الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

اشتداد القبضة الأمنية لنظام الأسد والتخفي في تركيا

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:21:36:19

مازلت أتذكر عندما كان الموقف الصدامي بيننا وبين قوات الأمن عندما أرادوا أن يقتحموا على شباب القرية قرية البيضا في إحدى المظاهرات في إحدى الجمع، وصار الصدام الكلامي بيني وبينهم وعلت الأصوات، وتيقنت تمامًا أن أمري أو دوري قد انتهى، وأنهم يبدو كما أخبرني أحد العمداء في الأمن السياسي آنذاك بأن إضبارتك أصبحت جاهزة وأن ما تقوم به من دور خفي مع شبابكم يبدو أنه قد وشى فيه بعض الشباب من شبابنا الذين لم يكتنزوا خبرة وثقافة الثورات ومعرفة بهذا النظام المجرم، وخاصة ممن تم اعتقالهم يبدو أنهم تكلموا شيئًا عما كنا نقوم به، أو عن حقيقة ما كنا نقوم به.

 طبعًا أمام هذا الأمر كان لا يوجد هناك مناطق كما هي الحال [بعد ذلك] اسمها مناطق محررة لم يكن نهائيًا بهذا الأمر بحيث الإنسان ينحاز إليها إلا آنذاك مخيم في تركيا كانت تركيا قد فتحت أبوابها للنازحين، وخاصة مع أحداث جسر الشغور آنذاك، ففتحت أبوابها وذهب الكثير المئات أو حتى الآلاف من جسر الشغور ومن غيرها ممن كانوا مطلوبين أو ممن تم اقتحامهم والضغط عليهم من القرى المجاورة لتركيا، وبالتالي كنت مضطرًا للخروج إلى تركيا عبر بعض الطرق التي قام بها أحد الدلالين أو أكثر من دلال، ذهبت آنذاك إلى قلعة المضيق ومن قلعة المضيق كان هناك بعض الشباب الذين أخذوني بطرق فرعية حتى وصلت.

 لكن كنت ما زلت أتابع الأمر أولًا بأول لم تكن قوات الأمن تعلم بذهابي إلى تركيا، وإنما أشعت أني ذاهب بزيارة عمل إلى مدينة حلب قد تمتد لعشرة أيام ريثما أن انتهيت من قضية الطريق، وفعلًا بعد فترة تواصل معي أحد الضباط في مدينة بانياس من الأمن السياسي، وقال: أين أنت؟ فقلت له: أنا في تركيا، قال: علمنا أنك في حلب، قلت له: في تركيا، متى ستعود، قلنا له: عندما يسقط بشار الأسد إن شاء الله، فتكلم كلمتين معي قال: لم يضحك علينا أحد في تاريخنا أكثر مما ضحكت علينا أنت، وتكلم كلمة: إن تمكنا منك سنقطعك إلى 300 قطعة إن شاء الله، فقلت: إن شاء الله لن تتمكنوا مني وسأعود عندما يسقط النظام وسيسقط بعون الله.

طبعًا بعدما خرجت بأيام قليلة في 20 رمضان كما قلت من 2011 وكان في آب/ أغسطس على ما أعتقد، كان هناك وفد للأمم المتحدة إلى قرية البيضا ليطلعوا على ما حصل في قرية البيضا، وليأخذوا من آراء الناس وليقوموا ببعض المقابلات حتى يُعدوا تقريرًا للأمم المتحدة، كان من خلال بعض الشخصيات التي كانت تعمل بما يُسمى المصالحات أو التسويات والتي كان لها دور سلبي للأسف حتى مع أبناء القرية كانت بجانب النظام، دخل هذا الوفد برفقتهم والتقى مع بعض الناس في ساحة القرية إلا أن الساحة أو المشهد كان قاتمًا أو سوداويًا لأن هذا الوفد كان محاطًا بقوات الأمن التي لا يمكن لأحد أن يُقابلها أو أن يتكلم معها بما جرى أو أن يتكلم معها بأريحية، وهذا بالأصل هو ديدن النظام المجرم الذي يُحكم قبضته الأمنية على كل شيء، لكن أن يأتي وفد من الأمم المتحدة والذي يعتبر نفسه حياديًا أن يسمح لهؤلاء الضباط بأن يأتوا معه وأن يُغطوه وأن يُحيطوا به، كانت هذه غير مقبولة نهائيًا، وهذا عمل ردة فعل مع أهالي القرية وحصل صدام كبير مع بعض شخصيات القرية بين بعض شخصيات القرية وبين قوات الأمن التي حاولت أن تُرسل رسائل إلى شباب القرية: بأنكم ما زلتم تحت القبضة الأمنية، وأنكم أمام الحساب الذي تعرفونه عندما تدخلون إلى الفرع.

