أول مظاهرة في ساحة الساعة بحمص وتمزيق صور حافظ
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:10:27:00
الأمن هرب، فالحقيقة بدأ الناس ينسحبون باتجاه شارع الدبلان أو باتجاه شارع عبد المنعم رياض، بدأت لماذا لأنه صارت غازات كثيرة، الحقيقة أنا واحد من الناس الذين دمعت عيونهم فلم نعد نرى، فانسحبت برجوع للوراء، وقلت لكم في الشارع كنت واقفًا على الزاوية بين شارع الدبلان وشارع عبد الحميد دروبي، فرجعت باتجاه شارع عبد الحميد دروبي، هناك أول مدخل وأريد أن أرجع وأذهب باتجاه الدبلان، وأشاهد الناس الذين يرجعون للوراء إلى هناك كي أجتمع بهم، فأتفاجأ طبعًا أنني أشاهد العناصر يركضون وكعبهم برأسهم(مسرعون جدًا) من كثرة خوفهم يعني يركضون، فأول كوع (انحناء) التففت به وجدت مساعدًا أول اسمه أبو يامن أعرفه في المخابرات العسكرية، هو هكذا ذو كرش كبير ويلهث بسرعة، وهذا رجل يعني أكرهه جدًا في الحقيقة، وهو يكرهني كثيرًا؛ لأنه كان يدخل لعندي ويحاول أن يبتزني، فاتصلت بالأمن بالمخابرات قلت له: إذا دخل هذا الزلمة(الرجل) لعندي على المحل فسوف أقص رجله. قلت ذلك فعلًا لمعلمه ، فمنذ يومها لم يعد يقترب، لم يعد يأتي؛ لأنه كان بقذارة يحاول أن يبتزني، فرأيته في وجهي فأنا الحقيقة كنت سعيدًا، لما رأيت الخوف في وجه أبي يامن كنت سعيد جدًا، فاقتربت منه هكذا وأنا أضع يدي في جيوبي وقلت له: خيرًا إن شاء الله (ماذا هناك) يا أبا يامن ماذا يحدث؟! نظر إلي هكذا وقال لي: من أجل الله اذهب. قلت له: اشرح لي لماذا أذهب؟! قال لي: من أجل الله اذهب. قلت له: يا أبا يامن ماذا بك ألا ترى ماذا يحدث؟! ماهذا؟! من أين جاء هؤلاء؟! ماذا يحصل؟ خيرًا، طمئنا فأنت الأمن. قال لي: من أجل الله اذهب، من أجل الله اذهب، هؤلاء العرصات حموية. فدائمًا يدعون أن هؤلاء من حماة قادمون على اعتبار أن أهل حماة إخوان مسلمون وإرهابيون و يصفونهم بصفات لديهم، فهؤلاء القادمون ليسوا حمصيين وإنما هم حمويون. فضحكت أنا وقلت له: إذن هم حمويون هكذا ما توصلت إليه! ذهبت وتابعت باتجاه الدبلان، ذهبت إلى هناك لأشاهد الناس، في الحقيقة التعاطف كان شيئًا جديدًا، هناك شباب وبنات وصبايا وكبار وصغار، طبعًا الغالب هم جيل العمر العشريني، كان 20 أو25 متوسط العمر الذي كان موجودًا، الناس كانوا... طبعًا الذين أصيبوا وتأذوا من الغازات المسيلة للدموع انسحبوا للوراء والناس لا يعرفون ماذا يفعلون فصاروا يقولون: أعطونا ماء أعطونا ماء. أخرجوا قماشًا وقطنًا وماء وأحدهم قال:... طبعًا يتكلمون مع الأهالي، فوراء الدبلان توجد أبنية سكنية، صحيح أن المنطقة هنا هي سوق تجارية، ولكن في الأعلى توجد مناطق فيها مكاتب ومناطق من الطرف الآخر هي أبنية سكنية.
