا هؤلاء العمال برتل واحد وكلهم هذا يبصم بالدم وهذا يبصم بالهتاف، ووُضعت الأوراق في صندوق الشركة ومعه صناديق الشركات الأخرى وتم الإعلان أن بشار الأسد [أصبح] رئيسًا وهنا قُلبت مظاهر العزاء إلى مظاهر ما يسمّى الفرح وعُقدت الدبكات وحلقات الرقص في شوارع دمشق واستمرت أكثر من 15 يومًا للاحتفال بتولّي بشار الأسد رئيسًا لسورية ووُضعت صور بشار الأسد مع صور حافظ الأسد جنبًا إلى جنب يعني كل صورة لحافظ الأسد ووُضعت أمامها صورة لبشار الأسد في الشوارع وفي الحدائق وفي الشركات وفي الصالات وفي القاعات وفي الأبنية الجامعية وعلى السيارات وحتى على بسطات الأحذية والألبسة كانت صور بشار الأسد أنه القائد الذي سيصنع ما يسمّى مسيرة التحديث والتطوير وهذه الأجواء وهي معروفة للجميع.
طبعًا كانت سمعة الجيش السوري سمعة سيئة جدًا جدًا جدًا يعني لدرجة أن من لا يحصل على تأجيل دراسي عن الجيش يذهب ليدفع الأموال ليحصل على التأجيل الإداري حتى يستطيع الهروب إلى الخليج أو عقد عمل في دول الخليج، يعني لم يكن هناك أحد يذهب إلى الجيش إلا المُكره والذي لا يوجد عنده الأموال ليدفع للواسطة من أجل التأجيل الدراسي أو التأجيل الإداري. أنا عندما تخرجت من كلية الشريعة لم يعد هناك مجال للتأجيل الدراسي عن الجيش فاضطررت للالتحاق وأخرجت دفتر خدمة العلم والتحقت بالجيش، وهذه عقبة يجب أن يتجاوزها أي شاب سوري ينظر إلى الجيش على أنه مرحلة من العقوبة يجب أن يتجاوزها. طبعًا الجيش السوري رمز الفساد والإفساد ومنذ أول يوم من التحاقنا تجد ذلك. التحقنا في محافظة حمص في مكان التجمع والفرز في إحدى الثكنات عند بحيرة قطّينة على ما أعتقد التحقنا هناك وكان هناك عشرات الآلاف كان عددًا ضخمًا جدًا إلى الفرز وغالبه من طلاب الجامعات وكان حينها يُسحب الطالب الجامعي برتبة ملازم يعني برتبة ضابط يخضع إلى دورة الضباط ستة أشهر ثم يمضي سنة ونصفًا في خدمته كملازم مجند، ومنذ اليوم الأول في التجمع حيث كان في إحدى الثكنات العسكرية في محافظة حمص ربما قريب من بحيرة قطينة، الحقيقة منذ اللحظات الأولى تجد التمييز العنصري والطائفي مباشرة، لهجة الضباط واللهجة العلوية والصراخ والاحتقار والإذلال في طريقة الصفّ وفي طريقة التجمع وفي طريقة الفرز وحتى أذكر حتى هذه اللحظة يعني مباشرة سمعت كلمة التهديد الطائفي، يعني هناك بعض الطلاب على دروشتهم وبساطتهم طلبوا أن يُفرَزوا سويةً يعني هم زملاء في الجامعة فعندما جاؤوا إلى جدول الفرز فتكلموا بكلام عاطفي: يا ليت يا سيادة الضابط تفرزونا سوية نحن الأربعة، فصرخ بهم الضابط باللهجة العلوية: تريدون أن تصنعوا تجمّعات؟ وتريدون أن تصنعوا طائفية هنا عندنا بالجيش؟ يعني هذه سمعتها منذ أول لحظة في الجيش عن التهديد أو التنمّر باستخدام الطائفية وطبعًا هم يمارسون الطائفية بأوسع أبوابها ويستشعرون من الشعارات غير ذلك، تم فرزي إلى كلية الدفاع الجوي لأن آل الدغيم محسوبون كعائلة أن فيهم [أشخاصًا من] الإخوان المسلمين أو أقرباء للإخوان المسلمين إلى أصعب المدارس وهي الدفاع الجوي ثم إلى أصعب القطعات وهي "تي فور"، ذهبنا إلى كلية الدفاع الجوي، طبعًا يعطون إجازة بعد الفرز يسمّونها إجازة التحضير للخدمة العسكرية 15 يومًا يقوم فيها المقاتل بترتيب الأمور المدنية وتوضيب حقيبته ويذهب إلى الدورة، والدورة عبارة عن دوام أسبوعي، جامعة أكاديمية عسكرية يبدأ الدوام فيها يوم السبت وينتهي يوم الجمعة، والخميس عصرًا ينزل الطالب الضابط يوم الخميس يقضي الصبح وظهر يوم الجمعة ويلتحق الجمعة مساءً ليبدأ دوامه يوم السبت، برنامج عسكري قاسٍ، رياضة وعلوم عسكرية وتدريب، دورة ضباط يعني دورة رسمية، وعلى الجانب العسكري يعني جيدة يستفيد الإنسان فيها معلومات عسكرية كالإغارة والتكتيك العام والتكتيك الخاص وبعض المواد العلمية، يعني شيء جيد، لكن ما الذي يفسد هذه الأجواء؟ الطائفية والفساد، كانت كلية الدفاع الجوي رمزًا من رموز الفساد، سرقة الطعام وسرقة الماء وسرقة الملابس وسرقة لكل شيء، لكن غالبية الضباط الموظفين فيها ليسوا علويين لأنهم هم الضباط المُهمّشون يعني دائمًا كانت الكليات العسكرية تحتضن الطلاب (الضباط) المهمّشين أو بين قوسين المغضوب عليهم حتى يتم إبعادهم عن الفرق العسكرية والوحدات والتشكيلات الميدانية حيث هناك الأرزاق أكثر والخطورة أكبر يعني كان النظام السوري سابقًا يجعل وحدات الدبابات والمدرعات والمشاة التي يخشى منها التحرك العسكري على الأرض أو المناورة السريعة كان يضعها بيد الضباط العلويين أما الضباط السنّة فكانوا أساتذة في الأكاديميات العسكرية مثل مدرسة الدفاع الوطني والكلية الحربية والكلية الجوية والكلية البحرية وكلية الدفاع الجوي وكلية المدرعات وكلية الهندسات، يعني الذي يحتاج إلى جهد وعلم وتحضير ومحاضرات كان للضباط السنة، والذي يتمتع بسرعة المناورة وكثرة التعيينات والأرزاق والفساد والإفساد كان بيد الضباط العلويين، وهذا تشاهده في كل مفصل من المفاصل، الضباط الذين كانوا عندنا في كلية الدفاع الجوي مهمّشون ومغضوب عليهم يعني ليس بيدهم [شيء] ينزلون في باص المبيت ويرجعون في باص المبيت ويأخذهم إلى سكن الضباط ويعودون إلى كلية الدفاع ويعطون محاضراتهم لذلك كانت النفس الوطنية أو العسكرية ميتة عندهم يعني هم لا يحرصون على إخراج ضباط أو يعني بناء جيش قوي أو ما يسمى جيشًا عقائديًا أو جيشًا مناضلًا، هم يأتون من أجل أن يأخذوا كيس الخبز وراتبهم ويعودون إلى نسائهم وأطفالهم هذا فقط، يعني لم أسمع من ضابط واحد كلمة توجيهية طيلة فترة الدفاع الجوي يعني: يا حراس الوطن يا حراس الأرض يا حراس العرض أنتم ضد العدو الصهيوني عندنا عدو، لم أسمع بكلمة واحدة، يعني كان يأتي يعطي محاضرة عن الكهرباء ويعود ويعطي محاضرة عن المدرعات ويعود، ضابط يعطي محاضرة عن المدفعية والمدى المُجدي والمدى المتوسط ويعود إلى أهل بيته، التثقيف السياسي أو التوجيه السياسي كان من اختصاص الضباط العلويين، يعني ضباط التوجيه السياسي والمعنوي في كلية الدفاع الجوي كانوا ضباطًا علويين وهي عقيدة البعث: وحدة حرية اشتراكية، رسالة خالدة، القائد بشار الأسد بصوره التي كانت تملأ كلية الدفاع الجوي، كل الحديث عن المؤامرات التي يتعرض لها بشار الأسد والتي يتعرض لها الجيش السوري، هذا يعني الحديث تمامًا وليس هناك حديث توجيه غيره، إنه هذا بطل المقاومة وبطل الممانعة وبطل الصمود وهو بطل التصدي والجيش السوري، وهم ضباط علويون كلهم. مما كان يزعجني على المستوى الشخصي كطالب درس في كلية الشريعة الكفر وسبّ الذات الإلهية وشتم الدين يعني بشكل مثل النفَس، الضباط العلويون لا يعرفون إلا الكفر وشتم الدين وشتم الرب وشتم الذات الإلهية رغم إنه ممنوع يعني ممنوع مثلًا أي واحد يكفر يجب أن يُعاقب لكن كان الأمن أو النظام يدقق على الشتيمة الطائفية أكثر يعني مثلًا إذا ضابط شتم الأب أو الأم أو شتم أهل المحافظة ربما كان يُعاقَب أما إذا شتم الله والدين فلا [يُعاقَب] نهائيًا وأبدًا، يعني كنا نسمع الكفر كل ساعة وخصوصًا من الطلاب الضباط العلويين يعني هؤلاء يسكنون معنا في نفس مهاجع الكلية فلا تسمع إلا سبّ الرب والدين وكأنه ديدن (عادة) وكأنه نفَس، لذلك الجيش السوري كان يعلم الكفار يعني يذهب الطالب أو المجند إلى الجيش فيتعلم التدخين والكفر والسرقة والكذب والرشوة والفساد، فكان جيش الفساد والإفساد بإطلاق وهذا أنت في ضمن أكاديمية وكلية يعني يجب أن تكون -نوعًا ما- محترمة وتدرّس الأخلاق والقيم لكن هذا لم أشهده قط، فلم يكن هناك تعليم إلا للكذب والفساد والمحسوبية والواسطات، وكل شيء تكلمت لك به في الكلية وجدته موسّعًا في القطعات العسكرية، يعني كان الفساد في الكلية أكاديميًا فصار ضباطيًاـ كان الظلم محصورًا في الكلية فصار الظلم موسّعًا في القطعات العسكرية.
