الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تشييع شهداء "أحد الجلاء" ودفنهم في مقبرة الكتيب

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:22:57:10

انتهى يوم 25 آذار/ مارس، كان يومًا.. بالنسبة لنا أهل حمص لا نزال في حالة ذهول ما بين مصدق وغير مصدق، الناس يقولون: ما الذي حدث؟ حيث شُقت صورة حافظ الأسد، شاب من شباب حمص من مواليد البعث وفترة حكم البعث يصعد شاب ويشق الصورة برجله على مبنى نادي الضباط، فكانت الحقيقة انعطافة حقيقية بغضب وبموقف أهل الحمص، وبدأ يظهر الغضب والاحتقان داخل صدور أهالي حمص، كانت مشاعر مختلطة ما بين مشاعر خوف ماذا سوف يحدث؟ ومشاعر بداية لتكون نقطة انفجار مثلما صار  في مصر وفي الدول الأخرى أن تكون هي اللحظة التي سينفجر فيها بركان الغضب عند أهالي سورية، كنا نشاهد في الحقيقة ارتباك الأمن، حالة ارتباك حقيقة الأمن وصل فيها ولأول مرة نشاهد المخابرات الجوية العسكرية وأمن الدولة مرتبكًا فماذا يحدث؟ لا يقدر أن يضبط... فعادة يتابع واحدًا أو اثنان أو5 أو 10 أما المظاهرة كان فيها 5 آلاف شخص كيف سيتابع هؤلاء؟! واضح أن جيلهم كله جيل شباب لم يكن جيل الكبار، فمن الممكن أن يكون القليل من الكبارية (كبار السن)؛ لأن الشباب هؤلاء خارجون ال20 وال25 لا يعرفهم المخابرات، هم يعرفون الكبار، أما هذا الجيل الصغير جيل المدارس وطلاب جامعات، وكانت أحياء مختلطة ليس نفس الحي؛ وبالتالي حالة ارتباك مر فيها الأمن، وذكرت كيف كان الأمن... جدًا، قال: إن هؤلاء حموية، ومرة يقول: إن هؤلاء جاؤوا..  يعني بطريقة ليس عندهم فيها خطاب واحد، فنحن كنا في الحقيقة نعيش حالة من الخوف ولكن هناك انتشاء نشعر أنه من الممكن  للشعب أن يتنفس، حيث بدأ يتنفس، بدأ يشعر أن هواء نظيفًا إلى رئتنا نستنشقه، إلى أن جاءت الفترة التي كانت سيخطب فيها بشار الأسد، جاء خطاب بشار الأسد في 30 آذار/مارس، في الحقيقة نحن كنا متوقعين أنه سيبدأ ويقدم شيئًا من التنازل، ويبدأ يشعر بأن  هذا شارع فعلًا غضبان، هذا لم يأت أحد ويقوله أنه جاء ويؤثر على الناس أو يضغط عليهم أو أن هناك جهات تتآمر على السوريين، هذا الشعب السوري الذي قام بشكل مفاجئ، فيجب أن يخرج خطاب يمتص نقمة الناس، يهدئها، ويقدرأن يشعرهم ببعض الطمأنينة وأننا سنبدل ولن نسوق ( نكمل) بنفس الاتجاه لتتطور وتتأزم مثلما صار في مصرفي ساحة التحرير وميدان التحرير والناس الذين في الشوارع، والذي صار في تونس والذي صار في الدول، فمن الممكن أن يبدأ هو طالما شاهد الدول التي قبله كيف انفجرت، فمن الممكن له أن يلحق ويهدئ الوضع، ويمتص النقمة، ويخفف الاحتقان بحديث مع الشعب السوري أنني فهمتكم، يعني سنغير، ويعطي وعودًا للناس، فنتفاجأ بخطاب صاحب القهقهات العالية التي سميناها نحن لغة الحمير، ظهر أنه إذا أردتم حربًا فأنا لها، أعلن حربًا على الشعب السوري، لن يقدم أي تنازل، ولن يتراجع، وإذا كنتم ستستمرون فسأستمر، وستشاهدون شيئًا لم تشاهدونه بعد؛ وبالتالي لغة تهديد ووعيد لم تتغير لهجة النظام عما سبق وكأن الناس كلما ضغطت عليها ستنضغط في حين كان يجب أن يفهم وإذا هو لم يفهم على اعتبار أنه أحمق يعني بشار الأسد، كان يجب على مستشاريه الخبراء الذين عنده ولا يستهان بهم أن يفهموه أن الشعب لم تعد تنفع معهم لغة التخويف والتهديد، فقد انتهى ذلك بدأ الشعب ينتفض، كان يجب أن يلتقط النظام هذه  الحركة التي حصلت إلا إذا كان يريد فعلًا أن تصل سورية لما وصلت له فيما بعد، فإذا كانت غايته أن ينفجر الناس وتُدمر البلد و ويهجر الناس فإذا كان هذه غايته وهذا الهدف الذي يريده فصحيح أنه مشى بهذه الطريقة، أما إذا ما كانت هذه غايته فكان خطأ الشيء الذي قاموا به وكان لازمًا أن يتداركوا هذه المرحلة، بعد الخطاب طبعًا كانت هناك حالة غضب، ازداد الغضب، ازدادت نقمة الناس من حالة التخويف وحالة زيادة ضغط البوط العسكري على الناس، الأمل الذي كان من الممكن أن يُبنى هو أن يستدرك النظام  الوضع الذي صار فيه، فكان هنا يخرج كلام بأنه لو كان أبوه على قيد الحياة ما كان أوصل المرحلة لهذه المرحلة، ولكن بحماقته هذا الولد دمر أو قاد البلد نحو مزيد من الانفجار ومزيد من الاحتقان بحالة غباء قام بها، أو مثلما قلت: متقصد هذا الوضع لنصل للذي نحن الآن وصلنا له وهذه المرحلة. 