كان يوم جمعة طبعًا فالناس في بيوتهم، فصاروا من الأعلى يقولون لهم: سمعنا أنه إذا وضعتم لهم كولا أو سفن أب(مشروبات غازية) فإنها تخفف. فصارت تلقى عبوات الماء و"الكولا" و"السفن أب" وكل ما يلزم من مناديل ورقية، كان في الشوارع تعاطف في الحقيقة غير طبيعي، شعرت بموقف في الحقيقة رجولي، الرجولة تعني الشجاعة وفعلًا نحن شعرنا بأنه من الممكن إذا كنا يدًا واحدة أن ننتصر، كانت هذه أعلى لحظات التعاطف وأعلى لحظات انفجار الثورة، بدأ الانفجار، بعد الحادثة لم تعد الأحداث تنحسر، بعد الشيء الذي صار لم تعد الأمور تحت السيطرة، ولم يعد يقدر النظام أن يضبطها، وزاد في إجرامه، وزاد في... سنتحدث فيما بعد عن الذي حصل بأهل حمص، ولكن ما زاد أهل حمص كل إجرام النظام إلا زيادة في مواقف البطولة والصمود والرجولة والشجاعة والتصدي لإجرام النظام مهما قتل منهم، هذا الكلام أقوله لأنني ولأول مرة أشعر أنني بمدينة رجال، في هذه اللحظة أكملت ورحت باتجاه الطرف الثاني، رجعت إلى المتظاهرين، هؤلاء الذين أتحدث عنهم هم الذين رجعوا للوراء والذين تأذوا من…، رجعت فوجدت الناس ينسحبون بعد أن هجموا عليهم، رجع الأمن بضغط وبشدة صار يطلق نارًا وبكثافة غازات مسيلة للدموع، بدأ الناس يمشون باتجاه شارع عبد المنعم رياض، كان ظهورهم نحو البريد، فصار البريد على يسارهم، ورجعت من جديد بهذا الشارع الهتافات العالية، طبعًا صارت الهتافات هنا هي: "إسقاط النظام" بعد ذلك" "يد واحدة يد واحدة" وبعد ذلك: "الله سورية وبس" الله سورية حرية وبس" بدأت تخرج على... هذه كانت حقيقة تلخص ثورة سورية: " الله سورية حرية وبس" لم يكن عندنا غيرها.
عندها أنا في الحقيقة اضطررت أن أغادر وأترك، طبعًا كانت أحيانًا الاتصالات لا يوجد هاتف يرن، أنا بالذات أعرف نفسي مراقبًا، أنا هاتفي أعرف أنه مراقب، صار عندي الهاتف شقفة حطب لا أتكلم من خلاله، الناس إذا كان أحد منهم يتكلم فإنهم كي يطمأنوا عليّ ويعرفوا ما الذي حصل، فكان يتصل بأهل البيت، ولكنني لم أخبرهم أنني في المظاهرة، كان في الحقيقة عندي في البيت دعوة ووالدي ينتظرني، وصاروا يتصلون بي ويقولون: تعال أبوك ينتظرك. وقلت لكم: والدتي سافرت، فاضطررت أن أرجع إلى البيت ويا ليتني لم أرجع؛ لأن الذي صار بعدها كان في الحقيقة أخطر شيء، ررجعت إلى البيت، تابعت المظاهرة شاهدتها فيما بعد في الفيديوهات، ربما حتى نقلت "الجزيرة" لست متأكدًا، شارع عبد المنعم رياض في منتصفه نادي الضباط، فهم يرجعون في الشارع قلت لكم: هم يرجعون والأمن يضغط بهذا الاتجاه، هم يرجعون في شارع عبد المنعم رياض، تقاطع شارع عبد المنعم رياض هذا مع الشارع الذي يأخذ باتجاه ابن خلدون اسمه شارع نادي الضباط، هناك صورة حافظ الأسد فوق نادي الضباط هذه الصورة المشهورة في حمص، في هذا اليوم تسلق أحد الشباب الشجعان (الشاب خضر الحمصي الذي اعتقله