الوفد أعتقد أخذ صورة واقعية تمامًا عن القبضة الأمنية والقمع المخابراتي الذي يُمارس على الناس، بعدها مباشرة اضطر بعض شباب القرية للهروب لأنهم لم يسكتوا للمخابرات أو للقوى الأمنية التي جاءت مع الوفد، وإنما صار صدام بينهم لكنهم اضطروا للخروج هروبًا من القرية وإلى تركيا، وأنا التقيت مع بعض الشباب وسمعت ماذا حصل فيما بينهم.

على كل حال كل هذه الأحداث ما كانت تقتصر على قرية البيضا وإنما هذا الوفد التقى بشخصيات في مدينة بانياس وفي أحياء مدينة بانياس الثائرة وعلى نفس المبدأ أو نفس المسرحيات التي حصلت في قرية البيضا كانت تحصل في كل مكان.

 ما أُريد أن أقوله: أن طول هذه الفترة لم تتوقف المظاهرات لكن أخذت طابعًا آخر لا تستطيع أن تتظاهر في أماكن دخل إليها الجيش، بالفترات الأخيرة دخل الجيش على أنه جيش من أجل الأمان ومن أجل بعض الأمور التي يُمكن أن يُلبيها للناس وأن تعود الحياة إلى الناس كما كانت.

لم أكن أنا في تلك الجلسات وإنما حصلت مع بعض الوجهاء المسؤولين في مدينة بانياس، وتم الاتفاق معهم على تمركز هذه القوات في بعض الأماكن التي لن تأتي لهم إلا بالخير، وأن تفرض الأمن والأمان على القرية وعلى المدينة وعلى الأهالي، هكذا كانت الوعود، لكنها عندما دخلت وتمكنت من مدينة بانياس من مداخلها كلها ومن مراكزها، وإذا به أدخلت الدبابات وأدخلت القوات، وكانت نقاطًا كبيرة جدًا، فرضت الطوق الأمني الكبير، لم تكن جيشًا عسكريًا وإنما كانت قوات أمنية ممزوجة بالقوات العسكرية والتي زادت من القبضة الأمنية وبدأت باعتقالات الشباب والنشطاء خاصة، هذا الأمر ترك أثرًا سلبيًا وسيئًا جعل من الشباب أن يخرجوا خارج المدينة بشكل سري، وأن يختبئوا في الجبال والقرى البعيدة أي أنهم ابتعدوا عن الواقع الأساسي، وإنما أصبح تواصلهم على النت كما هو تواصلنا عندما كنا في تركيا في قرية ييلدا التي على الحدود عند كسب وفي جبل الأكراد كنا على تماس مباشر لكن لم نكن معهم في الميدان.

المهم بدأت الضغوط الكثيرة جدًا على الشباب النشطاء في ساحة بانياس مدينة بانياس وفي قراها، واقتصر عملهم على بعض المظاهرات الطيارة دعنا نُسميها مظاهرات طيارة التي يمكن أن تكون في مكان معين لدقائق مع التصوير وإرسالها في رسالة واضحة أننا موجودون رغم قوات الأمن، وأننا أصحاب رسالة وأننا سنمضي في هذا الطريق حتى إسقاط هذا النظام.

استمرت هذه الأمور طيلة سنة أو سنة ونصف تمامًا انتهت تقريبًا السنة الأولى من الثورة، وبدأت السنة الثانية من الثورة وما زالت قوات الأمن قابعة وحاكمة قبضتها على المدينة وعلى كل شيء، وأصبحت هنا أمام مرحلة من الاعتقالات المكثفة حيث تبين بالفترات الأولى عندما كانت المظاهرات على أشدها وبأعدادها الكبيرة كان يتخللها وجود من قوات الأمن ومن المخبرين الذين كانوا يصورون، وكانوا يرفعون التقارير وكانوا يُراقبون الوضع عن كثب وبالتالي جاء الدور الآن أن يعودوا إلى تلك التقارير ويبدؤوا بتحليل هذه الصور والمظاهرات، من تكلم؟ من كان يحمل عبارة معينة أو شعار؟ من كان يُحرض من كان يتابع؟ كل هذه الأمور بقيت الآن جاء وقت متابعتها وجاء وقت الاعتقال من كان يرى بنفسه بأنه كان مشاركًا صار يحسب مثلما يقولون 100 حساب، وبالتالي كان لا بد من خروجه أو هروبه إلى خارج البلد إلى القرى.