  تستمر بعدها حالة تحدث في كل جمعة، مثلا في 1 نيسان/أبريل خرجت مظاهرة، خرجت المظاهرات من الجوامع، صار التكبير والأعداد تزداد بعد خطابه وتهديده لم يخف الناس، لم يتراجعوا، هذه أيضًا كانت إشارة للنظام أننا لم نخف منك، لم نتراجع، الأعداد تزيد، خطابك معنى ذلك كان غير موفق، أسلوبك الذي ستتبعه بقمع الناس لن تستفيد منه؛ لأن الناس لم يعودوا يخافون، الناس طلقوا الخوف، وطلقوا الجبن، وتشجعوا، والناس صاروا يشجعون بعضهم، صرنا نشاهد الآن بعد أن كانوا في الفترة الأولى شبابًا، صرنا نشاهد صبايا، صرنا نشاهد الأعمار الأكبر يزدادون، ربما يكون الأكبر عمرًا أكثر خوفًا لأن عندهم عوائل، لأنهم يعرفون بطش النظام، ولكن هذه المرة صرنا نشاهد كبارية (كبار السن) دخلوا في المظاهرات، صار المجتمع كاملًا وليس أحياء بإمكاننا أن نقول: أحياء حمص الغنية والأحياء الفقيرة بدأت تخرج في المظاهرات، هذه كانت في الحقيقة المظاهرات التي تخرج من جامع عمر (في حي الملعب البلدي في حمص- المحرر)، كان النظام متفاجئًا كثيرًا بها [ويقول]: أنتم ماذا ينقصكم؟!  جامع عمر قريب على أمن الدولة، فيتفاجأ النظام أنه أنتم لماذا تتظاهرون؟! أنتم حالتكم المادية جيدة وأموركن مرفهة وبيوتكم وحياتكم فأنتم لماذا تتظاهرون أيضًا؟! فكانت مفاجأة أن أهل حمص بغنيها وفقيرها بمتعلمها وعاملها وبكل فئات المجتمع بدأت تخرج.