بصراحة لم يكن هناك قانون معلن ومشهور أنه ممنوع الصلاة لكن كان وقت الصلاة غير محترم يعني لم يكن هناك وقت يُخصص تستطيع الصلاة فيه، يعني مثلًا صلاة المغرب وربما عندك درس من قبل صلاة المغرب إلى ما بعد صلاة العشاء لا تستطيع أن تقول: أريد إذنًا من أجل الصلاة، كان هناك تحذيرات من الضباط من الصلاة يعني ضابط [يقول] تقضون الوقت صلاة وعبادة، تمضون الوقت للهروب من الاجتماعات، يعني كانوا يقرنون إهمال حضور الاجتماعات أو الدروس أو المحاضرات بالصلاة، يعني لم تكن الصلاة محترمة ولا وقتها محترمًا وكانت تصرفات -ربما نستطيع أن نقول- غير ممنهجة من الضباط خصوصًا العلويين ينزعجون من الصلاة وهذا واضح جدًا، ويعتبرون الصلاة تحدّيًا لهم وتحدّيًا للانضباط العسكري وتحدّيًا لقيم الجيش كما يقال، أما نحن فكنا نصلّي بالجَمْع والقَصر في أوقات الاستراحة، بالنسبة لي لم أقطع الصلاة بسبب الجيش لكن لا يكون جوّ الجيش مشجّعًا على الوضوء والصلاة يعني مثلًا عقوبات واجتماعات ومحاضرات وتسخيف لدور الصلاة والمصلّين وكلام دائمًا عن الإخوان المسلمين وشتم الإخوان المسلمين وكفر وشتم الذات الإلهية، يعني هو الإنسان بالحالة الطبيعية يحتاج الشجاعة للصلاة فما بالك في جو لا يشجع على الصلاة نهائيًا وبتاتًا بل ويحاربها بطريقة غير مباشرة؟ بالنسبة لي لم أترك الصلاة أبدًا وكنت أصلّي ولم يسألني أحد لماذا تصلّي ولم أتعرض لهذا في الأكاديمية العسكرية، أما في الخدمة العسكرية فنتعرض لمضايقات أو تخويفات، يعني مثلًا وأنت جالس مع الضباط أنا خدمت في قطعة فيها 14 ضابطًا علويًا وضابطان سنّيان وأنا ضابط مجند، قائد الكتيبة سنّي ورئيس الأركان سنّي والبقية علويون، العلويون لا يصلّون، والسنّة يصلّون في غرفهم أو في مكاتبهم، وقال لي قائد الكتيبة العقيد أكرم خضور من جيرود: أنا أصلّي منذ 27 سنة، ولا مرة صلّيت أمام أحد إلا أنت -يعني هو لا يثق أن يصلي أمام أي أحد- لأني دارس شريعة ويعرف توجّهي، أما أنا فكنت أصلّي أمام الضباط جميعًا بل كنت أتقصد أن أصلي أمام العلويين لأزعجهم لأنهم ينزعجون من الصلاة انزعاجًا كبيرًا فأنا كنت أتقصّد بصراحة إزعاجهم كنوع من التمايز الثقافي، حتى إننا كنا نختلف بالغناء يعني أنا كان عندي آلة تسجيل أضع فيها [أغاني] لسعدون جابر والياس خضر والطرب العراقي وصباح فخري وأم كثوم فيأتي الضباط العلويون وينزعون هذه التسجيلات ويضعون تسجيلات لعلي الديك أو حسين الديك وكان علي الديك حينها مشهورًا يعني وأنا كنت أكره صوته كثيرًا فيسألونني: ما رأيك بعلي الديك؟ فأنا أقول لهم إني أكرهه كثيرًا وأنزعج من صوته، أصلًا هذا ليس مطربًا هذا حمار ينهق، يعني لإزعاجهم، فكان الصراع بيننا في الخدمة العسكرية واضحًا كطالب شريعة ضابط ملازم لا يستطيعون أن يعاملوه كالجنود المجنّدين وكانوا ينزعجون كثيرًا من الصلاة وينزعجون كثيرُا من النمط الثقافي الذي حافظت عليه أنا بالكلية لكن لم أُستدعَ لأي فرع أمن ولا تحقيق نهائيًا في الخدمة العسكرية.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2023/08/20
الموضوع الرئیس
التركيبة الطائفيةكود الشهادة
SMI/OH/215-06/
أجرى المقابلة
إدريس النايف
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2001
updatedAt
2024/04/26
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-محافظة حمصشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الجيش العربي السوري - نظام
مجلس الشعب - نظام
كلية الدفاع الجوي - حمص - نظام