 كان هناك بعض الشخصيات التي تُعتبر المطلوب الأول كالشيخ أنس حفظه الله يُعتبر المطلوب رقم واحد لأنهم كانوا يعتبرونه أنه من قام على المنصة وأنه هو المحرض وأنه هو الخطيب وأن عائلة عيروط والشيخ عبد الرحمن عيروط -رحمه الله- كما قلنا كان له بصمة على شباب بانياس كلها بل على محافظة طرطوس بل على سورية، كان من الشخصيات المعتبرة على مستوى سورية والحمد لله كما كان الشيخ أنس يتميز بهذه الصفات وبالتالي حُمل مسؤولية ما حصل في مدينة بانياس، وكان لا بد من إحضار رأسه إلى الاعتقال بعدما فشلوا في الجلوس معه أو المفاوضات معه الوصول معه إلى تسوية أو إلى تهدئة، فعمدوا إلى هذا الأمر إلى الضغط عليه إلى الضغط على بعض الشباب إلى دس بعض الشباب الذين يمكن لهم أن يصلوا إليه وإلى بعض الناشطين، لكن بفضل الله خابت مساعيهم والشيخ أنس اضطر في هذه الفترة التي خرجت أنا بها إلى تركيا أعتقد أنه سبقني بأيام قليلة للضغوط التي مُورست عليه، بعدما خرج إلى مدينة ثانية بالخفاء لكن لا يستطيع أن يتخفى كل هذه الفترة، فكان لا بد له من الخروج.

هناك بعض الشخصيات التي نجح النظام هذا المجرم بخيانة البعض كما علمنا أنها قد تُوفيت في السجن وغالبًا هو و بعض الشباب الذين زادت أعدادهم، لكن كان عندنا من الشباب الذين كانوا يعتبرون من أركان الحراك أكثر من 40 أخ أو 50 أخ تقريبًا تم اعتقالهم، وأعتقد أنهم فُقدوا علمًا كما قلت: أن الذين تم اعتقالهم في مدينة بانياس كانوا بالآلاف، وبالتالي أمام هذا الواقع لم يبقَ أمام الشباب الكثير من الخيارات إما أن تخرج خارج البلد لأنه لا يوجد أي منطقة اسمها منطقة محررة الآن يمكن أن يأوي إليها، وإما أن تذهب إلى تركيا وبالتالي يمكن لك أن تُمارس بعض النشاطات من خلال المظاهرات التي يُمكن أن نتكلم عنها، أما التحركات الميدانية مع الثوار أصبحت صعبة جدًا إلا كما قلت من المظاهرات الطيارة التي يُمكن أن يقوموا فيها مع بعضهم، أو بالتنسيق مع بعضهم في قرى مدينة بانياس في بعض أحياء مدينة بانياس في بعض القرى المحيطة بمدينة بانياس.

 وكنت ذكرت أنهم كانوا سباقين في السبق الإعلامي الثوري عندما نسقوا مع بعضهم في العمل أو في البث الفضائي لهذه الثورات، وهذه من فوائد الثورات أنها ربطت شباب قرى مدينة بانياس القرى الريفية ببعضهم فشكلوا شبكة إعلامية يمكن لهم أن يتواصلوا فيما بينهم وأن يُنسقوا العمل الإعلامي والحراك الثوري فيما بينهم.

مضت هذه الأيام لأشهر دون أحداث كبيرة إلا ما كان من بعض الاقتحامات كان من شأن أو ديدن هذا النظام المجرم بين فترة وأخرى يقومون باقتحام عشر سيارات 15 سيارة دوريات مشتركة من القوات الأمنية إلى قرية معينة أو إلى حارة معينة من أجل إما مطلوب أو من أجل إظهار قوتهم وقبضتهم الأمنية ومن أجل إرعاب الناس ولو أدى هذا الأمر إلى قتل بعض الناس أو إلى تعذيبهم، هذا لا حرج عندهم المهم عندهم أن يفرضوا قبضتهم الأمنية أن يزرعوا الرعب والهلع في قلوب الناس.