 يعني كانت هناك فرصة في الحقيقة للنظام ليلتقط هذه الأفكار، لكنه لم يلتقطها، استمرت المظاهرات، في كل جمعة صارت تخرج مظاهرات، ويتوسع عدد النقاط، ونتابع أخبار المدن الأخرى ماذا يحصل به مع أنه لم يكن في أيامها وسائل تواصل متل "الواتس"وغيره، كنا نخاف يعني حتى على شبكات الخليوي أو على الهواتف "الموبايلات" كان الناس لا يتكلمون، يخافون من الكلام  كانت الوسيلة الأولى الأساسية في الحقيقة هي قنوات التلفزيون الجزيرة، القنوات الإخبارية الثانية كانت تتابع الأخبار، كنا نتابع عن طريقها ونعرف أن درعا في كل جمعة تخرج فيها مظاهرات، في دوما في بعض المناطق الأخرى كانت تكثر المظاهرات، كانوا يصورون و"الجزيرة" يضعون على الشاشة 4أو5 صور من كل مدينة صورة مظاهرة، فكنا نتابع في الحقيقة؛ لأن الوضع محتقن ليس فقط عندنا بحمص، حمص وحدها نعرف أن فيها عدة مظاهرات، هناك درعا وبقية المدن كلها: دوما، ريف الشام، الغوطة، فكان واضحًا أن الأمور تتأزم، صار الناس يشجعون بعضهم، صرنا نسمع فيما بعد أن هناك شهداء في درعا وهناك إطلاق نار على المظاهرات، ربما كان حدث إطلاق نار في مظاهرة من المظاهرات وصار شهيد، ولكن لم تكن مثلما  تأزمت الحالة، يعني صار أحيانًا في مظاهرة في يوم واحد يموت مثلًا: يستشهد من مدينتنا من حمص لوحدها عشرة، نجمعهم في المدن، صار يستشهد مئة، ولكن ذلك كان في المراحل التي بعدها، أما في هذه المرحلة كان الأمن لايجرؤ أن يطلق النار على المتظاهرين، يحدث إطلاق نار ولكن فوق المتظاهرين، يطلق غازًا مسيلًا للدموع، كان يحاول أن يهدد، في مراحل ثانية المظاهرة كانت تستمر نصف ساعة، يسكتون عنهم أحيانًا يحيطون بهم، ولكنهم لا يفعلون شيئًا إلى أن ينتهوا على أمل أنها ستتفرق، بعد نصف ساعة كانت تنتهي المظاهرة، يحاولون أن يلتقطوا أسماء، يحاولون أن يدسوا المخبرين، ويعرفوا أسماء الناس الذين يخرجون، هنا بدأ الذي يخرج يهتف بالمظاهرة صار يحاول هذه نتحدث عنها فيما بعد كيف صار الذي يهتف والذي يحمل لافتات صرنا نحافظ عليهم ونخاف عليهم؛ لأنهم واضحون أمام ال... يعني ممكن بأي لحظة أن يعتقلهم النظام؛ لأن وجوههم صارت مكشوفة، وإن كنا طبعًا لم نعد نخاف، يعني نخرج بوجوهنا وبالمظاهرة، ونعرف أن الذين حولنا يعرفوننا،  فأنت تخرج في حارتك ومنطقتك وحيك، الناس الذين معك يعرفونك وأنت خارج بالمظاهرة، معنى ذلك أننا نحنا بدأنا نحرق مراكبًا، بدأ حرق المراكب هنا ومعنى ذلك أن الناس بدؤوا... والحالة قبل المظاهرة بالنسبة للذي يخرج في المظاهرة غير  مرحلة ما قبل، ما قبل هي أن يخاف من الظهور أو أن ينكشف، لكن عندما يخرج بالمظاهرة ويتصور فمن الممكن أن يخرج بصورة، أو هناك أحد مخبر فيعطي اسمه، فمعنى ذلك أننا بدأنا  عندها مرحلة جديدة مرحلة حرق المراكب نسميها، انتهى الأمر لم تعد هناك عودة إلى الخلف إلى يوم مظاهرة 17 نيسان، 17 نيسان مظاهرة كانت في باب السباع، كالعادة كانت المظاهرة، خرج أهالي باب السباع في المظاهرة تفاجأنا بأنه صار هناك إطلاق نار، في هذه المظاهرة سقط سبعة شهداء، هذه أول مرة في حمص في الحقيقة يحدث إطلاق نار بهذه الطريقة، بحسب ما أذكر أنه كان في وقتها الرائد حيدر حيدر من الطائفة [العلوية]، كان هو المسؤول عن أمن المظاهرة، وهو الذي أعطى الأوامر بإطلاق النار، هكذا بحسب ما...، طبعا الأوامر لا تكون من عنده وتكون الأوامر من جهاته العليا بأن  الناس لا يخافون، حي باب السباع في النهاية حي يعني هو لا يطلق النار على ناس، هو حي من الأحياء التي من الممكن أن يُقال: إنه حي متاخم لأحياء العلويين من جهته من إحدى جهاته الجنوبية، فمن الممكن في وقتها لأسباب طائفية أو غيرها، ولكن المهم أنه في المظاهرة صار إطلاق نار، واستشهد سبعة شهداء، وكانت هذه أول مرة يصير فيها هذا العدد الكبير.