النظام لسبع سنوات فيما بعد- المحرر) على المبنى ووصل إلى الصورة ومزق الصورة، وصار يضربها برجله إلى أن تمزقت، يحاول تمزيقها فلا تتمزق معه، وبعدها ضربها برجله ومزق الصورة، ونزل، والشخص هذا في الحقيقة مجهول، أنا لم أقدر أن أعرف، سألت عنه كثيرًا، فمنهم من قال لي: من هنا أو من هناك، ومنهم من قال: اعتقلوه و أخرجوه. ولكن الحقيقة والله أعلم أنه لم يعرفه أحد، كانت هذه لأول مرة في حمص يخرج فيها أحد ويمزق صورة حافظ الأسد رمزهم ويدعسون عليها بأقدامهم، فكانت هذه في الحقيقة والله أعلم خطًا أحمر دعسناه وغير قابل للعودة، فنحن عرفنا أننا مشينا باتجاه لم يعد هناك مجال للعودة، رجعت إلى البيت، كانوا قد شاهدوا على التلفزيون المظاهرات، واضح تمامًا أن المشاعر ليست مشاعر خوف، وهي تختلف عن الثمانينات، في الثمانينات كان هناك شباب عندهم شجاعة (مجموعة شباب) فقط الشباب الذين كانت عندهم شجاعة في حين أن الأهالي كانوا متخوفين، أما هذه المرة فالأهالي يدفعون أولادهم، الأهالي صار عندهم أمل صار عندهم شعورنا يجب أن نقوم، لم يعد هناك مجال للسكوت على التجاوزات التي تحدث، فصار إجماع، لم يعد هناك شباب لوحدهم قائمون، هناك إجماع في المدينة على ضرورة أنه فعلًا هذا النظام يجب أن يرحل، ويرحل مثلما رحل نظام مبارك والقذافي وبن علي، وكانت في اليمن أيضًا قد بدأت تشتعل، فصار الناس يشعرون أننا إذا قمنا فمن الممكن أن نفعل شيئًا، من الممكن أن نسقط النظام، من الممكن أن نرفع الصوت، رغم علمنا الداخلي بأن النظام مجرم، فالنظام أجرم ومن الممكن أن يستمر بإجرامه، ولكننا إذا لم ندفع تكلفة فما من شيء يأتي بالمجان. فكان الشعور العام أننا يجب ألا نرجع إلى الوراء، نحكي بين بعضنا كأصدقاء، ولكن بصوت خافت فهناك خوف، لانريد الأمن أن يسمعنا، الهواتف لا نستعملها، وأنا بالذات على اعتبار أن عندي قضية سابقة وجاءني إنذار، فكنت حريصًا كثيرًا ألا يُمسك عليّ أي ممسك، بدأنا نعمل و[بدأنا نتساءل]: ماذا بإمكاننا أن نفعل؟ لأنه في الحقيقة الشعب كله شباب لم تكن هناك إدارة أو قيادة، لم يكن أحد يقدر أن يقول لهم: انسحبوا، ارجعوا، تقدموا. لم تكن هناك قيادة في هذه الفترة، كانت في الحقيقة ثورة شعبية:" الله سورية حرية وبس" فقط لا غير، فيما بعد تطورت الأوضاع في المراحل القادمة لنقدر أن نؤسس مؤسسات تابعة للثورة هي التي قادت الثورة في المراحل الصعبة تلك.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/12/27
الموضوع الرئیس
بداية الثورة في سوريةالحراك السلمي في حمصكود الشهادة
SMI/OH/171-04/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
25/03/2011
updatedAt
2024/11/19
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-مدينة حمصشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
فرع الأمن العسكري في حمص 261