كانت هذه الاقتحامات أقول أنها كانت أسبوعية على كل قرية، قرية البيضا لا بد من اقتحام أسبوعي ولو بخروج استعراض لهذه الأرتال البساتين قرية البساتين على نفس المبدأ قرية علقين على نفس المبدأ الأحياء في مدينة بانياس على نفس المبدأ، بعض القرى كما قلنا كلها كانت تتعرض إلى هذه الاقتحامات من أجل أن يبقى الناس في رعب، وقد نجحوا إلى حد معين في زرع الرعب في قلوب الكثير من الناس فضلًا عن الشخصيات التي كانت تطلع على بعض الأسرار التي كانت تحصل وكانوا على علم من بعض الشخصيات الثورية التي كانت تعمل في الثورة وبالتالي نشطت التقارير الكيدية من المخبرين المدنيين ومن ضعاف القلوب على هؤلاء الشباب مع استمرار الاعتقال لهؤلاء الشباب وبالتالي أصبحت مدينة بانياس عبارة عن سجن كبير تحولت من مكان المظاهرات لمنبع الشباب ومصنع الأبطال الذين وضعوا بصمات طيبة إلى الآن إلى سجن كبير يمكن أن يُلاحق كل شخص أو أن يجلس في البراري أو بين الجبال، وبالتالي في وضع صار صعبًا جدًا أن يخرج إلى خارج آ البلد، بقي هذا الأمر تقريبًا حوالي سنتين بعد دخول الجيش. 

أذكر بعد هذه الفترة كان بعض الشباب الذين التجأوا إلى قرية البيضا ومن مدينة بانياس الذين هربوا من القرية لأحكام الجيش والأمن قبضتهم على المدينة من خلال الحواجز إلى قرية البيضا أو إلى جبال قرية البيضا والوديان فجلسوا هناك لفترة وكانوا يعملون في مجال واحد مع بعض المظاهرات الطيارة التي ذكرناها، لكن كانوا يعملون على شق العناصر عناصر الجيش وكانت هذه مهمة جدًا ونجحوا إلى حد كبير، فكانوا يتواصلون من خلال النت أو من خلال "السكايب" آنذاك لأن "الواتساب" كان غير آمن كما يعلمون، فكانوا يتواصلون عن طريق "السكايب" وبعض اللقاءات التي كانت تحصل فيما بينهم من أجل شق العناصر وخاصة في القرى المجاورة لقرية البيضا أو مدينة بانياس وخاصة عندنا كان قرية اسمها كوكب كان فيها الكثير من العساكر الذين كانوا على اطلاع بما كان يحصل في قرية البيضا وكانوا يُريدون الهروب من الجيش لكن لم يستطيعوا أمامهم القتل وليس أمامهم أي خط أمان بحيث يأمنوا على أنفسهم، فكان هؤلاء الشباب من الثوار في هذه الفترة الصعبة جدا والتي ضُيق عليهم بشكل كبير يعملون على شق (انشقاق) هؤلاء الشباب يُؤمنون لهم الطريق يُؤمنون لهم المبنى يُؤمنون لهم المسكن يؤمنون لهم وصولهم إلى بيوتهم لمن أراد الخروج إلى بيته، أحيانًا كان هذا العنصر لا يستطيع أن يأخذ سلاحه لكن يستطيع أن ينشق بسلاحه يُؤمن له هذا الأمر فيعطيهم هذه البارود أو هذا السلاح لأنه لا يستطيع أن يأخذها معه إلى بيته، كان لهم الفضل هؤلاء الشباب في شق لن أقول عشرات الشباب وإنما أكاد أجزم بأنه كان مئات الشباب، وحتى أنهم استطاعوا أن يشقوا بعض شباب الحواجز التي كانت على مدخل مدينة بانياس وعلى مداخل القرى كانوا عن طريق بعض الشخصيات استطاعوا أن يشقوا بعضهم وأن يُخففوا عنهم وأن يُؤمنوا لهم هذا السبيل هذه الطريقة للأسف كُشفت عن بعض الشخصيات التي كانت تقوم بها فكان لها ما بعدها مما حصل في مجزرة قرية البيضا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2023/04/10

الموضوع الرئیس

التعامل الأمني والعسكري لنظام الأسد

كود الشهادة

SMI/OH/159-45/

أجرى المقابلة

خليل الدالاتي

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

8/2011

updatedAt

2024/08/09

المنطقة الجغرافية

محافظة طرطوس-البيضامحافظة طرطوس-منطقة بانياس

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

الأمم المتحدة

الأمم المتحدة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

شعبة الأمن السياسي

شعبة الأمن السياسي

الشهادات المرتبطة