 تجهز الناس لأنه في اليوم الثاني هناك الجنازات، فحتمًا حمص [يأكملها] ستخرج بالجنازة، الناس احتقنوا بطريقة قل مثيلها، نحن نتظاهر ونقول: نريد أن نسقط المحافظ، نتظاهر ونقول: نريد أن تغير... يعني لم نكن نطلب إسقاط نظام أو نطلب مطالب سقفها عال، كنا نطالب بأمور قابلة للتحقيق فتبادلنا بإطلاق النار! تثبت كلام خطاب بشار الأسد الذي قال فيه: إذا أردتم الحرب فلتكن الحرب. هو الذي بدأ، هو الذي بدأ بإطلاق الرصاص، نحن في الحقيقة مظاهراتنا لم يكن هناك أحد معه سلاح، في الأصل السلاح لم يكن موجودًا بين أيدي الناس، فلم تكن مظاهرات مسلحة، ولم يكن فيها إطلاق نار، كان فيها فقط مظاهرات سلمية، هذا أكبر دليل على أننا فعلًا انطلقنا بمظاهراتنا السلمية، وما انطلقنا بعمل مسلح، ولم يكن وراء الناس أي جهة أو حزب أو تيار أو مؤامرة أو لعبة دولية، كانت شعبًا يتظاهر مطالبًا بحقوقه ومطالبًا بحريته ومطالبًا بأبسط ما يعيشه الكائن في القرن الواحد والعشرين.

 في 18نيسان/أبريل اليوم الذي  تلا مباشرة المجزرة التي صارت في باب السباع، جهزوا الشهداء وتوجهوا بهم إلى  الجامع النوري الكبير في حمص، الجامع هو مركز المدينة، هو الجامع الكبير يلتقي فيه الناس وسهل الوصول بجانب الساعة القديمة، يعني كان مركز حمص عمليًا، رحت فقالوا: إن الجنازة ستكون بعد صلاة الظهر في الجامع الكبير، والله أنا أتكلم عن تجربتي والذي صار معي، توجهت للمسجد قبل صلاة الظهر، فتفاجأت بأنني لا أقدر أن أصل إلى باب الجامع، كان الازدحام...  معروف أن الجامع الكبير عند السوق المسقوف وأمامه الناعورة، الناعورة هي منطقة تجارية، أو سوق الناعورة هكذا اسمه هو منطقة تجارية عبارة عن  محلات ودكاكين، لم أقدر في الحقيقة أن أصل، كان مغلقًا، أي طريق تصل به إلى الجامع كان مغلقًا، كان مغلقًا؛ فتخيلوا كم كانت كثافة الناس!  أعداد هائلة، أشخاص نعرفهم ، وأشخاص لا نعرفهم، وأشخاص لم أرهم طوال حياتي، يعني كانوا من أحياء حمص المختلفة، هناك شباب وصغار وكبار من مختلف الفئات العمرية، أحاول أن أتذكر، لا أتذكر أنني استطعت  أن أدخل إلى الجامع، كنت أريد أن أصلي الظهر فربما دخلت إلى الجامع واستطعت فيما بعد، وصليت في ساحة الجامع الخارجية، الحقيقة كانوا أممًا وهناك ازدحام كبير، بدأت تخرج الجنازات، بدؤوا يخرجون إلى الخارج والجنازات محمولة على الأكتاف، كنت من بعيد  أشاهد  الجنازات تخرج باتجاه الساعة القديمة، خرجت من باب الجامع باتجاه ساحة الساعة القديمة، في الساحة القديمة خرجوا باتجاه شارع الحميدية إلى الكتيب، مقبرة الكتيب هي المقبرة التي في الحقيقة أهل حمص يتباركون بها، هي المقبرة التي تضم 400 صحابيًا، وأن يُدفن الشهداء في مقبرة الكتيب فهذه كانت رمزية كبيرة، فأنتم شهداء وأنتم مثل الصحابة، يعني أنتم تُدفنون بجانب الصحابة، شاهدوا كم كان في أيامها هناك إكرام، لا يوجد إنسان يموت في حمص لا يتمنى أن يُدفن بجانب الصحابة، فهؤلاء الشهداء نحملهم على الأكتاف مسافة تقريبًا ربما تكون3أو 4 أو5 كيلومتر، لا أتذكر المسافة كم كانت بالضبط، يعني شارع الحميدية باتجاه باب تدمر باتجاه الكتيب، هناك مسافة جيدة، كانوا محمولين على الأكتاف مع التكبير، الشارع يكبر: "الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله لا إله إلا الله" لم نشاهد المشهد إلا في فلسطين، الشهداء الذين اغتالهم الاحتلال الإسرائيلي صار عندنا شهداء اغتالهم الاحتلال الأسدي، هذا المشهد لم نشاهده إلا بفلسطين فعلًا، فبدأت تتكرر أمامنا المشاهد، النعوش محمولة على الأكتاف، الناس يصدحون بأصواتهم العالية، طلقنا الخوف، لم أشاهد أحدًا من النظام، لم أشاهد أحدًا يلبس بدلة عسكرية، من الممكن أن يكون هناك مخبرون متسللون بيننا، ولكنهم يمشون مع الناس، لم يكن هناك مظهر مسلح للدولة أبدًا أو غير مسلح، لا توجد مظاهر دولة، كانت طبعًا حمص مغلقة، الدكاكين كلها مغلقة، لا أحد قد فتح محله، توجهنا باتجاه الكتيب، ووصلنا إلى الكتيب، فتحوا باب المقبرة، ولم يقدر جميع الناس أن يدخلوا،  دخل بعض الناس ودفنوا الشهداء، نحن لم نقدر أن ندخل كنا في الخارج، أنا لم أقدر في الحقيقة أن أصل، وكل ما استطعت فعله أنني استطعت أن أشاهد باب المقبرة والناس يدخلون إلى الداخل، وطبعًا بعدها أغلقوا المقبرة [وكأنهم يقولون]: لا تدخلوا يا جماعة هؤلاء صحابة لا أحد يدوس... يعني هذه مقدسة بالنسبة لنا، لا أحد يدوس يا جماعة، فنحن كل الناس اكتفوا بأنهم وقفوا يتفرجون من بعيد، دُفنوا وهناك تكبير وأصوات تصدح يعني في الحقيقة كانت وجوه حمص  وكان أهل حمص ومشايخ حمص الكثير من الناس كانوا في الحقيقة.

 طبعًا حي الحميدية حي مسيحي أغلبيته مسيحية، فبينما نحن نمشي طبعًا الأهالي على الشرفات، على ما أذكر أنني سمعت أصوات زغاريد، على ما أذكر أنني سمعت أشخاصًا يكبرون ويصدحون مع الناس، هناك في الأعلى صوت نساء، أتذكر أنه صار يسقط على رأسنا الرز فنظرت للأعلى وإذا بهم ينثرون الرز علينا، يعني الحقيقة أهل حمص بمسلميها ومسيحيها بكبيرها وصغيرها وبكل أهاليها ظهرت يدًا واحدة، الشهداء كانوا شهداء كل حمص بدون استثناء، ظهرت اليد الواحدة، ظهرت اللحمة الاجتماعية، والحالة الوطنية رجعت لنا، ولأول مرة نشعر بأنه رجعت لنا حالة وطنية لنشعر أن هذه بلادنا، رغم أن البعث والأسد عملا على تدمير هذه الروح، ولكن اشتعلت من جديد، وظهر المارد من جديد (المارد الوطني) وحب البلد، الحالة كانت في الحقيقة لا يمكن أن ننساها أو أنها تغيب عن أذهاننا هذه اللحظات.

 رجع الناس باتجاه...، انتهت الجنازة، تم الدفن، الناس بقوا واقفين فرجعوا كلهم مع بعضهم، يعني عادة يصير دفن والناس يمشون ثم  يتفرقون، وكل شخص يذهب لوحده، هنا لا يوجد سيارات طبعًا، كلهم خرجوا مشيًا على الأقدام، الطرق مغلقة والكل يمشي، الناس بقوا حتى انتهى الدفن فرجعوا كلهم مع بعضهم خرجوا، فاتجهنا إلى نفس الطريق الذي جئنا منه، رجعنا إلى شارع الحميدية، التكبير مستمر وحالة المشاعر الجياشة مستمرة وحالة الاحتقان وحالة الانفجار، في الحقيقة كانت مشاهد رائعة،  في الحميدية قالوا... أتذكر أننا مررنا بمؤسسات للدولة، لم يقترب أي أحد، ولكن في منتصف الحميدية مبنى حزب البعث لا أدري أي شعبة، أتذكر أنه وقف الشيخ حوري (الشيخ حوري عثمان- المحرر) على درج الحزب، ولم يقترب أحد، ولكنه قال: يا شباب لا أحد يقترب. فقط وقف وقال: أحد يقترب. هو ومجموعة شباب معه كانوا واقفين وقالوا: أكملوا يا شباب، لا أحد يقترب ولا أحد يدخل إلى هنا. لم تكن هناك حماية، لم تكن هناك مظاهرة موجودة لتحمي المبنى لم يفكر أحد بأن يدخل إلى المبنى ويقوم بعمل تخريبي؛ لأن هذه المباني صحيح أن اسمها حزب البعث  ولكن هذه المباني لأهل لحمص هي لنا وليست لنظام الأسد.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2023/01/31

الموضوع الرئیس

الحراك السلمي في حمص

كود الشهادة

SMI/OH/171-05/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

17-18 نيسان 2011

updatedAt

2024/08/09

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-باب تدمرمحافظة حمص-باب السباع

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

قناة الجزيرة

قناة الجزيرة

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

الشهادات المرتبطة